أضواء على (( روميات )) أبي فراس الحمداني
أبو فراس الحمداني
( 320 هـ / 932 م ـــ 357 ه / 968 م ) الحارث بن سعيد بن حمدان التغلبي : أمير شاعر فارس وهو ابن عم سيف الدولة . كان الصاحب بن عباد يقول : (( بدئ الشعر بملك وختم بملك )) يعني ( امرأ القيس و أبا فراس ) . وله وقائع كثيرة ، قاتل بها بين يدي سيف الدولة وكان سيف الدولة يحبه ويجله ويستصحبه في غزواته ويقدمه على سائر قومه وقلده منبج وحران و أعمالهما فكان يسكن بمنبج ( بين حلب و الفرات ) ويتنقل في بلاد الشام . وجرح في معركة مع الروم فاسروه سنة 351 هــ فامتاز شعر في الأسر ( برومياته ) وبقي في القسطنطينية ثم فداه سيف الدولة بأموال عظيمة وله ديوان شعر . أضواء على روميات أبي فراس كما عرف العرب ( المعلقات ) عرفوا ( أعتذاريات النابغة ) و ( حوليات زهير ) و شقت طريقها إلى عالم الشهرة أيضا ( السيفيات ) وهي القصائد التي قالها المتنبي في مدح سيف الدولة و ( الروميات ) هي القصائد التي قالها أبو فراس في أثناء أسره ببلاد الروم حيث أسرته الروم في بعض وقائعها وهو جريح ونقل الى ( خرشنة ) ثم ( القسطنطينية ) وتطاولت مدته لسبب أو لآخر وكانت تصدر أشعاره في الأسر عن صدر حرج وقلب شج يزداد رقة ولطافة وتبكي سامعها وتعلق بالحفظ لسلاستها . الأمير الأسير عندما دخل أبو فراس في الأسر حجرته المظلمة الضيقة المنافذ أنشد يقول :
إن زرت خرشنة أسيرا = فلكم حللت بها مغيرا رسالة إلى سيف الدولة من وراء القضبان من كان مثلي لم يبت = إلا أميرا أو أسيرا ليست تحل سراتنا = إلا الصدور أو القبورا
دعوتك للجفن القريح المسهد = لدي وللنوم القليل المشرد وماذاك بخلا بالحياة وإنها = لأول مبذول لأول مجتد ومازل عني أن شخصا معرضا = لنبل العدا إن لم يصب فكأن قد هو وقومه كثيرا مايشعر الإنسان بمرارة الغربة فلا يملك إلا الشكوى و العتاب
وإني و قومي فرقتنا مذاهب = وإن جمعتنا في الأصول المناسب فاقصاهم أقصاهم من مساءتي = وأقربهم مما كرهت الأقارب غريب وأهلي حيث ما كر ناظري = وحيد وحولى من رجالي عصائب استعطاف وكتب إلى سيف الدولة يستعطفه وهو في سجنه ويدعو له :
دع العبرات تنهمر انهمارا = ونار الشوق تستعر استعارا اتطفا حسرتي وتقر عيني = ولم أوقد مع الغازين نارا أقمت على الأمير وكنت ممن = تعز عليه فرقته اختيارا الأسير و الحمامة وعلى القرب منه كانت حمامه تنوح على شجرة فأ شجأه الصوت وذكر كل شي يخفق في قلبه وما هي إلا هنيئة حتى أنشد :
أقول وقد ناحت بقربي حمامة = أيا جارتا لو تشعرين بحالي معاذ الهوى ما ذقت طارقة النوى = ولا خطرت منك الهموم ببال أيا جارتا ما انصف الدهر بيننا = تعالي أقاسمك الهموم تعالي تعالي ترى روحا لدي ضعيفة = تردد في جسم يعذب بالي أيحمل محزون الفؤاد قوادم = على غصن نائي المسافة عالي أيضحك مأسور وتبكي طليقة = ويسكت محزون ويندب سالي لقد كنت أولى منك بالدمع مقلة = ولكن دمعي في الحوادث غالي حنين إلى الأم ويحن إلى أمه التي رعته أحسن رعاية بعد موت أبيه وأعدته ليكون فارس بني حمدان فيقول :
لولا العجوز بمنبج = ما خفت أسباب المنيه ولكان لي عما سألـــ = ت من الفدى نفس أبيه لكن أردت مرادها = ولو انجذبت إلى الدنية يا أمتا لاتحزتي = وثقي بفضل الله فيه يا أمتا لاتيأسي = لله ألطاف خفية أوصيك بالصبر الجميــ = ل فأنه خير الوصيه خيال المحبوبة من أجمل قصائد اللوعة و الحنين قصيدته التي يقول فيها :
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر = أما للهوى نهي عليك ولا أمر بلى أنا مشتاق وعندي لوعة = ولكن مثلي لايذاع له سر إذا الليل أضواني بسطت يد الهوى = واذللت دمعا من خلائقه الكبر تكاد تضئ النار بين جوانحي = إذا هي أذكتها الصبابة و الفكر سلا الأمير أباكما وكتب إلى ( أبي المعالى ) و ( أبي المكارم ) : ابني سيف الدولة يطلب منهمها أن يسألا أباهما فداءه
ياسيدي أراكما = لاتذكران أخاكما أوجدتما بدلا به = يبنى سماء علاكما أوجدتما بدلا به = يفري نحور عداكما من ذا يعاب بما لقيــ = ت من الورى إلا كما عودة الأسير يقول المؤرخون : بعد خلاص أبي فراس من أسره ، بعام واحد توفي سيف الدولة في عام ( 356 هــ ) وخلفه ابنه سعد الدولة أبو المعالى عند أذن سول لأبي فراس طموحه أن يقتطع (( حمص )) من المملكة ويستقل بها فأوفد أبو المعالي إلى حمص قائده ( قرعويه ) حيث تغلب على أبي فراس وقتله وهو لم يتخطى السادسه و الثلاثين آخر ما قاله أبو فراس ذكر أن آخر ماقال من شعر وهو في سكرات الموت
أبنيتي لا تجزعي = كل الأنام إلى ذهاب نوحي على بحسرة = من خلف سترك والحجاب قولي إذا كلمتني = فعييت عن رد الجواب زين الشباب أبوفرا = س لم يمتع بالشباب وبعد ،........ فنحن أمام بطل من أبطال الحمدانيين ، أستيقظت فيه شاعريته منذ مطلع شبابه ، واتجه الى الغزل و الفخر بأسرته والاعتداد بشجاعته وغنائه في الحروب هو وآله ، وقراعهم لكتائب الروم وغير الروم ، وفخره يمتلئ بالحيوية لأنه يصور واقعا لا وهما من أوهام الخيال وخير أشعاره (( رومياته )) التي نظمها في أسره والتي كان يرسل بها إلى سيف الدولة معاتبا لتقاعسه عن فدائه وهي تمتلئ بالحنين إلى الأهل و الشكوى من الأهل و الرفاق ومن روائعه قصيدته التي بعث بها إلى أمه وهو بارع في تصوير أحاسيسه ومشاعره . ودمتم بخير |
رد: أضواء على (( روميات )) أبي فراس الحمداني
الاخ احمد الحجيلان شكرا لهذه السيره الكبيره لأبو فراس الحمداني الشاعر والأمير العربي وهو من الأسرة الحمدانية فلقد استمتعت كثيرا بهذه القصائد الفريده من نوعها
والاجمل فيها
أبنيـتـي لا تجـزعـي = كل الأنـام إلـى ذهـاب نوحـي علـى بحسـرة = من خلف سترك والحجاب قـولـي إذا كلمتـنـي = فعييت عن رد الجـواب زيـن الشبـاب أبوفـراس = لم يمتـع بالشبـاب كل الشكر لك |
رد: أضواء على (( روميات )) أبي فراس الحمداني
الأخ محمد الدلماني
اهلا ومرحبا بك و شكرا لك هذا المرور الطيب واسعدني تواصلك والله يعطيك العافيه دمت بخير |
رد: أضواء على (( روميات )) أبي فراس الحمداني
أبو فراس الحمداني شاعر الدولة الحمدانية المظلوم :more61:
شخصية تحيرّرني كلما قرأت له نصاً سواء أكان في بلاط سيف الدولة ام في السجن ،، كان هم هذه الشخصية وطموحها يهدف إلى السيادة ،، وحبها الثاني إلى القبيلة فكثيراً ما قرأنا عن مدحها لــ آل حمدان ولا سيما للسيف الدولة ،، فأبو فراس يريد أن يكون سيداً في كل شي ،، في الإمارة والفروسية والشعر .... ورغم إنه مؤهل لذلك في زمانه ،، حيث كان سيف الدولة الحمداني اقدر منه في السياسة ،، :more61: والمتنبي أروع منه في الشعر ،، وفي رأيي يظهر أن ابي فراس قد عاش بين هذين الاثنين اضطهاداً غير مُعْـلن ،، ومن ثم جاءت فترة السجن و الأسر التي زادت عقدة الاضطراب عنده اكثر واكثر .... المسألة الثانية في حياة هذا الشاعر الجريح ،، بانه لم يفتد َ من قبل ولد عمه سيف الدولة ،، فهل توافق يااسيدي الفاضل ماقيل عن سيف الدولة في أنه اراد ان يحط من قدره ،، ويكسر شوكته ،، ويخذله بإبقائه أطول فترة ٍ ممكنة ٍ في الأسر ؟ أم ان لك رأياً آخر مغاير ؟ .... تقديري لطرحك َ المبارك يــا احمد الحجيلان :more61: |
رد: أضواء على (( روميات )) أبي فراس الحمداني
أراك عصي الدمع شيمتك
الصبرأما للهوى نهي عليك ولا أمـر بلى أنا مشتاق وعنـدي لوعـة ولكن مثلـي لايـذاع لـه سـر إذا الليل أضواني بسطت يد الهوى واذللت دمعا من خلائقـه الكبـر تكاد تضئ النار بيـن جوانحـي إذا هي أذكتها الصبابة و الفكـر احمد الحجيلان تسلم يمينك على تسليط الضوء على حمدانيات ابو نوااااس ؟! رد ود |
رد: أضواء على (( روميات )) أبي فراس الحمداني
الأخت الفاضلة : البيداء
تحية عطره ، أهلا بك و أهلا بهذه المشاركة الرائعة ، و بالنسبة لمسألة ( المفاضلة بين الشعراء ) هي من أصعب المسائل الأدبية و خصوصا في مجال (النقد الادبي ) ، وما ذلك إلا لختلاف المشارب و الأذواق قد أختلف النقاد القدماء في ( من أفضل شاعر جاهلي !! ) و تنوع تفضيلهم حتى أن هناك من النقاد من قدم ( الأعشى الكبير ) على سائر شعراء الجاهلية و منهم من حط من قدره لدرجة عدم الاحتجاج بشعره !! ليست المسألة بلا قواعد و ضوابط لكن عندما يقوى النص الادبي يظطرب النقد الادبي وتختلف الوجهات ومعروف أن من نزل عن رتبة الإبداع لا خلاف في ركاكة شعره . نرجع لموضوعنا بلاشك أن المتنبي فاق أبى فراس لماذا ؟ وكيف ؟ لان المتنبي تطرق لجميع فنون الشعر و أغراضه و أستعمل أكثر أساليب البلاغة و البيان فأجاد أيما إجاده و من المعلوم أن الشعر العامودي يتحكم في الشاعر ولكن المتنبي أستطاع ان يصهر هذه التفعيلات بأساليب البديع و البيان حتى سار بشعره الركبان وطارت قصائده في الآفاق !! . ولا يعني هذا أن الحمداني ليس بشاعر كبير لكن من حظه أنه معاصر للمتنبي ويعتبر الحمداني بعد المتنبي في المنزلة الأدبيه وهذه منزلة ليست بالهينة . أما الناحية التاريخية : المشهور أن سيف الدولة فدى أبى فراس . وقد تكون هناك رويات أخرى لا أدري . وأيضا قد يكون التأخير لسبب سياسي أو لشيء في نفس سيف الدولة ، الله واعلم. البيداء شكرا لك هذا الحضور الجميل و التفاعل المميز سلمت أناملك و الله يعطيك العافية دمتي بود |
رد: أضواء على (( روميات )) أبي فراس الحمداني
الغالي صالح العرجان أهلا بك و أهلا بهذا المرور اللطيف أسعدني تواصلك دمت بود |
الساعة الآن (02:52 AM) |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
شركة استضافة:
استضافة
رواد التطوير
مايكتب في هذا المنتدى لايعبر بالضروره عن وجهة نظر ادارة الموقع وانما يعبر عن وجهة نظر كاتبه