نحو نظام اقتصادي مسؤول
بدأت بالأمس أعمال مؤتمر قمة العشرين حيث يناقش قادة دول المجموعة أوضاع السوق المالية والوضع الاقتصادي العالمي والأزمة المالية العالمية والنظام المالي العالمي والهيكلة وإعادة الهيكلة المالية لبعض المؤسسات المالية وغيرها من المواضيع وذلك بمشاركة عشرين دولة من ضمنها المملكة العربية السعودية. والمعروف أن هناك العديد من النقاط في جدول الأعمال الخاص بالمؤتمر ومنها تقييم الإصلاحات التي تم اتخاذها منذ وقوع الأزمة ومدى فاعليتها، كما سيركز المؤتمر على قضية المبادئ المشتركة للإصلاحات والتي توجه العمل المستقبلي من أجل الحد من احتمال حدوث أزمات مشابهة في المستقبل والبحث عن آلية لتطبيق ما يتم إقراره في المؤتمر. كما يبحث المؤتمر في مناقشة الحلول المقترحة والمقدمة من قبل بعض المشاركين لمعالجة الأزمة المالية بعد وقوع الأزمة المالية العالمية، ومنها الاقتراح الذي قدمه رئيس وزراء بريطانيا السيد براون والداعي لدعم الصندوق الدولي للخروج من الأزمة وغيرها من الاقتراحات التي قدمتها بعض الدول المشاركة مثل فرنسا واليابان. وفي تصوري أن الأزمة المالية لا تتطلب تدخل صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي أو غيرها من المؤسسات المالية ، بقدر ما يتطلب الأمر إعادة النظر في الأنظمة الاقتصادية الخاصة بالمؤسسات المالية الكبيرة وتحويلها إلى نظام مالي مسؤول قائم على أساس تحمل مسؤوليتها الاجتماعية في الحفاظ على أموال المودعين والمستثمرين، كما يعمل على معالجة العديد من القضايا الاقتصادية مثل معالجة مشكلة الفقر والبطالة وغلاء الأسعار. وهذا يتطلب بالطبع إعادة هيكلة مسؤوليات المؤسسات المالية في الدول الغربية والتحول من وضع السيطرة على اقتصاديات الغير إلى الوضع القائم على بناء الاقتصاديات والمبني على أساس المصلحة المشتركة والتنمية المستدامة بين جميع الدول الغنية والفقيرة.
وبالنظر إلى الواقع المالي الحالي في مجال التمويل مثلا للأفراد أو الشركات نجد أنه قائم على أساس المصلحة الواحدة أو الطرف الواحد وهو صاحب المال أو المقرض ولا تتحقق مصلحة للطرف الآخر وهو المقترض ولو كان يبدو للوهلة الأولى أن المصلحة حصلت بالحصول على القرض واستخدام المال من قبل المقترض، حيث إن المقترض سيعيد المال بفوائد مركبة ولا يخرج من سيطرة صاحب المال لفترات طويلة وهذا يشكل عبئا اقتصاديا كبيرا على المقترض على المدى الطويل. وكجزء من العلاج فإن الاقتصاد العالمي وبجانب النظام الاقتصادي الإسلامي يحتاج الأمر إلى ترسيخ مبادئ المسؤولية الاجتماعية التي تتمثل في وضع معايير أخلاقية راقية تحفظ حقوق الغير من قبل المؤسسات المالية أيا كان هذا الغير على مستوى الأفراد أو المؤسسات أو الشركات وبموجب هذه المسؤولية يتم حماية المال من الضياع أو الهلاك ويتعدى إلى تنمية المال وزيادته من خلال الأعمال والمشاريع الاستثمارية.
Prof.drhabib@gmail
أ.د. حبيب الله محمد التركستاني