يشكلون تكتلاً قابضاً ويطردون السعوديين بالشفرات التحذيرية
المضاربون البنغاليون يحتكرون مزادات الحلقة ويتحكمون في الأسعار
عيد الحارثي- جدة
الأسعار في حلقة الخضار لا تخضع لقانون السوق (العرض والطلب) رغم انها سوق مفتوحة ظاهرياً لكنها مغلقة بإحكام بواسطة (تكتلات) عمالة وافدة تسيطر على كل شاردة وواردة داخل هذا السوق.. فالمضاربون البنغاليون يهيمنون على واردات السوق من الشاحنات المبردة ويتحكمون في أسعارها صعوداً وهبوطاً حسبما يروق لهم ولا يتركون للسعوديين سوى الفتات.. تحت لافتات كتبت عليها اسماؤهم للتمويه فقط بل إن هذه العصابات لا تحتمل مطلقاً مزاحمة أي مواطن لها في هذه الحلقة التي تدر ذهباً.
شفرة للتحذير
وعند دخول أي سعودي للعمل تنطلق صافرات الإنذار.. وعبارات التحذير بـ"رطانة" يفهمها كل بنغالي في السوق ويتخذون إجراءات احترازية للحيلولة دون كشف ألاعيبهم حيث يتفننون في مضايقته و"تطفيشه" حتى يحزم أمتعته ويرحل مهزوماً تاركاً لهم الجمل بما حمل. هذا على الأقل ما كشفته جولة "عكاظ" التي تقمصت فيها دور حمال وبائع بعد أن أقنعت عاملاً من إحدى الجنسيات العربية للعمل معه في البسطة التي يديرها مقابل 1500 ريال شهرياً.. حيث شرعت في ترتيب الكراتين وتنظيف الموقع.. وعند حضور أول زبون واسمه عطية السعدي بادرت باستعراض أسعار الفواكه والطماطم والخيار ولم يرق ذلك للعامل الذي ثار في وجهي معاتباً. المهم أن السعدي اشترى احتياجاته ودعا لي ثم انصرف. بعدها أعطاني العامل دروساً في الأسعار بالجملة والتجزئة وجلس يحتسي الشاي ويدخن حينها داهمته بسؤال حول الشرطة والجوازات والبلدية.. لمن لا يملك تصريحاً بالعمل أو كرتاً صحياً فأجابني قائلاً: لا عليك.. أنت سعودي ولا يدققون مع المواطن. وأضاف: حملاتهم متباعدة وكانت آخر حملة قبل بضعة أشهر وشيئاً فشيئاً كسبت ثقته وأخبرني بأن المحل باسم كفيله وهو يسلمه (2000) ريال شهرياً مقابل اصدار الترخيص للمحل باسمه وعرفت منه ايضاً أن المحل استأجره من وافد بنغالي مقابل (5000) ريال شهرياً وأن الوافد استأجره من الباطن من كفيل لأحد أبناء جلدته.
مزادات مقفولة
بعدها سألته عن المزادات لكونتينرات الفواكه التي تجلبها الشاحنات المبردة براً أو تأتي عن طريق النقل البحري من خضروات وفواكه فعاجلني بالقول لا شأن لك بها.. وان عملي في المحل فقط.. وطلب مني بلهجة آمرة أن لا أتدخل في هذه الأمور.
ولتعجيزي عن ملاحقته بالأسئلة أضاف: ان المزادات تجرى عند الفجر وأحياناً قبله وتستمر حتى الثامنة صباحاً.. ويسيطر عليها البنغاليون ولديهم تكتل تجاري لا يستطيع أحد أن يخترقه حيث "يقطون" بالآلاف لشراء كونتينر ومن ثم يحددون الأسعار وفقاً لأهوائهم. حاولت مجدداً استدراجه أكثر فقلت له: لماذا لا ننافسهم؟ فقال غاضباً: خليك في المحل وبضائعنا تصل الينا بالسعر الذي نريده عندها استأذنته للصلاة وغادرت السوق من تلك الجهة لأعود إلى زميلي ملفي الذي كان يرصد بعدسته المشهد كاملا.
يتحكمون في موائدنا
في الناحية الأخرى من السوق حاولت التوغل عميقاً في دهاليز هذه العمالة التي يستهين كثيرون بأعمالها لكنها تتحكم في موائدهم اليومية بصورة لا يمكن تفاديها ففي كل لقمة نلتهم هللات تدخل جيوبهم ولا تخرج منها إلا في الحوالات البنكية.. وإليكم ما جرى حول استئجار عربة للعمل عليها في تحميل بضائع الزبائن الذين يرتادون الحلقة من بنغالي لكنه رفض رغم انني عرضت مبلغ 50 ريالاً في اليوم بحجة أن العربة تابعة للشركة المشرفة على السوق ولإغرائه عرضت عليه 100 ريال عندها حاول دفعي مما اضطرني إلى تركه.. وعندما التفت الى الناحية المقابلة كان المواطن حمدان العتيبي الذي حضر الى السوق لشراء احتياجاته من الخضار والفواكه يتابع مساومتي للبنغالي حول العربة.. فعلق قائلا: يا بني لن يسمح لك هؤلاء بالعمل فهم متكاتفون ومتعاضدون وهذا ما نفتقده.. الا ترى ان السوق برمته في قبضتهم. تابعت طريقي بحثاً عن عربة استأجرها ونجحت في ذلك بعد مساومات واشتراطات من قبل صاحبها البنغالي الذي شدد على أن أسلمها له قبل المغرب مقابل 100 ريال.. وانطلقت بحثاً عن زبون أحمل له حاجياته.. ولم يكتف "البنغالة" بالمغالاة في ايجار العربة حيث شرعوا في مضايقتي لترك العمل عن طريق ارسال عبارات تحذيرية من هذا "الوافد السعودي الغريب" الذي جاء يزاحمهم في رزقهم ورغم أنهم كانوا يتحدثون برطانتهم إلا أن علامات التوجس لا تخطئها العين. محمد الغامدي كان أول زبون أتعامل معه رغم إنه بدا متشككاً في حديثي وصارحني بأن هذا الدور يبدو غريباً وربما أحد مشاهد الكاميرا الخفية لكنني طمأنته بأنني أحاول كسب رزقي واتطلع لتجاوبه فقبل على مضض وتبعته بعربتي وهو يتنقل بين البسطات حتى استكمل جميع احتياجاته ومن ثم الى سيارته حيث نفحني 10 ريالات فشكرته وانصرفت لأعيد العربة إلى صاحبها مع جزء من الأجرة معتذراً بأن العمل لم يناسبني.
الأجهزة المعنية
أحمد الغامدي مدير المركز الإعلامي بأمانة جدة قال: إن هناك فرق تفتيش يومياً من الصحة العامة بالأمانة والتراخيص تقوم بمتابعة الأسواق والمراكز التجارية وحلقة الخضار المركزية وتعمل على تطبيق النظام بحق المخالفين خصوصاً الباعة المتجولين للخضار في الشوارع وأمام المساجد وتتم مصادرة ما بحوزتهم من بضائع وتحويلها للجمعيات الخيرية في حين يتم تسليم المخالفين للجهات المعنية.
أما مدير مكتب العمل بجدة قصي فيلالي فأكد أن الجولات التفتيشية مستمرة على جميع المحلات للتأكد من السعودة خصوصاً حلقة الخضار ولن يكون هناك أي تهاون أو مجاملة في تنفيذ التوجيه السامي في عملية السعودة. مدير جوازات منطقة مكة المكرمة العميد محمد بن حسن الأسمري أكد أن الحملات التي تستهدف معاقل المتخلفين والمخالفين لنظام الإقامة والعمل مستمرة في جميع أحياء جدة وسوق الخضار المركزي في جدة من ضمنها وهناك متابعة دقيقة لأوضاع العاملين فيه بناء على التوجيهات من سمو أمير المنطقة وسمو المحافظ وسبق ان تم ضبط عدد من المخالفين لنظام الإقامة والعمل في الحملات التي قامت الجوازات بتنفيذها وتم تطبيق الأنظمة واللوائح بحق المخالفين والذين ساعدوهم ونؤكد ان الحملات مستمرة وستحقق أهدافها بإذن الله.