جيش الاحتلال أمام مأزق «عش الدبابير».. أو مواجهة كارثة سياسية

خالد سيف-جدة
حشدت حكومة الاحتلال الإسرائيلي آلياتها العسكرية حول الحدود مع غزة، وأكدت المتحدثة باسم الجيش الإسرائيلي أفيتال ليبوفيتش أن القوات البرية جاهزة لدخول القطاع ما أن تتلقى الأوامر للقيام بذلك. وتهدد إسرائيل منذ عدة أيام بشن هجوم بري . ولكن السؤال الذي يواجه المسؤولين الاسرائيليين هو: هل يمكن فعلا العودة إلى "عش الدبابير" (كما يُطلق على غزة عادة) من دون التعرض إلى قرصات موجعة؟ وماذا لو كانت قوات حماس تنتظر هذه اللحظة لتلقن القوات الإسرائيلية درسا في المواجهة البرية؟ وماذا لو وقعت الدبابات الإسرائيلية في فخاخ أعدت لها مسبقا؟ ويقول خبراء عسكريون إن الطيران الحربي الإسرائيلي الذي يحظى بالرضا التام في إسرائيل، سوف يتم تحييده، في مناطق القتال التي تدخل إليها القوات البرية. وفي جميع الأحوال، فإن استراتيجية الدخول قد تبدو واضحة، ولكن ماذا بشأن "استراتيجية الخروج"؟ وكيف سيكون الحال لو وجدت القوات الإسرائيلية نفسها مضطرة إلى الهرب؟ وهل سيمكن للطائرات أن ترد الاعتبار لجيش مهزوم على الأرض؟ والواضح وفقا لهذه الأسئلة أن التدخل البري قد يحول الحرب إلى كارثة عسكرية، في حين ان عدم التدخل يعني كارثة سياسية، وذلك بالنظر إلى كثرة الوعود والاستعدادات التي أطلقها كبار المسؤولين الإسرائيليين.. ولكن ذلك يمكن أن يشير أيضا إلى أن مقاتلي حماس ينتشرون في مختلف مناطق القطاع بانتظار مجيء الجنود الإسرائيليين. وقال شلومو بروم، كبير الباحثين بمعهد الدراسات الأمنية الوطنية بجامعة تل أبيب إن "مشكلة إسرائيل الأساسية كما هو شائع في مثل هذه المواقف، هي العثور على استراتيجية للخروج".
وأضاف بروم "إن المسألة هي كيف يمكن ترجمة انجازات الحملة العسكرية إلى النتائج المرجوة . إن مثل هذه الاستراتيجية تؤثر على طول الحملة، والخطوات الإضافية التي قد يتم اتخاذها".
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت قال إن الأهداف من وراء هذه العملية هي "إحداث تحسن جوهري في الوضع الأمني في الجزء الجنوبي من البلاد".
ولكن إذا نجحت حماس في مواصلة إطلاق الصواريخ فإن العملية الإسرائيلية ستسجل فشلا جديدا في تحقيق أهدافها يُذكر بالفشل الذي تكبدته في حرب يوليو/تموز 2006 ضد حزب الله في لبنان.
وبحسب قول وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، فإن تحقيق الهدف من العملية الإسرائيلية يتطلب "تغيير الوضع من أساسه، وضمان ألا يحدث أي قصف آخر، أو أي نشاط معاد من غزة".
وينطوي هذا الهدف اما على افتراض ساذج للغاية، بأن الصواريخ ستتوقف فعلا، أو انه يعد بعملية برية واسعة النطاق يمكن أن تتحول بسهولة إلى كارثة ميدانية.
وقال بروم إن هذا يشي بأن أسلوب هذه العملية تم اختياره لتكبيد حماس خسائر وإضعافها، بهدف خلق توازن جديد للردع بين إسرائيل وحماس، بافتراض أن حماس ستمارس درجة أكبر من ضبط النفس من حيث بدء هجمات ضد إسرائيل بمجرد أن تدرك الثمن الباهظ الذي ستضطر إلى دفعه، وقدرتها المحدودة على مواجهة الرد الإسرائيلي.
وأضاف الخبير "وبعبارة أخرى، إن إسرائيل ستجد نفسها مضطرة إلى أن تسعى جاهدة للتوصل الى وقف جديد، مستقر ودائم لإطلاق النار مع حماس بشروط تعكس التغير في ميزان القوى. ومن بين الشروط الجديدة فرض حظر على أنشطة حماس بالقرب من الحدود مع إسرائيل، والحد بأقصى قدر ممكن من تهريب الأسلحة إلى غزة".
ولكن الخبير الإسرائيلي قال أيضا "بالنسبة لحماس، فسوف تبذل أقصى ما بوسعها للحيلولة دون حدوث هذه النتيجة. وسيبدو أن هدفها الاساسي هو وقف جديد لإطلاق النار، لكن وفقا لشروطها هي، ما يعني عدم وضع قيود على قدرتها على العمل في منطقة قطاع غزة، وعلى امتداد الحدود المصرية، مع فتح المعابر إلى مصر وإسرائيل بانتظام".
والأداة الأولية المتاحة لحماس هي مواصلة التحرش بإسرائيل، والمكون الأساسي لرد حماس هو قدرتها المستمرة على إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون ذات مدى طويل إلى حد يكفي لتعطيل الحياة اليومية للعديد من الإسرائيليين.
ومع استمرار القصف، فإن المأزق الإسرائيلي سوف يزداد وضوحا مع كل جديد. وسيظل السؤال يطرق على رأس القادة العسكريين الإسرائيليين: ندخل إلى عش الدبابير، أم لا ندخل؟ وفي كلتا الحالتين، تبدو إسرائيل هي الطرف الخاسر عمليا.