°~*¤®§(§ شبـــكة ويــلان العـربـيـه §)§®¤*~ˆ°

°~*¤®§(§ شبـــكة ويــلان العـربـيـه §)§®¤*~ˆ° (http://www.weelan.com/vb/index.php)
-   منتدى التاريخ والتراث العربي (http://www.weelan.com/vb/forumdisplay.php?f=46)
-   -   :::كتاب أبطال من الصحراء ::: (http://www.weelan.com/vb/showthread.php?t=10981)

عساف دخنان 01/11/07 (04:44 PM)

:::كتاب أبطال من الصحراء :::
 
( بســــــــــــم الله الرحــمــــــــــن الــــــرحـــيـــــــــــم )


الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الهدى محمد صلى الله عليه وسلم ,,,,,,,,, أما بعد
أخواني أداريين ومراقبين ومشرفين وأعضاء وزوار منتدى شبكة ويلان العربية ، يطيب لي أن أنقل لكم كتاب أبطال من الصحراء للشاعر المرحوم الامير محمد بن أحمد السديري ، على أجزاء متتاليه ، ليتمكن القارئ من الاطلاع عليه دون ملل ، وأوردناه كما جاء في الكتاب دون نقص أو زيادة أو تحريف وخلافه .


نبذه مختصرة عن الكتاب والمؤلف

الكتاب من الحجم المتوسط يحتوى على 251 صفحة طبع مرتين الطبعة الثانية كانت عام 1420هـ
وهو الذي بين أيدينا الآن .
يحتوى كتاب ابطال من الصحراء على الإهداء و مقدمة عن الكتاب ومؤلفه بقلم الأديب عبد الله بن خميس عام 1398هـ ،ومقدمة المؤلف ، ثم يتحدث عن سعدون العواجي وأبنائه عقاب وحجاب، وساجر الرفدي ، وشالح بن هدلان ، ومحدى الهبداني ، وخلف الأذن ، ثم الفهارس ، وإيضاح لبعض الكلمات العامية .
اما مؤلف الكتاب غنى عن التعريف فهو الأمير الشاعر محمد الأحمد السديري رحمه الله .




اولأ : { سعدون العواجي }



الشيخ سعدون العواجي هو شيخ عموم قبيلة (ولد سليمان ) التي هي من أفخاذ قبيلة عنزه الكبيره ، له شأن بين قبائله ، ورئاسته لهذه القبيله عريقه، مطاعاَ بين افراد القبيله ، شجاعاَ ومشهوراَ بفروسيته، وشاعراَمجيداَ، اشعاره حماسيه....وكثيرة الفخر وكان محترماَ حتى عند أعدائه ، وله أبناء كثيرون ولكن لم يشتهر منهم سوى أبنيه عقاب وحجاب، وهما شقيقان.... أما بقية أبنائه فلم يشتهروا. وشهرة عقاب قد زادت على شهرة أبيه ، وكان من الابطال القلائل بنجد.
ولكن قبل أن يبرز أبناه وقبل أن يبلغا سن الرجوله ، حصل بين الشيخ سعدون وبين زوجته والدة عقاب وحجاب خلاف أدى الى طلاقها ، وذهبت الى أهلها في بلاد سوريه ، ومعها ابناها ، وهي من قبيلة الفدعان من عنزه الموجودين في سوريه ، وكان أخوال الشابين –عقاب وحجاب – مشهورين بين أفراد قبيلة الفدعان ، وقد تربيا في اخوالهما أحسن تربيه ، وبعد ان بلغا سن الرجوله خيلوهما وأصبحا فارسين يضرب بهما المثل ، رغم أنهما بعيدان عن والدهما ، وقد ألتف حولهما بعض من جماعتهما (ولد سليمان) من النازحين الى سوريه مع قبيلة الفدعان ،واصبح عقاب وحجاب يترأسان قسماَ من عشائرهما في سوريه ، أما الشيخ سعدون فقد بقي شيخاَ لجماعته (ولد سليمان ) في نجد ، الى أن برز شخص من أبناء عمه يسمى شامخ العواجي ،وأخذ ينازع سعدون الزعامه ،ويعرقل نفوذه على قبيلة (ولد سليمان ) ، مستهتراَ بأوامر الشيخ ، وأخذ يتحداه في كل مناسبه ن ويقـلل من قيمته عند القبيله ، ويضع العراقيل في وجهه ، واخيراَ أخذ مكان سعدون ،وتزعم القبيله ، وأخذ يعامل الشيخ سعدون معامله سيئه ، وقد وصل به الامر الى حقره وحظر عليه أن يورد أبله على أي منهل ترده قبائل (ولد سليمان ) قبل أن ترد أبل شامخ وأبل كل القبيله، ولم يجد الشيخ سعدون من قبيلة (ولد سليمان ) أي نصير ،أو سند يدفع عنه الضيم ، وبقي بينهم محتقراَ يتجرع ويلات الذل ...... وقد قال أشعاراَ بهذا كثيره ، سأورد منها البعض ..وهو الذي استقيته من رجال عنزه الطاعنين بالسن ، وهذه من بعض أشعاره :





الله مــــن هـــم بكــبـــدي ســعــرهـــا=دلَـــى يـمـل الـقـــلـب مــــل الــــشـــــواتـــــي
وش خـــانــة الــدنـيا ســـريــع دورهـا =لو أقـــبــلــن ســنــيــنــهـا مـقـــفـــيـاتـــــي
ومن عـقـب مـاني مـقـفـيٍ عـن نحرها=الــيــوم بــيــن الـــقــيـــن هو والــحــذاتــي
ومن عـقـب مانـلـبـس غرايب شـهرها=مــــن فــوق قــبٍ عــنــدنا مــكــرمــاتــــــي
يــوم أن خــيــال الــنــدم ماقـــصــرها=عــمــن جــــذت بــه نــفــهـــق الاولاتــــــي
والــيـوم طــيــبـنـا عــلى الشـيل مرهـا=ياحـيـــف مانــســتــاهــل الــمــعــســراتـــي
حــلال عـــقـــدات كــبـــار عـــبــرهـا=وخــالــق نــجــوم بـالـسـمـا ســاهــراتــــــي
مامــال الا فـــارغ مـــن زبـــــرهـــــا.=ولا حـــــي الا مــقــتــفــيــه الــمــمــاتــــــي
يــارازق الــلــي مــابــعــشــه ذخــرها=طـيــور الــهــوى فــي قــدرتــك عـأيـشــاتي
تــفــرج لــمــن عــيــنـه تزايد سهـرها=ألــطـــف بــنــا يــاعـــالــم الــــخــافــيــاتـــي
يــالـلــي خــلـقــت أقــفارها مع بحـرها=يــامــن بــحــكــمــك تــجــري الــكــايــنــاتـي
أوجــســت مــن حـر اللــيالي سـعــرها.=وذكــرت طــيــب أيـامــنــا الــفــايــتــــاتـــــي
ونــشــدت ويــن اللـــي يـنـثـر حـمـرها=وقــمــت أتــذكــر ويــن حــروة شــفــاتـــــــي
اللــي الــى الــخــيــل خــبــث كــدرهـا=صــوتـه ذعــار الـــقــرح الــصــافـــنــاتـــــي
عــقــاب الــسبــايا كـان جـاهــا ذعـرها=عــوق الــعــديـم ومــشــبــع الـــحــايـمـاتـــــي




لقد تألم بهذه القصيده ،وذكر الدنيا وميلاتها ، وتذكر ركوبه للجياد ، وأنه يرجع على الخيل الكاره ، ويهزم السابقات من خيل الاعداء ،وينقذ من تخلفت به جواده من رفاقه ، أنه لايستحق المعسرات ، لأنه اصبح العوز به ضاراً، حتى انه لا يستطيع ان يجد ما يحمل عليه امتعته ، ثم رجع الى ربه وطلب منه الفرج ، وقال هو الذي سبحانه يرزق الطير بأوكارها ، وهو الذي بأمره تجري الكائنات، ثم تذكر أبنه عقاباً ، وأشاد به ، وأخذ يسأل عنه وقال : من الذي ينثر الأحمر ؟ يقصد دماء الأبطال . أين الذي يرعب الخيل ، ويكدر صفوها ؟ أين الذي من زأرته تنفر الصافنات , ويدخل الرعب في قلوبها ، وقلوب فرسانها ؟ أنه عقاب الخيل ، ومشبع الطير من لحومهم ثم أردف بهذه القصيده الأخرى ، بين فيها أنه قد عزم على الرحيل ، ليفارق شامخاً وغطرسته ، وعندما لاحظه بعض الذين يعطفون عليه ، يجمع أمتعته ويحملها على رواحله أخذوا يلومونه وحاولوا أن يثنوا عزمه ، ولكنه أصر على الرحيل ، وقال في قصيدته أن شامخاً لاينصاع للحق ، لذلك فهو سيبتعد عنه ، ويعالج آلامه بالفراق، لأن في البعد سلوى له :

قـــالوا تــحــورف قــلــت يالــربع نــجــاع= وقــالــوا تــقــيــم وقــلــت يــالــربـع مـا قــيــم
قــالــوا عــلامــك قــلت من قــل الأفـــزاع=صــيــحــة خــلا مــاعــنــدي الا الــهــذاريـــم
والــى بــغــيــت الحــق من شامـخ ضـــاع=يــطــرم عــلـي دايـــخ الــــراس تــــطــريـــــــم
يــبــعد عــن الــفــالات طــقــه بالاصـباع=مــن قـــلــة الــلــي يــضــربــه بــالــلـهــازيـــم
ليــا صــار ما تـوفـي عـمـيـلك من الصاع =ما يـنــقـعــد لـك عــنــد حــصــن الــنــواهــيـــم
شــبــرٍ مــن الــبـيـدا يــعــوضك الأفــزاع=وســـود الــلـيـالــي يــبــعــدنـك عــن الـضــيــم


ولكن هذا لم يكن به حل لامره ، فهو اذا ابتعد عن قبيلة (ولد سليمان ) سيكون لاجئــاً عند أحدى القبائل ، وهذا يرى ان فيه نقصاً عليه بعد العز الرفيع الذي كان عايشاً فيه ، واذا أنفرد وحده في فيافي نجد فسوف يكون لقمه سائغه لبعض الغزاة من الصعاليك ، وهو لايستطيع وحده حماية نفسه ، ولذالك فقد رجع بعد ان رحل مرغما ، بهذه الظروف زاد شامخ بطغيانه وتجبره على سعدون ، الرجل الطيب الوقور الشجاع ، جرى هذا كله على سعدون ، وأبناه عقاب وحجاب عند أخوالهما بالاراضي السورية ، ولهما (مخصصات ) عند الدوله العثمانية ، مثل بقية مشائخ عنزة الموجودين بسورية . والمواصلات بينهم مقطوعة ، وأخيراً لفت نظر سعدون شخص من الذين يعطفون عليه ، ان يكتب لأولاده ويشكو اليهم ويخبرهم بأعتداء شامخ على جميع سلطاته ، فكتب سعدون لأبنيه هذه القصيدة :


يــاراكـب مــن عــنــدنا فـــوق مــــهـــذاب=مـــامــون قــطـاع الــفـــيــافـي الى أنــويــــت
عــنـد الــفـضــيـلة عـد يـومـيـن بـحــســاب=أول قــراهــم قــول يــاضــــيـــف حــيــيــــت
حـــرٍ صــغــيــر وتــوما شــــق لـه نــــاب=وعــقــب الــقــرا ودع رجــالٍ لــهــم صـيـت
وليــا ركــبـتــه ضـــربـه خــل الاجــنـــاب=وأنـحــر لـنـجــم الـجــدي وان كــان مــديـــت
وأسـلـم وسـلـم لي عـلي عـقـاب وحـجـــاب=ســلــم عـلـى مــضـنـون عــيـني الـى ألـفـيــت
بـالحــال خـص عـقـاب فـكـاك الأنــشـــاب=يـنـجــيــك كـان أنـك عــــن الــحــق عــديـــت
قـل له ترى شامـخ شـمـخ عـقـب ما شــاب=ويـا عــقـــــاب والله ذلــلـــــونـــي وذلـــــيـــت
ويا عـقـاب حــدونـي على غـيـر ما طـــاب=وقــالــوا تــودر مـن ورى الــمـاء وتــعــديـت
مـن عـقـب مـاني سـتـرهم عـنـد الأجــنـاب=ولــيـا بــلــــتــهــم قـــالـــةٍ مـــا تـــتــقـــيــــت
مــا دام شــامــخ مــالـكٍ جــرد الأرقـــــاب=لــو زيــن الـفــنــجــال لـي مـا تــقــهــويــت
يـاعـقـاب حـط بـثـومـة الـقـلـب مــخـــلاب= مــن الــعـام فــي نــوم الــعـرب مــاتهــنـيــت
عـقـب الـمـعـزة صـرت ياعـقـاب مرعـاب=والــنـاس حـــيــيــن وأنــا عـــقـــبـكـم مــيــت
من الضيم ياعـقـاب الـسرب عارضي شاب=واذويـت مـن كـثـر الــعــنـا وأســتـخــفــيــت
فــاتــن ثـلاث ســنــيــن والــنــوم مـاطــاب=وشـكـواي مـن صـدري عــبـار وتـنـاهــيـت
الــبــيــت مــا يــبـنـى بـلا عــمـد وأطـنـاب=مــتـى يــجــيــنـا عــقـاب يــبــي لـنا الـبـيـت
مــالـي جــدا الا عــضــة الــبــهـم بـالــنـاب=وراعـيــت كـثـر الحـيـف بالعـيـن وأغـضيـت
أرجــي بــشــيـر الـخــيـر مـع كـل هــبــاب=ومـتى يجـونا أخــوان نـمــشـه عـلى الـصيـت


ولا بد أن القاري لاحظ مرارة شكوى سعدون لأبنيه ، وحرارة الذلة، وكيف أنه أصبح مهاناً بين قومه، بعد ماكان يحمي حماه ويقوم بنائبات القبيلة ، وقد شكى لأولاده وبين كل ما يلاقيه من شامخ ، ثم أثنى على عقاب ، وناداه ليجلي الضيم عنه ، ويفرج كربته ، وأخيراً قال أنه يرجو البشير الذي يبشره بمقدم أبنيه مع الرياح المنطلقه
وتساءل متى يصل أخوان أبنته نمشه اللذان كان لهما صيت .



والى جزءٍ اخر ان شالله ودمتم

عساف دخنان 11/11/07 (12:22 AM)

أبطال من الصحراء ( 2 )
 
( بســــــــــــم الله الرحــمــــــــــن الــــــرحـــيـــــــــــم )


أبطال من الصحراء ( 2 )


وبعد أن وصلت هذه القصيدة لأبنيه عقاب وحجاب ، ثارت ثائرة عقاب ، وأمر أخاه أن يهيئ نفسه للرحيل من بلاد سورية
، ويترك مقرراته التي أستحصل عليها من دولة الأتراك هناك ، مادام أن والدهما قد لحق به الأمر، ثم قال عقاب هذه الأبيات مناجياً صديقه عيداً
، وكان عيد يمتلك فرساً ليست من الخيل الأصائل ، وأشار عليه عقاب بالقصيده أن يبيعها لأنهم ذاهبون لنجد ، وليس في نجد الا الخيل العتاق
، والرماح والطعن ، وخشي على صديقه عيد أن يخوض معمعة على جواده الهجين ، ويكون ضحية بالميدان ، أو ينهزم ثم يعد من الجبناء
، وقال: ياصديقي عيد سأهدي لك أول جواد أصيل أول جواد أصيل أخذه غنيمه في أول معركة نخوضها بنجد . :



يـاعــيــد جــلــب مــهــرتـك عــفــنــة الــذيـل = لا عــاد مــا تـكــســب حــذا قــول خــيــال
رحــنــا لــنــجــد ولا بــنــجــد مــحــاصــيـــل= نـطـعـن ونـطـعـن فــوق عـجـلات الأزوال
ان طــعــتــنــي ياعــيــد بــدل بــهــا كــــيــل= ودور لــهــا مـــن غـــاية الــســـوق دلال
ان نـرت قــالـوا عــيـد عـــيـل هــــل الــخـيـل = وأن هــــشــت قــالــوا رد مـنـهـم بـخــيــال


قال الفارس عقاب هذه الأبيات ، فأطاعه صديقه عيد وباع الفرس ، وأشترى لأولاده زاداً ، ورحل عقاب وأخوه وصديقهم عيد ومعهم بعض الخدم ، وترك جماعته الذين من (ولد سليمان) بسورية ، ومشى بظعينته الى نجد وقد أستغرقت رحلته ثلاثين يوماً ، وصل بعدها بالقرب من منهل يسمى (الحيزا) من ديار قبيلة (ولد سليمان ) وقد باتوا على مقربه منها ، بعد أن تأكدوا أن أبل قبائل (ولد سليمان ) وارده على هذا المنهل ، في الليلة المذكورة وبعد طلوع الفجر الأول ، قام عقاب وتأبط سيفه ، وأمر أخاه ومن معه أن يتبعوه بظعينتهم ، ثم مشى على قدميه متجهاً الى العرب الذين على (الحيزا) مختفياً ، وأخذ يبحث عن بيت والده سعدون ، وكان قد أستوصف من الناس مايدله على بيت أبيه وقد قيل له .. أن شامخاً أمر على أبيه بأن لايرفع بيته بين بيوت القبيلة ، أذلالاً له وكذلك أمر راعي أبله قليلة العدد ، أن لا ترد على الماء الا بعد أن ترد أبل الحي بأكملها ، وعندما وصل بيت والده قبل طلوع الشمس ، وقبل أن يرد أحد على البئر ، وجد والده نائماً ، وكذلك راعي أبل والده نائماً بين الأبل ، فأيقظ الراعي ، وقال له: قم أورد أبلك الماء ، فقال له الراعي: لا أستطيع ياعماه ، لأن الشيخ شامخاً سيضربني ، وقد أمرني أن لا أرد الماء الا بعد أن ترد القبيلة ، فنهره عقاب بشده ، وحاول الراعي أن يعتذر لأنه لايعرفه ، فأكد عليه ، وقال له: أورد أبلك وأنا معك ولاتخف ، ومشى الراعي قسراً بالأبل الى البئر ، وأختفى عقاب بين الأبل ، وعندما وصلوا قرب البئر ، شاهد شامخ أن راعي أبل سعدون قد ورد الماء ، عاصياً لأمره فثارت ثائرته ، ونادى الراعي ، وتهدده ، فقال عقاب للراعي بصوت لايسمعه شامخ : أمض لسبيلك ولا تجبه ، وعند ذلك أشتد غضب شامخ ، وأخذ عصاه ، وأقبل من بيته يعدو ،ليشبع الراعي ضرباً كعادته ، وعندما قرب شامخ منه ، خرج عليه عقاب من بين الأبل ، كأنه الأسد ، مجرداً سيفه ، ووثب على شامخ ليقتله ، وعندما رآه شامخ عرف أن هذا عقاب ، الذي خبر أوصافه ، وتأكد من شاربيه اللذين يلامسان أذنيه ، فصعق شامخ ، وعرف أنه لا يستطيع الدفاع عن نفسه ، ولا يتمكن من الهرب الى بيته ، ففضل أن يرمي نفسه بالبئر الفريبه منه ، وفعلاً رمى نفسه ، وأطل عليه عقاب ، وأدلى عليه الرشا ، وقال: أخرج ، فقال: هذا هو قبري ،لا يمكن أن أخرج الا أن تعفو عني ، فقال عقاب: أن جبنك الذي رأيته سيجعلني أعفو عن قتلك مشروطاً ذلك بعفو الشيخ سعدون أي أبيه فترك عقاب راعي الأبل يسقيها ، وأمر من حوله أن يخرجوا شامخاً الجبان الذي أختار أن يرمي نفسه بالبئر ، ورجع عقاب بعد أن رأى أخاه حجاباً قد وصل بالظعينه ، فأومأ اليه نحو بيت والده ، وأمرهم أن يبنوا البيت الكبير ، وأن يرفعوا عماده ، وبعد أن سلموا على والدهم ، تهلل وجهه بشراً ، وسر برؤية أبنائه ، وبعد أن بنى البيت أثثوا مجلسه بأحسن الأثاث ، وهيئوا مقعداً وثيراً لوالدهم من أحسن المفروشات التي تنسج بسورية آنذاك ، وطلبوا من والدهم أن يجلس عليه ، ثم أمر عقاب صديقه عيدا أن يركب أحدى الخيل ، ويبلغ القبيلة بأن يحضروا للسلام على الشيخ وولديه عقاب وحجاب ، فراح صديقهم مسرعاً وبلغ القبيلة بعد طلوع الشمس فجائت قبائل (ولد سليمان) وسلموا على سعدون وأبنيه وتمت البيعه لسعدون من جديد ، وقد أعجبوا بعقاب وحجاب ، وكان أعجابهم بالشيخ عقاب عظيماً جداً ، حيث تأكدوا من رؤية الرجل الذي سارت بأخبار شجاعته الركبان من بلاد سورية ، وقد تم التحول بهذه الطريقة البسيطة ، وأشاد أبناء سعدون مجد والدهما من جديد ، وراح شامخاً نسياً منسياً ، وقد عفا عنه الشيخ سعدون ، لأنه رآه لا يستحق أن يجازيه على أفعاله ، لما ظهر من جبنه ، لقد رفع عقاب وحجاب والدهما الى القمة ، وأخذ الشيخ سعدون يصول ويجول في بلاده ، لايخشى أحداً من القبائل ، وزاد به الأمر أن أجلى بعض قبائل شمر عن بلادهم ..... ولا شك أن هذا يسواعد أبنائه ، خاصه أبنه عقاب الفارس الشجاع .
وذات يوم بلغ سعدون أن أراضي ( بيضا نثيل ) مخصبه ، وهذه يملكها مسلط التمياط ، شيخ قبيلة التومان من شمر، فالتفت سعدون الى ولديه عقاب وحجاب ، وقال لهما : أنني أحب أن أرحل الى (بيضا نثيل ) وآخذها عنوة من مسلط التمياط وجماعته ،فأجاب أبناه بالسمع والطاعه ، وقالوا : عليك أن تأمر ، ونحن سنأخذها قسراً ، فأمر سعدون العرب بالرحيل ، لأخذ (بيضا نثيل ) من التمياط ، وقال سعدون : سأرسل له هذه القصيدة أن يترك (بيضا نثيل ) بدون حرب . لأنه يحب أن يدلل أبله بها ، لأنها مخصبه .
:


وهذه هي القصيدة :
يـاراكـب الـلـي مــا لـهـجـهـا الـجـنـيـنـا = مـاهـي وحـدهـا ثـامـنــة لـهـا ثـمـــــانــا
فــج الـنـحــور مـحـجـــلات الـيــديـــنـا = مــن سـاس عـيـرات وابـوهـم عــمـــانـا
بـلــفــن لـمـسـلــط تـرثـة الــغـانـمـيـنــا= قــل أرحـلوا عـن جـوكـم صـار مــــانـا
نـبــي نـدلـــه مـــقـرعــات الــحـــنـيـنـا = أذواد مــن رعــي الـمـخــافـه ســمــــانـا
مـاهـم بـورث أجـدودنـا الـمـقــدمــيـنـا = كـسـب بـالأيـدي مــن حـلايــب عــــدانـا
نــفـــكــهــن مــن لا بـــة مــعــتـديــنـــا = ومـن دونـهـن عـود الـعـريـني عـصــانا
يـرعـن بـظـل عـقـاب مـروي الـسـنـيـنا = الـلــي لـيــا صـــارت عــلـيـنـا حــمـــانـا
وقـولـوا لـهــم تـرانـا يـمـهــم مـقـبـلـيـنـا = ويـقـصـر عـن الـطـولات كــانـه بـغـــانـا
عـــــدونـا نــجـــيــه لــو مـا يــجــيــنــا= ونـضـفـي عـلـى عـدونـا مــن خـــطــانـا
ونـركــب عـلـى الـلي كـنـهـن الـشـنـيـنـا = خـيـل الـصـحـابة ما أعـتـرضهـن حصانا
والـمـوت عـنـد أقـطـيـهـن وان حــديـنــا = ويــاســرع رد وجــيــهــهـن مــع قــفــانا


وفعلاً اخذوا (بيضا نثيل ) من ( مصلط التمياط ) ، وأتسعت حدود سعدون العواجي هو وقبيلتة ، الى أن بلغت من (خيبر ) الى قرب طي وشمالاً (تيماء) والنفود. ومع كون عقاب أشتهر بالشجاعة والفتك ، فقد هام بغرام أحدى بنات الحي وتسمى ( نوت) هذه الفتاة كانت أجمل فتاة بين قبائل عنزه ،ويضرب المثل بجمالها ، وقد قال عقاب فيها الاشعار الكثيرة ، وقد بحثت عن أشعاره بمحبوبته ( نوت ) ولكني لم أظفر الا بأربع قصائد ، أدونها للقارئ تباعاً وهي كما يلي ::

يا ونتي با قصى الضماير سندها = لا رقبت مشذوب المراقيب تزداد
ونة عجوزِ مات عنها ولدها = رملى ضعيفة مالها غيره اولاد
على الذي مثناة قلبي عقدها= حبه بمكنون الحشا يسند أسناد
وعروق قلبي يبستهن بيدها = صارن كما شن على الدار بياد
أن أبعدت عيني يجيها رمدها = ودموعها تسقي قناطيش الاذواد
وان قربت كبدي يجيها لددها = مرٍ هنوع ومرٍ ماتقبل الزاد
اللي كما الفنجال غزة نهدها = والثوب عن روس الثمر غادٍ ابجاد
ذكرت ربي يوم قضت جعدها = خلاقها رب له الناس سجاد
ريميه ما ترتع الاوحدها = تقطف زما ليق الخزامى بالاجراد

ثم قال قصيد ته الثانية شاكيا غرامه ب( نوت ) وشاكيا لواعجه وما يقاسيه بحبها وهذه هي ::


واكبدي اللي كن به حمو لا لي = بالقيظ والا حامي الجمر ناله
تفوح فوح مبهرات الدلالي = جزل حطبها ركده ثم شاله
والعين جابت دمعها بانتلالي = يشدي هماليل المطر من خياله
من واحد يتعب على شده بالي = لو ماعنت رجلي فقلبي عناله
عينه تشادي قلته بالظلالي = في حد لوح ماتنوله حباله
وقذيلته يلعب بها الهملالي = بدف الظليم ويتعب الي حباله
اللي بميدان الموده مشى لي = يرخص كلامه ويتغالى حلاله
أنا أشهد انه بالهوى سم حالي = ويبس عروق الجسم واذوى خياله
عندي غلاه مرخص كل غالي = طفلٍ معذبني بزايد دلاله

عساف دخنان 11/11/07 (12:23 AM)

رد: أبطال من الصحراء ( 2 )
 
وأما قصيدته الثالثه فقد شكى فراق محبوبته ، وكان أهلها رحلوا بها بعيداً عنه، وحالت بينه وبينها الفيافي الشاسعه ، ولايستطيع أن يصل اليها ، وأخذ يصف مابينهما من البعد ، ويشكو الى أخيه حجاب في هذه القصيده : :

من دون خلي حال (عرنان) و(كباد) = و(حلوان) مرفوع الحجى حال دونه
شدوا وخلوني على الدار ركاد = وقفت مع الجرعا تبارى ظعونه
والدمع من عيني على خدي أبداد = مثل الغشين اليا أنتثر من زونه
فرقى لطيف الروح ياحجاب لاعاد = عقبه ضميري يابسات شنونه
ياحجاب كان أنك عن الحال نشاد = خلي بقلبي جايرات طعونه
اللي ذبحني بالهوى يابن الاجواد = طفلٍ قرونه ماغطاهن زبونه
طفلٍ لشراد المها صار قواد = يحير عقلي في تواصيف لونه
حبه بمكنون الحشى يسند أسناد = وأن خانني ياحجاب ربي يخونه

هذا ماحصلت عليه من قصائد عقاب العواجي بمحبوبته (نوت) ولابد أن لم أشعاراً كثيرة،لأن غرامه معها كان طويلاً ، وكان مستفيضاً بنجد ، حتى أن الفارس الشجاع والعاشق المعروف نومان الحسيني ، كان في رحلة صيد ، ومعه عبده قنيبر، ومعهما طير(صقر) وقد أطلق الصقر على حبارى ولحق به نومان على جواده يعدو وأثناء تتبعه له ، مر بفتاة بديعة الجمال ، راكبه بكرها داخل هودجها ،وقد أعجب بها ، وترك الصقر والحباري ، وأوقف جواده عند الفتاة،وأخذ يغازلها ، لعله يظفر بعطفها وغرامها ، ولكن الفتاة لم تلتفت لكل ماأبداه ،من تودد وأخذت تسأله عن شئ لم يخطر بباله ، أنه تسأله عن أشعار عقاب العواجي بمحبوبته (نوت) وتلح عليه أن يخبرها أن كان يعرف شيئاً من ذلك . لقد خسر نومان صقره ، الذي غاب عنه بالصحراء يطرد طير الحبارى ، وخسر ماهو مؤمله من غرام الفتاة ، لقد دفعت بكرتها ولجقت بظعون أهلها الذين كانوا راحلين في الصحراء ، ورجع نومان الى عبده قنيبر ، فسأله العبد عن الصقر، فأجابه نومان بهذه الأبيات ::


الطير مني ياقنيبر غدا فوت = يطرد حباري خم تالي المظاهير
دليت أنط النايفه وأزعج الصوت = الياما أبعدوا عنا العرب وأنتحى الطير
ألهتني اللي كن عينه سنا موت = نجل عيونه والثنايا مغاتير
تقول وش قال العواجي على نوت = شبه الطيوح اللي تحط المقاهير


وهذا دليل على أن غرام عقاب بنوت كان مهوراً .
و( لرحيل ) والد (نوت) أخ يسمى (قرينيس) له ثلاثة أبناء ، أحدهم أبرم عقد نكاحه على نوت بنت رحيل ، ولكنها رفضت الزواج من أبن عمها هذا ، لأن غرامها بعقاب قد تمكن من قلبها ، ولاترضى الزواج بغيره ، وكان بينهما روابط قوية ، وأخيراً أضطر عقاب الى أن يأتي اليها بوضح النهار ، على مرأى ومسمع من أهلها ، ويجلس بالقرب منها ، ويحدثها ماطاب له الحديث ولا أحد يجرؤ أو حتى يفكر بمنعه ، وكان عشقاً بريئاً كل البراءة ، وبعيداً كل البعد عن الرذيلة ، وبمنتهى العفة والشرف .
لقد لاحظ ذلك أبن عمها المعقود له عليها فتشاور مع أخوانه بالأمر ، وقرروا أن يذهبوا لعمهم
(رحيل) ويخبروه أن أمر عقاب تعدى الحدود ، وأنهم لايقبلون أن يأتي عقاب لأبنة عمهم ، أمره ، وأن أصر على تحديه فسنقتله ، ونحن نطلب رأيك ، فنظر اليهم عمهم طويلاً ، ثم هز رأسه ، وقال هذه الكلمة : ياويلكم من عقاب !! ياويلكم بعد عقاب !! وقام بعد هذه الكلمة ، وهنا بهتوا ، وبقوا يتسائلون عن معنى كلمة عمهم ، فقال أكبرهم : نعم أن عمكم يقول ياويلكم من عقاب أن حاولتم قتله ، وهذا شئ من المستحيلات ، لأن عقاب كما تعرفونه ليس بالسهل قتله ،أما قوله ياويلكم بعد عقاب ، فمعناه أنكم لو ظفرتم بعقاب وقتلتموه فقد هدمتم عزكم ، وخسرتم الشخص الذي أرهب أعدائكم ، وحمى بلادكم ،وفتحنا بيننا وبين أبناء عمنا مشكلة كبيرة ، ستكون سبباً بأنقراضنا جميعاً ، وأن أفضل أن تتركوا ( نوت ) لعقاب ، وهو أحق بها ، لأنه يحبها وتحبه ، وهذا هو أفضل شئ نعمله لحل المشكله ، وقد أجمعوا على هذا الراي ، فتم طلاق (نوت ) وتزوجها عقاب ، وبلغ إمنيته بنوت التي هام بغرامها سنين طوالا ، وبعد أن عرف عقاب ما دار بين الأخوه وعمهم ، رحيل العواجي ، وأنهم طلقوا نوت من أجله رأى لزاماً عليه أن يقابل الجميل بالجميل ، وكانت له أخت تسمى ( حرفه ) سبق أن عقد لها على أبن عمها القريب المسمى ( دغام الأحيمر ) ، لذالك أرسل عقاب لأبن عمه ، وأخبره أن أبناء قرينيس العواجي عملوا معه جميلاً وطلفوا بنت عمهم نوت من أجله ، وأنه يجب أن يكافئهم ، ونظراً لأن حرفه رافضه الزواج منك ، فأنا أحب أن تطلقها لأزوجها على الذي طلق نوت من أجلي .. فقال ؟ أنا لن أطلق حرفه ولو قطعت رقبتي ، فثار عقاب ، وأقسم على نفسه أن يقطع رقبته في الحال وطلب سيفه ، وكان عقاب لا يقول شيئا الا فعله ، وعرف دغام أنه قاتله لا محاله ، وحالاً أرتمى على ركبتي عقاب ، وأخذ يقبلهما معلناً طلاق حرفه ، جهاراً بصوته ، وبعد الطلاق زوجها عقاب سعود بن قرينيس ، الذي طلق (نوت) وكذلك أرسل لأخويه الأخرين ، وقال لهما أن هاتين الطفلتين يقصد أبنتيه الصغيرتين اذا بلغتا سن الزواج فسوف أزوجهما بكما ، وفعلا زوجهما بهما ، وأنجبت كل واحده منهما . ومن الثابت عندي أن أسباط عقاب من أبنتيه هم الذين يترأسون قبيلة ( ولد سليمان ) ، وقد وصلت اليهم الرئاسة بعد وفاة عقاب وأبنه ، ولازالوا هم رؤساء القبيلة ، ويقال لهم آل محمد.
:

عساف دخنان 19/11/07 (02:41 AM)

ابطال من الصحراء ( 3 )
 
( بســــــــــــم الله الرحــمــــــــــن الــــــرحـــيـــــــــــم )

نرجع الى الشيخ سعدون والد عقاب ، بعد أن أستولى على ( بيضا نثيل ) من التومان ، حصل بينه وبين قبائل شمر معارك هائلة ، حتى أجلاهم عن بعض مساكنهم ، وقد دافعوا دفاعاً بطولياً خاصة قبيلة الغيثه من عبده ، أما مصلط التمياط وقبائله ، فقد جلوا عن ديارهم واستولى عليها سعدون وأبناؤه ، ولم تزل يملكها العواجية الى الأن
بعد أنتصار سعدون العواجي على مصلط التمياط وقتله أبن أخيه ، قال الشيخ سعدون هذه القصيده:
:




ياراكب من عندنا فوق نسناس= يشدي ظليم جافل مع خمايل
زين القفا ناب القرا مقعد الراس = ومعرب من ساس هجنٍِِِِ اصايل
لامد رواي ولا راح عساس = عروٍ الى ما فات حمو القوايل
اليا جيتهم في ربعة الشيخ جلاس = ينشدك من هولي صديق يسايل
قل صبحونا أجرودهم ما لها اقياس = سكن الجبل جانا مع الصبح صايل
وانا أحمد اللي عاضهم كسرة الباس = كسيرة وصلت قفار وحايل
في روضة التنهات قرطن الألباس = وذبحٍ لياما جيت بيضا نثايل
وكم جثةٍ مجدوعةٍ مابها راس = بسيوف يشفن الطنا والغلايل
وكم سابقٍ راكبها طاح منحاس = من المعركه يجيك للقاع مايل
والصبح جانا مصلط دايخ الراس = وجاه العقاب الصيرمي فوق حايل
وأعذر بنقل السيف واعذر بالألباس = وراحت تقمز به زبار المسايل
وجرس خلي في زواقيب حراس = وياويل مسلط عقب واف الخصايل
وليا قعد بالبيت يزهي بالألباس = عمره صغير وماضي له فعايل



بعد هذا ارسل مفتاح الغيثي الى قبائل شمر يستحميهم ويطلب منهم النجده ، فحضر عدد منهم ووقفوا في وجه سعدون ، وقفة الابطال ، وحصلت بينهم وبين سعدون معركه هائله على المنهل المسمى ( بظفره ) وهو من مياه شمر ، انتصرت فيها شمر على العواجي وقبائله ، وقال شاعر شمر رشيد بن طوعان هذه القصيدة يصف المعركه ::


يامزنةٍ غرا نشت له رفاريف = هلت على ظفره مطرها انهشامي
زبيديها روس المهار المزاعيف = وعشبه قرون مسيحين الاودامي
تصرخ بها حدب السيوف المهاديف = وتفتح بها بقع النسور الاثامي
دزٍ بعودان البلنزا وتنجيف = وروحوا وراكم يافروخ الجلامي
ظعاينٍ تسري وتجري من السيف = ومن (واقصة) ما شيعوا للمقامي
زمل الطواليات جنك مزاهيف = على جناح الكود يمشن همامي
يتلون عدوان زبون المشاعيف = كسابة العيدان ريش النعامي
نهجت اسر جموعهم بالتواقيف = الن وجيه جموعهم بالنخدامي
ونظرت ربعي عايزين التواصيف = الى الخيل بالزهام والجمع زامي
ونعمٍ من العصلان وأولاد اباسيف = وعيال عليا كانها بالتحامي
ان فات ما بقفوشهم والتطاريف = ردوا لنصب مفككات اللجامي
انا أشهد ان قلوبهم صمع ياخليف = وردوا حياض الموت ورد الظوامي
وديارنا حنا لنا به تصاريف = (سلمى) و(رمان) و(اجا) و(العصامي)
عيناك يارمان زين الهفاهيف = ياما ذبحنا دونها من غلامي
نطعن ونطعن عند هاك الكراشيف = وتسعَر دونه عمار تسامي
نبي نقلط ميرهن للضياييف = ان صكت البيبان دون الطعامي


ورغم أن شمر أنتصروا بهذه المعركه فأن سعدون العواجي وأبناءه لم يفقدوا شيئاً من أراضي شمر التي كسبوها .
لقد أتفقت شمر على أن يصبوا فنجان من البن ، ويضعوه بينهم ، ويقولون لفرسانهم : الذي يشربه في مجتمعهم هو المسئول عن قتل عقاب ، في أول معركه نخوضها معه ، أنه لا يمكن أن يتجرأ على شربه ، الا من كان قوي الجنان ، وعنده الثقة بنفسه ، فقام شاب من بين الصفوف يسمى ( أبا الوقي ) ولم يكن من عائلة لها ماض بالفروسيه ، فأخذ الفنجال وشربه ، في مجلس شمر ، وقال : أنا شارب فنجال عقاب ، وسأقابله على ظهور الخيل ، وعندما التحم شمر في معركة مع (ولد سليمان) جماعة عقاب العواجي ، وعندما رأى (أبا الوقي) عقاباً بين الخيل ، دفع جواده ، وكان عقاب لا يظن أن أحداً يتجرأ ويهجم عليه ، خاصة مثل هذا الشاب الصغير ، فلقيه عقاب ولما أقترب كل واحد من الآخر أطلق كل منهما سهمه على الآخر ، ولكن لم يصب أحدهما ، والتصقت جوادهما ، وتماسكا بالأيدي على ظهور الخيل ، ثم وقعا على الارض ، فهجمت فرسان عنزة لتخليص عقاب وهجمت فرسان شمر لتخليص ابا الوقي ، الشاب الذي ضرب أروع مثل بالبطوله ، ونفذ ما التزم به ، ودارت المعركة وحمي الوطيس ، وثار غبار الخيل ، وغطى كل شئ ، حتى أن الفارس لا يبصر الآخر ،وتخلص عقاب من الشاب أبا الوقي ، وقام من الارض والغبار يحجب كل واحد عن الاخر ووقعت يد عقاب على سيف بالارض وامسك بجواد واقف فوق رأسه ، وكذالك أبا الوقي هو الاخرأخذ سيفاً ، ووجد جواداً من حوله، فأخذه وعندما أفترقا اذا بالسيف الذي مع عقاب هو سيف ابا الوقي وكذالك الجواد كان جواده ، وابا الوقي وجد ان السيف الذي معه والجواد هما سيف وجواد عقاب ، وانفصلت المعركة بعد ذلك ، وكانت النتيجة خيبة امل للشيخ سعدون ، لأنه رأى بالأمر غضاضة عليه ، حيث أن جواد وسيف أبنه يأخذهما شاب صغير من قبيلة شمر ، ليس معروفاً، ولم يكن له ماض ، وليس كفواً لمقابلة عقاب في نظره ، وقد قلق للأمر وسهر ليلته ولم ينم ، فجاء اليه شيوخ قبيلة (ولد سليمان) وقالوا له لا تقلق يا ابا عقاب ، على فقدان جواد وسيف ، فكل خيلنا وسيوفنا نقدمها لعقاب عوضاً عن جواده وسيفه ، فقال: أنا لا يهمني جواد عقاب وسيفه ، ولكن الذي يشغل بالي ويحز في نفسي وأخشى منه ، هو أن شاعر شمر مبيريك التبيناوي ، قد يقع على بيت من الشعر ، عالق في ذهني الآن ، فقالوا: ماهو البيت ياسعدون الذي تخشى ان يجده شاعر شمر ؟ فقال لهم هو هذا البيت :
:



السيف من يمنى عقابٍ خذيناه = والخيل بدل كدشها بالاصايل


وفعلاً وقع ما كان يخشاه سعدون ، حيث بعد أنفصال المعركة ، قال شاعر شمر مبيريك التبيناوي
قصيدة من ضمنها البيت الذي أشار اليه سعدون ، وهو ثاني بيت من القصيدة الآتية :
:



أبا الوقي يالبيض خضبن يمناه = وانا شهد انه من عيال الحمايل
السيف من يمنى عقاب خذيناه = والخيل بدل كدشها بالاصايل
هذي سلوم بيننا يالقراباه =يازين بيع المنسمح يابن وايل
وعقاب ما سبه ولا سب حلياه = ان جو على قب المهار الاصايل
يركض على الصابور ما به مراواه = شئ تعرفه كل سمو القبايل
لا شك عندي له فهود مغذاه = عيال شمر فوق قب سلايل

عساف دخنان 19/11/07 (02:42 AM)

رد: ابطال من الصحراء ( 3 )
 
وفي بعض السنين نزل على سعدون وأبنائه الشيخ مجول بن شعلان ، ومعهم قسم من قبائل الرولة أيام الربيع ، وقد أتفق مجول بن شعلان وسعدون العواجي أن يغيروا على قبائل حرب الموجودين بأراضي ( رخا ) الماء المعروف ، وفعلاً غزوا حرباً وأغاروا عليهم بالمكان المذكور ، وأخذوا منهم مواشي كثيرة ، من بينها أبل مشهورة تسمى ( بشملا ) وكان زعيم قبائل حرب أبن فرهود ، وكان غائباً عندما أغاروا عليهم ، وبعد أن رجعوا الى ديارهم غانمين رحلوا جميعاً الى الشمال ، بديار سورية ، لأنها باردة في أيام الصيف ، وعندما علم أبن فرهود شيخ قبائل حرب ، برحيل سعدون العواجي وأبنائه وعربانهم مع الشيخ مجول بن شعلان ، أرسل لهم هذه القصيدة يتهددهم ويقول : أرجعوا لدياركم محاولاً أن يأخذ ثأره منهم ، ومبيناً ندمه أنه لم يحضر عندما أخذت الابل المشهورة ( شملا ) وهذه قصيدته ::


يامجول الغيبات يقضا بها دين = غيبة جنبها يوم جاها الزوالي
لا واخسارة لبسنا للتوامين = يوم أن شملا غربت للشمالي
ياعقاب لا تقفي بثار الشعالين = أنكس لدارك يا كريم السبالي
نجي على قب سواة الشياهين = سوٍ على اللي ينزلون الجبالي
نبي نطارد شاربين الغلاوين = وناخذ عوض شملا بكارٍ جلالي
أما جدعنا عقاب ليث الغلامين = والا جدعنا حجاب ريف الهزالي


وعندما وصلت هذه القصيدة سعدون أجابه بهذه القصيدة :

أثاري كذبك يابن فرهود بالحيل = تقول من خوفك نحرنا الشمالي
لولا علومك ما نكسنا عن الكيل = من ديرة اللي شفها شف بالي
ياناشدٍ عنا ترانا مقابيل = ننزل لكم ( رخا ) وناخذ ليالي
نبي نطاردكم على شرد الخيل = ونشوف منهو للسبايا يوالي
واللي يطارد خيلكم صفوة الخيل = بايمانهم مثل المحوص المدالي
وعقاب فوق مشمر تكسر الذيل = شلايعه من خيلكم كل غالي
اليا عدا فيكم عدا فيكم الويل = ويروي حدود مصقلات السلالي
نطاح قاسين الرجال المشاكيل = وبالفعل تشهد له جميع الرجالي
ياويلكم من زايدات الغرابيل = ان طار عن قحص المهار الجلالي
انشد وتلقانا على قرح الخيل = بايماننا ريش الغلب له ظلالي
عدونا نسقيه ويل بثر ويل = وصديقنا يشرب قراح زلالي


ورجع سعدون بقبائله متحدياً ابن فرهود ، ونزل منهل رخا وأغارعلى قبائل حرب ، وأخذ أموالاً وخيلاً كثيرة ، بعد أن توارى عنه أبن فرهود ، وهرب طالباً لنفسه النجاة .. ثم قال سعدون هذه القصيدة مفاخراً ومشيداً بفعل أبنه عقاب وقومه وقال أن حرباً نفرت منهم مثل ما تنفر الأغنام من الذئاب ، وهاهي القصيدة ::


ان كان ابن فرهود يطلب لقانا = جينا على الزرفات خيل الصحابة
جينا وربعه قوطره في نحانا = مثل القطيع اللي نحته الذيابه
وشملا تزايد نيها في حمانا = ويا ما خذينا غيرها من جلابه
وجبنا البكار المكرمات السمانا = وطرش كثيرٍ ولا عرفنا حسابه
حنا ليا صلنا طوال خطانا = وهذي عوايدنا نهار الحرابه
نجيك فوق مكاظمات العنانا = صفرٍ عليهن لا بسين العصابه
عاداتنا وان كان شفنا أقبلانا = من دمهم (رخا) نروي ترابه
وعقاب فوق مشمر بمعدانا = الخيل في يوم الملاقى تهابه
منكم يروي حربته والسنانا = وفرسانكم قفت ذعرها عقابه
جاكم سريعٍ بالعجل ما توانا = ومن يوم حل بخيلكم جا ذهابه
منكم خذينا يالحريبي قرانا = كل أبلجٍ حنا قصرنا شبابه
نرقد بامان الله وتسهر عدانا = ومن فعلنا يسهر كبير المهابه
حريبنا يقضي ويلقى عيانا = مثل الخشوم الطايله من هضابه


بعد أن رجع سعدون وقبائله الى موطنهم ، كان عقاب لا يكفيه أن يهاجم عرباناً بعربانه ، ولكنه كان دائماً يغزو غزوات بعيدة المدى ، يغنم فيها أموالاً من مواشي الأعداء البعيدين ، وكان يغزو أحياناً جهات القصيم ، وأواسط نجد .
وفي غزوه من غزواته صادف ثلاثمائة فارس من فرسان حرب وان معه ثمانون فارساً فوقع الطراد بينه وبينهم وحصل خسائر بين الجميع ، ولم يغنم أبلاً من حرب ، رغم أنه لم يغزو الا من أجلها ، وأثناء رجوعه وعند وصوله الى أحياء قبائله ، أعترضته فتاه تسأله عن حليلها وكان من الفرسان المرافقين له :



يا عقاب يا حبس الظعن باللقا الشين = ياللي حريبك بالهزيمة يمنا
عينت ذيب الخيل يوم الأكاوين = نور العيون بغيبة الشمس عنا
هو سالم والا رموه المعادين = يا عقاب خبرني تراي أتمنا

فأجابها :


يا بنت يللي عن حليلك تسألين = حنا لنا حي يسألون عنا
خمسة عشر ليلة على الوجه مقفين = ندور وضحٍ بالأباهر تحنا
وسفنا هل البل شاربين الغلاوين = من دون رخم للحوبر تحنا
جونا ثلاثميه وحنا ثمانين = مثل المحوص الشلف منهم ومنا
وبانت رديتهن وشفنا الرديين = وكل عرفنا عزوته يوم كنا
ليتك تراعي يا عذاب المزايين = يوم أن عيدان القنا يطعننا
منا حليلك طاح بين المثارين = في ديرةٍ فيها الوضيحي تثنا
ومنهم جدعنا عند شوقك ثلاثين= وكم خيرٍ من راس رمحي يونا
في ساعةٍ فيها تشيب الغلامين = أنطح نحور الخيل يوم أقبلنا
ياما نقلت الدين وألحقته الدين = وحريبنا في نومته ما تهنا
أرسي لهم يا بنت وأنتي تعرفين = لياما حمام النصر رفرف وغنا
واردها والحق ربوع مخلين = بوجيه قومٍ يطلقون الأعنا
عاداتنا نخلي سروج المسمين = ونروي حدود مصقلات تحنا
وقلايعي من نقوة الخيل عشرين = قبٍ ولا فيهن ثبارٍ ودنا

بهذا أنبأها عقاب أن حليلها قد قتل .

عساف دخنان 29/11/07 (03:14 PM)

ابطال من الصحراء ( 4 )
 
( بســــــــــــم الله الرحــمــــــــــن الــــــرحـــيـــــــــــم )


أما قبائل شمر فلم ينسوا ماخسروه من ديارهم ، لقد أرسلوا رسلهم لقبائل شمر النائيه يستنجدونهم على سعدون وأبنائه ، وفي هذا الأثناء غزا هايس القعيط شيخ قبيلة آل بريك - شمر- من الجزيرة بالعراق، ومعه سبعون فارساً غزا بلاد ( ولد سليمان ) جماعة سعدون العواجي ، وعندما كمن بالقرب من مغالي أبل ( ولد سليمان ) رآهم شخص من قبيلة آل سويد من شمر ، وكانت والدته من جماعة سعدون العواجي وهم أخواله ، فذهب لهم وأنذرهم هجوم شمر أهل الجزيرة الذين يترأسهم هايس القعيط ، وسميت بعد ذلك عائلة هذا الشخص ( بالنذرة ) ولا زالوا بهذا الأسم حتى الأن بين شمر ، وعندما علم (ولد سليمان) أن هايس القعيط ومن معه قد كمنوا لأبلهم هبوا وركبوا خيولهم ، وراحوا للأبل بالمفلى من ليلتهم ، وفي الصباح أغار عليهم جماعة هايس القعيط ، يتقدمهم زعيمهم البطل الشجاع هايس ، وحصلت المعركة بينهم ، وهزم هايس وجماعته وجماعته ، وألقوا القبض على سبعين شخصاً كانوا من جماعة القعيط يحملون الماء والشعير، للسبعين الجواد التي عليها الفرسان ، وهؤلاء يسمون ( زماميل الخيل ) ، وراح عقاب يطارد فرسان شمر المنهزمين ، وأتبعه أخوه حجاب ، وعندما أبصر هايس القعيط عقاب وحده وأخوه يتبعه بعيداً عنه ، التفت الي جماعته وقال : اليوم هذا يوم الثأر ، أنظروا عقاباً وحده ، والذي أتى به اليوم هو حظكم يا فرسان شمر ، ويجب علينا أن نهب عليه جميعاً لعلنا نظفر به ، وأذا أراد الله وقتلناه فقد أخذنا ثأر شمر جميعها ، وذكرهم بفارس شجاع قتله عقاب بالعام الماضي ، وهو هذلول الشويهري ، وكان عزيزاً على كل قبائل شمر ، وفقدانه كان خسارة عليهم ، فشحذ هممهم
وأستثارهم ، فصمموا أن يهبوا هبة رجل واحد ، وفعلاً جرى ذلك عندما أقتربوا من كثبان من الرمل تسمى ( زبار وريك ) ، وكان عقاب على مقربه منهم ، فرجعوا شاهرين سلاحهم صفاً واحداً ورشقوا عقاب بسهامهم فقتلوا جواده ، فخر على الأرض ، ثم نزلوا عليه وقتلوه ، وأستمروا يطاردون أخاه حجاب فظفروا به وقتلوه ، حصل هذا وفرسان (ولد سليمان) لا يعلمون عما حصل على زعمائهم عقاب وحجاب ، وكانوا منشغلين عند السبعين الذين أسروهم ، وبقوا يتقاسمون غنيمتهم ، وما علموا أنهم خسروا بذلك عقاب الخيل وأخاه حجاب ، وبهذا أنهدم عز الشيخ سعدون ، وتداعت أركان مجده ، بفقدان أعز أبنائه .
أما قبائل شمر فقد شفوا غليلهم بمقتل عقاب وحجاب ، وطاب نومهم ، وأخذ شعراؤهم يفخرون ويدبجون الشعر ، أسجل هنا ثلاث قصائد من شعرهم ، منها قصيدتان لمبيريك التبيناوي ، وواحده لأبن طوعان ، وهما من شعراء شمر البارزين : وهذه أحدى قصائد مبيريك التبيناوي:


أن كان ( هيفا ) تزعج العام الأصوات = ( نوت ) يروع اليوم جضة قطينه
عقاب رمنه يوم الأفراس عجلات = وكلن حثات البراثن وتينه
فوات قبل مدورين الجمالات = يا ليت عقال الملا حاضرينه
وحجاب ياما قال بالبيت : قم هات =عزي لكم يا لابةٍ فاقدينه
من زوبعٍ والا السناعيس الافات = فوات ماعود على مرتجينه
خلوه زينين ( المياحه )و(الأرات) = وينام سعدون على سهر عينه
هاذي سلومٍ بيننا يالقرابات = ياحلو ردات الجزا قبل حينه

وهذه قصيدة التبيناتوي الثانية :


ياعقاب عقبان المنيصب لون لك = واستلحقن ياعقاب راسك معه راس
لا تحسب أن الخيل قافٍ عطن لك = أرقابهن عوجٍ لكم عقب مرواس
أحذر من اللي بالقدح غذين لك = شهب النواصي فوقهن كل مدباس
هايس على صم الرمك عابيٍ لك = عيال زوبع مروية كل عباس
بغربي زبار أوريك يوم أوجهن لك = راحت تدهدا جثتك ما بها راس

وهذه قصيدة الشاعر رشيد بن طوعان :


حرٍ شهر بس الزماميل والخيل = يدور صيداته بغراة الأجناب
باول شبابه عذب الكنس الحيل = وخبط بيمناه البحر عقب ماشاب
راح النذير وصبح النزل بالليل = وتكافحت فزعاتهم قبل الأداب
وتوافقوا بالعرق حد الغراميل = متكاظمين مثل أبازيد وذياب
وغشا زبار أوريك مثل الهماليل = ونشبت رماح القوم باقطي الأصحاب
وترايعوا للهرش ربع مشاكيل = حماية التالين والخيل هراب
عيال الشيوخ معربين الأخاويل = ردوا على ربعٍ تدانوا بالأنساب
وان كان (نوت) تزعج الصوت بالحيل = لعيون (هيفا) نردع الشيخ بحجاب
أربع ليالٍ مالقته المراسيل = عليت وجه كوح العصر بتراب
حريمنا لجن بزين الهلاهيل = متحرياتٍ شلعة الحر لعقاب
وحريمهم تصرخ صريخ المحاحيل = جاهن عليمٍ مع هل الخيل ماطاب
ياضبيب لو ذبحت كل الزماميل = ذبحة دخيل البيت ماترفع الباب
دنياك هاذي يالعواجي غرابيل = من شق جيب الناس شقوا له أجياب

لقد أشار شعراء شمر الى (هيفا) والى (نوت) : أما هيفا فهي والدة هذلول الشويهري ، وأما نوت فهي زوجة عقاب العواجي ، أشار شاعر شمر الى ضبيب وذبحته (للزماميل) فضبيب المذكور هو أبن عم لعقاب العواجي ، ويقال أنه هو الذي تجرأ وقتل السبعين شخص الذين أسروهم من جماعة هايس القعيط .
وعندما رجع فرسان (ولد سليمان) مع أبلهم بالليل أخذ سعدون العواجي يقابل كل كوكبة من الخيل يسأل عن عقاب وحجاب ، فيقولون له عهدنا بعقاب والخيل هاربة عنه وهو يطاردها ، وبقي سعدون على هذا الحال يسأل عن أبنيه ، وعندما قرب الصباح وعقاب وأخوه لم يرجعا ، كان سعدون ساهراً طوال ليله يخامر نفسه ، فقال هذه القصيدة :



البارحه نومي بروس الصعانين = طوال ليلي ماتهنيت بمراح
كبد نعالجها بعوج الغلاوين = وروابعٍ ماتودع القلب ينساح
بلاي والله يا ملا خابرٍ شين = تظهر علينا مرمساتٍ الى راح
اللي يكف الخيل كف البعارين = ويرخص بروحه يوم يغلون الأرواح
خيالنا يوم أكتراب الميازين = ويرعى بظله بالخطر كل مصلاح
حالوا عليه اللي على الموت جسرين = لا وابعيني ما يجاجون ذباح

وبعد أن تأخر رجوع عقاب وحجاب ، رجع فرسان (ولد سليمان) يبحثون عن زعيميهما فوجدوهما قتيلين عند ( زبار أوريك ) فدفنوهما على قمة كثيب من الرمل سمي ( بأبرق الشيوخ) ولا زال بهذا الأسم حتى الأن .
ورجعوا حزانى فقتل (ضبيب) الأسرى بثأر عقاب وحجاب ، وهذا لم يكن مستحسناً بعادات القبائل في الجزيرة العربية ، وقد أشير عن مقتل السبعين شخص بالقصائد سالفة الذكر .
أما الشيخ سعدون فقد كبر مصابه بعد مقتل أبنيه ، الذين أشادا مجده ، وسجلا له مفاخر لازالت باقية لعائلة العواجية ، وملكا قبيلتهم دياراً لازالوا عائشين بها ، وقد قال الشيخ سعدون أشعاراً كثيرة بأبنيه ، وهاتان قصيدتان منها أولها :


ياونةٍ ونيتها تسع ونات = مع تسع مع تسعين مع عشر الوفي
مع كثرهن باقصى الحشى مستكنات = عداد خلق الله كثير الوصوفي
ونة طريح طاح والخيل عجلات = كسره حدا الساقين غادٍ سعوفي
على سيوفٍ بالملاقى مهمات = سيفين أغلى ما غدا من سيوفي
وعلى محوص بالموارد قويات = أسقى بهن لو القبايل صفوفي
أحشم بحشمتهن ولو هن بعيدات = وانام لو أن الضواري تحوفي
خليتني ياعقاب ما به مراوات = عيالك صغارٍ والدهر به جنوفي
من عفبكم ما نبكي الحي لو مات = ولاني على الدنيا كثير الحسوفي
وياطول ماجريت بالصدر ونات = على فراق معطرين السيوفي
وياعقاب عقبك شفت بالوقت ميلات = واوجست انا من ضيم بقعا حفوفي
مرحوم يانطاح وجه المغيرات = ان جن كراديس السبايا صفوفي
مرحوم يامشبع سباعٍ مجيعات = وعز الله أنه عقبكم زاد خوفي
الخيل تدري بك نهار المثارات =ياللي على كل الملا فيك نوفي
والخيل تقفي من فعولك معيفات = تاطا شخانيب الرضم ماتشوفي

لاشك أن الشيخ سعدون فقد ساعدين من سواعده ، بنيا له أرفع قمة من المجد بفيافي نجد بين قبائلها ، وقد أشتهر أبناه عقاب وحجاب بين القبائل ، وكانا محل أعجابهم بالجزيرة ، ويضرب بهما المثل حتى الأن ، فان الناس اذا أعجبوا بشخص أو بعدد من الأشخاص يقولون كأن فلاناً عواجي أو كأن هؤلاء من العواجيه ، نسبة الى عقاب وحجاب ، ولا زال هذا المثل سارياً في نجد الى الأن .
ولابد للقارئ أن يلاحظ أن الشيخ سعدون أشار الى أبنيه وقال سيفين أغلى ماغدا من سيوفي ، فهو يرى أنهما سيفان من أعز مايملك ، ثم قال أنه يطمئن وينام لو أن الوحوش الكاسرة تحوم من حوله ، فهو مطمئن بأن أبنيه هما درعه الامين وأنه مكرم ومعزز بحمايتهما .
وهذه القصيدة الثانية :


يا علي وين اللي رعينا بهم هيت = حال اللحد من دونهم والظلامي
البارحة يا شمعة الربع ونيت = ونة صويبٍ ومكسره بالعظامي
أوما الشجر وأنا بعد مثله أوميت = أوماي صقار لطيره وحامي
طيرٍ لياجا الصيد يشبع هل البيت = جته هبوبٍ مع جرادٍ تهامي
عز الله أني تو يا علي ذليت = تبينت وانا على الناس كامي
وعز الله أني مع شفا البير هفييت = هفة قفيٍ من عجوز المقامي
واليوم من باقي حياتي تبريت = عقب الشيوخ معدلين الجهامي
ويا علي عفت الحي من كثر ماريت = وجريت للونات والقلب دامي
وعذبت قلبي في كثير التناهيت = والعين عيت من بلاها تنامي
راح العقاب الصيرمي شايع الصيت = يا علي من عقبه تراعد عظامي

وهذه القصيدة شكي بها الى صديق له يسمى علياً ، يسأل عليه ويقول أين الذين كنا نرتع بهم بالفيافي ، الآن أصبحوا من أصحاب اللحود ، وأصبحت الظلمة تحول بينه وبينهما ، أنه يسهر الليالي ، ويئن مثل كسير العظام ، أنه يرتجف ويومئ كما تومئ الشجرة ، أنه الآن يحس بالخيفه ، ويذل من كل شي ، وقد ظهر ذلك للناس ، ولم يستطع أن يخفي خوفه لقد أخذ يتبرأ من حياته بعد أبنائه ، أنه أباح بما يخفيه ، بعدما تزلزلت الجبال التي كان يلتجئ في حماها ، أنه بعد أن فقد عقاباً بدأت ترتعد عظامه ، وفرائصه ، أنه فقد بطلين لا يمكن أن يقاضي بهما .

عساف دخنان 04/01/08 (05:10 PM)

أبطال من الصحراء ( 5 )
 
( بسم الله الرحمن الرحيم )


لم يبق لسعدون بعدهما من يعتقد فيه خيراً ، الا حفيديه الصغيرين أبني عقاب وحجاب الحبيبين لقد أخذ يربيهما ، ويعلمهما فنون القتال ، آملا أن يأخذا ثأر أبويهما ، من هايس القعيط .
وعندما كملت رجولتهما طلب أن يقول كل واحد منهما قصيدة ، يبين فيها أنه سيأخذ ثأر والده ، وعمه ، واذا أجاد أحدهما القول فسوف يعطيه المهره بنت فرس عقاب المسماه ( فلحا ) وهذه آصل فرس عند قبائل ( ولد سليمان ) فقال أبن حجاب قصيدة لم تعجب جده ، ثم قال أبن عقاب قصيدة أعجب بها وهذه هي القصيدة :



ياليت من هو جذ فلحا ثنية = والا رباع مسودسه بالمسامير
أبي الى ما قيل زيعت رعية = وتوايقن مع الحني الغنادير
أنطح عليها سربةٍ زوبعية = يجهر لميع سيوفها والمشاهير
متقلدٍ سيفٍ سواة الحنية = أدور أبويه عند روس الخواوير
ان كان ما لينت بالحبل لية = ماني عشير اللي نهوده مزامير
لابد من يوم يزفل كمية = وكل يحسب مربحه والمخاسير
ثارٍ لبوي عقاب فرضٍ عليه = عليه وصاني زبون المقاصير
سعدون جدي هو خلف والديه = شيخ الجهامه والسلف والمظاهير
دينٍ علي هايس زبون الونيه = يجيبه المعبود والي المقادير
أن ما نطحت الخيل عيبٍ عليه = أن وردوهن مثل أثامي الخنازير
عيبٍ علي العزوة الوايلية = وأحرم من الفنجال وسط الدواوير


وعندما سمع شاعر شمر بقصيدة ولد عقاب أجابه بهذه الابيات :



وش عاد لو جذيت فلحا ثنية = شمر يجونك فوق قبٍ عياطير
أبوك ضرب بحربةٍ شوشلية = كزه حبيبي كزة الدلو بالبير
صابه غلامٍ ما يعرف اللوية = ما صدها يوم السبايا مناحير
له عادةٍ بالفعل في كل هية = عشى ثنادي أبوك عوج المناقير
وعيال زوبع ملحقين الردية = اللي تهزع بالحروب الطوابير


الساعة الآن (03:35 AM)

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
شركة استضافة: استضافة رواد التطوير
مايكتب في هذا المنتدى لايعبر بالضروره عن وجهة نظر ادارة الموقع وانما يعبر عن وجهة نظر كاتبه