خيال البويضا الصقري
29/04/05, (01:18 PM)
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه وبعد .
وقفات مع ذكرى غزوتي أحد والخندق!!
عامان فقط هي المدة التي تفصل بين غزوتي أحد والخندق، فقد حدثت الأولى في شوال سنة 3 هـ، بينما وقعت الثانية في شوال أيضا، في مثل شهرنا الفضيل هذا سنة 5هـ.
ونحن حين نقف متأملين أحداث ودلالات هاتين الغزوتين، وسنن الله الفاعلة في كونه ورسالاته، والماضية مع أوليائه وأعدائه، نحن حين نفعل ذلك وندعو قومنا إليه، إنما نستجيب لقوله تعالى: (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) (آل عمران: 137) .. وقوله تعالى: (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ) (إبراهيم: من الآية 5) ... وأمتنا الصابرة المحتسبة المجاهدة اليوم أجدر بأن تستلهم من تاريخ رسولها الكريم صلى الله عليه وسلم وصحابته البررة ما يثبت الفؤاد، وينير السبيل، ويشد العزم.
احتشاد الأعداء اليوم كاحتشادهم بالأمس
إن أعداء الأمة الذين تكالبوا عليها اليوم، وتداعوا إلى النيل منها والكيد لها، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، يغريهم ما بها من دسم، وما أصابها من ضعف وخور، إنما يتبعون سنن من كان قبلهم من أعداء الإسلام حين تنادوا لحربه والمكر به (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) (الأنعام: 123).
ولقد كانوا قديما وحديثا - أمام عدائهم للإسلام وأهله- يتناسون شح نفوسهم، وحرص طبائعهم، فينفقون بسخاء لحرب الإسلام، لضمان تواصل حربهم الغشوم (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) (لأنفال: 36).
لقد حشد الأعداء بالأمس قواهم في "أحد" على المستوى القطري المحدود، ثم حشدوها يوم الخندق على مستوى جزيرة العرب، فتكالبت أحزابهم في عشرة آلاف - وهو حشد لا عهد للعرب به من قبل - لإنهاء الوجود الإسلامي، فما باؤوا في الحالين إلا بالخسران .. وتلك عقبى الأعداء اليوم، وإن تأخر أوانها، إن شاء الله، لقد تداعى الصهاينة من شتى بقاع الأرض وأرجاء الدنيا ليحتلوا أرض فلسطين، ويبيدوا أهلها، وتداعى الأمريكان من وراء البحار، وحشدوا الأذناب والأتباع من دول لم يكن يتصور أحد أن بينها وبين المسلمين كل تلك الأحقاد والثارات ليبتلعوا أرض العراق، ويعيدوا صياغة العالم العربي والإسلامي، حسب رؤية القطب الأوحد للعالم اليوم، بكل ما يحمله من طغيان وصلف، وما يصدر عنه من خلفية دينية صليبية لا يتورع عن إبدائها والإعلان عنها.
فأي ذنب جناه أهل فلسطين تجاه الصهاينة من قبل حتى يحتلوا بلادهم ويشردوا شعبها؟ وأي جريمة ارتكبها أهل العراق نحو الأمريكان حتى يغزوهم ويقتلوا ما يزيد عن مائة ألف منهم باعترافهم، ويحيلوا حياة من بقى منهم كابوسا مفزعا، وليستبدلوا طغيان أظلم أمة بطغيان أظلم حاكم فرد؟
أي جرم ارتكبه مسلمو فطاني في تايلاند حتى يلاقوا من حكامها البوذيين كل هذا النكال؟ وماذا فعله مسلمو كشمير ليحصدوا الحق الهندوسي الأسود؟
إنه الخوف من عودة الإسلام من جديد، وصحوة المسلمين بعد عقود من الغفلة عن دينهم، والتخبط بين الحلول المستوردة التي ما زادتهم إلا تراجعا وانتكاسا .. خوف الجاهلية الدنسة من طهر الإيمان ونقاء القصد (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (البروج: 8).
الدور الصهيوني والإعلام العالمي
إن المكر الذي ألّب الأحزاب ضد المسلمين يوم الخندق هو ذاته الذي ما زال يؤلب الجاهلين والحاقدين ضد المسلمين اليوم .. عداء متجدد لا يغيض .. إن حيي بن أخطب زعيم بني النضير الذي جاب بلاد العرب يحرض الناس ضد الإسلام وأهله مازال يرتدي اليوم مسوح المعتدى عليه الذي يخشى غائلة ما أسموه بالإرهاب الإسلامي، ومازال يجد مرتعا له في أجهزة الإعلام العالمية وآلته الجبارة التي أحكم الصهاينة السيطرة على مقدراتها، واستطاعوا بأموالهم تسخيرها لقلب الحقائق، وتزييف الوعي، وحبك المؤامرات الموهومة ونسبتها إلى المسلمين، وإشعال الحرائق ببلادنا، وافتراض الأخطار الآتية منها، على حين يصيب العمى عينيه، والخرس لسانه، والصمم أذنيه، عندما يتصل بالأمر بما يتعرض له المسلمون من سحق وإبادة.
إن الصوت الوحيد الداوي في عالم اليوم هو صوت الإعلام الأمريكي وصانعيه من الصهاينة، وهو خطر ينبغي للمسلمين التنبه له، والحذر منه، والسعي لإبطال كيده، ورد مكره، وخير لأثرياء المسلمين اليوم أن ينفقوا أموالهم - وهي أموال الأمة وعصب حياتها - في تصحيح صورة الإسلام والمسلمين، بدل أن تنفق في سفاهة ونزق، أو تصب في جيوب سماسرة الحرب والجنس، وخزائن أعداء الأمة الكائدين لها.
وإذا كان حيي بن أخطب ورفاقه قاموا بدورهم الدعائي المشئوم لتحزيب الأحزاب يوم الخندق فإن أبا عزة الجمحي شاعر قريش كان يحرض قومه ومن جاورهم بشعره ضد المسلمين، ويوم أحد كانت القيان يحملن الدفوف لتحميس المشركين .. إن الإعلام منذ قديم سلاح له أثره وخطره، وإنا لنرجو من رجال إعلامنا - على قليل إمكاناتهم وضعف عدتهم - أن يكونوا على مستوى ما تمر به الأمة من محن وابتلاءات، فهما وإدراكا وجهدا وعطاءً.
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه وبعد .
وقفات مع ذكرى غزوتي أحد والخندق!!
عامان فقط هي المدة التي تفصل بين غزوتي أحد والخندق، فقد حدثت الأولى في شوال سنة 3 هـ، بينما وقعت الثانية في شوال أيضا، في مثل شهرنا الفضيل هذا سنة 5هـ.
ونحن حين نقف متأملين أحداث ودلالات هاتين الغزوتين، وسنن الله الفاعلة في كونه ورسالاته، والماضية مع أوليائه وأعدائه، نحن حين نفعل ذلك وندعو قومنا إليه، إنما نستجيب لقوله تعالى: (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) (آل عمران: 137) .. وقوله تعالى: (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ) (إبراهيم: من الآية 5) ... وأمتنا الصابرة المحتسبة المجاهدة اليوم أجدر بأن تستلهم من تاريخ رسولها الكريم صلى الله عليه وسلم وصحابته البررة ما يثبت الفؤاد، وينير السبيل، ويشد العزم.
احتشاد الأعداء اليوم كاحتشادهم بالأمس
إن أعداء الأمة الذين تكالبوا عليها اليوم، وتداعوا إلى النيل منها والكيد لها، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، يغريهم ما بها من دسم، وما أصابها من ضعف وخور، إنما يتبعون سنن من كان قبلهم من أعداء الإسلام حين تنادوا لحربه والمكر به (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) (الأنعام: 123).
ولقد كانوا قديما وحديثا - أمام عدائهم للإسلام وأهله- يتناسون شح نفوسهم، وحرص طبائعهم، فينفقون بسخاء لحرب الإسلام، لضمان تواصل حربهم الغشوم (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) (لأنفال: 36).
لقد حشد الأعداء بالأمس قواهم في "أحد" على المستوى القطري المحدود، ثم حشدوها يوم الخندق على مستوى جزيرة العرب، فتكالبت أحزابهم في عشرة آلاف - وهو حشد لا عهد للعرب به من قبل - لإنهاء الوجود الإسلامي، فما باؤوا في الحالين إلا بالخسران .. وتلك عقبى الأعداء اليوم، وإن تأخر أوانها، إن شاء الله، لقد تداعى الصهاينة من شتى بقاع الأرض وأرجاء الدنيا ليحتلوا أرض فلسطين، ويبيدوا أهلها، وتداعى الأمريكان من وراء البحار، وحشدوا الأذناب والأتباع من دول لم يكن يتصور أحد أن بينها وبين المسلمين كل تلك الأحقاد والثارات ليبتلعوا أرض العراق، ويعيدوا صياغة العالم العربي والإسلامي، حسب رؤية القطب الأوحد للعالم اليوم، بكل ما يحمله من طغيان وصلف، وما يصدر عنه من خلفية دينية صليبية لا يتورع عن إبدائها والإعلان عنها.
فأي ذنب جناه أهل فلسطين تجاه الصهاينة من قبل حتى يحتلوا بلادهم ويشردوا شعبها؟ وأي جريمة ارتكبها أهل العراق نحو الأمريكان حتى يغزوهم ويقتلوا ما يزيد عن مائة ألف منهم باعترافهم، ويحيلوا حياة من بقى منهم كابوسا مفزعا، وليستبدلوا طغيان أظلم أمة بطغيان أظلم حاكم فرد؟
أي جرم ارتكبه مسلمو فطاني في تايلاند حتى يلاقوا من حكامها البوذيين كل هذا النكال؟ وماذا فعله مسلمو كشمير ليحصدوا الحق الهندوسي الأسود؟
إنه الخوف من عودة الإسلام من جديد، وصحوة المسلمين بعد عقود من الغفلة عن دينهم، والتخبط بين الحلول المستوردة التي ما زادتهم إلا تراجعا وانتكاسا .. خوف الجاهلية الدنسة من طهر الإيمان ونقاء القصد (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (البروج: 8).
الدور الصهيوني والإعلام العالمي
إن المكر الذي ألّب الأحزاب ضد المسلمين يوم الخندق هو ذاته الذي ما زال يؤلب الجاهلين والحاقدين ضد المسلمين اليوم .. عداء متجدد لا يغيض .. إن حيي بن أخطب زعيم بني النضير الذي جاب بلاد العرب يحرض الناس ضد الإسلام وأهله مازال يرتدي اليوم مسوح المعتدى عليه الذي يخشى غائلة ما أسموه بالإرهاب الإسلامي، ومازال يجد مرتعا له في أجهزة الإعلام العالمية وآلته الجبارة التي أحكم الصهاينة السيطرة على مقدراتها، واستطاعوا بأموالهم تسخيرها لقلب الحقائق، وتزييف الوعي، وحبك المؤامرات الموهومة ونسبتها إلى المسلمين، وإشعال الحرائق ببلادنا، وافتراض الأخطار الآتية منها، على حين يصيب العمى عينيه، والخرس لسانه، والصمم أذنيه، عندما يتصل بالأمر بما يتعرض له المسلمون من سحق وإبادة.
إن الصوت الوحيد الداوي في عالم اليوم هو صوت الإعلام الأمريكي وصانعيه من الصهاينة، وهو خطر ينبغي للمسلمين التنبه له، والحذر منه، والسعي لإبطال كيده، ورد مكره، وخير لأثرياء المسلمين اليوم أن ينفقوا أموالهم - وهي أموال الأمة وعصب حياتها - في تصحيح صورة الإسلام والمسلمين، بدل أن تنفق في سفاهة ونزق، أو تصب في جيوب سماسرة الحرب والجنس، وخزائن أعداء الأمة الكائدين لها.
وإذا كان حيي بن أخطب ورفاقه قاموا بدورهم الدعائي المشئوم لتحزيب الأحزاب يوم الخندق فإن أبا عزة الجمحي شاعر قريش كان يحرض قومه ومن جاورهم بشعره ضد المسلمين، ويوم أحد كانت القيان يحملن الدفوف لتحميس المشركين .. إن الإعلام منذ قديم سلاح له أثره وخطره، وإنا لنرجو من رجال إعلامنا - على قليل إمكاناتهم وضعف عدتهم - أن يكونوا على مستوى ما تمر به الأمة من محن وابتلاءات، فهما وإدراكا وجهدا وعطاءً.