صور حية من العصور الغابرة
بالرغم من الحضارةِ الزائفة التي يتحدث عنها إنسان هذا العصر وما تحمله معها من الديمقراطية، لقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك بأننا لا زلنا في العصور الوسطى حيث السحل والقتل والتنكيل ونصب المشانق لقطع الرؤوس على مرأى من عيون باقي أنظار العالم، وها هي الصهيونية تثبت للعالم بأسرهِ هذه الحقيقة عندما تشن هجوما مسلحا بالطائراتِ المتقدمة والصواريخ الذكية على مدينةِ غزة مخلفة وراءهاالدمار والقتل للمواطنين العزل من النساء والأطفال الذين ظهروا في الشوارع وهم يفقدون بعض أطرافهم ويتلوون والبعض الآخر رأسه وبعض من جسمه داخل الأنقاض وهو يطلب النجدة... وقف العالم المتحضر ومدعي الديمقراطية وحبه للإنسانية والإنسان وحتى الحيوانات التي أقام لها الجمعيات للمحافظة عليها في صمت من التعذيب والقهر والانقراض واكتفوا بالمشاهدة للقنوات الفضائية وهي تنقل مشاهدات عن القصفِ الإسرائيلي إلى العالم وكلهم التزموا الصمت واكتفوا بالمشاهدة وكأنهم على مقاعد إحدى دور السينما في بعض العواصم القريبة لتلك الأفلام التي يخرجها مشاهير هوليود، وكأن الأمر لا يعنيهم من قريب ولا من بعيد واستمتعوا بهذه الأخبار الحية وهم على مضاجعهم دون أن تتحرك ضمائرهم المتبلدة في الوقت الذي يصرخ الفلسطينيون وهم يحملون بعضا من أشلاء شهدائهم في وجه عدسات التصوير التي تنقلها عبر الفضائيات وحية على الهواء ووقف الصهاينة أمام كميرات التصوير لمعظم وكالات الفضائيات وهم يبررون تلك المشاهد المأساوية التي حدثت للإخوة الفلسطينيين وإقناعهم بأن ما تقوم به الصهيونية من جرائم ضد الفلسطينيين هي حرب مشروعة وتطلب منهم التصفيق لهم والتأييد وإلى المزيد من القتل والتشريد للفلسطينيين العزل الذين لم يملكوا إلا الحجارة..
عويض نفاع الرحيلي