تلخيص : باب ماهية الحب .
الحب أوله هزل وآخره جد ، وقد اختلف الناس في ماهيته وقالوا وأطالوا والذي أذهب إليه أنه :
(( اتصال بين أجزاء النفوس ))
وقد علمنا أن سر التمازج و التباين في المخلوقات إنما هو الاتصال و الانفصال و الشكل دأبا يستدعي شكله والمثل إلى مثله ساكن
ومن الدليل على هذا أيضا أنك لا تجد اثنين يتحابا إلا وبينهما مشاكلة واتفاق الصفات الطبيعية لابد في هذا وان قل وكلما كثرت الأشياء
زادت المجانسة وتأكدت المودة .
ذكر افلاطون أن بعض الملوك سجنه ظلما فلم يزل يحتج عن نفسه حتى أظهر براءته ، وعلم الملك أنه له ظالم فقال له وزيره الذي كان
يتولى إصال كلامه إليه : أيها الملك قد استبان لك أنه برىء فمالك وله ؟ فقال الملك : لعمري مالي إليه سبيل غير أني أجد في نفسي
استثقالا لا أدري ماهو . !! فأدى ذلك إلى أفلاطون .
قال : فاحتجت أن أفتش عن نفسي و أخلاقي أجد شيئا أقابل به نفسه و أخلاقه مما يشبهها، فنظرت في أخلاقه فإذا هو يحب العدل
كاره للظلم فميزت هذا الطبع في ، فما هو إلا أن حركته هذه الموافقه وقابلت نفسه بهذا الطبع الذي بنفسي فأمر بإطلاقي وقال لوزيره
قد إنحل كل ما أجد في نفسي له .
وأما العلة التي توقع الحب أبدا في أكثر الأمر على ( الصورة الحسنة ) فالظاهر أن النفس الحسنة تولع بكل شيء حسن وتميل إلى التصاوير
المتقنه فهي إذا رأت بعضها تثبتت فيه ، فإن ميزت وراءها شيئا من أشكالها اتصلت وصحت المحبة الحقيقة وإن لم تميز وراءها شيئا من أشكالها
لم يتجاوز حبها الصورة وذلك هو الشهوة .
قال ابن حزم رحمه الله :
وأستلذ بلائي فيك يا أملي = ولست عنك مدى الأيام أنصرف
إن قيل لي تتسلى عن مودته = فما جوابي إلا اللام و الألف
ودمتم بخير