المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حقيقة نزوح عنزه من نجد والحجاز


عساف دخنان
12/06/08, (08:26 PM)
هجرة بعض قبائل عنزة من نجد والحجاز وأسبابها

الجزء الأول


من المعروف أن ما يستدعي هجرة القبائل البدوية هو أسباب عديدة ولكنها لاتخرج عن الاسباب الاتية :
1- عدم وقلة توفر مراعي الكلأ وموارد المياه
2- كثرة الجدب والقحط والامراض والاوبئة في إقليم المنطقة التي بها القبيلة
3- ضيق الديار والبحث عن ديار أوسع تسع القبيلة وحلالها
4- ضغوط سياسية من سلطة الدولة التي تجبر القبائل أو ترغمها على أمور لا تريدها القبيلة ، وخاصة اذا كانت القبيلة من القبائل الكبيرة والتي ترى أن سلطتها بيدها هي لا من غيرها كأخذ الزكاة .
والمتتبع لتاريخ قبائل عنزة يجد أن أسباب الهجرة لبعض قبائل عنزة من منطقة نجد إلى الشمال في أواخر القرن الثاني عشر والثالث عشر ماهي إلا لأسباب شظف العيش التي كانت سائدة في إقليم نجد وكذلك ضيق الديار وكثرة قبائل عنزة وكثرة أدباشها وحلالها مما يستدعي لها البحث عن موارد مياه أوفر ومراعي للكلأ أخصب من التي كانت في نجد.. وما دعانا لهذا البحث إلا كثرة ما يتردد من مغالطات وإدعاءات ليست لها أساس من الصحة حول هجرة قبائل عنزة ، وأنها أرغمت بالقوة على ترك ديارها وأنه تم إجلاؤها إلى الشمال بسبب معارك مع بعض القبائل ، وفوق كل ذلك أنه لم يتم تناول هذه المسألة بطريقة توثيقية من المراجع بالشكل الذي يرضي ويشبع الباحث عند قرائته لمسألة الهجرة ، كذلك الرد على من أسموا أنفسهم بمؤرخين وهم من المتأخرين ورسموا صورة غير دقيقة عن هجرة قبائل عنزة خاصة ً ، وعن القبائل الاخرى عامة ً فاعتمدوا على أبيات قليلة من الموروث الشعبي وجعلوها دليلا ً ولم يقروها بالمصدر التاريخي حيث إن أهم جانب في مناولة ومناقشة هذه المسائل أن يقترن الموروث الشعبي مع ما تقوله المصادر والمراجع التاريخية حتى تكون الصورة دقيقة جدا ً عند الحديث عن الهجرة وهذا ما سوف نفصله بإذن الله .. أما مسألة المزاعم وتهجير وإرغام قبائل عنزة بالقوة من ديارها ، ومن تلك المزاعم ما يدعيه البعض بأن قبيلة مطير هي التي أجلت قبائل عنزة الى الشمال ، بالاضافة إلى إدعاءات أخرى يدعيها كتاب قبيلة حرب بأن قبيلة حرب أجلت قبائل عنزة إلى الشمال وسيتم توضيح أسباب الهجرة .
أولا: سنين القحط والجدب التي ذكرت في المراجع التاريخية المعاصرة في حقبها الزمنية.. سنستعرض هنا سنين الجدب والقحط التي مرت على الجزيرة العربية من منتصف القرن الحادي عشر الهجري وحتى بدايات الربع الأول من القرن الرابع عشر الهجري ، من بعض كتب التاريخ لمؤرخي نجد أمثال ابن بشر وابن عيسى والمنقور وابن عباد وابن ربيعة وذلك للدلالة على وجود القحط والجدب الذي ينكره الكثيرون .. أحداث الجدب والقحط التي وقعت في نجد وغيرها من أقاليم جزيرة العرب، وأسماء السنين المشهورة لها :
• أحداث الجدب في القرن الحادي عشر هجري :
1032هـ وفيها جلدان وهو وقت عظيم* ..
المصدر – تاريخ ابن عباد – صفحة 55
وقت عظيم* : يقصد بذلك ما أصاب البلاد من قحط وجدب ومجاعة ، وتسمية سنوات الاوبئة والحروب وأعوام الرخاء أمر مألوف عند العرب ، وما يزال كذلك وبخاصة في بلاد نجد ، وابن ربيعة يؤرخه عام 1030هـ أما المنقور فيشير في النسخة المخطوطة إلى أنه كان عام 1031هـ . 1046هـ وفيها بلدان وقت عظيم..
المصدر – تاريخ ابن عباد – صفحة 55
1047هـ وفيها وقع غلاء ومحل في البلدان وكان وقت شديد سمي بلادان...
المصدر – صفحة 88 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر
1063هـ وفي هذه السنة الوقت الشديد المعروف بهبران..
المصدر – صفحة 107 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر
1065هـ وهي أول سنة هبران وهي شديدة الوشم ..
المصدر – صفحة 42 – تاريخ المنقور
1066هـ وفي أولها شرايد هبران..
المصدر – صفحة 43 – تاريخ المنقور
1070هـ وفيها ظهر جراد كثير بأرض الحجاز واليمن ثم أعقبه دبى أكل جميع الزروع والاشجار ، وحصل بسببه غلاء بمكة وغيرها وأرخه بعضهم بقوله : غلا وبلا ... المصدر – صفحة 108 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر
1076هـ وهذه السنة هي أول المحل الوقت المشهور بصلهام الذي هتل فيه البوادي ، وماتت مواشيهم كعدوان وغيرهم..
المصدر – صفحة 110،111 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر
1078هـ وفيها صلهام وهو وقت عظيم ..
المصدر – صفحة 60 – تاريخ إبن عباد
1085هـ وفيها جرمان وحدرة الفضول للشرق ..
المصدر – صفحة 45 – تاريخ المنقور
ويقول إبن عباد : وفيها جرمان وهو وقت عظيم وهو أول جرادان المصدر – صفحة 62 – تاريخ إبن عباد
1086هـ وفيها القحط الشديد المسمى جرادان..
المصدر – صفحة 54 – تاريخ بعض الحوادث الواقعة في نجد لابن عيسى
1087 وفيها كثر الجراد ، وكثر موت الناس من أكله من شدة الوقت والغلاء والجوع ، وهي منهى الوقت المعروف بجرادان ، وجلى مانع بن عثمان رئيس آل حديثة وذويه أهل القارة المعروفة في سدير ، وقصدو الاحساء ... المصدر – صفحة 134 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر
1091هـ وقع بمكة سيل عظيم أغرق الناس قال العصامي في تاريخه : وأخرب الدور وأتلف من الاموال ما لا يحصى ، وأغرق نحو مائة نفس وهدم نحو ألف بيت وغلا على مقام إبراهيم وعلى قفل باب الكعبة ، وشاهدت وأنا على باب المسجد وأقطار من الجمال عليها الركبان دهمها السيل ، ورأيت الماء وصل من الجمل وهو قائم إلى منخره ، ثم زاد واقتلع القطار بما عليه ، وسبح بعض الجمال حتى أتى المنبر فارتفع عليه ، وصار يداه وعنقه مرتفعان .. المصدر – صفحة 140 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر
1096هـ وفيها غلا الطعام من الحنطة وغيرها.. المصدر – صفحة 151 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر
1097هـ اسمها سنة البطين ودويغر غلا فيها الزاد وصل التمر ثلثين وزنة بالمحمدية والعيش الصاع بثلاث ولم يبطيء.. المصدر – صفحة 65 – تاريخ إبن عباد
تعليق : عند إستعراضنا لسنين الجدب في القرن الحادي عشر هجري نجد أنها ذكرت كخبر 15 مرة على مختلف سنين هذا القرن بمعنا أن الجدب والقحط في هذه الفترة لازال وكان موجوداً ، وفي نفس الوقت كانت قبائل عنزة موجودة ومسيطرة على قلب نجد ولها تواجد قوي فيه والقاريء للاحداث هذه الحقبة الزمنية يجد لها اصطدامات كثيرة مع القبائل وذكر وفي نفس الوقت كانت هناك قبائل منها قد هاجرت مع توالي الجدب مثل بعض قبائل المنابهة والخماعلة والشراعبة والحسنة وهذا سنأتي على تفصيله لاحقا ً..

يتبع

عساف دخنان
12/06/08, (08:28 PM)
هجرة بعض قبائل عنزة من نجد والحجاز وأسبابها

الجزءالثاني

• أحداث الجدب في القرن الثاني عشر الهجري :
1100هـ وفي هذه السنة نزل مطر دقيق ، وبرد شديد وجمد المطر فوق أعساب النخيل وغيرها ، حتى على أهداب عيون الإبل ..
المصدر – صفحة 179 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر
1101هـ وقع الطاعون العظيم والموت الذريع في البصرة ونواحيها ، قال محمد بن حيدر هذا الطاعون لم يعهد مثله لأنه أفنى البصرة وأخربها خراباً لم يعمر إلى زماننا هذا وأهلك في بغداد أمماً كثيرة.. المصدر – صفحة 183 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر
1108هـ وفيها تأخر نضاج الرطب في النخل ولم يشبع الناس إلا بعد سبعة عشر يوماً من ظهور سهيل..
المصدر – صفحة 215 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر
1113هـ وحصل فيها غلاء عظيم ، حتى أنهم أكلوا الميتة ، وسوي التيس خمسة مشاخصة..
المصدر – صفحة 59 – تاريخ المنقور
1114هـ وفي هذه السنة أول وقت سمدان ، المحل المعروف والقحط والغلاء الذي سمد فيه أهل الحجاز وكثير من البوادي ...
المصدر – صفحة 242 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر
1115هـ وفيها اشتد المحل والغلاء وهلك أكثر هتيم وبعض أهل الحجاز..
المصدر – صفحة 244 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر
1116هـ وفيها اشتد القحط والغلاء ..
المصدر – صفحة 68 – تاريخ بعض الحوادث الواقعة في نجد لابن عيسى
1120هـ أنزل الله بردا وأذهب زروع ملهم وهب ريح شديد تكسر منها نخيل كثيرة في البلدان وهدمت قصر رغبة ...
المصدر – صفحة 277 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر
1124هـ وقع مرض في بلد ثرمداء ورغبة والبير ...
وفيها أرخص الله الأسعار وبلغ التمر مئة وزنة بالأحمر ، ثم كثر القوافل من عنزة حتى انتهى إلى خمسين وزنة ، وباعوا جلائبهم السمن على عشرة آصع بالاخمر ، والفاطر بخمس محمديات إلى أربعين في الغاية... المصدر – صفحة298،299 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر
• تعليق:
هنا إشارة إلى كثرة قوافل قبائل عنزة وفي هذا دلالة على أن قبائل عنزة قبائل كبيرة ولا يكفيها لاستقرارها ومعيشتها وضع القحط والجدب الذي كانت تعاني منه نجد فكانت تعتمد على القوافل التي تأتيها من الشمال وتمدها بالمؤن وإذا إستعرضنا نجد أن هناك من بعض القبائل تعديات على القوافل التي كانت تأتي لقبائل عنزة وهذا يدل على شظف عيش هذه القبائل التي كانت تحاول سد رمق الجوع لديها بتعدياتها على تلك القوافل.. 1127هـ حصل برد أَضر بالنخل وكسر الصهاريج الخالية من الماء وجمد الماء في أقاصي البيوت الكنينة وذلك من الخوارق ...
المصدر – صفحة 305 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر
1132هـ وفيها وقع الطاعون في العراق ومات فيه قدر تسعين ألفا ، وفي السنة الثالثة بعد هذه أرخص الله الأسعار وبيع التمر على مائة وعشرين بالأحمر ، والبر خمسة وأربعين صاعا ... المصدر – صفحة 339 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر
1135هـ وفي هذه السنة كانت شدة عظيمة وغلاء وضيم ، وهي مبادي الوقت الشديد الذي اختلفت أسماؤه ، وهي سحي ...
المصدر – صفحة 348 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر
1136هـ عم المحل والغلاء والقحط من الشام إلى اليمن في البدو والحضر وهلك أكثر البوادي في البلدان وغارت الآبار ، وجلا أهل سدير ولم يبق في العطار إلا أربعة رجال ، وغارت أباره حتى لم يبق في بلد العودة والعطار الا بئرين في كل بلد ، وجلا كثير من أهل نجد إلى الاحساء والبصرة والعراق ... المصدر – صفحة 348 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر
وفي هذه السنة والتي تليها تلفت بوادي حرب والعمارات من عنزة وتلف جملة من مواشي بني خالد وغيرهم وكان الامر فيه كما قال بعض أدباء و أهل سدير : غدا الناس أثلاثا فثلثا شريـــده ... يلاوي صليب البين عار وجائـع
وثلث الى بطن الثرى دفن ميت ... وثلث الى الارياف جال وناجـــع
و انقضى الميشوم ندري بسدّه ... ولا درى غدا ما الله بالخلق صانع
المصدر – صفحة 349 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر
ويقول إبن عباد : وفيها جلا كثير من أهل نجد ومات كثير منهم جوعا وهو شدة وقت سحي المذكور في السنة قبلها .. صفحة 78 المصدر – صفحة 78 – تاريخ ابن عباد
ويقول ابن ربيعة : قاظ ابن صويط بين العراق والشام وذهب دبش البدوان ومات أكثر الناس جوعا ، وجلا أكثر أهل نجد وذهبوا حرب والعمارات وهي سنة سحي وأخذ ابن معمر عرقة ، وغلا فيها الزاد والدهن ، وإصطلحوا بني خالد فيما بينهم .. المصدر – صفحة 85 – تاريخ إبن ربيعة
• تعليق :
من الواضح في خبر هذه السنة أن بعض قبائل العمارات توفوا نظرا لما أصابهم من الهلاك من شدة هذا القحط والذي يفسر لنا هجرة بعض قبائل عنزة من نجد ، وهو ما سيتم التفصيل فيه لاحقا.. 1137هـ المحل والقحط والغلاء الى غاية في هذا الوقت الشديد المسمى بسحي ومات أكثر الناس جوعا وفي التي قبلها ، ومات أكثر بوادي حرب وبوادي الحجاز وغلا الزاد في الحرمين حتى لايوجد ما يباع وأكلت جيف الحمير ... المصدر – صفحة 355 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر
ويقول ابن ربيعة : ومات ناس كثير جوعا ومرضا وكثر فيها الجراد وغلا فيها الزاد ...
المصدر – صفحة 86 – تاريخ إبن ربيعة
1137هـ وطاح فيها حيا عظيم لم ير مثله ، وماتت الزروع في كل مكان من الصفار بسب المطر والسيول حتى من الشام وفارس ... المصدر – صفحة 79 – تاريخ إبن عباد
1146هـ وفيها قل الحيا والمطر ، وصار بنو خالد وعنزة ومطير وعتيبة وزعب وبنو حسين وعربان شمر متنازلين من ببان الى الدجاني في خطيطة حيا اجتمعوا فيها ، والذي غيرها قحط ليس فيه مرعى ... المصدر – صفحة 46 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد2 لابن بشر
1156هـ ولم يأت فيها مطر واشملوا الظفير للبصرة واكتالوا منها وصل التمر ثلاث وزنات بمحمدية ... وفيها سنة قرادان ..
المصدر – صفحة 84 – تاريخ إبن عباد
1175هـ وفيها وقع حيا كثير وسيول ورجعان ، وحدث في البلدان وباء شديد سمي أبا دمغة ، مات فيه خلق كثير ..
المصدر – صفحة 87 ،88 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد2 لابن بشر
1179هـ وفيها أتى برد شديد أذهب الزروع ..
المصدر – صفحة 96 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد2 لابن بشر
1181هـ هذه السنة هي أول القحط المعروف المشهور بسوقة ، غارت فيها الابار وغلت الاسعار ، ومات كثير من الناس جوعا وجلا أكثر الناس في هذه السنة والتي تليها الى الزبير والبصرة والكويت وغيرهم .. المصدر – صفحة 100 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد2 لابن بشر
1187هـ وفي هذه السنة وقع الطاعون العظيم في بغداد والبصرة ونواحيهما ، ولم يبق من أهل البصرة الا القليل ، وذكروا أنه مات فيه منهم ثلاث مئة وخمسون ألفا ، ومات من أهل الزبير نحو ستة آلاف ... المصدر – صفحة 113 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد2 لابن بشر
1197هـ وهذه هي أول القحط المسمى دالوب غلت فيه الاسعار واشتد الغلاء والقحط والجوع في السنة التي بعد هذه واستمر الى تمام المئة ، وبلغ سعر الحنطة والذرة مدين بالمحمدية ، والتمر وزنة ونصف ، ومات أناس جوعا من النساء والرجال والاطفال والبهائم ، فأمر عبدالعزيز بصدقات للضعفاء من أهل البلدان ، وفرق عليهم شيئا كثيرا رحمه الله وعفى عنه .. المصدر – صفحة 139 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد2 لابن بشر
1199هـ وأوقع الله في الابل وباء ً عظيما خلت منه مرح البوادي والحضر ، بسبب الوجع الذي يسمونه الغدة حتى إن مطية المسافر تموت وهو عليها وسميت سنة جزام.. المصدر – صفحة 142 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر
• تعليق :
من قرائتنا للاحداث الجدب في القرن الثاني عشر الهجري نجد أنها ذكرت من المصادر المختلفة في 23 حدثا ً أورخت من معاصريها وذكرت لنا شدة هذا القحط وأنها زاد عن القرن الذي قبله وهذا واضح جدا من النصوص ونجد أن قبائل عنزة هنا ما زال لها تواجد بالرغم من هجرة أغلب قبائلها إلى الشمال نتيجة هذا القحط والجدب..
يتبع .

عساف دخنان
12/06/08, (08:30 PM)
هجرة بعض قبائل عنزة من نجد والحجاز وأسبابها
الجزء الثالث

• أحداث الجدب في القرن الثالث عشر هجري :
1211هـ وفيها أنزل الله سيلاً عظيماً أشفق منه كثير من أهل البدان وغرقت منه حلة الدلم ومحاها ، ولم يبق من بيوتها إلا القليل ، وذهب لهم أموال كثيرة من الطعام والأمتعة وغيرها ، ونزل على بلد حريملاء برد لم يعرف له نظير خسف السطوح وقتل البهائم وكسر عسبان النخل وخوصها ، وكسر الأشجار وهدم الجدران حتى أشرفوا على الهلاك ، ثم رحمهم الله تعالى وفرج عنهم ثم جاء في الصيف سيل عظيم أشفق منه أهل البلدان وهدم بعض حوطة الجنوب وذهب بزروع كثيرة محصودة ، وجاء في وادي بني حنيفة سيل عظيم، هدم في الدرعية بيوتاً كثيرة ، وارتفع على الدكاكين والبيوت ، ولم يكن يعلم أنه قبل ذلك بلغها ، وهدم في العيينة بيوتاً كثيرة وسمي أهل الدرعية هذا السيل موصة... المصدر – صفحة 201 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر 1220هـ وفي هذه السنة اشتد البلاء والقحط على الناس في نجد وما يليها ، وسقط كثير من أهل اليمن ومات أكثر إبلهم وأغنامهم .
وفي آخرها في ذي القعدة بلغ البر ثلاثة آصع بالريال ، وبلغ التمر سبع وزنات بالريال ، وبيع في ناحية الوشم والقصيم خمس وزنات بالريال ، وأما مكة فالأمر فيها أعظم مما ذكرنا بسبب الحرب والحصار وقطع الميرة والسابلة وذلك حيث انتقض الصلح بين غالب وبين سعود ، فسدت الطرق كلها عن مكة من جهة اليمن وتهامة والحجاز ونجد ، لأن كلهم رعية سعود وتحت أمره ، فثبت عندنا وتواتر أن كيلة الأرز والحب بلغت في مكة ست أريل، وكيلتهم أنقص من صاع ، وبيع فيها لحوم الحمير والجيف بأغلى ثمن وأكلت الكلاب ، وبلغ رطل الدهن ريالين ومات خلق كثير عندهم جوعاً .. وأما نجد فاشتد الجوع على الناس ، ولكن الله جعل الأمن العظيم في نواحيهم ، يسافر الرجل إلى أقصى البلاد من اليمن وعمان والشام والعراق وغير ذلك ، لا يخشى أحداً إلا الله ، وصارت الدرعية لهم ردءاً كأنها البصرة والأحساء ، فمن أتاها بنفسه وعياله وسع الله عليه دنياه ، وطاول هذا البلاء والجوع في نجد نحو ست سنين .. المصدر – صفحة 238 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر
* تعليق : هذه السنة التي هاجرت بها بعض قبائل عنزة وقصد بها الشيخ عبد الله الهذال في قصيدته عن نجد والتي ذكر عنا بها هذا القحط المذكر من هذه السنة بهذا البيت :
سبعة سنيـن ما لمع فـيـك بـارق= مات الـحلال ويـبست الأشـجــار وقد ذكر ابن بشر في نصه السابق من سنة 1220هـ أن هذا القحط استمر ست سنين ولكن هذا لا يختلف مع ما ذكره الشيخ عبد الله بن هذال ، إذ يشير ابن بشر في القحط الذي ذكر خبره في سنة 1251هـ أن القحط الذي حدث في سنة 1220هـ استمر 7 سنين .. ويقول ابن عيسى : وفيها أشتد القحط والغلا وهلك كثير من بادية الحجاز واليمن ونجد وعدمت الأقوات في مكة المشرفة...
المصدر – صفحة 99 – تاريخ بعض الحوادث الواقعة في نجد لابن عيسى 1222هـ وفي هذه السنة اشتد الغلاء والقحط في نجد وبلغ البر أربعة أصواع بالريال والتمر إحدى عشرة وزنة بالريال ، وأمحلت الأرض ، وأهلك غالب مواشي البوادي ولم يبق لأكثرهم ألا قليل ، وهلك أيضا غالب مواشي الحضر..
المصدر – صفحة 245 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر 1223هـ وفي هذه السنة الغلاء والقحط في نجد على حاله في الشدة وانتهى سعر البر أربعة آصع بالريال ، ولاثة آصع التمر عشر وزنات بالريال ، وعم الغلاء في جميع نجد واليمن والتهائم والحرمين والحجاز والاحساء ، ووقع مع ذلك مرض ووباء مات فيه خلق كثير من نواحي نجد ، ودخلت السنة الرابعة والأمر على حاله من الغلاء والمرض ، ومات فيها والتي قبلها من سواد الناس مئون ..
المصدر – صفحة 249 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر 1224هـ وفيها اشتد الوباء والمرض ، خصوصاً في بلد الدرعية فمكث على ذلك الحال إلى شهر جمادى ، ومات في الدرعية خلق كثير من الغرباء والسكان ، حتى أتى عليهم أيام يموت في اليوم الواحد ثلاثون وأربعون نفساً وكتب سعود نصيحة بليغة إلى أهل الدرعية وأرسلها إلى جميع النواحي وحضهم على التخلي عن الذنوب والتوبة النصوح ، وذكر فيها كثيراً من المحظورات وأورد الترهيب بالأدلة عنها ودعا الله في آخرها دعاء عظيماً أكثر فيه من الثناء على الله والتوسل بأسمائه الحسنى برفع الضر والوباء بعدها عن الدرعية..
المصدر – صفحة 249 ،250 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر 1229هـ وفيها ظهر في نجد جراد كثير ودبى أكل غالب زروعهم وقطع كثيراً من ثمر النخل في بلدان كثيرة ... المصدر – صفحة 279 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر وفي هذه السنة وقع في بلدان سدير ومنيخ وباء عظيم وحمى مات فيه خلق كثير وأكثر من مات في بلد جلاجل ، مات منهم أكثر من ستمائة نفس بين الكبير والصغير ، ولم يزل الوباء مبتدأ السنة إلى آخرها ..
المصدر – صفحة 296 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر 1235هـ وفي هذه السنة كثر الدبى في البلدان وأكل الزروع وسعر البر ثلاثة آصع وأربعة بالريال ، والتمر أربع وزنات بالريال..
المصدر – صفحة 355 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر 1236هـ وفي هذه السنة حدث الوباء العظيم الذي عم الدنيا وأفنى الخلائق في جميع الآفاق، وهو الوجع الذي يحدث في البطن فيسهله وتقيء الكبد ويموت الإنسان من يومه ذلك، أو بعد يومين أو ثلاثة ، ولم أعلم أنه حدث قبل هذا في الدنيا ، وكان أول حدوثه ناحية الهند، فسار منه في هذه السنة إلى البحرين والقطيف ، وفني بسببه خلائق عظيمة ثم وقع في الأحساء والبصرة والعراق والعجم غير ذلك...
المصدر – صفحة 362 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر 1242هـ وفيها غلت الأسعار وقلت الأمطار ومات في سدير والقصيم خلق كثير جوعا ً ... المصدر – صفحة 38 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد2 لابن بشر 1246هـ وفي آخر ذي القعدة منها هب ريح عاصف وقت العشاء الآخرة ورمت نخيلاً في سدير وغيره ، وأحصى الذي طاح من قريتنا من النخل ، فكان أربع مئة نخلة ومن قدرة الله تعالى أن أكثر الانكسار من النخل القصار ، وأما النخل الطوال فلم يختلف منه إلا القليل ، وهذه من الآيات وخوارق العادات التي طمت وعمت ، حتى قيل : إنها فعلت كذلك في الأقطار ... وفيها وقع وباء وموت عظيم في مكة المشرفة وهو أبو زويعة عند العامة ، وهو العقاص الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم وأول ما وقع فيها قبل قدوم الحاج في ذي القعدة ، ومات منه فئام من الناس ، ثم ارتفع منها على دخول ذي الحجة ، فلما كان يوم النحر حل الوباء والموت ثانياً في الحجاج وغيرهم ، ومات في أيام التشريق خلق كثير .. وذكر لنا أنه ما بقي من الحاج الشامي إلا نحو الثلث ، ومن حاج أهل نجد نحو النصف ، وذكر لنا : أنه أحصي من مات من أهل مكة فكانوا ستة عشر ألفا ..
المصدر – صفحة 55 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد2 لابن بشر 1247هـ وفي هذه السنة وقع الطاعون الذي عم العراق والسواد والمجرة وسوق الشيوخ والبصرة والزبير والكويت وما حولها ، وليس هذا مثل الوباء الذي قبله المسمى العقاص ، بل هذا هو الطاعون المعتاد نعوذ بالله من غضبه وعقابه ، وحل بهم الفناء العظيم الذي انقطع منه قبائل وحمائل ، وخلت من أهلها منازل ، وإذا دخل في بيت لم يخرج منه وفيه عين تطرف ، وجثا الناس في بيوتهم لايجدون من يدفنهم وأموالهم عندهم ليس لها وال ، وأنتنت البلدان من جيف الإنسان وبقيت الدواب والأنعام سائبة في البلدان ليس عندها من يعلفها ويسقيها حتى مات أكثرها ، ومات بعض الأطفال عطشا وجوعا وخر أكثر المساجد صريعا ، لان أهاليهم إذا أحسوا بالألم رموهم في المساجد رجاء أن يأتيهم من ينقذهم فيموتون فيها ، لأنه لا يقام فيها جماعة ، وبقيت البلدان خالية لا يأتي إليها أحد وفيها من الأموال ما لا يحصى عده الا الله ..
المصدر – صفحة 59 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد2 لابن بشر 1248هـ وفيها حدث برد أَر بالنخيل وقطرت عسبان النخل مثل الدبس من شدة البرد ، فلما جاء فصل الصيف بان الخلل في النخيل ويبس أكثر عسبانها.. ثم حصل في السنة التي تليها برد أعظم من الأول ، بحيث أن الماء يقطر من الغروب الدارج وقت السقي وهو ما تحته يعترض على حافة البئر جامدا ً كأنه العمود..
المصدر – صفحة 64 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد2 لابن بشر 1251هـ وفيها قل المطر وغلت الأسعار وصار سعر البر ستة أصواع وخمسة أصواع بالريال، والتمر خمسة عشر وزنة بالريال ، وأصاب الناس مجاعة ، وجلا كثير من أهل سدير للزبير والبصرة وكان هذا الغلاء والقحط أوقعه الله بعد قتل الإمام تركي وعلى وجه إقبال عساكر الترك كما يأتي بيانه وكان هذا الغلاء يشبه ما أوقعه الله من الغلاء بعد قتل الأمام عبد العزيز بن محمد بن سعود ، فإنه وقع الغلاء والقحط بعده في نجد سبع سنين كما تقدم ... المصدر – صفحة 102 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد2 لابن بشر
* تعليق : وهنا هذا القحط والغلاء مشابه لما حدث في سنة 1220هـ 1252هـ وفيها الغلاء والقحط على حاله وجلا كثير من أهل سدير للبصرة والزبير.. المصدر – صفحة 115 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد2 لابن بشر 1254هـ وفيها الغلاء والقجط على حاله .. المصدر – صفحة 116 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد2 لابن بشر 1255هـ وفيها القحط والغلاء على حاله لكنه أهون من السنين التي قبل هذه...
المصدر – صفحة 129 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد2 لابن بشر 1264هـ وفيها وما قبل أولها منع الله الغيث بحكمته فلا هو يقع في الارض حيا في بلدان نجد ولا غيم ولا مطر كثير ولا قليل من أولها إلى آخر الشتاء وقت حلول الشمس برج الحوت ..
المصدر – صفحة 174 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد2 لابن بشر 1274هـ وفي هذه السنة وقع الوباء العظيم في نجد والبحرين والاحساء ومات خلائق كثيرة ...
المصدر – صفحة 27 – عقد الدرر لابن عيسى 1287هـ وفي هذه السنة وقع الغلاء الشديد والقحط في نجد ، واستمر القحط والغلاء إلى تمام سنة 1289هـ ...
المصدر – صفحة 80 – عقد الدرر لابن عيسى 1288هـ وفي هذه السنة اشتد الغلا والقحط وأكلت الميتات وجيف الحمير ومات كثير من الناس جوعا ، وحل بأهل نجد من القحط والجوع ، والقتل والنهب ، والفتن والمحن والموت أمر عظيم وخطب جسيم ، فنعوذ بالله من غضبه وعقابه،، المصدر – صفحة 131 – تاريخ بعض الحوادث الواقعة في نجد لابن عيسى 1289هـ وفيها اشتد الغلاء والقحط في نجد ، وأكل الناس الميتة وجيف الحمير ، وعظم الأمر ، ومات خلائق كثيرة جوعاً ، وصار كثير من الناس يأكلون الجلود البالية بعد حرقها بالنار ، ويدقون العظام ويأكلونها ، ويأكلون الرطبة وهو القت* بلسان العامة ، ويأكلون ورق الزرع ، فأثر ذلك في وجوه الناس وأرجلهم نفخا ً وأوراما ً ، ثم يموتون بعد ذلك واستمر الغلاء والقحط إلى آخر السنة التي بعدها..
المصدر – صفحة 85 – عقد الدرر لابن عيسى 1294هـ وفي هذه السنة كثر الجراد في نجد وأعقبه دباء أكل كثيرا ً نم الزرع والثمار وأكل الأشجار.. المصدر – صفحة 104 – عقد الدرر لابن عيسى 1298هـ وقع في مكة المشرفة وباء عظيم مات فيه خلائق كثيرة منهم أمير حاج الوشم حمد بن عبدالعزيز بن حمد بن عيسى ..
المصدر – صفحة 137 – تاريخ بعض الحوادث الواقعة في نجد لابن عيسى
• تعليق: نجد في هذا القرن أيضاً ذكرت أحداث الجدب والقحط في 23 خبرا ً ذكرتها المصادر النجدية المختلفة بالإضافة إلى أن الجدب والقحط قد يتكرر في نفس السنة أكثر من مرة وهي لم تختلف عن القرن الذي قبله وهنا أغلب قبائل عنزة القسم الأعظم قد هاجر إلى الشمال في بدايات هذا القرن تقريباً سنة 1220هـ وهم من قبائل ضناعبيد من ضنا بشر وهم( الفدعان – السبعة – ولد سليمان ) ليلتحق ببعض قبائل ضنا مسلم التي هاجرت مسبقاً في منتصف وأواخر القرن الحادي عشر الهجري كما هاجرت أيضاً بعض قبائل العمارات متأخرا ً في أواخر هذا القرن إلى الشمال لتلحق بأبناء عمومتها الذين سبقوهم ووجدوا الخير الكثير في الشمال من موارد مياه وأراضٍ خصبة لترعى فيها إبلهم وكذلك قبائل الرولة التي كانت تهيمن على وادي السرحان فبعض قبائلها اتجه شمالاً واستقر البعض الآخر في صحراء الحماد والجوف .. يتبع

عساف دخنان
12/06/08, (08:31 PM)
هجرة بعض قبائل عنزة من نجد والحجاز وأسبابها
الجزء الرابع

• أحداث الجدب في القرن الرابع عشر هجري : 1310
هـ وفي هذه السنة وقع في مكة المشرفة وباء أيام الحج ، مات فيه خلائق كثيرة.. المصدر – صفحة 115 – عقد الدرر لابن عيسى 1319هـ وفي هذه السنة وقع في مكة المشرفة وباء أيام الحج ، مات فيه خلائق كثيرة.. عقد الدرر ابن عيسى صفحة 117 المصدر – صفحة 117 – عقد الدرر لابن عيسى وفي سنة 1320هـ وقع في بلدان نجد وباء مات فيه خلائق كثيرة... المصدر – صفحة 117 – عقد الدرر لابن عيسى
• تعليق مجمل على أحداث هذا القرن وما سبقه: بالنسبة لأحداث هذا القرن نلاحظ أن ما ذكر تقريبا 3 أخبار ، وشهد هذا القرن اختلافا ً جذريا للحياة المعيشية في الجزيرة العربية ، حيث قيض الله الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود موحد الجزيرة العربية الذي سعى إلى تهجير البادية وتوطينها في الهجر ونقلها من حياة البداوة والتنقل إلى حياة الاستقرار فاقتطع هجراً لكل قبيلة وعشيرة وفخذاً من تلك القبائل ليستقر فيه ويترك حياة البداوة والانتقال إلى نقلة كبرى بعد ظهور النفط ورجوع أغلب القبائل إلى ديارها واستقرارها فيه وهذا ما نعيشه اليوم ونراه .. أما بالنسبة لقبائل عنزة لو قرأنا أحداث القرن الحادي عشر هجري إجمالاً وجدنا أنها هي المسيطرة فيه كذلك ما قبل ذلك من منتصف القرن التاسع الهجري ، وعند دخولنا للقرن الثاني عشر الهجري نجد بالإضافة إلى تلك الأخبار التي ذكرت عن القحط والجدب وأسباب شظف العيش ما دعا قبائل عنزة للهجرة هو سبب ثانٍ وهو ظهور الدولة السعودية الأولى التي بدأت في العقد السادس من القرن الثاني عشر الهجري إثر مبايعة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لأمير الدرعية الإمام محمد بن سعود على نصرة الحق والدعوة إلى دين الله ، وقمع القبائل عن غزوها لبعضها وأخذ الزكاة منهم ، وتطبيق مذهب السلف الصالح ، وكانت قبائل عنزة من مؤيدي هذه الدعوة ولم تخالفها ولكنها في نفس الوقت لم تكن لترضخ لهذه الضغوط ما جعلها تهاجر إلى الشمال إضافة إلى القحط هذا السبب ولم تكن تعاون المحتلين والدخلاء على الجزيرة العربية من قوة سياسية أخرى كالعثمانين ، وما ذكر في المصادر لبعض فخوذ عنزة ممن عاونت والي مصر العثماني لم تكن إلا مجبرة بسبب الضغوط والأحداث تؤكد ذلك ، وسيأتي إيضاح ذلك في موضوع مستقل ولا نريد الخروج عن موضوعنا الأساسي وهو الهجرة.. هذا بالنسبة لما ذكر من بعض سنين الجدب والقحط والأمراض والاؤبئة التي أرخت بالمصادر لبعض المؤرخين وذلك للدلالة على وجود القحط الذي ينكره الكثيرون .. وسنوضح هنا ما هو تعريف النجعة وراء الماء والكلاء والذي يجهله الكثيرون ممن لا يعرفون أسباب الهجرة جيداً .. يقول المؤرخ الدكتور جبرائيل سليمان جبور في كتابه البدو والبادية صفحة 242 : النجعة وراء الماء والكلاء : إن من شروط البداوة التنقل . وليس هذا التنقل هواية أو عادة ، ولكنه أمر فرضته حياة البادية .
ذلك أن الماء أولا يكون في بعض الغدران والخبرات ، فلا تكاد تنزل عنده قبيلة ويردونه حتى ينقطع ويجف الغدير أو تجف الخبرة ، ويضطر أهل القبيلة إلى النجعة إلى مكان آخر فيه مياه . كذلك قد يكون في البقعة التي تحيط بمضاربهم لمسافة بعض كيلو مترات مراع تكفي إبلهم بضعة أيام ، فإذا انقضت هذه الأيام أتت الإبل على النبت الذي فيها ، وأضطر البدوي إلى أن يطلب المراعي لإبله في مواضع أخرى .
وهذا وحده يفسر ارتحال البدو من موضع إلى موضع في البادية . والواقع أن النبت قليل متفرق فلا يكاد ينزل فريق من البدو في بقعة حتى ترعى الإبل هذا النبت فينتقلون إلى مراع أخرى . وقد تمر سنوات متتابعة يكاد ينعدم المطر فلا نرى أثراً للخضرة في أكثر بقاع البادية .
وتعيش إبل البدو في هذه الحال على بقايا القليل من النبات اليابس المتخلف من السنين السالفة ، وتهزل فيموت كثيرٌ منها . وقد تضطر القبيلة إذا انقطع الكلاء في مراعيها إلى أن ترتحل إلى أراضٍ بعيدةٍ عن الأراضي التي تخصها ، أو تألف النزول بها ، وفي مثل هذه الحالة كانت في الأزمان السابقة للحرب الكبرى الأولى تغزو الأراضي التي تجد فيها مراعٍ فتشارك أهلها أو تجليهم عنها وتحلها.. ولا يبقى البدوي عموماً في بقعة واحدة زمناً طويلاً حتى في مواسم المطر والخصب وفي الأراضي المرعة ، فإن الإبل قد تفسد المرعى إذا كان مجالها محدوداً فينتقل البدوي إلى أرض أخرى تكون بكرا ً من حيث المرعى ، ويستمر في التنقل من بقعة إلى أخرى.
أما النجعة الكبرى إن جاز التعبير فهي في مواسم الشتاء والصيف ، فترى البدو بوجه عام يتركون البادية في الصيف عند اشتداد الحر وانقطاع المياه وينتظرون حتى تسقط الأمطار في موسم الخريف وتمتلىء بعض الغدران والخبرات في البادية فيأخذون بالعودة إليها .
ولكل قبيلة ديرة أو مناطق معروفة يتنقلون بين أرجائها طيلة موسم الشتاء والربيع . ومهما يكن من أمر فإن القبيلة عند تقريرها على انتجاع أرض جديدة لا تنتقل إليها قبل التأكد أن الماء والكلأ فيها خير مما هما في الأرض التي يحلونها ، ولهذا فترى الشيوخ ترسل رواداً قبل الانتجاع يرتادون لها الأرض . وكثيرا ً ما تستعين القبائل الكبرى بالصلبة حين تكون النجعة إلى أرض بعيدة فيأتونها بالأخبار عنها وعن كلئها ومائها... أما عن الحياة في نجد وظروف المعيشة والمناخ : والحياة في نجد بسيطة في متطلباتها بعيدة عن الترف ومستوى المعيشة بين الكفاف ، وأدنى منه ،وسد الرمق ، والكثيرون يعانو شظف العيش ، والمطر عنصر أساسي في الحياة ، فإذا قلت الأمطار أو أنحبست أجدبت الأرض وأصاب الناس القحط والجوع، نتيجة شح المواد الغذائية الضرورية وارتفاع أثمانها ، فيموتون من الجوع ومن الأمراض التي تنتج عن نقص التغذية ، وإذا نزلت الأمطار أخصبت الأرض وانتعشت الحياة الاقتصادية. فنزول الأمطار وانحباسها ، له أثر مباشر في حياة الناس ، فإذا شحت الأمطار أو انعدمت هلكت الأموال وانقطعت سبل وأصاب البلاد الجدب وانتشرت المجاعات مما كان سبباً في موت بعض الناس ، وجلاء أهل نجد عن بلادهم.. المصدر – صفحة 44 – تاريخ ابن عباد ويقول ابن ربيعة في مقدمة تاريخه : وكثيراً ما كانت أزمات القحط والجدب سبباً في جلاء أهل نجد عن بلادهم وهجرتهم إلى العراق أو الشام ..
المصدر – صفحة 41 – تاريخ ابن ربيعة
• تقول الليدي آن بلنت في كتابها (رحلة إلى بلاد نجد ) ما نصه صفحة 285 : قلة الكلأ في نجد.. وقد اختفت (عنزة) من نجد ، لقد شرعت في الهجرة شمالاً منذ حوالي مائتي عام وقد استمرت منذ ذلك الحين ، تنتقل في هجرات متوالية ، حتى هجروا جميعا منازلهم الأصلية .. انتهى كلام الليدي..
• ويقول أحمد وصفي زكريا في كتابه عشائر الشام صفحة 66،67: وهجرة العرب البدو من جنوبي الجزيرة العربية وأواسطها إلى بوادي العراق والشام ومصر، وإنسياحهم فيها كان يحصل على هيئة موجات تتابع ورودها منذ آلاف السنين ، ولا يزال حتى يومنا هذا ، وتعزى هذه الهجرات إلى أنه في كل قرن أو قرنين يزداد عدد سكان تلك الديار العربية ، وتضيق بوفرة مواليدها فتصير مواردها ومعاطنها غير كافية لسد الحاجة ، أو تتبدل الظواهر الجوية فيها وتتحول الشروط الإقليمية ، فلا تعد المعيشة سائغة ، كما جرى في مشارق اليمن وأدى إلى انحطاطه وزوال دول المعينيين والسبأيين والحميريين منه ، أو تأتي أعوام قحط جائحة ، فتضطر موجة من القبائل إلى أن تنزح نحو الشمال، وتزحف وتفتش عن بقاع أمرع وبراري أوسع ، فلا تجد ذلك إلا في أطراف العراق والشام ومصر المسماة بالهلال الخصيب ، فالموجة القادمة منها إذا وجدت أمامها عشيرة سبقتها في الهجرة تسعى لدفعها واحتلال مكانها بالقوة والغلبة أو بالاتفاق والانضمام ، فإذا ظفرت تضطر السابقة المغلوبة إلى مزاحمة الأسبق والأضعف منها .
وهكذا يزحم المتأخر المتقدم ، ويدفع القوي الضعيف كل في دوره ، وينازعه منزله ومرتعه ، وكلما فرغت البادية من موجة من سكانها البدو واحتوتهم المعمورة ، تأتي موجة جديدة من صميم الجزيرة العربية فتملأ الفراغ وتحل مكان من هجروا البداوة وتحضروا ، وهكذا دواليك والأمثلة على ذلك كثيرة ، تراها في عشائر شمر وعنزة التي جاءت على هيئة موجات وزاحمت (عربان الديرة) في بادية الشام بعد أن كان عربان الديرة هي السائدة المنفردة في هذه البادية، وقد استولت عليها من عشائر أقدم منها تحولت عن البداوة وذابت في بوتقة الحضارة ..
• ويقول أحمد وصفي زكريا في كتابه عشائر الشام ص 108 ما نصه: وكانت طلائع عنزة (الأحسنة والولد علي) قد خرجت بعد شمر في حدود سنة 1112هـ من شمالي الحجاز وبلغت وادي السرحان ، ثم أطراف البلقاء واشتبكت مع عشائر هذه الأنحاء (السرحان والسردية والفحيلية وبني صخر) وكان هذا التحالف يسمى حلف الشمال فهزمته عنزة .. أما الأحسنة فاستمرت في سيرها نحو الشمال وبلغت أنحاء حمص وحماة في حدود 1171هـ ودحرت الموالي نحو منازلها الحالية في العلا (شرقي قضاء المعرة )، ثم صارت تزاحم شمر على المراعي والمناهل الشرقية في أنحاء جبل البشري وجبل العمور ، فاضطرت شمر إلى أن تعبر الفرات في عهد رئيسها فارس الجرباء ، وتستقر في الجزيرة ..ثم توالى قدوم بقية عشائر عنزة ... فهجرة بني خالد وشمّر وعنزة والعقيدات في القرن 11 و 12 و 13 كانت آخر الهجرات البدوية الكبرى على أن هجرات صغيرة ما برحت تقوم بها بعض ذيول قبيلتي شمر و عنزة العظيمتين وتتوالى بين ذهاب وإياب ، كما عملته أخيراً فرقة الولد سليمان من عنزة فقد كان هؤلاء آخر من نزح ووافي بادية الشام ، ثم على إثر حادث سوف نذكره في بحثهم رجعوا إلى نجد ، وكذلك عملت بعض فرق العبدة وسنجارة وأسلم من قبيلة شمر ، فقد كان هذه الفرق متخلفة في نجد فجاءت تلتحق بفرقها الأصلية الضاربة في الجزيرة الفراتية.. ويقول أحمد وصفي زكريا أيضاً في كتابه عشائر الشام صفحة 358 : إن مواطن عنزة في الأصل بين أواسط نجد وشمالي الحجاز ، وكانت عنزة قد احتفظت بالسيادة بعد أن طردت قضاعة من ديار العرب في عهد سابق ، وفروع عنزة الآن كثيرة وقد انتشرت في سائر البلاد العربية واستقرت منها أقسام منها في الشام والعراق ونجد وشمالي الحجاز ، ومنها فروع تحضرت واستقرت في بلاد معينة من نجد وساحل خليج البصرة ، وأكثر عنزة ما زال على بداوته الصرحاء مثل الرولة والمحلف والولد علي والعمارات والسبعة والفدعان وولد سليمان والاحسنة ، وبعضها أنتقل إلى حياة الحضارة ، ففي نجد وساحل الخليج ثلاث عائلات حاكمة من أصل عنزي ، آل سعود في نجد وآل صباح في الكويت وآل خليفة في البحرين..
• وذكر في نفس الكتاب عشائر الشام لوصفي زكريا صفحة 361: كانت عنزة بين الحجاز ونجد في شمالي وادي الرمة من جنوبي غرب تيماء وحتى خيبر ، وكان يحاددها من الشمال عشيرة بني صخر ، فأدى هذا الجوار إلى عداء شديد بين الفريقين ظهر أثره في الحوادث التي أعقبت خروج عنزة من مواطنها إلى الشام .. وكانت هجرة وفود عنزة إلى بلاد الشام طبيعية وبسبب الجدب والضيق وبالتتابع على مثال الهجرات البدوية العديدة والتي سيلها لم ينقطع..واختلفت الأقوال أيضاً فيمن كان أول عنزة في القدوم إلى بلاد الشام والغالب أنها الأحسنة وولد علي ، ثم بعد مدة لحقتها عشائر الفدعان والأسبعة والعمارات وآخر من جاء الرولة.. ويقول في تاريخ شرق الأردن وقبائلها: إن عنزة حينما جاءت مرت شمالاً في طريقها بالجوف ،فاصطدمت بالسرحان إحدى عشائر الشام القديمة ، وقد كانت السرحان نزحت من حوران على إثر حربها مع السردية وانكسارها ، وجاءت قبيل ذلك وتديرت الجوف .
فدحرت عنزة السرحان وبني صخر الذين هرعوا إلى نجدتها بحكم عداوتها القديمة لعنزة ، ومازالت حتى أخرجت السرحان من الجوف ، وأكرهتها على الرجوع إلى حوران عدا نفر قليل منها لا يزال لهم هناك أعقاب.. وبعد أن مكثت طلائع عنزة في الجوف زمناً يصعب تحديده ، رأت أن الجوف يضيق بها ولا يكفيها ، فاستأنفت زحفها نحو الشمال، وبلغت براري البلقاء وحوران ، وهناك اصطدمت بعشيرة السردية إحدى عشائر الشام القديمة أيضا ، وكان للسردية شيخ يدعى المحفوظ السردي ، له سطوة ورفعة كبيرتان ، وجرت معركة حاسمة في جوار المزيريب أسفرت عن اندحار المحفوظ وحلفائه (أهل الشمال) وتفرقهم في فلسطين وغور بيسان وبذلك انتقلت إلى عنزة سيادة البلاد الممتدة في شرقي دمشق وحوران إلى البلقاء ووادي السرحان والجوف وقد وقع انتصار عنزة هذا على المحفوظ السردي في حدود سنة 1164هـ ...
وكان السردية في تلك الحقبة زعيم حلف بدوي مؤلف من عشائر تدعى (أهل الشمال( هي السردية والعيسى والفيحلية وقد ظل هذا الحلف الرباعي ضعيفاً متفكاكاً بعد أن صدمته عنزة حتى أواخر القرن المذكور ، حينما تولى قيادته مشايخ بني صخر الذين صاروا أقوى عضو فيه ، فبعد أن استعادت هذه العشائر مكانتها الأولى بهذا التحالف ، أخذت تتحدى عنزة وتغير على مواشيها وتكرهها على مغادرة براري شرقي الأردن ، وكانت الحرب سجالا فيما يظهر ، ودامت إلى أواخر القرن الثاني عشر ، والجموع التي تقاتل عنزة وتكرهها كانت تستعين بشيعة جبل عامل أيضاً ، وعشيرة عنزة التي كانوا يقاتلونها هي الأحسنة و الولد علي القادمتان في قيادة آل مزيد أي آل ملحم شيوخ الأحسنة ، فقد جاء مقال عنوانه ( جبل عامل في قرن من سنة 1167هـ إلى سنة 1247هـ) منشور في مجلة العرفان الصيداوية ( المجلد 28 ) عبارة خلاصتها أنه في ربيع الأول سنة 1193هـ ركبت خيل المتاولة أجمع من الصقر والسردية وبني صخر على رعية ( فاضل المزيد ) فالتقى الجمعان ، فقتل شيخ المتاولة ، وسلبت عنزة جميع خيولهم ، وما ألقت عليهم شيئاً يستر أبدانهم ، فمات معظمهم من البرد ، ويبدو أن النصر حالف عنزة في آخر الأمر فزحفت ولد علي نحو حوران والجولان ، واتخذت لنفسها منازل ومقايظ ، وزحفت الأحسنة شمالاً وبلغت ديرة الشنبل حيث المجال أوسع والمرعى أخصب ، ولما بلغت الأحسنة ديرة الشنبل في حدود سنة 1171هـ على ما يظن اخترقت حد قبيلة الموالي ونازعتها على مناطقها وأكرهتها على الجلاء عن مواطنها القديمة في أنحاء سلمية ، وعلى التراجع نحو ناحية العلا حيث استقرت فيها حتى يومنا ، كما نازعت بقية عشائر ديار حمص وحماة وأخضعتها وفرضت عليها الخوة ، ثم توالت أمواج عنزة المتدفقة ونعني بها عشيرتي الفدعان والسبعة ، وقد احتلتا براري حماة وحلب وقد عجز ولاة الترك في تلك الحقبة عن صد هذه الحركات الخطرة ، فأصبحت عنزة سيدة بادية الشام دون منازع ، حتى وادي الفرات وأطراف العراق ، وأخلت بالأمن وشلت كل عمل في التجارة والنقل ، ومنعت كل عمران في القرى الشرقية..
يتبع .

عساف دخنان
12/06/08, (08:33 PM)
هجرة بعض قبائل عنزة من نجد والحجاز وأسبابها
الجزء الخامس
هنا نستعرض ما قاله الكولو نيل فردريك بيك في كتاب تاريخ شرق الأردن وقبائلها من بعض صفحات الكتاب بما يخص الهجرة : صفحة 5 :إن أسباب هجرة القبائل العربية في جزيرتهم تكاد تكون واحدة في جميع أدوارها وهو أن ازدياد عدد السكان كان يزيد في حاجتهم إلى أراضٍ يزرعونها صفحة 6 : لم يقف سيل هجرة القبائل حتى يومنا هذا فقد كانت عشائر الرولة تقطن أرض زيزياء منذ ثلاثين سنة وفي صيف 1914 م .
كانت ضاربة خيامها في الصحراء حول ثمد واليوم تسكن البادية السورية.. وفي صفحة 217 : ولما كان الكفاح بين بني صخر والسردية على أشده ظهر في الأفق قبيلة أعظم وأكبر عددا .
كانت هذه القبيلة عنزة وهي بطن من ربيعة العدنانية ولم تزل حتى يومنا هذا أكبر قبيلة في الجزيرة العربية .
نهضت في ديار خيبر بالحجاز في الوقت الذي خرجت فيه قبيلة بني صخر من العلا.. ونزلت طلائع عنزة ، وهم الفدعان في أعالي الفرات ثم تبعهم (ضنا مسلم) بقيادة زعيميهم الكبيرين الطيار وابن سمير. وقد ذكرنا في بحثنا عن السرحان حصار الطيار للسرحان في الجوف ، بينما كان بنو صخر ضاربين خيامهم في جنوبي فلسطين..
أغارت عشائر عنزة على شرقي الأردن وحوران وانتزعت السيادة من السردية وطردت معظمهم وأحلافهم إلى وادي الأردن ، ولعل ذلك حدث في أوائل القرن الثامن عشر ، وذكر لان نيبور في عام 1761 أن عنزة أعظم وأقوى قبيلة في صحراء سوريا..
أغار السرحان في القرن السابع عشر أو قبل ذلك على حوران وبسطوا سيادتهم عليها ، وكانوا على رأس حلف كبير يدعى بأهل الشمال مؤلف من السرحان والعيسى والفحيلي وبعد حين انتقلت زعامة هذا الحلف إلى السردية الذين لم يلبثوا أن ظهر لهم عدو منافس هو بنو صخر ، فتنازع الفريقان السيادة إلى أن جاءت عنزة وأخرجتهما من الديار الأردنية لكنها لم تقض على حلف الشمال قضاءً مبرما لأنه تألف ثانية حوالي عام 1800م (1215هـ) وانضم إليه في هذه المرة بنو صخر ، وكان القصد من تأليفه قتال عنزة وطردها من البلاد..تمكن أهل الشمال في غضون القرن التاسع عشر من الوقوف أمام عنزة ومع ذلك فقد ظلت عنزة قويه عدة وعدداً ، ولما كانت تحشد قواها كانت تتفوق على بني صخر وأحلافهم وتدحرهم..
صفحة235 : كانت هجرة عنزة من الحجاز إلى أطراف الهلال الخصيب طبيعية وهي إحدى الهجرات البدوية العديدة التي لم يقف سيلها ولا بزمن من الأزمان..
وفي طريقها شمالاً مرت بالجوف فاصطدمت وقبيلة السرحان ودحرتها وظلت تتبعها إلى أن طوقتها من جميع الأطراف وحدث أن كان بين السرحان رجل من بني صخر تمكن من الهرب إلى قبيلته التي كانت حينذا في ديار غزة وأعلمها ما حل بالسرحان من القهر والانكسار..
استثمر بنو صخر هذه الفرصة للانتقام من أعدائهم الألداء عنزة فجمعوا جموعهم وسيروها تحت لواء زعيمهم محمد الخريشة لنجدة السرحان وبعد مسير ثلاثين يوماً وصلوا الجوف ونزلوا على عنزة على حين غرة وهزموها ، لكن لم تلبث عنزة أن أغارت عليهم وهزمتهم هزيمة منكرة ، وعطفت على السرحان واخرجتهم من الجوف جميعاً ، عدا نفر قليل شق عليهم هجر مزارعهم وبيوتهم وتخلفوا في الجوف وكان لهم أعقاب لا يزالون يقطنون فيها إلى يومنا هذا.. بعد هذا الانكسار خرج بنو صخر والسرحان إلى البلقاء وتبعهم العنزيون الذين اصطدموا والمحفوظ السردي في معركة حامية قرب المزيريب الواقعة شمالي إربد على الحدود بين سوريا وشرق الأردن ، أسفرت النتيجة عن اندحار المحفوظ وحلفائه أهل الشمال وتفرقهم .
فلجأ قسم منهم وهم بنو صخر والسرحان إلى فلسطين وبذلك انتقلت سيادة البلاد الممتدة من دمشق وحوران إلى الأردن ووادي السرحان والجوف إلى عنزة . ويقول حيدر الشهابي في تاريخه: إن جموعاً عظيمة من الفدعان والسبعة والعمارات وأمثالها من عشائر عنزة قدمت من نجد من الجدب والضيق، وانتشرت في شرقي العاصي في براري حماة والمعرة
• وللشيخ ملعب العواجي يذكر في قصيدة له رحيل قبائل ضنا عبيد وهم : الفدعان - والسبعة - ولد سليمان وسأورد لكم القصيدة يذكر ابن عبار في كتابه أصدق الدلائل في أنساب بني وائل ((قبائل عنزة)) ص 83,84)) وارتحل القسم الأعظم من قبائل ضنا عبيد بقيادة زعيمهم ابن غبين فنزلوا في مناطق الجوف وكان قد حفر الفدعان عد صوير المعروف بمنطقة الجوف ثم وصلوا إلى مناطق في أواسط سوريا في عام 1230هـ وكان له أخبار كثيرة في بداية وصولهم ، من الحروب والنزاعات مع سكان البلاد القدامى ، سجّل البعض من أخبارهم الكتاب العرب والمستشرقين وعن رحيلهم قال الشاعر ملعب بن محمد بن شعيل العواجي هذه القصيدة يذكر رحيلهم ويتوجد عليهم وذلك أن قبيلة ولد سليمان والسبعة والفدعان من ضنا عبيد قد ارتحلوا جميعا في بداية الأمر ثم عاد البعض منهم إلى ديارهم لوجود أملاك قديمة في خيبر فقال ملعب العواجي يتوجد على قومه ضنا عبيد ويذكر رحيلهم : حتى إن الشيخ ملعب يقول وعدنا لنجد العذية وهذا يفسر لنا عودة بعض من القبائل الذين هاجروا وهذا دليل على القوة بأنهم يهاجرون ويرجعون كيف ما يشاؤون.. نستنتج أيضاً من هذا الكلام أن عنزة هاجرت قوية وإلا لما صارعت أقوى تحالف في الشمال وتغلبت عليه ، والذي يخرج مطرود من دياره يخرج ضعيف ويهزم من القبائل التي ستواجهه ، ولكن عنزة خرجت برأيها للبحث عن الكلاء.. أما من بقي بنجد هم الدهامشة وبعض العمارات ..
وكانوا متواجدين بعد معركة كير حتى مناخ المربع أي عام 1249هـ وبعد هذا المناخ لم يذكر لعنزة سوى بعض الوقعات لبعض الافخاذ ..
وهذا طبعا منافي حول أن عنزة أجلتها مطير ..
وأٌول هجرة لعنزة هي بسبب البحث عن موارد للكلاء والعيش ولكثرة قبائلها والرغبة في زيادة اتساع ديارها لأن نجد كانت مقفرة وقاحطة والخير كله بالشام والعراق.. فهاجرت تلك القبائل ثم عندما وجدوا بقية العمارات بعد مناخ المربع الخير الذي بالعراق هاجروا إلى بني عمهم ليجتمعوا بهم هذا من ناحية.. ويقول الشيخ مشعان بن هذال في قصيدة الشيخة التي ذكر بها أحداث رجوعه من العراق إلى نجد وأثناء طرده من كان بالقبائل هناك من مطير وحرب:

نجد جفتنا وكل دار لنا دار = ما هي معافة مير جوع ومداهير
ومشعان عندما رجع لم يرجع من أجل الاستقرار إنما مرار أي أتى لغرض معين وكان ينوي العودة للعراق وقد أتى لأخذ ثأر أبيه مغيلث ولدعوة الشيخ ماجد بن عريعر له وما أرسله له الزناتي التويجري ، وقد ذكرت هذا الموضوع في موضوع مناخ أبانات والعمار التي وقعت بعد مناخ الرضيمة وقبل مناخ الشماسية وما حدث فيه والقصائد موجودة ، وقول مشعان:

لابد ما نأتي لابانات زوار = بأسلاف عجلات تعدي المظاهير
فقال هنا (زوار) أي للغرض الذي أتى من أجله فقط ويقول أيضاً من نفس القصيدة:

لولا شفاتي فيك يانجد ماحتار = فكري ولأكثرت علي التفاكير
لولا شفاتي فيك ماجيت مرار = نادي نذيرات الهواجيس ونديروالبيت الثاني يذكر ماجيت (مرار) ، أي ما أتيت إلا (مرار) وليس (للاستقرار) ، وهنا كان مروره كما أسلفت للأحداث السابقة ولأخذ الثأر وقد فعل ما أراد ولكن القدر أن يموت في نجد ويقتل في الشماسية وهذه إرادة الله ،ولكنه هزم أعداءه ، الله يرحمك يا مشعان يأخو بتلا.. وأيضاً هناك قصائد تدل على ذلك وهنا سأوردها لقصد الدلالة لا لشيء آخر إنه حصل بين مشعان بن هذال و ماجد بن عريعر وبني خالد بعض المغازي غزا بني خالد على جماعة مشعان ثم غزى عليهم مشعان ورد ما سلبوه بالإضافة إلى ماكسب منهم ولكن مشعان رد إليهم ماكسبه واكتفى برد ما أخذ من جماعته عندها أمر ماجد بن عريعر شاعره مهنا أبوعنقا أن يرسل لمشعان قصيدة يقول له ارحل من نجد فقال أبو عنقا:

يا راكبٍ حر إلى صرت مداد = تلفي لشيخ باللقا يمدحونه
تلفي على مشعان عريب الأجداد = قل ليه عندك صحبنا ماتصونه
خليت ربعك ياخو بتلا لنا اضداد = ما ظل صحب وغزونا تذبحونه
من عقب هذا لا يطاريك مسناد = هجر هجركم واحذروا تاصلونه
ابعد شحاك بديرة ثميل من غاد = واللي يريد اشر يبعد ظعونه
الغل لي منه غشى فوق الاكباد = تغيرت عند الرجال النمونهورد عليه مشعان بن هذال:

يا راكبٍ حرٍ به الجري يزداد = من المبارك زايدات متونه
تلفي لاخو شاهة مواريث الأجواد = زبن الطريح وإن حالوا القوم دونه
يا شيخ همي عندكم دينة الزاد = وسيوفنا بدياركم ترهنونه
حنا مواردنا على شط بغداد = وميري شثاثا بيننا يقسمونه
إن كان من قربي بك البغض يزداد = نبعد مشاحينا ولا لك مهونه
من هيت الوادي إلى حد الاكراد = نحيف على عدواننا مايجونه
ربعي بني وايل على الموت ورّاد = واللي يلوذ بظلهم يحتمونه
عدونا نأتيه في قصد وعماد = نجي على وضح النقا ما نخونه
وأنت تخبر يوم أشهب الملح رعّاد = يوم الابيرص طايراتٍ عيونه ويقول في البيت الرابع حنا مواردنا على شط بغداد أي أنه لم نأت لنجد إلا للفزعة لابن عريعر ولثأر ابيه وللقصائد التي أرسلها أحد حاضرة القصيم ، وقول أحد مشايخ حرب لن ترى مشعان نثيل القهوة .. و مشعان في البيت الأخير يذكر ابن عريعر بما قدمه له من مساعدة عندما نخاه على بعض القبائل المضايقة لابن عريعر مثل حرب ومطير التي هزمهم في معركة أبانات والعمار التي وقعت بعد الرضيمة وقبل الشماسية وليس أبانات (كير) وهنا قول مشعان عن ابن عريعر في قصيدته الشيخة:

لياما نخونا اللي على نجد حضار= وجانا كتاب من زبن المقاصير
ماجد بن عريعر حر الاوكـــار = يقول وليت داركم يالمناعيــــــر
الشيخ اللي حيف على البيض بالغار = يقول حل بداركم(( حرب ومطيـر))
وجيناه مثل السيل طمام الاوعار= لياما غدت عنها البوادي شعاثيـر
وبعد الرحيل الثاني للعمارات وهو هجرة مشعان بعد مناخ الرضيمة إلى الشمال قال الشيخ عبد الله بن ماجد بن عبد الله الهذال قصيدة يتوجد على نجد وما أصابها من قحط بعد استقراره في الجزيرة بالعراق:

يا نجد لاجاك الحيا نادي لنا = وشبي لنا برأس المقوقي نار
يا نجد لاجاك الحيا وصي لنا = وان زان وقتك فارسلي عمار
عبدٍ خذاله زوجه من هل القرى = شارت عليه وطاوع الأشوار
ومن طاوع العذرا على غير صايب = يصير كما اللي ضاع بالنهار
جلس قليل الفود من شان الغنم = وخلا بنات الهرش معنا أبكار
حلفت أنا يانجد مارخصك عندي = مير الدهر والوقت فينا جار
سبعة سنين مالمع فيك بارق = مات الحلال ويبست الأشجار
جرتي علي وأنا معذي جنابك = واليوم سكنك شاوي وحمار
حاميك انا يانجد بالرمح والقنا = في لابة تسقي الخصيم امرار
حنا شبات الحرب صبيان وايل = ملجأ الضعيف مدلهين الجار
حنا أهل العادات اخوان بتلا = إلى جفتنا الدار نلقا دار
لاجارت علينا الديرة وامحلت = نلقا لنا ابدار العدو معبار
نجي على وضح النقا ونرهب العدا = ما كننا إلا يمهم زوار
يانجد شفي فيك طيرة وعيرة = وغمر الحطب لاحط فوق النار
أقفيت من عندك بنمرا ضرية = عسامها يغطي الجبال اغبار
أدنا منازلنا بوادي النعايم = واقصى منازلنا بغار انشار
هذا ما أحببت أن أوضحه بشأن المفهوم الخاطىء حول إدعاء البعض أن قبائل عنزة خرجت من نجد بسبب معاركها مع قبائل أخرى ،ولكن المشكلة تحتاج شرح للمثل (كل قوم ولا عنزة)،،يجب فهم هذا المثل حتى نفهم من هي قبائل عنزة وأن شأن القبائل الأخرى من شأن عنزة وليس شأن قبائل عنزة من شأن القبائل الأخرى ..
هذا ما أحببت أن أوضحه.. إن انتقال القبائل من مكان لآخر يسمى هجرة أو نزوح ويختلف هذا المسمى عن كلمة طرد أو إزاحة أو دحر فنجد أن الذي يهاجر ، يهاجر لأسباب اقتصادية ومعاشية كجدب الأرض وضيق المكان والبحث عن موارد أكثر للمياه والبحث عن الأراضي الخصبة والبحث عن ديار تتسع لقبيلته أو عشيرته هذه هي أسباب الهجرة أو النزوح..
ونجد أن العديد من القبائل التي هاجرت كقبائل عنزة وشمر أو نزحت من ديارها وأماكنها التي كانت عليها ، هاجرت هجرة طبيعية للبحث عن الكلاء بسبب القحط الذي أصاب ديارها ، وعندما هاجرت فإنها هاجرت قوية وصارعت أقوى القبائل هناك كقبائل حلف الشمال وقبائل الملي وبني صخر وغيرها من القبائل المتواجدة هناك وأصبحت هي القبائل المتسيدة لسلطة المنطقة ونجد أن ذكرها في أحداث المنطقة وتاريخها لا يمكن حصره..
بينما مسمى دحر أو طرد أو إزاحة هو تفكك للقبيلة أو الحلف الذي تم دحره ونجد أن القبيلة التي تم دحرها قد سقطت ولا يوجد لها ذكر في التاريخ وتكون قد سلبت جميع أموالها وحلالها وتخضع بعد ذلك للقبيلة التي دحرتها أو أجبرتها على الطرد كما تضطر هذه القبيلة إلى دفع الخوة إلى القبيلة التي دحرتها بعد المعارك والحروب ...
ونجد كذلك أن القبيلة التي تم دحرها أو طردها لم يرد لها ذكر في التاريخ ولم يعد لها قوة كذلك ولم يذكر لها أحداث بعد أن تم دحرها وذلك بعكس القبائل التي هاجرت بقوتها وطبيعتها وفرضت لنفسها سلطة في المكان الذي هاجرت إليه..
ومن هذا المنطلق نتبين أن قبيلة عنزة هاجرت بطبيعتها وقوتها وصارعت أقوى القبائل المتواجدة هناك وأثبتت قوة سيطرتها وسلطتها في تلك المنطقة وأصبحت تأخذ الخوة من القبائل التي جعلتها ترضخ لقوتها وهذا نظراً لقوة قبائل عنزة وكثرة عددها ولما تمتلكه من الخيل الاصايل والابل الاصيلة..
وسوف نذكر هنا بعض مما ذكره المؤلفون والمؤرخون عن هجرة و قوة قبيلة عنزة وبعض من تاريخها :
يتبع

عساف دخنان
12/06/08, (08:34 PM)
هجرة بعض قبائل عنزة من نجد والحجاز وأسبابها
الجزء السادس
ولتوضيح هجرة قبائل عنزة بشكل عام ومفصل سنتحدث هنا ما ذكرته المصادر مع توضيحه بالموروث الشعبي حتى تتكون صورة أوضح عن هذه الهجرة: بدأت رحلة قبائل عنزة من نجد وشمال الحجاز في أوائل القرن الثاني عشر للهجرة وذلك على إثر القحط والجفاف الذي حل في البلاد والعباد فخرجت القبائل العنزية يتلو بعضها البعض ، وأول من هاجر هو الشيخ قعدان اليعيش الملقب (أبو شاربين) وهو من اليعيش زعماء الخرشة من المصاليخ ، وسمي بهذا الاسم نظرا لكثافة شاربيه وافتراقهما إلى نصفين عندما يحتدم الصراع في المعارك ، وهاجر معه جماعته من المصاليخ ومن المنابهة التي خرج بها من خيبر التي تعتبر المقر الاساسي لعموم قبائل عنزة ، وقد خرج بمن معه في جحفل ضخم مقداره سبعة عطف بينهم الموسر في البلصان وابن رشود على القرشة، وفي خلال مسيرته وصلت طلائع قبائل عنزة إلى منطقة الجوف ومكثت زمنا يصعب تحديده ، ووجدت أن الجوف يضيق بها ولا يكفيها وقد حدث لها أحداث وبعض المعارك مع قبائل تلك المنطقة وهي قبيلة السرحان وقبيلة بني صخر كان الانتصار حليف عنزة وإستأنفت بعد ذلك طلائع عنزة تقدمها نحو الشمال إلى أن بلغت براري البلقاء وحوران ، وكان يسيطر على هذه المناطق قبائل حلف الشمال وهم : السرحان وبني صخر والسردية والعيسى والفحيلية ، وأمير هذا الحلف هو المحفوظ السردي وكان مهمة هذا الحلف صد ورد أي موجة قادمة من الجنوب إلى الشمال ، لان ذلك من شأنه أن يزاحمهم على أرضهم وخيراتها ، بالإضافة إلى تخوف هذا الحلف الكبير من تأثير تلك الموجات على نفوذهم وزعامتهم ، هذا بالإضافة لان تلك المناطق كانت أراضيها خصبة وبها موارد كثيرة للمياه.. بعد ذلك ، أنزل المحفوظ وسمح لطلائع قبيلة عنزة بالنزول إلى جانبه وقضو فترة من الزمن، ولكن بعد فترة وجد أن قبائل عنزة تزداد ورأى أعداداً هائلة وأن لديهم فرسان وإبل وخيل كثيرة ، وأنها ليست قبيلةً سهلة وخشي من إستفحال أمرهم وأن يسدون عليه الآفاق، فتشاور هو وقبائل حلف الشمال والتي منها بني صخر والسرحان وقد كان بينهم وبين عنزة مشاحنات سابقة ، فشاورهم ماذا يفعل كي يبعد قبائل عنزة عن بلاده ، فشار عليه أحد مستشاريه بأنه رأي فرسا أًصيلة عند أحد رجال قبيلة عنزة من الشراعبة من بني وهب، وكان هذا الرجل جاراً للشيخ قعدان اليعيش (أبو شاربين ) ، فعندما علم بذلك المحفوظ السردي طلب تلك الفرس من الشيخ جعدان اليعيش ، فستأذن الشيخ قعدان جاره الشرعبي في الفرس ولكن الشرعبي رفض اعطاء فرسه مهما كانت الاسباب وكان المحفوظ مصر على تلك الفرس ، وقال للشيخ قعدان وقبائل عنزة الذين معه بأنه سيمنعهم من موارد الماء الموجودة في موقع)المزيريب والبجة) وسيعطيهم مهلة ثلاث أيام يتشاورون فيها أما الفرس أو يمنعهم من الموارد ، بعد ذلك تجمعت قبائل عنزة في مكان قرب أذرعات يسمى (رجم الشور) والذي لا يزال يسمى كذلك حتى الان بهذا الاسم بالرغم مضي أكثر من مائتين وخمسين عاما,,,وهو في موقع قرب قرية (النعيمة) في بلاد حوران من سورية وتشاور القوم وكان أمامهم خيارين:
1- أما أن يسلموا الفرس للمحفوظ السردي وهذا عار ما بعده عار لان من يفرط بحقوق الجار أو الدخيل ليس من شيم العرب..
2-وأما أن يرفضوا الطلب وعندئذ فلا مفر من المجابهة مع المحفوظ المدعم بحلف من أقوى القبائل حينذاك..
مناخ ميقوع :
فكان القوم بين مؤيد للحرب وبين تريث لها فقرروا بإرضاء المحفوظ بثلاثة من الخيل الاصايل بدلا من تلك الفرس ، وهذا ما تم فعلا ، الا أن إصرار المحفوظ على الفرس هذه بالذات قد أثار حفيظة أحد رجال المصاليخ وهو (حزيل الرعوجي) الذي دق على رأسه وقال : حيز، وهو اسم يطلقه على إبله (والله لا يشربن الحيز من هالماء لونه بين براطم عجايب) وهذه عجايب هي زوجة المحفوظ.. ولكن الشيخ قعدان اليعيش(أبو شاربين) كان هو الشيخ صاحب النظر الثاقب وبعد أن درس الموقف وجد أنه غير قادر على مواجهة هذا الحلف لوحده والذي يترأسه المحفوظ السردي والذي يضم خمسة قبائل :السرحان وبني صخر والسردية والعيسى والفحيلية ، فقرر الشيخ جعدان بالرجوع إلى دياره خيبر ليستنجد بباقي قبائل عنزة هناك ويستعدوا للهجرة ، وعندما انتهت المهربات الثلاث التي أعطاها المحفوظ لقبائل عنزة ورأى أنهم رحلوا فأقسم بأن يلحقهم في عقر دارهم ويبيدهم عن بكرة أبيهم ، فخرج ولحق بهم وأدركهم في مكان اسمه ميقوع قرب الجوف فناوخهم ومعه عشرون بيرقاً من قبائل حلف الشمال وكان الأمر بالنسبة لقبائل عنزة أما حياة أو موت ، فاستبسلوا في الدفاع عن جارهم ووفرسه وهزموا المحفوظ وجيشه الرهيب في مناخ ميقوع وانتصرت قبيلة عنزة.. وبعد ذلك وجد الشيخ قعدان أنه لا مفر من مواجهة هذا الحلف ودحره ، فأرسل الشيخ قعدان اليعيش (أبو الشاربين) هذه القصيدة على لسانه والتي قالها النجيدي بن مذهل المصلوخي ليستنفر قبائل عنزة في خيبر ليستحثهم على الخروج من مناطقهم واللحاق به مرغبا اياهم بطيب هواء البلاد التي وصل إليها وخصب أرضها وصفاء مواردها ، كما أرسل إليهم بعض من الاعشاب والكلأ دليلا على صدق ما وجده من خير تلك المناطق وكذلك لنجدة أقربائهم المنابهة ومن معهم من عنزة ضد هذا المحفوظ ومن معه من حلف الشمال.. وعند وصول النجيدي الى خيبر قال هذه القصيدة يستحث الشيخ ابن سمير والطيار وباروخ بن خليل من مشائخ وفرسان قبيلة ولد علي ، والقعقاع من مشائخ الرولة ونايف بن غبين من مشائخ الفدعان ، وابن معجل شيخ الاشاجعة وابن جندل شيخ السوالمة من مشايخ عنزة فقال:

قال النجيدي من عذيات النبـــا = ألذ من در البكار العسايــــــف
وخلاف ذا ياركب فوق عوصـا = مافوقها كود خرجها والسفايــــف
فوقها اللي لقطع الفيافي امضرا = يبي السرى وعن نومةالليل عايف
أدل من القطاة في داجي الدجــى = رامت ضنها بالحزوم الصلايــــف
قم يانديبي بالعجل لاتونــــــا = أزبن على اللي زبنوا كل خايـــف
أولاد وايل وين ربعي نخيتكــــم = مروين مصقول السيوف الرهايـف
سلم على صبيان وايل جميعهــــم = اكبارهم واصغارهم باللفايـــــف
سلم على كل المشايخ وحثهـــــم = من روس لابة ما خلطهم عذايـف
سلم على القعقاع وانخ ابن جندل = وسلم على الطيار والشيخ نايــف
وسلم على ابن سمير ثم ابن معجل = وباروخ زبن التلافات التلايــف
سلم وعلمهم بيوم جرالنـــــــا = جتنا جموعٍ كثيرة وأغلبتها ردايف
جونا هل البلقا جموع يجرهــــا = شيخٍ يبي يوفي ديون وحلايـــــــف
جونا على ميقوع عشرين بيـــرق = وأقفوا يجرون الندم والحسايـف
بالقيض حدونا على شان جارنـــا = وعيوا علينا بطيبات المصايــف
خيل اقبلانا يوم اتشلا بخيلـــنا = مثل السباع الجايعات الهوايـــف
ينخن الصاعديات في صيحة لـــهن = ينخننا عن عايزات الكشايــــف
وعجنا رقاب الخيل لعيون خودنـا = صفوة رجال وعايزين الكلايـــف
عاداتنا بالكون نرخص عمارنـــا = ونجود بالارواح دون العطايـــــف
وحنا الذي مانقبل الضيم والقهر = غش على كبد المعادي امسايـــف
ويلان وين انتم ترى اليوم يومكم = والا مع الاجناب ننهج عرايــــفوعند وصول القصيدة إلى قبائل عنزة سرعان ما خرج فاضل بن مزيد الملحم شيخ قبيلة المنابهة ومعه الموجة الأولى من قبائل عنزة من الحسنة وقسم من الشراعبة والبوعيد من الخماعلة وعدد قليل من المجاهمة من الموايقة من السبعة وقسم من المصاليخ الذين بقوا بخيبر ولم يلحقوا بالشيخ قعدان اليعيش (أبو شاربين) ، وعندما علم المحفوظ السردي بوصول موجة أخرى من قبائل عنزة هاجر إلى بلاده ولحقته قبيلة عنزة بقوة رادعة هناك وتقابل الجمعان في معركة (المزيريب) الشهيرة عام 1720م 1164هـ تقريبا حيث انتصرت فيها قبائل عنزة من المصاليخ والحسنة بالاشتراك مع قسم من الشراعبة والخماعلة، على حلف الشمال وقتل بهذه المعركة المحفوظ السردي زعيم الحلف وسلبت خيوله وأخذت عنزة جميع حلاله
وتديرت بنو وهب من عنزة ديرة حوران ..
ثم بعد ذلك بعامين أتى الفوج الثالث من قبائل عنزة وهم ولد علي بزعامة دوخي بن سمير ، وكان يتحتم على عنزة انهاء هذا الحلف نهائيا وإسقاط آخر معقل من معاقل حلف الشمال،فبعد قتل المحفوظ السردي وهزيمة من معه من قبائل حلف الشمال في معركة المزيريب ، تجمع هذا الحلف تحت زعامة الفحيلي زعيم قبيلة الفحيلية ، وكان بمرتبة أمير تؤدى إليه (الخوة) من كافة القبائل التي تقطن ديرة حوران ، وحيث أن قبيلة عنزة قبيلة كبيرة أو بمعنى آخر قبائل كبيرة رفضت هذا المطلب أنفة وكبرياء ، فأصطدمت مع الفحيلي في موقعة أو معركة (البجة) المشهورة وسميت بمذبحة الفحيلي لكثرة القتلي بها ، وتم إنتصار قبائل عنزة على هذا الحلف مرة أخرى ، وأسقاط نفوذ حلف الشمال ودحره الذي استمر فترة زمنية طويلة ، لينتقل وتصبح إدارة هذه المناطق وسلطتها في يد قبائل عنزة حيث تم إعتراف الحكومة التركية بذلك ، وأصبحت تؤدي لهم (الصر) مقابل حماية قوافلها المتجهة إلى البلاد المقدسة..
في أثناء حدوث هذه الهجرات والمعارك لموجات قبائل عنزة نتيجة للجدب والقحط والصدامات مع قبائل تلك المناطق .. نوى الشيخ كنعان الطيار المسير إلى الشمال بمن معه من قبائل ولد علي لكي يفزع لقبائل عنزة الذين سبقوه هناك وكذلك البحث عن الربيع والخصب ، وقد خرج يطلب اللحاق بقومه فوصل إلى وادي السرحان واستولى عليه بالقوة من سكانه الاصليين قبيلة السرحان ثم تقدم إلى الامام وحل ترحاله بمنطقة العمري في جنوب الأردن ولما علمت قبائل بني صخر باقترابه منهم أرادت أن تحول بينه وبين تقدمه للشمال فقامت بمهاجمته بعددها وعدتها الكثيرة ولكن الغلبة كانت لكنعان الطيار وقبيلته وتفصيل ذلك مرتبط ببعض الاشعار والموروث الشعبي وهذا تفصيله : وصل الشيخ كنعان إلى وادي السرحان حيث ذكر له أن تلك المناطق إرتوت من الامطار حتى كساها الربيع وأن بها منطقة لاتطؤها قدم إنسان مما يعرف عند البدو بالمخافة لوحشتها فلم يرعها أحد قط وعندما وصل هناك وإستقر مدة معينة هاجمه قوم من قبيلة بني صخر يدعون البواسل وطمعوا في أخذ إبله فانقض عليهم الشيخ كنعان الطيار ومن معه من قبائل ولد علي وهزموا البواسل شر هزيمة وقال في ذلك قصيدة :

يقول الوايلي قيل ٍ وكادي= معاني مالها شيء ٍ يشادي
تراهن يطربن صوت المغني =إلى ما ردهن ليا هن جدادي
الا ياراكب من فوق عوصا =سنامه نابي وسط الشدادي
سراها للبواسل لا تقيم =وبلغهم مع البيضا سوادي
نزلنا بالمخافه ممنين =أمنا وغدرونا بالعهادي
أصبحنا وصبّحنا جموعهم =بخيل مثل سيعان الجرادي
جوني عيلة يبغون ذودي =وذودي كلها ورث الجدادي
يبون الناقة الملحا وضيره =عليها مثل منكوس الفرادي
وروده ناقة الخطار تبهل =تهج كنها يمي تنادي
تراها كل ما تسكع مدوه =تفجع من معاليق الفوادي
ألا ماخبلك يا باغي نياقي =وأنا من دونهن فوق الجوادي
مغذاة ٍ على جب الشعير =ودرّ الخلف طلق ما يزادي
ظهرها ما يزيد عن الذراع =سريعة موج أباهرها سنادي
قوايمها كما عمد الحديد =وله صدر ٍ كما باب البلادي
وحاركها كما الذيب المويق =على الطليان بايام الكدادي
وأذانيها كما كافور غيد =وعينه نار شبّت بالحمادي
وذيل ٍ مثل منقوض الجعود =يغذي بالشمطري والزبادي
وجبهتها كما وصف الطلاحي =ومنخرها كما كير الستادي
وتاطي بالثلاث موثقات =وعلى الاربع كما الادمي تقادي
زمالت خيّرٍ تدنا لسرجه =مدنّاتٍ كما فحل الهدادي
ولا تركب على لعب المصّنع =ولاهي للزز يوم العيادي
تزها اللبس باليوم الكبير =نهار الكون تذخر للطرادي
عليها فارس يرخص حياته =ينوض إليا سمع حس المنادي
معه سمح الكعوب من البلنزا =إلى هوت تودع الصامل إبجادي
وضجّ نزول زينات العيون =وخيل ٍ نوخت لي باحتشادي
وعرجد نزلهن وأنا ذراهن =وصاحن ما لهن غيري عضادي
مخموصات المواطي والبطون =من المطعوم ما مالحن زادي
ومريّت الغرو وضاح الجبين =تنخى ولا نخت غيري سنادي
نور البيت بالمقدم تصيح =وترجي فعل ٍ حرٍ بالهدادي
ونا لعيناك يا نجلا العيون =تحلي فعلنا وقت الهجادي
وعينا بكرة ٍ حلو لبنها =ترعى ما نبت نبت العرادي
رديت الكمين على المغير =كما سيل حدر من بطن وادي
وخيل الطهر قادن للهجيج =ونخوا فوزان حماي العوادي
وقفن البواسل هاربات =وقادوا عجهن غوش الردادي يتبع .

عساف دخنان
12/06/08, (08:52 PM)
هجرة بعض قبائل عنزه من نجد والحجاز وأسبابها
الجزء السابع

وبعد هذه الهزيمة لبني صخر وهروبهم ، استقر الطيار فترة بالجوف وحاصر قبيلة السرحان وطوقها من جميع الأطراف وكان بين السرحان رجل من بني صخر تمكن من الهرب إلى قبيلته في البلقا ، وأعلمها ما حل بالسرحان من القهر والانكسار ، استثمر بنو صخر هذه الفرصة مرة أخرى للانتقام من أعدائهم الألداء عنزة فجمعوا جموعهم وسيروها تحت لواء زعيمهم محمد الخريشا لنجدة السرحان وبعد مسير ثلاثين يوما وصلوا إلى الجوف ، ونزلوا على عنزة على حين غرة ، وصار هزيمة على قبيلة عنزة ولكن لم تلبث أن أغارت قبيلة عنزة على بني صخر وهزمتهم هزيمة منكرة ، وعطفت على السرحان وأخرجتهم من الجوف جميعا عدا من بقي منهم ممن شق عليهم هجر مزارعهم وتخلفوا في الجوف وما زال لهم أعقاب ..
وبعد هذا الانكسار خرج بنو صخر والسرحان إلى البلقاء .. ثم إن الشيخ كنعان بعد فترة من الزمن قرر الرحيل بعربان ولد علي للمقيض في سهول الشام وكان هو أول من نجع خارج الجزيرة العربية من أسرة الطيار ، وبعد أن وصل إلى البلقاء جائه النذير بأن زعيم قبيلة بني الصخر وهو الخريشا قد جيّش له عربان منطقة البلقاء وذلك لمنع قبيلة ولد علي من التوغل في أراضيهم وحيث أن هناك عداوة قديمة بينهم وذلك نتيجة لهزيمة الشيخ كنعان لهم في الجوف مسبقا ..
فما كان من الشيخ كنعان الطيار إلا أن أمر فرسان ولد علي بالاستعداد لمناجزتهم والمسير لمكان تجمعهم لمباغتتهم فيه. وكانت تلك القبائل قد اختارت منطقة سوح ذياب بالقرب من الزرقاء في الأردن كمكان تجمع لها. وفي الصباح الباكر فوجئت جموع بني صخر وأهل البلقاء بخيل عنزة وقد أطبقت متراصة وفي مقدمتها الشيخ كنعان الطيار ، فاعتلى فرسان البلقاء وقبيلة بني صخر صهوات جيادهم استعدادا للنزال فبرز أحد فرسان عنزة بين الجمعين وأخذ يقول هذه البيتين :

يا من يبشر لي (الخريشا) (بكنعان)= الشيخ جاه يزرفل الخيل غايــــــــر
من فوق ضامر من سلايل كحيلان = اليوم بالبلقاء تدور الدوايــــــــــــر
عند ذلك صاح زعيم بني صخر الخريشا من بين فرسانه وأخذ ينادي معيراً ذلك الفارس قائلا : بأن هذا وقت اللقاء وليس وقت الشعر ، والسيف هو الللي يتكلم.. فخرج كنعان الطيار بين الجمعين ونادى شيخ بني صخر الخريشا للبروز له لمبارزته ليشهد كل سيف على صاحبه ، فبرز له دون ابطاء وماهي جولتان حتى تمكن كنعان الطيار من اسقاطه قتيلا بين الصفوف والتحم الجمعان قبائل ولد علي بقيادة الشيخ كنعان الطيار على قبيلة بني صخر ومن معها من قبائل البلقاء وكرت عليهم عنزة فهزمهتم وشتتتهم وكان من نتيجة ذلك اندحرت تلك القبائل المهزومة الى منطقة الغور..
وهكذا كان انتصار الطيار وولد علي في منطقة سوح ذياب على مشايخ بني صخر وقبائل البلقاء وتديرت بعد ذلك قبائل عنزة سلطة المنطقة ردحا من الزمن ثم بعد ذلك حدث خلاف بين قبائل عنزة لاداعي لذكره ، مما دعى قبيلة الحسنة أن تستأنف تقدمها نحو الشمال أيضا وكانت هذه المرة ديرة الشنبل وفي براري حمص وحماة حيث الهواء النقي والتربة الأكثر خصوبة والمراعي الواسعة وكان أيضا من أسباب هجرة الحسنة توافد موجات أخرى من قبائل عنزة وبالذات من قدم من بقية ولد علي بزعامة الطيار حيث هناك قسم سبقهم بزعامة ابن سمير ، وعادت المصاليخ إلى بلادها في نجد بعد وفاة الشيخ جعدان أبو شاربين مخلفة ورائها مجموعة من بطونها وهم بطني الراضي والسودي بقيا حتى اليوم في حوران وبطن السريحين بقى في الرمثا بالأردن ، و تقدم الحسنة للشمال لم يكن بسهولة لان هناك قبيلة أخرى تحتم عليهم أن يواجهوها ، وهي قبيلة الموالي والتي كان لها النفوذ الأوسع على عموم البادية السورية في بلاد الشام وكان هناك منطقة باسم (عامود الحمى) يحرم على أي وافد تجاوزه إلا بأمرهم وبعد أن يخضع لطاعتهم ويدفع لهم (الخوة) المفروضة ، وطبعا قبيلة عنزة ذات كبرياء وسلطة وجاه وقوة ولا تقبل ذلك الأمر أبدا ، فما كان للحسنة أن يتجاوبوا مع نظام الموالي وكانت الحرب الطاحنة بينهم ويذكر أحمد وصفي زكريا في كتاب عشائر الشام : لقد تم انتصار الحسنة بقيادة الملحم وتم فرض الأمر الواقع وتديروا ديرة الشنبل وتقلص نفوذ الموالي إلى حد كبير وأصبح سكان تلك الديار يتوافدون مباركين ومؤيدين وقد استمرت هذه الأحداث ثمانين عاماً إلى عهد محمود بن مزيد الملحم.. وهجرات عنزة لم تتوقف وكان بين قبائل عنزة اتصال دائم سواء بين الذين بنجد أو شمال الحجاز وخيبر إلى وادي السرحان والجوف وحتى الشام والعراق ..
فعندما علم بعض قبائل عنزة الأخرى بخصوبة الأراضي وتوفر الموارد والكلاء في تلك الديار ، بدأت هجرة ثانية من قبائل ضنا عبيد وهم الفدعان والسبعة وولد سليمان تتوافد على تلك البلاد وكانت الفدعان بمشيخة إبن غبين وابن قعيشيش حيث اندفعت بقوة واستوطنت في منطقة الفرات وما يسمى بالبادية الشامية .. ثم قبيلة السبعة بقيادة ابن مرشد وابن هديب حيث استقرت ببادية تدمر.. ثم تلتها الهجرة الثالثة من ضنا مسلم بقيادة الدريعي بن شعلان ونايف بن شعلان ، فهاجروا من الجوف ومن معهم من قبيلة الرولة وبعض قبائل الجلاس من: السوالمة بقيادة ابن جندل
والأشاجعة بقيادة ابن معجل
والعبد الله بقيادة ابن مجيد
حيث استقروا في الحدود الشرقية لغوطة دمشق وفي مناطق ضمير والناصرية وجيرود..
والهجرة الثانية في حدود عام 1230هـ ارتحل القسم الأعظم من قبائل ضنا عبيد (وهم الفدعان وولد سليمان والسبعة ) بقيادة الشيخ نايف بن غبين فنزلوا في مناطق الجوف وكان قد حفر الفدعان عدود صوير المعروفة في منطقة الجوف ثم وصلوا إلى مناطق في أواسط سوريا وكان وصول قبائل ضنا عبيد في أوائل القرن الثالث عشرالهجري ذكر ذلك الغزي في يوميات حلب عام 1230هـ ولهم أخبار كثيرة في بداية وصولهم من الحروب والنزاعات مع سكان البلاد سجّل بعض من أخبارهم الكتاب العرب والمستشرقون وقال الشاعرالفارس الشيخ ملعب بن محمد بن شعيل العواجي قصيده يذكر رحيل ضنا عبيد ويتوجد عليهم وذلك أن قبيلة ولد سليمان والسبعة والفدعان من ضنا عبيد قد أرتحلوا جميعاً في بداية الأمر ثم عاد البعض منهم إلى ديارهم خيبر لوجود املاك قديمة فيها وهذه قصيدة ملعب بن محمد بن شعيل العواجي :


قال العواجي والعواجي ملعــب = لو تدري العراف ما يستشيرهــا
يجول في بالي كثير القوافــــي =ولا قولها إلا حين يلمح نضيرهــا
ما هي علي غروة عجيبة ملامحة=ولا هو علي عذر اتنقض جميرهــا
فكرت باللي فرق أولاد وايــــــل=أبكي ودمع العين حرق نضيرهــا
نزول مقيمة شامخات بيوتهـــــــا=وضعون يقودهم شيخ الجهامه كبيرهــــــا
بتنا ندير الرأي وجلا قلوبنــــــــا=وندير من صعبات الأريا عسيرهــــــــــا
بتنا ندير الرأي من شور شيخنـــــا=كبير قومه والمحايل يديرهـــــــــــــا
قال ارحلو ما عاد في نجد مقعـــــد=امشوا علي الصعبة ودوسوا خطيرها
وتحلحلت من ضلع المسمى ظعاين=ياما تفرق عن وريك نثيرهـــــــــــا
جينا الدعيجان وريعان شمـــــــــــر=وكم خفرة يصد عنها عشيرهــــــــــا
طلعـنـا مع ريعـان حايـل وموقــق=وخشوم سلمى فض عنها مجيرها
وردنا علي العظيمات عد ماهــو روى=شرب قليل القوم وظمي كثيرهــا
وصلة علينا ولد الكثيري غــــــــارة=الغارة القشر علي من يغيرهـــــــــــا
توحي نغيط الطيح بطراف قومــــــه=لج القطا لا نش عنها غديرهــــــــــــا
ضربنا علي الدهنا عروق تثنــــــــــا=وكم بنت شيخ خففت عن بعيرهـــا
حلنا وتسرسحنا من السير والسرى=وزمولنا ماعاد تسمع هديرهـــــــا
قطع بنا ابن غبين عشرين سمـــــرا=وفي دومة الجندل حفرنا صويرهــــا
وبصوير قيضنا وصرنا نزايلــــــه......وقفت ظعون الربع وابعد مسيرهـــا
وعدنا من الجوبة لنجد العذيــــــــة=دار ولفنا وردها مع صديرهـــــــــــــا
واقفت علي الشنبل جهامة ربوعنــــا=يقودها ولد الغبيني أميرهـــــــــــا
راموا لهم ديرة بها الريف والرخــــــــا=ديد العسل يعطي السبايا شعيرها
وجدي على الفدعان بواجة الدّيـــــر=وخيالة العرفا عزيز قصيرهــــــــــــا
اللابة اللي تاخذ الخصم عنــــــــــوة=ياويـــل والله بالملاقا نحيرهــــــــــــا
ياليت لو يلحق ظعنا ظعونهـــــــــم=عسى غليل الكبد يبرد هجيرهـــــــا
ياعل من يدعي للاجواد رحمـــــــــــة=في جنة الفردوس ينال خيرهــــــــايتبع

عساف دخنان
12/06/08, (08:53 PM)
هجرة بعض قبائل عنزة من نجد والحجاز وأسبابها

الجزء الثامن
يبين لنا الشيخ ملعب العواجي مسيرة ضنا عبيد بقيادة الشيخ نايف بن غبين وكيف تفرق أولاد وائل أي قبائل عنزة وذلك نتيجة للهجرات فقد هاجر من قبل ابن يعيش ولحقه ابن ملحم وابن سمير والطيار والان ضناعبيد ، وذكر أن نجد ليس بها مكان لهم بسبب الجدب والقحط الذي حل بها ويتكلم عن مسيرتهم من ديارهم وذكر بعض الأماكن التي تعبتر من ديار عنزة وأوديتها وجبالها مثل ضلع المسمى ، و وريك، ثم أنهم مشوا من ريعان شمر وموقق ويذكر أنهم نزلوا الجوف وحفروا مورد صوير الموجود في الجوف ، ويقصد بأن ولد سليمان هم من أصبحوا نزايله وأن بقية ضنا عبيد الفدعان والسبعة أكملوا سيرهم وأبعدوا وأن العواجي وقومه يذكر أنه عاد إلى نجد من الجوبة ( الجوف) ، لأنه ولف منطقته ولا يستطيع هجرها ، ثم ذكر بأن قومه وجدوا ديار بها الريف والرخاء ، وأخذ يتوجد على قبيلة الفدعان ، وخيالة العرفا وهم قبيلة السبعة ويمدحهم ويتمنى لو أنه يلحق ظعن قبيلة ولد سليمان إليهم ربما يبرد غل الفرقا بالهجرة إليهم ، ثم يقول عسى من يدعي لهم بالرحمة أن يضعه الله في جنة الفردوس.. أما قبيلة العمارات من بشر من عنزة فقد كانت تملك الحناكية وكان تتنقل في المناطق المجاورة لها والعطن الذي في المدينة هو مكان إبل آل هذال والوعيرة ، وقد ذكر في بعض المصادر وجود لآل هذال مشايخ العمارات في منطقة الفريش ، يقول المؤلف حمد الجاسر في كتابه المعجم الجغرافي صفحة 1088 المجلد 2 : الفريش من قرى منطقة بدر في إمارة المدينة ، ويسيل الوادي من الطرف الشرقي لجبل ورقان وله روافد من الأطراف الشمالية وهو على بعد 48 كيلا من المدينة المنورة .. وقد ذكر جون لويس بركهارت في كتابه رحلات في شبه جزيرة العرب صفحة 290 ما نصه: ودخلنا وادياً عريضاً يسمى الفريش وسهل الفريش وفقاً لما يقوله العصامي المؤرخ كان مسرحاً لمعركة شرسة بين شريف مكة وقبيلتي الظفير وعنزة البدويتين في سنة 1063هـ ..انتهى وفي سنة 1111هـ سجن الشريف سعد بن زيد شريف مكة مائة شيخ من عنزة وتم تتويج الشيخ هذال بن عدينان الحبلاني شيخ مشائخ على عنزة .. وما هذه الأخبار إلا دلالة على تواجد عنزة في منطقة الحناكية وما جاورها من قرى المدينة المنورة ونستدل من الموروث الشعبي القصصي أنه عندما كان العمارات بقيادة شيخهم ابن هذال يقطنون ما حول الحناكية ويتنقلون في المناطق التي من غرب المدينة في منطقة بدر مكان تواجد قبيلة صبح من حرب ذكر منديل الفهيد في صفحة 124 الجزء الثاني أبياتاً لابنة أمير قبيلة صبح من بني سالم من قبيلة حرب حيث كان الشيخ ابن هذال قبل نزوحهم إلى نجد قاطنين عندهم وحان وقت الفلاحة والماء مشروب من كثرة الادباش وأمير صبح استحى من الشيخ ( ابن هذال ) حتى لايبين له حاجتهم بالفلاحة لأن معيشتهم على الله ثم الفلايح فقالت البنت ( ابنة أمير صبح ) هذه الأبيات تبين لهم ما حدث وعندما سمعها الشيخ( ابن هذال ) شدوا إلى ماء غيره فقالت :

يا شيخ قل للبدو عنا يشـــــدون =نبي نقطب جونا بالزروعـــــــي
نبي انسقم غوشنا لايضيعـــــون =الغوش لجتهم علينا تروعـــــــي
أنتم لكم جيش وخيل تعنـــــــون = وأرزاقكم لا حظبن الجموعـــــي
وأنتم ليا طاح الحياء له تنوعون = فوق الجمال محنيات الضلوعـــي
كم سهلتن في عصير تبنـــــــون = يتلي ضعفكم كل بيض فروعـــي
وهذا الحدث على وجه التقريب في القرن الثاني عشر الهجري ، ويدل على أن العمارات ومشائخهم الهذال يستطيعون التنقل وذلك لأنهم فرسان وأن تواجدهم في هذا المكان بسبب الجدب والقحط الذي في تلك المنطقة..وكانوا وقت الشيخ منديل الهذال وأحد أبنائه ، وقد انتقل العمارات من الحناكية بعد أن أٌقحطت إلى نجد للبحث عن موراد أفضل وأخصب وسكنت قبيلة العمارات في القصيم وكانت بريدة عد لآل هذال اشتراه منهم راشد الدريبي ، وفي عهد الشيخ جديع بن منديل الهذال الملقب راعي السمرا وابن عمه ماجد بن عبد الله الهذال ومجلاد بن فوزان شيخ الدهامشة كانت قبيلة العمارات ممتدة من خيبر إلى القصيم وكان للدهامشة منطقة الحائط والحويط وللصقور من العمارات منطقة عقلة الصقور التي عرفت باسمهم وهناك مكان يسمى أشقر بن هذال وهو تل مرتفع بالقرب من المذنب في القصيم وللسلقا المناطق المتاخمة حول حائل ، والقاريء لأحداث التاريخ يجد أخبار متعددة عن العمارات في أمكان مختلفة في قلب نجد ، قاد العمارات الشيخ مهلهل بن منديل الهذال في فترة العقدين الأولى من القرن الثالث عشر الهجري 1214هـ تقريباً ونزلوا في منطقة الأسياح قاطنين طوال فترة الصيف بجوار محمد الفهيد الأسعدي من عتيبة وساعدوه على إعادة إجراء عين بالأسياح وإبعاد التراب الدفين على هذه العين وذكر العبودي في معجمه أن محمد الفهيد أخذ يتلمس مكان العين حتى وجد أثارها ولانه لم تكن لديه القدرة المادية على إعادة بعث العين واستنباطها طلب من صديقه مهلهل بن هذال من عنزة وقبيلة العمارات أن يساعدوه ببعض الجمال في وقت القيظ لكي تعاونه على العمل ، ومن ثم بعد مدة انتقلوا إلى ملج ونطاع في شرق الجزيرة العربية بقيادة الشيخ مهلهل بن منديل الهذال ، وفي سنة 1220هـ مع ظهور القحط الشديد المعروف في تلك السنة والذي استمر سبع سنين في نجد والحجاز وطال الجزيرة العربية حتى يبست الأشجار وأكلت الجيف وغلا كل شيء وقد قال الشيخ عبد الله بن ماجد بن عبد الله الهذال قصيدة يتوجد على نجد وما أصابها من قحط بعد أن هاجر بقسم من العمارات إلى الشمال .. ثم يأتي في سنة 1228هـ أن قرر الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد غزو الحناكية ومهاجمة العساكر المصرية ومن عاونهم من بوادي قبيلة حرب وقد حشد الإمام لجيشه من جميع النواحي من آفاق نجد الحاضرة والبادية ، وكان من ضمن هذا الجيش بوادي عنزة وهم العمارات بقيادة الشيخ الحميدي بن عبد الله الهذال ومعه ابن عمه الشيخ مشعان بن مغيلث الهذال ، وقد ذكر ابن بشر وجود الحميدي بن عبد الله الهذال عندما إختم هو وفيصل بن وطبان الدويش في صيوان الإمام سعود عند مغزاه على الحناكية ، وأشار الفاخري بأنه غزا سعود رحمه الله مغزا الحناكية وحصر عثمان الكاشف ومعه مئتي عسكري في قصر آل هذال ، ثم أخرجهم .. ونستدل على وجود الشيخ مشعان بن هذال في هذه الحقبة الزمنية ، أنه في أواخر العقد الثالث من القرن الثالث الهجري عندما هاجرت قبائل ضنا عبيد بقيادة نايف بن غبين إلى الشمال وكانت العمارات بقيادة آل هذال تغدو أماكن الكلأ في الجزيرة العربية فقد كانوا في الحناكية وتنقلوا بالقصيم وشرق الجزيرة وشمالها ومن ثم يراوحون أمكانهم التي بها أملاك مثل الحناكية ومورد العطن بالمدينة وكان مشعان ينزل بالوعيرة ومعه قسم من العمارات وزوجته مغاضبة له وذهبت عند قومها الذين شرعوا في الهجرة وكان يتوجد عليها ويقول من ضمن أبياته :

أنا وخلي فرقتنا المقاديــر = وكم واحد بيديه يطرف إعيونــــه
من دونها حالوا عيال مساطيـــــــر =علي ومشعان يعرضون دونــــــه
من دونها اللي يكسرون الطوابيــر = وعزي لمن مثلي يصالي غبونــه
فوق اشقح يتلي السلف والمظاهير = يتبع قطيع مغتر مثل لونــــــــــــه
منجاعهم وادي الشملي وأبا القيـــر = أقفا مع الفدعان تطرخ اضعونــهأنا نجعتهم تصل إلى وادي الشملي وهي من مناطق عنزة ووادي أبا القور الذي يقع بالقرب من عرعر ، وهذا يدل على أن هذه المناطق كان ترتادها قبائل عنزة قبل أن تتجه إلى الشمال، وهنا دلالة على وجود قبائل لعنزة في نجد وهجرة البعض الاخر كما نرى من الموروث الشعبي .. ثم تتجه العمارات الى القصيم مرة أخرى بقيادة الشيخ مشعان بن هذال ويبقون في الرس ، ومع توالي ظواهر الجدب والقحط والغلا الذي بنجد و مع دخول القوات العسكرية المصرية وسقوط الدولة السعودية الاولى وهجرة العديد من قبائل عنزة الى الشمال مثل بعض قبائل المنابهة وولد علي والشراعبة والرولة والمحلف من ضنا مسلم وبعض قبائل ضنا عبيد من الفدعان والسبعة وولد سليمان ، وكذلك قسم من العمارات قررالشيخ مشعان أن يتجه بالعمارات إلى الشمال للبحث عن موارد أخصب وكان يرتاد الصمان ومنطقة الوديان ( عرعر وما حولها ) وحتى الشمال وذلك بعد سنة 1233هـ وتنقل قبائل العمارات في الديار الشمالية ثم رجعت إلى نجد لتشارك قبيلة بني خالد بقيادة ماجد بن عريعر في مناخ الرضيمة سنة 1238هـ وقد توفي الشيخ مغيلث بن منديل الهذال والد مشعان في هذا المناخ وتوجهت العمارات إلى الشمال مرة أخرى بقيادة مشعان لنفس الاسباب السابقة الجدب والقحط وأن لهم أملاك هناك في الشمال وقد أتوا مشاركة لقبيلة بني خالد ..
طبعا بعد هذا الانسياح والهجرات لموجات قبائل عنزة إلى الشمال كان لهذا أثر غير مباشر على جغرافية المنطقة فقد أدى هذا الانسياح إلى نزول قبائل أخرى منطقة القصيم مثل قبيلة حرب التي تمددت وسدت هذا الفراغ الذي تركته قبائل عنزة بالإضافة إلى قبيلة مطير وغيرهم ، وهذا مما أدى إلى مضايقة من كان هناك من الحاضرة من قبيلة عنزة.. بقلم الباحث راعي البويضا.. الجزء الأول

نكتفي بهذا القدر من سيرة عنزه نآمل أن تحوز على رضاكم
كل المنى للجميع