الرحمة 
بقلم  مصطفى  لطفي المنفلوطي  - رحمه الله - 
ليتك  تبكي  كلما  وقع نظرك  على محزون  أو مفؤود  ، فتبتسم  سرورا  ببكائك  ،  و اغتباطا بدموعك  لأن  الدموع  التي  تنحدر 
على خديك  في مثل  هذا الموقف  إنما  هي سطور من نور تسجل لك في تلك الصفحة البيضاء أنك  إنسان .
إن السماء تبكي بدموع الغمام  ،  ويخفق قلبها بلمعان البرق  وتصرخ بهدير  الرعد ، وإن الأرض  تئن  بخفيف الريح  وتضج بأمواج البحر
وما بكاء السماء و لاأنين الأرض إلا رحمة بالأنسان  ونحن أبناء الطبيعة فلنجارها  في بكائها و أنينها .
إن اليد التي تصون الدموع أفضل من اليد التي تريق الدماء ، والتي تشرح الصدور أشرف من التي تبقر البطون  فالمحسن  أفضل من القائد 
وكم بين من يحيي  الميت  ومن يميت  الحي  .
أيها  الإنسان  ارحم  الأرملة التي مات عنها زوجها  ،  ولم  يترك  لها  غيرصبية صغار  ودموع  غزار ، ارحمها  قبل  أن ينال  اليأس
منها  ويعبث  الهم بقلبها  فتؤثر  الموت  على  الحياة  .
ارحم الحيوان  لأنه  يحس  كما تحس  ، ويتألم كما تتألم  ويبكي  بغير  دموع  ويتوجع  ولا يكاد يبين .
أيها   السعداء   أحسنوا  إلى البائسين  و الفقراء  ،  وامسحوا  دموع  الأشقياء  وارحموا  من في الارض   يرحمكم  من في السماء  .
                                  ودمتم  بخير