عصفورةَ قلبي، نيساني
يا رَمل البحرِ، ويا غاباتِ الزيتونِ
يا طعمَ الثلج، وطعمَ النار..
ونكهةَ شكي، ويقيني
أشعُرُ بالخوف من المجهولِ.. فآويني
أشعرُ بالخوفِ من الظلماء.. فضُميني
أشعرُ بالبردِ.. فغطيني
إحكي لي قصصاً للأطفال
وظلّي قربي..
غنِّيني..
فأنا من بدءِ التكوينِ
أبحثُ عن وطنٍ لجبيني..
عن حُبِّ امرأة..
يكتُبني فوقَ الجدرانِ.. ويمحوني
عن حبِّ امرأةٍ.. يأخذني
لحدودِ الشمسِ.. ويرميني
نزار قباني

نعمت رؤى بحمام بارد كالعادة وارتدت ملابسها على عجالة متوجهة إلى منزل (سلاف ) التي تمر بظروف صحية سيئة .
(تحب رؤى سلاف كثيرا فقد جمعتهما خمس سنوات تتفاوت بين حب وعطاء)
حينما سمعت (سلاف) جرس منزلهم أيقنت أنها رؤى
عند مدخل بيتهم المتواضع كانت تقف والدة (سلاف)
مرحبا رؤى
رؤى:بعد قبلة احترام على رأس والدة (سلاف) كيف حالك خالتي ؟
والدة سلاف : بخير والحمد لله كيف حالك أنتي وكيف حال والدتك؟ متى ستأتي ؟
رؤى:بخير والحمد لله أما والدتي لا أعرف عنها شيئا الآن !!!
(لقد اعتلت نبره الغضب صوت رؤى وهي تتحدث بشأن والدتها)
في هذه الأثناء كانت سلاف تكمل مسيرها نحو والدتها ورؤى
(نظرت إلى سلاف بحب وشوق وكأن المسافة تحت قدميها تختصر )
سلاف:رؤى اشتقت إليك كثيرا
رؤى: وهي تعانقها بشوق أنا التي شكوت عبوس صباحي دون وجهك النير .كيف حالك ؟ وحمدا للة على سلامتك .
سلاف: الحمد لله أصبحت أفضل من الأمس .
(في هذه الأثناء كانت تعد والدة سلاف عصير المانجو البارد الذي تحباه كلتاهما )
جلست رؤى مع سلاف على سريرها قدمت والدة سلاف العصير لهما وخرجت .
أخذت رؤى تتأمل سلاف وتردد بداخلها أأقول أم أصمت بها مايكفيها
لمحت سلاف الحيرة في عيني رؤى
وضعت يدها على كتف رؤى وقالت ما بك ؟! هل حدث شيئا ما لا أعرفه ؟
رؤى:سلاف حدثت أشياء كثيرة عن ماذا أحكي بالضبط ؟ أأخبرك بأن موعد سفر وليد أقترب ؟ أم أن والدتي تعتزم الزواج ؟أم أن أبي مشغول عنا دائما؟ربما من الأفضل أن أخبرك عن تركي !!
ردت سلاف في استغراب : وليد يرى أن هذا مستقبلة ،ووالدتك لها الحق أن تتزوج ! ووالدك هذه طبيعته ! ولكن من هو تركي ؟!
رؤى: تركي شخص لا أعرفه اتصل ذات يوم وقال بأنة أخطأ الاتصال
اقتربي سأروي لك ما أشعر وأنا بحضنك كي لا توبخيني فأنا أعرف وجهة نظرك أنا لست طفلة لا تعرف ما تريد ولكني حائرة
(دفعتها سلاف وهي غاضبه )
لا تقولي بأنك أحببته ! فسأغضب ليس لأنني آخر من يعلم ولكني أعرفك أنتي لست ممن يحتملون الحب ومتاهاته .
رؤى: أنا لم أقل بأني أحبه أنا أشعر بشيء غريب تمتزج فيه ضحكتي بالبكاء حينما يتصل بي أشعر بأن قلبي يرقص لا أستطيع أن أخفي نبره هذا الإحساس في صوتي أرجوك ساعديني كي لا أحب ولا أفكر به أصلا ..
سلاف : اعتمدي علي سأمنعك وسأستطيع لدي (رؤى) واحدة لا أريدها أن تفقد عقلها بسبب رجل !!
ابتسمت رؤى واحتضنتها سلاف
رفعت رؤى حاجبها الأيمن وقالت بنبرة ممزوجة بالمزح : لم تسألي عن أحداث الجامعة هذا اليوم كعادتك ؟
سلاف :وماذا سيكون جديدهم ؟
رؤى: ليس جديدهم بل جديدنا سلاف منذ فترة وأنا أرى (هبه) منعزلة لا تود التحدث مع أحد !! لقد فقدت الكثير من وزنها . أنظر إليها ولا أعرف مابها .هل تعلمين السبب ؟
(كانت رؤى تعتقد بأن سلاف لا تعرف حقا ما ب (هبه))
ولكن سلاف فاجأتها فقالت: أعلم جيدا لما هي حزينة وقد حذرتها مرارا قبل أن تقع في ذالك الحب المشئوم
صرخت رؤى: ومنذ متى حدث ذالك وأنا لا أعلم منذ متى ونحن لا نعرف عن بعضنا شيء ومنذ متى أكون آخر من يعلم ؟
حاولت سلاف تهدئة الوضع رؤى ما حدث حدث ولم تكوني أنت هنا حدث في إجازة الصيف حينما كنت أنت بقطر مع والدتك لماذا العتب ؟
رؤى : بوجه غاصب وجنتين تعلوهما الحمرة وما تفاصيل هذه القصة ؟
سلاف: لقد أحبت (هبه ) خالد ابن خالها طالب الجامعة أحبته حبا ابتدأ منذ أن كانا في المرحلة الثانوية ولكنة تطور صيف العام الماضي بمساعدة أخته (دلال) في صيف العام الماضي التقت (هبه) خالد الذي التقته أول مرة وأعجبت به أكثر من ذي قبل حسب ما روته لي (هبه) أنها رأته للمرة الأولى ولكنها لم تمنع نفسها من أن ترتمي بحضنه وتعبر له عما يخالجها من شعور قضت ساعتين من أجمل لحظات عمرها . عادت إلى البيت وهي مشتاقة إلية تحدثت معه أوصلت له أشواقها وحبها وعدها أن يتكلل هذا الحب بالنجاح
(صممت سلاف لحظات وقد أغرقت الدموع عيناها وهي تقول بداخلها ومنذ متى شهدنا نجاحات الحب ؟؟ ها أنا أعاني منذ أربع سنوات وما رأيت له ثمره)
رؤى : وما المشكلة لا أرى داعيا للقلق لقد وعدها خيرا
سلاف: لا ياعزيزتي لم تكن هنا مشكلتها فوالدها يرفض خالها وعائلته وقد حرم والدتها من زيارتهم ولا تنسي بأن (هبه) ابنته الوحيدة ففكرة ارتباط خالد بها مرفوضة
قاطعتها رؤى: وهل حدثها والدها بذالك هل أتى خالد لخطبتها أصلا؟!
سلاف:لا
رؤى: ولما استباق الأحداث ؟!
سلاف أبلغيها أن الحب جميل وراق فدعيها تعيشه بكل لحظاته ومادامت نية اللقاء موجودة فلا داعي للقلق !!
أما الآن فأستأذنك لابد أن أعود للمنزل تركت وليد نائما وأعتقد أنة لم يستيقظ بعد !!
قبلتها وخرجت وبينما هي في طريقها للمنزل أشدت فيروز بصوتها(حبيتك بالصيف حبيتك بالشتا)
ولكن رؤى فكرت بكلام (سلاف) جيدا وقالت متحدية قلبها لن أجيب اتصاله
وحال دخولها المنزل توجهت إلى حجره وليد ووجدته يعد الحقائب للسفر ولكنها هذه المرة لم تبكي ولم تسقط دمعتها وقالت بصوت واثق النبره مبطن بعبره:سأكمل ترتيب حقيبتك
نظر وليد نظرة استغراب وتركها تكمل الترتيب ولكن قبل أن تغلق الحقيبه توجهت إلى حجرتها وأحضرت في يدها برواز صورة تجمعها ووالدتها بوليد وأغلقت الحقيبه وجلست إلى جانب وليد وقالت :أعرف أن هذا مستقبلك ولن تفرط به ولن أسمح لك بذالك
توجهت رؤى لحجرتها واحتضنت وسادتها وبكت كثيرا استرخت على سريرها وهي تقرأ ما أهداها تركي وتعيش مابين السطور في تمام الثانية عشر أعادت فيروز(حبيتك بالصيف حبيتك بالشتا) إنة تركي وبقيت في صراع بين قلب لا تحتمل الأضلاع ضرباته وبين عقل لازال يفكر بما قالت (سلاف) ولكنها رفعت سماعة هاتفها لتقول والشوق أو ربما غير الشوق تفضح مكنون قلبها فأجابت: مرحبا تركي
تركي:مساء جميل أجمل من منظر الغروب وأعذب من نسمات الهواء العليل كيف حالك ؟
رؤى: مساء الخير عذرا لا أعرف تنميق الكلام أنا بخير والحمد للة . وأنت ؟
تركي بنبره حنونة) حينما يكون هناك من يستحق تنميق الكلام فأنني لا أجد في ذالك صعوبة . أنا بخير طالما يشق صوتك مسمعي كل ليلة .
(صمت يعم المكان هدوء )
قالت رؤى بنبرة منتظر سئم الانتظار : ولما كل هذا الإطراء؟
تركي:طالما أنك ستجعلين مني شاعرا يخط بدم قلبه قصائده فأنت تستحقين الإطراء لن أطيل عليك وددت أن أسألك متى ستكون رحلة وليد ؟ وهل قرأت الكتاب ؟
رؤى: نعم قرأته وهو عذب بعذوبة شاعرة أما وليد فتبقى على موعد سفرة ثلاثة أيام
تركي: حسنا سأدعك الآن فلربما لديك مشاغلك التي عطلتك باتصالي عنها ! هل من شيء تودين قولة ؟!
رؤى :لا أشكرك على اهتمامك ولكن متى تريد أن أعيد إليك الكتاب ؟!
تركي : قلت لك أنك لن تعيدي لي الكتاب ستجعلينني أفصح وأبلغ منة !
رؤى والصمت يأسرها : لا أعلم عما تتحدث ولكن تصبح على خير
تركي : أمتأكدة أن لاشيء تودين قولة
رؤى مسترجعة ما قالت سلاف : لا شكرا
تركي : (بدفء وحنان وكأنما يهمس في أذنها ) ولكني أود قول شيء وسأغلق هاتفي بعده فسأكتفي بوصوله
((أحببتك منذ اللحظة الأولى التي سمعت فيها صوتك كأنك كنت تعزفين بصوتك الدافئ على أوتار قلبي ) مع السلامة
-كان حديثه كمسكن أو حبه مخدر نامت بعدها رؤى دونما أن تطفأ الأنوار ولا تقرأ روايتها كما اعتادت دائما
على الجانب الآخر كان (تركي) ينظر من نافذة حجرته هل ستستوعب ماقلته لها أم أن قلبها لن يستوعبني ولكن كيف لا يستوعبني وهي تتحدث معي كل ليلة ربما أثرت حزنها فكان حديثها معي مجرد شفقة
أشرقت شمس اليوم الجديد وعلى غير العادة لم يتصل تركي ولكنة اكتفى برسالة كتب فيها (إذا ما وقفت طويلا أمامي ك مملكة من عبير ومرمر وأغمضت عن طيباتك عيني وأهملت شكوى القميص المعطر فلا تنعتيني بموت الشعور ولا تحسبي أن شيئا تغير فإذا أنا ما أقول أحبك فمعناه أني أحبك أكثر صباحك سكر)
كانت هذه الرسالة باعث سعادة وسرور ممزوجة بالخوف أكملت رؤى والجميع يومهم كالمعتاد محاولة تجاهل سؤال سلاف هل اتصل بك تركي؟
وحال وصولها المنزل أرسلت له رسالة كان مضمونها (لا تحاول الاقتراب من قلبي ف به من الجراح مايكفي ولست مستعدة لخوض أي تجربه نتاجها البكاء )
صعق تركي من ردها وأخذ يستدير في غرفته لقد حظيت باهتمامها وسأحظى بقلبها
فرد قائلا( أثق بنفسي وبقدراتي سأكون جديرا بقلبك نامي صغيرتي ولا تقلقي )
((اقترب موعد سفر وليد الكل يستعد ليس لوداعة فحسب بل للوقوف إلى جانب رؤى . مرت يومين دون أي تفاصيل تذكر إلا أن تركي أتصل برؤى وقال لها : كيف حالك صغيرتي ؟
ردت رؤى بنبره اشتياق: بخير والحمد للة وأنت ؟
تركي :بخير لأنك مصدر سعادتي انتظر يوم الغد بفارغ الصبر
رؤى : ولما؟
تركي: أليس غدا موعد رحلة وليد ؟
رؤى : بلى وما شأنك أنت ؟
تركي مخفيا خيبه أملة معلنا لامبالاته بسؤالها : لأنني سأراك وكم أتمنى أن أكون بقربك
أعرف أن ليلتك غير عادية ولا هانئه لذا سأتركك لترتاحي وسأراك غدا في التاسعة صباحا