عرض مشاركة واحدة
قديم 03/07/11, (05:54 AM)   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
جلال الدرعان
اللقب:
مشرف منتدى الخواطر والقصص

البيانات
التسجيل: 17/12/10
العضوية: 6107
الدولة: الجبيل
المشاركات: 1,418
بمعدل : 0.29 يوميا
معدل التقييم: 43
نقاط التقييم: 541
جلال الدرعان مـــبــــدع بـــلا حـــدودجلال الدرعان مـــبــــدع بـــلا حـــدودجلال الدرعان مـــبــــدع بـــلا حـــدودجلال الدرعان مـــبــــدع بـــلا حـــدودجلال الدرعان مـــبــــدع بـــلا حـــدودجلال الدرعان مـــبــــدع بـــلا حـــدود


الإتصالات
الحالة:
جلال الدرعان غير متصل
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جلال الدرعان المنتدى : منتدى التاريخ والتراث العربي
افتراضي رد: دراسة عن قبيلة عنزة Anza tribe bin Wael

بعض الملحوظات في عجالة :




1- الشيخ المذكور هو الشيخ فرحان باشا بن هديب شيخ الموايقة من السبعة . وابنه الأكبر هو برجس الذي تخرج من الكلية الحربية في اسطنبول برتبة نقيب (كابتن) حيث كانت الدولة العثمانية تريد أن تكسب ولاء القبائل . والشيخ برجس تولى المشيخة بعد وفاة والده عام 1324هـ/1906م .




2- خيال هذه الرحالة واسع (بالحيل) جدا عندما ذكر أن الغنائم التي عادوا بها السبعة من غزو شمر 80000 الف جمل . والغزو عادة يأتي من اجل المكاسب فإذا وجد حراسة أو مقاومة شديدة فإنه يطلب النجاة مثل ما فعل غزو شمر عندما هب وفي دقيقتين 400 فارس من السبعة لملاقاتهم .



3- لا يمكن لأي قوة مهما كانت جاهزة ان تنزل إلى الميدان في دقيقتين وفعلتها قبيلة السبعة . ولنفرض جدلا أن هذا الكلام من باب المبالغة ولنقل أنها 20 دقيقة !! ايضا في هذا الزمن لا يمكن لأي قوة أن تنزل إلى الميدان في 20 دقيقة وهذا مع سرعة الاتصالات .



4- ينسب الكاتب إلى نفسه قدرات هائلة، ويصور نفسه بأنه البطل الذي لا يقهر، كما يدعي أن الآخرين يهابونه بمجرد معرفتهم أنه أوروبي (من كلام محقق الرحلة).


5- يستغرب المرء كيف يصدر الكاتب هذه الأحكام الجائرة بحق أناس استضافوه وأكرموه، فشرب من قهوتهم وأكل من ولائمهم؛ بل وقدموا له يد المساعدة والإرشاد في أكثر من مناسبة. وعلى النقيض من ذلك نجد أن السيدة آن بلنت (1295هـ/1878م) وفي أحوال أصعب من الأحوال التي مر بها الكاتب، تنوه في أكثر من مناسبة بأخلاق هؤلاء القوم وحسن معاملتهم. انظر : قبائل بدو الفرات عام 1878م، ص 142- 145،351 وغيرها (من كلام محقق الرحلة).



6- خوفهم من غدر السبعة ليس له مبرر ابدا بل نحن من سن قانون الملحة وهي الضيافة فإن من طعم معنا او شرب فهو في حمايتنا ثلاثة ايام ونصف . والذي لا يعرفه مورس إنك إذا طعمت أو شربت مع أي فرد من عنزة فأنت آمن في جميع ديار قبيلة عنزة. وكذلك إذا أعطاك الأمان أي فرد من عنزة فأنت آمن في جميع ديار قبيلة عنزة، فإننا ولله الحمد يجير علينا أدنانا.



7- (ويجب) على القاريء الكريم أن يفطن إلى أن من كتب هذه النصوص هم رحّالة، وبعضهم يختلف معنا في أشياء كثيرة، ولا يؤخذ قوله على أنه آية منزلة لا ينبغي لنا أن نتقدم عليها أو نتأخر؛ بل هي نصوص قد يفتقد بعضها الدقة، وبعضها من خيال الرحّالة الواسع. والرحالة مثلهم مثل غيرهم، منهم من هو في أعلى الرتب العلمية والثقافية، وبعضهم لا يعدو كونه سائحاً سجل مرئياته ومشاهداته، ونظرته كنظرة الطير عندما يغدو صباحاً ويروح مساء، فإننا لو جمعنا ما رآه الطير لا نجده شيئاً ذا بال!! فهي نظرات سريعة لا تعطينا الصورة كاملة كما ينبغي. وبعضهم كان رحّالة متمكناً نقل لنا الكثير من الفوائد، وهؤلاء أيضاً مع ما في كتبهم من فوائد تبقى بعض نصوصهم محل نظر.




هذا ما تيسر من قراءة هذا المقطع من هذه الرحلة ومن لديه إضافة أو تعليق فليشارك به والحمد لله اولا واخيرا .




نقلها وعلق عليها : فايز الرويلي
20 / 11 / 1430هـ






الفدعان في رحلة أحمد مبروك (رحلة إلى بلاد العرب)



هو الدكتور أحمد بن مبروك ، عمل طبيبا بيطريا في الجمعية الزراعية الملكية بمصر ، وقد أرسل إلى مهد الحصان العربي في السعودية والبحرين والكويت والعراق وسوريا عام 1355هـ/1936م ، وذلك لجلب سلالات جديدة تضم إلى الموجود في الجمعية المذكورة .






يقول الدكتور أحمد مبروك في ص 74 : وقد قابلت الشيخ مقحم بن مهيد شيخ الفدعان يوم 3 سبتمبر 1936م في حلب . اهـ .



قلت : حصلت المقابلة مع الشيخ مقحم بن مهيد في يوم الخميس 17 جمادى الثانية 1355هـ الموافق 3 أيلول / سبتمبر 1936م . وهو الشيخ مقحم بن تركي بن جدعان بن نايف بن جغثم بن تركي بن مقحم من المهيد من ضنا محمد من قبيلة الفدعان من ضنا عبيد من ضنا بشر من قبيلة عنزة الوائلية .




والشيخ تركي بن جغثم يلقب بالمحيي ، وهو أول من نادى بالعشاء [مصوّت بالعشا] ، ولقب [مصوّت بالعشا] خاص بأسرة المقحم من المهيد ، حيث كان الشيخ تركي بن جغثم بن مهيد يأمر مولاه إذا جن الليل أن يوقد ناره وينادي بأعلى صوته : هلموا إلى العشاء . ومنها عرف بـ [مصوّت بالعشا] ؛ حتى أن الملك عبد العزيز سمع أحد مواليه ينادي بالعشاء فقال له : اسكت ! فقد سبقنا عليها ابن مهيد .




ولعلنا نعطي القاريء الكريم صورة عن قبيلة الفدعان .

يطلق على قبيلة الفدعان عدد من الألقاب : [بواجة الديار] و [حمران النواظر] وذلك لشجاعتهم وشدة بأسهم ، ولقب [شرابة المغر] ولهذا الأخير قصة وهي أن أحد الفدعان نزل عليه ضيف وبعد أن أدى له واجبه المعتاد رحل الضيف فحصل له بعد ذلك حادث اعتداء إما بالضرب أو القتل ليس عندي يقين في ذلك فطالب الفدعاني بحقوقه المعروفة وهي أن الضيف بحمايته وأن طعامه الذي قدمه لضيفه لم يهضم بعد وأراد أن يثبت لهم ذلك فشرب مادة يقال لها : [المغر] فلم تخرج من بطنه نهائيا إلا بعد ثلاثة أيام ونصف فأصبحت قاعدة [ للملحة] وهي حقوق الضيافة تقضي بها العوارف وهم قضاة البادية . ومنها عرف الفدعان بشاربي المغر [شرابة المغر] .




ومن هذه القبيلة الوائلية العريقة خرج المثل : [عطية غبيني] . وابن غبين كان شيخ ضنا بشر من عنزة في زمنه وهو الذي قاد ضنا عبيد من ضنا بشر من عنزة في هجرتهم في بدايات القرن (13) الهجري أواخر القرن (18) الميلادي . ولم يرجع إلا ولد سليمان . وضنا عبيد كما هو معروف ثلاث قبائل : الفدعان والسبعة وولد سليمان .




و[عطية غبيني] كناية عن الهدية ذات القيمة والتي لا تقبل الرد في نفس الوقت . والقصة باختصار : إنه كان عند الشيخ حمدان بن عيد بن غبين فرس أصيلة فسمع بها ابن عريعـر حاكم الأحساء وشرق الجزيرة العربية في زمنه فأرسل أحدهم لأخذها بالحيلة أو بأي طريقة كانت فلم يستطع المندوب أخذها لأن الشيخ حمدان بن غبين كان حريصا عليها جدا وعندما طالت المدة اعترف المندوب بسبب مجيئة فقام الشيخ حمدان وأرسلها هدية لابن عريعـر . وفي رواية أخرى أن المندوب استطاع الحصول


عليها عندما كان مع ابن غبين في زيارة خاصة فأخذها وهرب فقال له ابن غبين : قل لابن عريعـر لا يقطع العاني . وعندما وصل المندوب بالفرس أخبر ابن عريعـر بالقصة فندم على ما كان قد بدر منه حيث أخذها وهي عزيزة عند صاحبها فقام بإرسالها إلى الشيخ حمدان بن غبين فلم يقبلها منه فحاول ابن عريعـر إقناعه بها فقال له الشيخ حمدان ابن غبين : هذه عطية غبيني . فصارت مثلا معروفا إلى اليوم .




رحلة يوليس اويتنج وهوبر من تيماء إلى تبوك ثم العودة
يوم الخميس الموافق 21- 2-1884م

في الساعة العاشرة ولم يكن معنا متاع كثير وكنا خمسة أشخاص هوبر وأنا والخادم محمود ونومان وعواد بن غنيمة شيخ الحجور وهي أحد فروع قبية الفقراء وقد كان يزمع الرحيل معنا ايضا ثلاثة أشخاص من الفقراء ولكنهم حين علموا أننا لن نعطيهم من متاعنا قرروا عدم مرافقتنا وكان مخططنا أن نسير عبر الطريق المتجه شرقا نحو جبل الطويل إلى أن نصل إلى تبوك لكن ذلك لم يتحقق لأن الشيخ عواد قال لنا : إن هذا الطريق يخترق أراضي قبيلة الشرارات المتعادية مع الفقراء مما يعني نهايتي فلن أسلك هذا الطريق حتى لو أعطيتموني حمل ذلولي ذهبا لذلك


قررنا السير عبر الطريق المتجهة نحو الشمال والشمال الغربي فانطلقنا جاعلين بقايا سور المدينة القديم الذي يمتد فوق هضاب رملية على يميننا باتجاه الشمال حيث السبخة وبعد ساعة مررنا بمركز حراسة قديم متهدم كما لاحت أمامنا من بعيد ملامح جبلين الى اليسار جبل الفروة والى اليمين جبل الضبع وفي الساعة الواحدة والنصف مررنا بمستنقع مائي يسمى خبرة الرولة ليس فيه أي نباتات وفي هذه الأثناء كانت الريح تئز بقوة آتية من الغرب وفي الساعة الثالثة والنصف خيمنا في شفا محجة 0





وفي يوم الجمعة اجتزنا سهل الجريدة ووجدنا بعض الأعشاب وأشجار الطلح وهناك أسرعنا بأعداد قرص جمر ثم ـاهبنا لمواصلة المسير وفي هذا اليوم استرحنا لوقوع هوبر من ناقته على الأرض وأقمنا في مخيمنا



وفي يوم السبت 23-2 لم أستطع النوم بسبب إحساسي بالغربة أم بسبب أكثاري من شرب القهوة وبينما كنا في الصباح نعد الخبز لطعام الأفطار قام الشيخ عواد بحلب الناقة لنا ثم انطلقنا بالمسير لمدة ساعة ونصف عبر سهل قليل النبات وارضه مملؤة باحجار غريبة منها ماهو شبيه بالجوز وآخرى سوداء أسطوانية الشكل إضافة إلى عدد كثير من الصفائح الحجرية المتىكلة بفعل التعرية وذكر لنا الشيخ عواد أنها تسمى (دودأيوب) وكان سبب التسمية أن أيوب عليه السلام حينما ابتلي خرجت الديدان من


جسمه فتحجرت مع مرور الوقت حينما وصلنا أعلى قمة هناك تمكنا من رؤية منظر شامل فأمامنا تمتد من الغرب سلسلة جبال عويرض وإلى اليمين باتجاه الشمال ترتفع قمة جبل عنز ورأس جبل أثلب وإلى الشمال منها تظهر قمم جبال وتر وشيبان وكذلك تعرجات حرة بني عطية وبينما نحن نسير لفت انتباهنا الشيخ عواد إلى آثار إحدى الحملات الهجومية التي تعرضت لها قبيلة الفقراء قبل خمسة أيام من جانب قبيلتي بني صخر والشرارات0 عندما وصلنا شعيب عناد وجدنا علفا جيدا للدواب , وبعد ذلك لم نجد أي شي ، وفجأة رأينا على الأرض أثار الخيل والجمال مما آثار مما أثار فزعنا واضحك الشيخ عواد الذي قال : هذه هي آماكن عنيبر التي نزح منها .راح عواد يقص علينا القصة تلو الأخرى ، مما جعلنا نسرع بالمسير إلى الإمام ، حيث كنا نسير بمعدل



7500 خطوة في الساعة ، وهذا ماجعل شداد جمالي يميل إلى الخلف ، فاضطررت إلى النزول عن الراحلة لتعديله، في هذه الأثناء تحولت الرياح إلى عاصفة ، وبينما كنا نسير وسط التلال الخالية من النباتات وصلنا أعلى قمة في الطريق أتاحت لنا رؤية منظر جميل ، فخلال ذلك الشعيب المملوء بحبات الرمل يمكن للمرء مشاهدة السهل الذي تتوسطه قلعة المعظم ببركتها والى جانبها شجرة الطلح الوحيدة ، وبعد نصف ساعة وصلنا القلعة واحتمينا خلف سورها المعاكس لاتجاه العاصفة القوية إما الجمال فقد سقناها بصعوبة عبر الدرج المرتفع إلى الفناء وأعطيناها العلف الذي جلبناه معنا . هنا رحب بنا قائد


القلعة – التي لم يكن فيها حامية – المدعو: سي محمد أبو عمر الشرقاوي وهو رجل كهل لطيف من فاس أحضره الأمير عبدا لقادر إلى هنا مثل سائر القلاع المغاربة عن طريق الحج وكانت له زوجتان وابنان وبرفقته صهره ورجل يدعى أحمد قدم لنا التمر والقهوة وفي المساء قدم لنا ألرز أما القلعة فقد بنيت سنة 1021هـ 1622م على شكل مربع منتظم الأضلاع وأبراج عند الزوايا تهدمت بعض قبابها ويتم إغلاق بابها بواسطة باب حديدي كبير وفي الفناء توجد قاعتان ذات أسقف مقببة وعدد من الغرف


المغلقة وإسطبل مفتوح ثم درج حجري يؤدي إلى الدور الثاني الذي يحتوي على المطبخ ومجالس الحريم وبين البرجين يمتد ممر ضيق كان يستخدم لأغراض دفاعية وفي الجهة الجنوبية يرتفع برج آخر للمراقبة والدفاع وفي خارج القلعة من ناحية الجنوب تمتد البركة بطول 60مترا وعلى جانبيها عمودان عليهما آثار كتابة تآكلت بفعل التعرية وفي الجهة الجنوبية توجد شجرة طلح واحدة 0 وبعد أن تناولنا الطعام بعد غروب الشمس أعلن أن هناك ضابطا تركيا قادما عبر طريق الحج للتفتيش وهو آت من العلا في طريقه هو الآخر إلى تبوك ومن أجل تحيته قام أحمد الذي يبدو أن خبرته العسكرية قليلة بحشو المسدسات القديمة وأطلقها في الهواء وهو يدير وجهه من الخوف إلى الوراء وسرعان ما ظهر



الضابط في الفناء وكان اسمه حسن آغا وهو قائد قلعتي تبوك وزمرد ومثله مثل جميع القادة على طريق الحج بين دمشق ومكة لديه منزل وعائلة في دمشق التي سيسافر إليها مدة ستة أشهر
وفي يوم الأحد 24-2-1884م بعد أن تناولنا القهوة مباشرة انطلقت قافلتنا نحن الخمسة على جمالنا وخلفنا ستة من الرجال ومعهم سبع مطايا وبعد ساعتين من المسير شاهدنا في أقصى وادي الرمامية بعض النقاط السوداء وحينما اقتربنا منها اتضح أنهم عرب المزايدة المنتمين لقبيلة بني عطية يسيرون برفقة بغاله وأغنامهم وكان من بينهم غلام أعمى أصيب بمرض قبيح شوه وجهه ولقد نزلنا عند الشيخ عايد أبو فحيمان حيث كان الخادم محمود يريد أن يشتري منهم السمن الذي نحتاج له جدا ولكنهم لم



يوافقوا لأن مالديهم قليل وحينما أغراهم محمود بطبق مليء بالتبغ لم يقاوموا ذلك ووافقوا على الفور وحيث أنه تم ذبح الذبائح لنا طالت إقامتنا عندهم وبدأنا بعدها بالتحرك شمالا ونزولا عند رغبة مرافقينا من البدو اضطررنا بعد ساعة من المسير إلى النزول عند بدو آخرين يقطنون وادي فسيح قدموا إليه منذ الأمس وهم من السعيد المنتمين ايضا لقبيلة بني عطية وبعد فترة من صولنا رأينا الدم على ميامين ورقاب جمالنا وعلى مؤخرتها فعرفنا على الفور أن هؤلاء المساكين حقا قاموا بذبح ذبيحة لنا كان هوبر يشكو من الآم في ظهره لذلك قررنا


عدم المسير وقد صعدت مع الشيخ عواد إلى هضبة اسمها الطويل وفي المساء قمنا بزيارة خيمة الشيخ هليل الذي نزل عنده حسن آغا مع رجاله ومن خلال الحديث تبين أن هليلا أكثر دراية من نومان ومن الشيخ عواد في معرفة الأماكن وأسمائها وفي هذه اللحظة نظرت ألى هوبر وبأشارة من أعيننا قررنا دون تردد سؤاله عما أذا كان بامكانه مرافقتنا خلال رحلتنا إلى تبوك ثم العودة معنا إلى تيماء فوافق فورا0



وفي يوم الإثنين انطلقنا وبدأ حجم قافلتنا يتزايد بالتدريج فعلاوة على الشيخ هليل وذلوله كان معنا أربعة من الضأن واثنان من الماعز أخذها الضابط التركي حسن آغا من مضيفيه ولا ندري هل دفع ثمنها أم أخذها مجانا أو قسرا وبعد المسير ساعة تجاوزنا جبل الخنزير منحرفين إلى وادي الصاني ولم يحل المساء إلا ونحن في قلعة الأخضر


وفي يوم الثلاثاء انطلقنا عند السابعة صباحا وكان برحلتنا حسن آغا وابنه كمال وبعد مسيرة ساعة استرحنا لنتناول وجبة الإفطار وبقينا نتسلق هضبة جرينات الغزال وهناك رأيت جبل المنبر وهو يقع في مقدمة سلسلة جبال شرورا وفي الجهة الغربية جبلا شيبان ووتار اللذين تعلو قمتيهما الثلوج


الكثيرة وف يوم الأربعاء مع شروق الشمس بدأنا المسير وقد شاهدنا قطعا حجرية ملونة تغطي الأرض وبعد ساعة ونصف خيمنا في وادي الأثل الذي تصب فيه أودية شيبان وتار وهو مكتظ برمال رمادية اللون واتجهنا باتجاه الشمال عبر مخيم بادية مهجور توجد فيه أكوام من فضلات الإبل وهنا سأل هوبر هليل فقال أنها مكان مخيم قديم لهم هنا0



وفي حوالي الساعة التاسعة اقتربنا من مرتفع مسطح يسمى شوهرا تعلوه هضبة مخروطية الشكل ولدهشتي رأيت هناك مجموعة كبيرة من المنازل الحجرية الصغيرة الحجم وحين اقتربنا تأكد لنا أنها مقابر قديمة لمدينة تبوك الواقعة على مسيرة تتراوح مابين 3-4 ساعات باتجاه الشمال0



وتبين من صغرها أنها أضرحة مقابر يتراوح ارتفاعها مابين 2-3 أمتار وتتناثر بشكل غير منتظم فوق السطح الذي تقدر مساحته بحوالي 3-4 كم مربع وليس عليها نقوش أو علامات تدلنا على ماهية تلك البنايات المشابهة للنواميس المعروفة في شبه جزيرة سيناء وكانت هناك بعض المباني الحجرية المندفنة تحت ركام الأتربة وفوقها العديد من الكسر الفخارية 0



ومن هنا انطلقنا مسرعين نحو تبوك التي كنا نشاهد معالمها منذ الصباح وقد كان يقع أمامنا في السهل ناحية اليمين مجموعة من جبال تسمى العريق 0 والى الشمال توجد غابة من أشجار النخيل وبينهما قلعة الحجاج المحاطة بمجموعة من بيوت الطين 0 وإلى الشمال جبل المنبر 0وهناك حوالي 50 منزلا من الطين في حالة سيئة ولا يستدل على أن مدينة تبوك قد لعبت دورا هاما في التاريخ العربي المبكر 0



يشير ذلك النقش المكتوب على قطعة من القيشاني فوق الباب إلى أن قلعة الحجاج بنيت أو جددت عام 1064هـ 1654م وهي تقع وسط بستان نخيل مهمل وفي منطقة ينهل ماؤها من عين جارية لاتصلح للشرب وفي فناء القلعة هناك بئر عذب تسحب منه المياه0
واثناء تناول القهوة أخذ الحديث مجرى ينم عن أننا الآن في وسط اجتماعي شبه متحضر حيث دار الحديث حول الأحداث في دمشق وشرق الأردن ومعان وحينما جاء الحديث عن وادي موسى والبتراء الواقعة على مقربة مناحاولت بصعوبة بالغة أن اكبح مشاعر


شوقي لرؤية عاصمة الأنباط وهي أمنية لم تحقق فالطريق إلى هناك يمر عبر مناطق سكنى الحويطات المتعادية مع قبائل رفاق رحلتنا:
فنومان من شمر والشيخ عواد بن غنيمة من الفقراء والشيخ هليل من بني عطية وفي هذه الأثناء ذكر لنا قائد تبوك أن الشيخ محمد بن عطية استطاع قبل أيام أن يوجه غارة موفقة على بعض أفراد قبيلة الحويطات سلبهم كل ممتلكاتهم ولم ينج منهم سوى ستة من الخيالة مثل ذلك يمكن أن يكون مصيري في حالة أي مواجهة مع قبيلة الحويطات خاصة وأنها تستعد للأخذ بثأرها وفي المساء عزف المغربي عبد السلام على قيثارته المغربية فقد كانت تا×ذ طابع الموسيقي الغربية على العكس من غناء البدوي الذي يتسم بطابع الحزن والرتابة0



وفي يوم الخميس كان مقررا أن نتجه الى تفقد اطلال مدينة تقع على مسيرة 2-3 ساعات باتجاه الغرب من هنا لكن هبوب الرياح العنيفة والباردة جدا جعلتنا نتراجع عن الفكرة وبدأنا ننظم يومياتنا حيث سيغادر حسن آغا ورفاقه يوم الغد إلى دمشق قمنا بكتابة رسالة ليأخذها معه الى محمد سعيد باشا رئيس قافلة الحج من دمشق الى مكة نشكره فيها على حسن استقباله لنا في القلاع الواقعة في طريقالحج



وفي يوم الجمعة توجهنا بعد الظهر الى جبل العريق ولم نكتشف أي اثر غير ماوجدناه من النقوش القديمة ورسمة صخرية لرجل يحمل أنواعا متعددة من السلاح وأخرى لفتاة منقوضة الشعر والى اليسار واليمين منها صورة لمقصين وفي اتجاه الغرب شاهدنا جبلا عاليا يتلألأ من سقوط الجليد عليه قال لنا هليل أن اسمه الدبغ 0



وفي يوم السبت بدأنا رحلة العودة إلى تيماء حيث انطلقنا مدة ساعة نحو الجنوب ثم استرحنا عند نبع يسمى الرائس وكانت هناك مجموعة من الأثل كونت شكلا بديعا فوق فتحتي المياه بصورة لم أشاهد لها مثيلا من قبل في رحلتي إلى جزيرة العرب ومن هنا اتجهنا مرة آخرى نحو مدينة الموتى شوهر حيث قمنا هناك بإجراء حفرية في برجين حتى اصطدمنا بالأرض الصخرية دون أن نتمكن من الحصول على معلومات عن الفترة الزمنية أو حتى صاحب القبر وكل ماعثرنا عليه يتمثل فقط في آثار أقدام ضبعة وبعض بقايا الطعام وانطلقنا نحو الشرق عبر وادي الأثيلي في وادي الغضى 0



وفي يوم الأحد أيقظنا هليل قبل الفجر لكي يبلغنا أنه سمع من الجنوب أصوات رغاء الإبل وسرعان ماركب ليأتي بالخبر اليقين قائلا أنهم قبيلته بني عطيه الذين جاءوا البارحة من الأخضر لكي يستقروا هنا فكان علينا أن نقبل استضافتهم لنا ونتجه إلى مخيمهم وفي طريقنا إلى هناك شاهدنا العديد من الأبل التي تم حلبها لنا بناء على أمر من هليل حيث قدم لنا الحليب الطازج ولم نصل المخيم إلا والنساء انتهت من نصب العديد من الخيام وقد اخترنا أحسن الخيام وتوقفنا عندها وبدأ الناس يتوافدون علينا لكي يرحبوا بنا أو على الأقل لكي يشاهدونا وكان علي مرارا أن أظهر هم صورة مفرج لأن الكل قد سمع عنها



ويرغب في رؤيتها وفي حوالي الظهر وصلت خيمة شيخ القبيلة ثم جاء بعدها بقليل واسمه صقر أبو علي وهو شقيق صديقنا القديم محمد بن عطية وقد عرفت للتو أن محمد بن عطية ليس هو شيخ القبيلة كما قيل لي رغم مايبدو عليه من مظاهر تخوله لزعامة القبيلة وعندما قمت لأتفقد ركائبنا اكتشفت أن شخصا منهم قام بقطع سير جلدي وحلقة معدنية من الشداد وسرقهما وبعد أن اخبرت الشيخ صقر بذلك انزعج كثيرا وردد قائلا ياللخجل ولكن ماذا يمكن للمرء لأن يفعل بمثل هذه الحالة فكيف يمكن معرفة السارق ومن ذا الذي يريد فضح سره000




وفي اليوم الآخر حضر محمد بن عطية وجلسنا معه ساعتين
وفي يوم الإثنين تابعنا رحلتنا إلى تيماء مع ان محمد بن عطية يقنعنا بالبقاء يوما آخر وأعطينا الشيخ هليل 8 مجيديات حوالي 30 ماركا نظير ماقام به خلال مرافقتنا وودعنا الجميع ولكن الشيخ هليل لم يقبل أن يتركنا وأصر على الرجوع معنا وإيصالنا حتى تيماء وقد مررنا بنفس طريقنا الذي سلكناه قبل أيام ووصلنا دود أيوب وبين مرافقينا يؤدون صلاة العصر أحضر لي سعيد حفنة من الأحجار الصغيرة ذات الشكل البيضاوي واللون البنفسجي وأخذنا منها ولاحظت أننا كاما اقتربنا من قلعة الأخضر قل العشب وذلك بسبب مرور بني عطية خلال هذه المنطة 0
وفي أثناء مسيرنا عبر الطريق قال لي الخادم محمود انتبه



أمامنا مراغة ولكني بسبب شدة الريح وعدم استيعابي لمصطلح المراغة التفت إليه وسألته عما يقول في هذه اللحظة بركت ناقتي فجأة مما جعلني أطير من فوق ظهرها بشكل قوس وأسثقط مسافة مترين فنهضت دون أن يصيبني مكروه وبدأت أضرب الناقة التي طرحت نفسها على الأرض وراحت تحرك جسمها ذات اليمين وذات الشمال مما أحدث أضرارا فادح في الأمتعة من خلال ضغطها عليها وعند الساعة الثالثة وصلت قلعة الأخضر والتي كتب عليها أنها شيدت في عام ـ 1522م ويتوسطها بئر يستخرج ماؤها الذي ينقل الى ثلاث برك مسورة في الخارج عن طريق ساقية يجرها حماران
ويوم الثلاثاء اشترى مرافقنا عواد خمس قطع قماش ذات لون أزرق غامق كلفت الواحد منها مجيدي واحد



وانطلقنا حوالي الساعة السابعة ونصف وكنا نريد أن نعبر وادي الصاني ولكن الشيخ هليل نصحنا بعدم المسير من خلاله دون أن يبرر السبب وقال يمكن أن يكون هناك قطاع طرق فقلت له أن نسير خلال تلك الأراضي واضعين البنادق بأيدينا ولكن الشيخ هليل انفعل فقال أن الصوص يكمنوا في مكان غير ملحوظ خلف قطع الأحجار البركانية الكبيرة ويتركوننا نسير إلى الإمام بهدوء ومن ثم يطلقون النار في ظهورنا كما اضاف أنه سمع أثناء وجودنا في تبوك أن حسن أبو ذراع ومعه ثمانية من أفراد قبيلة بلي يجولون في الأرض للبحث عنا كي يسلبوا كل شيء معنا


واتجهنا إلى اليسار ولقد كان محقا الشيخ هليل في مشورته حيث عرفنا ذلك في تيماء حينما وصلنا بأنهم كانوا يترصدون لنا 0
ويوم الأربعاء عند ذلك الطريق المنبسط لهضبة البياضية التي تركناها على يسارنا فضلات بقر الوحش وهو غزال أبيض كبير ذو قرون حادة وهنا للمرء أن يلاحظ آثار أقدام خيل قبائل


الحويطات وبني صخر المتحالفة حينما أغاروا على عنيبر بن عطية قبل تسعة أسابيع وسلبوه كل مايملك وأثناء الطريق توقفنا لعمل الخبز في منطقة يتكاثر بها نبات الكحلة الذي يسمى ايضا الرحيلة وقبل أن نقترب من جبل الفروة نزلنا إلى واد صغير يسمى وادي باؤود واجتزنا حتى وصلنا مدخل وادي حصاة القنيص وقد عانينا من شدة العطش فالقرب ليس فيها مايزيد على لتر واحد فقط إلا أننا لم نجروء على الذهاب لأحضار الماء


تخوفا من حسن أبو ذراع ولم يكن أمامنا إلا خيارين أما نقسمه بيننا او نستخدمه لصنع القهوة فاتفق الجميع على الأمر الثاني وبعد ذلك رقدنا ويد فيها سيف والآخرى بندقية ولقد تناوب رفاقنا البدو على الحراسة ليلا وأصبحنا بخير ولكن لاأدري هل هم لم يلاحظونا أم أنهم افتقدوا الشجاعة لمهاجمتنا0




وفي يوم الخميس 6-3-1884م يوافق اليوم عيد ميلاد حاكم بلادي الملك كارل فون فرتمبرج مما جعلني أتذكر وطني بقلب مفعم بالحنان والشوق ولكني رغم ذلك مضيت صامتا أقطع الفيافي تحت وطأة العطش وغترتي ملفوفة على فمي وخشمي أترقب فقط ظهور خبرة الرولة أمامنا ولكن الساعات تمضي والطريق يطول وصلنا إلى الخبرة لكننا لم نجد فيها الماء كما مررناها سابقا وسألنا نومان أن كان يوجد غيرها فأجاب بفظاظة إذا لم يوجد الماء في هذه الخبرة الكبيرة فالأمل ضعيف بوجود الماء في


مكان آخر وواصلنا مسرنا وبعد 8 ساعات ظهر أمامنا جبل غنيم الذي يرتفع شاهقا فوق واحة تيماء وحين بلغ قيظ الظهيرة أوجه صاح هليل فجأة هناك ماء أمامنا وتناولت الأناء النحاسي وقذفت نفسي من فوق ظهر الناقة وشربنا وملأنا القرب ثم جاء دور الجمال التي انطلقت تتزاحم حيث الماء وبعد أن شربت أطلقت عنان رؤوسها إلى السماء بكل سرور وأصبح علينا أن نصل تيماء قبل حلول الليل وأخذ نومان ينشد الأغنية تلو الآخرى ابتهاجا بقرب وصوله مسقط رأسه وعلى مسافة قريبة وجدنا برجا يسمى



القصير اكتشفت على سوره حجرا صغيرا مكتوبا عليه نقش عربي قديم فانتزعته وحملته كما شاهدت إلى جانبه ايضا حجرا آخرا نحت عليه مايشبه شخصين ممسكين بحراثة يجرها ثور للإمام وبعد أن حل الظلام بسلام إلى مقر عامل الأمير في تيماء عبدالعزيز العنقري الذي لم يتحمس لوصولنا ولم يسرع بالنهوض من مكانه لتحيتنا ولعله خلال فترة غيابنا حصل على خطاب تأنيب من أمير حائل ردا على الخطاب الذي بعثناه إليه نشكو فيه من سوء معاملة عامله بتيماء لنا 0 على أي حال أن صح ذلك فقد أدى الخطاب مفعوله حيث قام بأعداد وليمة تكريما لقدومنا 00




------- يتبع 8


















عرض البوم صور جلال الدرعان   رد مع اقتباس