مع قرب رحيل بوش وقدوم أوباما
العراق الجديد ..هل يرى النور في 2009؟
رياض سهيل- بغداد
مع قرب رحيل الرئيس الأمريكي جورج بوش وتولي خلفه المنتخب باراك أوباما زمام الحكم والسلطة يتساءل المراقبون عن العراق الجديد الذي وعدوا به شعبه وما إذا كان سيرى النور فى العام الجديد 2009. أم أنه سيدور في نفس الحلقة المفرغة من العنف والعنف المضاد؟ والعراق الحديث اليوم هو نتيجة ما أقدم عليه بوش منذ أكثر من خمس سنوات , عندما غير وجهه ومعالمه , وأسقط نظامه السياسي , وأدخله في دوامة لم يتمكن العراقيون ولا حتى الأمريكيون من إخراجه منها. عراق اليوم في حالة انتظار وترقب عما ستكون عليه سياسة الإدارة الجديدة, وهل ستحمل معها بوادر الحلول الايجابية لمعضلة تعب العراقيون من تحمل أوزارها ؟ العراق اليوم يعاني من تداعيات الاحتلال والفراغ السياسي والفوضى العارمة , وهو يتوق لمن يضع حدا لمآسيه عبر ترسيخ الاستقرار الأمني على أراضيه , وعبر إعادة بناء مؤسساته العسكرية والخدماتية , وتأمين ظروف المصالحة الوطنية المنشودة , وإنهاء حالة التشرذم والتقاتل الطائفي والمذهبي ومظاهر المحاصصة التي تتحكم بتركيب الدولة والمؤسسات.
العراق الذي تعب من أن يكون حقل تجارب واختبارات لقادة الاحتلال , يريد اليوم أن ينتقل إلى مرحلة قطف ثمار إسقاط النظام السابق , حتى يتمكن أبناؤه من الانتقال إلى العيش الكريم الذي حرموا منه لأعوام طويلة . ويريد العراق اليوم أن يتيقن من أن المليون شهيد الذين سقطوا لم تذهب أرواحهم هدرا. وأن ثمة نهاية قريبة لمجزرة ما زالت تفرد أجنحتها في فضاءاته .فهل سيكون أوباما من يحقق أحلامه وآماله ؟
أوباما, وخلال حملته الانتخابية , وعد العراقيين بسحب قواته, وهذا أول الغيث الإيجابي إذا ما التزم بوعده . وفي طيات تصريحاته , لم يكتشف العالم أجمع , والعراقيون بشكل خاص , نبرة التهديد والوعيد التي طالما استخدمها بوش وشكلت معلما بارزا من شخصيته , ولا نبرة التحديات والعناد بحق وبدون وجه حق . أوباما تكلم بهدوء , ودعا إلى الحوار حتى مع من كانوا يمثلون ألد أعداء سلفه . وهذا ما يعول عليه العديد من المحللين السياسيين والمراقبين العراقيين , ويعتقدون أن ثمة تحولات مهمة وأساسية ستشهدها الساحة العراقية مع العهد الأمريكي الجديد , ولو من ناحية الحد من السيطرة المباشرة على القرار العراقي , أو التدخلات بكل صغيرة وكبيرة وبتفاصيل المواقف والأمور.
أما على صعيد المشاكل الداخلية التي تعاني منها العملية السياسية , فتبقى رهينة تفاهم القوى السياسية فيما بينها , وتبقى رهينة التدخلات الإقليمية من كل حدب وصوب , ليخفف من وطأتها فقط التزام الولايات المتحدة بإعطاء العراقيين سيادتهم الكاملة , ومساعدتهم على بناء قواتهم العسكرية والأمنية , ودفع المجتمع الدولي نحو توظيف استثماراته في بلد يحتاج إلى كل شيء بعد أن دمره الاحتلال , إذا التزمت الولايات المتحدة وإذا صدق أوباما.
طويلة أيام الانتظار وصعبة ومرة , ولكن من يدري , قد تنتهي المرارة في العراق مع العهد الجديد , وقد لا تنتهي , ولكن حينها حتما ستكون ذات مذاق مختلف.