عرض مشاركة واحدة
قديم 03/07/11, (06:51 AM)   المشاركة رقم: 24
المعلومات
الكاتب:
جلال الدرعان
اللقب:
مشرف منتدى الخواطر والقصص

البيانات
التسجيل: 17/12/10
العضوية: 6107
الدولة: الجبيل
المشاركات: 1,418
بمعدل : 0.29 يوميا
معدل التقييم: 44
نقاط التقييم: 541
جلال الدرعان مـــبــــدع بـــلا حـــدودجلال الدرعان مـــبــــدع بـــلا حـــدودجلال الدرعان مـــبــــدع بـــلا حـــدودجلال الدرعان مـــبــــدع بـــلا حـــدودجلال الدرعان مـــبــــدع بـــلا حـــدودجلال الدرعان مـــبــــدع بـــلا حـــدود


الإتصالات
الحالة:
جلال الدرعان غير متصل
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جلال الدرعان المنتدى : منتدى التاريخ والتراث العربي
افتراضي رد: دراسة عن قبيلة عنزة Anza tribe bin Wael


الآنسة بيل في ديوان ابن ملحم




نبذة مختصرة عن الآنسة بيل




ولدت جيرتروود بيل في واشنطن عام 1285هـ/1868م في عائلة أرستقراطية، وعندما كانت صغيرة جداً انتقلت عائلتها إلى ريدكار. تمّ تعليمها الأولي في المنزل وبعدها انتظمت في مدرسة في لندن، وبعد إكمال تحصيلها المدرسي التحقت عام 1303هـ/1886م وهي في العشرين من عمرها بجامعة أكسفورد لدراسة التاريخ، وفي الثانية والعشرين من عمرها أكملت الدراسة الجامعية، وحصلت على أعلى درجة في دورتها بل كانت من ألمع الطلبة في جامعة أكسفورد العريقة.

بدأ اهتمام الآنسة بيل بالعرب والحياة العربية نهاية القرن التاسع عشر بداية القرن العشرين حيث قامت برحلة عام 1317هـ - 1318هـ الموافق 1899م - 1900م لزيارة القدس وتعلم اللغة العربية والقيام بععض الاستكشافات الأثرية.

وفي نهاية عام 1332هـ/1914م ذهبت إلى العراق وتحديداً البصرة بعد دخول الإنجليز إليها. وعند سقوط بغداد عيّنت السكرتيرة الشرقية للحاكم كوكس.

وفي عام 1338هـ/1920م قررت بريطانيا الانتداب على العراق. وعلى أثر ثورة عشائر الفرات في العراق (ثورة العشرين) عقد ونستون تشرشل مؤتمراً في القاهرة وكانت الآنسة بيل الوحيدة بين الرجال. وفي الاجتماع تقرر تعيين الأمير فيصل الهاشمي ملكاً على العراق بعد إخراجه من عرش سوريا وبتأييد من لورنس المعروف آنذاك. كتبت الآنسة بيل تقول: لن أسعى لخلق ملوك مرة أخرى إنها عملية متعبة جداً. اهـ.

توفيت الآنسة بيل في 2/1/1345هـ الموافق 12/7/1926م. ودفنت في بغداد.




قبيلة الحسنة في رسائل الآنسة بيل




في ص 116 قالت الآنسة بيل في إحدى رسائلها : الجمعة 26 محرم 1318هـ/25 أيار1900م :




وجدت خيمتي قد نصبت في مهين (Mahin) قرب الماء، ومئات الجمال تشرب بجانبها. كانت مجموعة كبيرة من أعراب قبيلة الحسنة (Hasineh) قد وصلت، منتقلة من مناطقها الشتوية، ونصبت خيامها السوداء في مكان غير بعيد عني. جاء شيخهم محمد لكي يزورني وهو شاب في العشرين أو أقل، وسيم، ذو شفتين غليظتين، وقور، وكان شعره يتدلى في جدائل سميكة من تحت كوفيته. كان يحمل سيفاً ضخماً، ذا غمد مطعّم بالفضة. بعد ذهابه ظهرت أخته وبعض النسوة الأخريات في ثيابهن القطنية الزرقاء الداكنة الوسخة التي تجرجر على الأرض. الشيخ محمد وجيه عظيم، يدين له 500 خيمة وبيتاً في دمشق ولا يعرف سوى الله كم يملك من الخيول والبغال. اهـ.




هذه هي قبيلة الحسنة إحدى قبائل المنابهة من ضنا مسلم من قبيلة عنزة الوائلية. وقبيلة الحسنة غلب اسمها على المنابهة الشماليين كما هو معروف . وهم من أوائل من هاجر من قبائل عنزة إلى بلاد الشام ويُرجّح أن ذلك قد حدث في بدايات القرن (12) الهجري . والشيخ المذكور هو الشيخ محمد بن ملحم من كبار مشايخ قبيلة عنزة، وعمر هذه الزعامة الوائلية لا يقل عن 400 سنة.

وقول الآنسة بيل عن ثياب نساء الملحم بالوسخة فهذا رأيها وهذا فهمها، وإلا معروف أن نساء الشيوخ دائماً الجواري عندهن فهن دائماً مخدومات؛ لكن طول الثوب إنما هو من باب السُنّة، حيث أمر الإسلام بستر المرأة؛ لكن بسبب اختلاف الثقافة اعتبرت الآنسة بيل طول ثياب نساء الملحم بأنه ضرب من الوساخة، بينما هو مقصود، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذا بأن الأرض طاهرة وهو يُنقي بعضه بعضاً.

وفي نفس السياق قالت :




وبعد تناول الشاي، رددت له الزيارة وجلست على سجادات ووسائد في خيمة الشيخ الكبيرة وكان الحسنة يجلسون في دائرة حولي بينما كنت أشرب القهوة. ظهرت أم الشيخ أيضاً، وعوملت بتكريم كبير، نهض محمد وأعطاها مكانه على السجادة، وشداد جمله لتجلس عليه. وبعد قليل، تناول أعرابي أسود الجبين يرتدي رداء أبيض ربابة، وهي آلة موسيقية ذات وتر واحد ولها قوس، وغنّى بينما كان يعزف عليها أغنيات طويلة حزينة، ورتيبة، وكل سطر من الشعر كان قد وضع ليناسب الوقت نفسه وينتهي بانخفاض في الصوت يشبه الأنين. وكان همس الربابة يسير مع هذا كله.. غريب وحزين وجميل في طريقته. كان جميع الناس الصامتين يجلسون في حلقة ينظرون إليّ، غير مرتبين، نصف عراة وقد انسدلت كوفياتهم على وجوههم، لم يكن فيهم أي شيء حي سوى عيونهم، وعبر نار من روث الجمل، تشتعل ببطء، كنت أرى المغني منحنياً فوق الربابة أو ناظراً إليّ بينما كان يطلق السطر النائح من أغنيته في الظلام. كان في بعض الأحيان يأتي شخص ما إلى الخيمة المكشوفة (مقدمة الخيمة لا تغلق أبداً) ويقف عند طرف الحلقة ويحيي الشيخ بـ (يامحمد!) ويده ترتفع إلى جبهته والمجموعة (السلام عليكم)، فأجبنا جميعاً (وعليكم السلام).

وبعدها تتسع الحلقة قليلاً كي تفسح مجالاً للقادم الجديد. وأخيراً وقفت وودعت، ولم اسر بضع خطوات حتى أخبرني الجندي أنني اقترفت مخالفة مخيفة للعادات. لقد ذبحوا خروفاً لي وكانوا يحضرون عشاء، كان يجب أن أشارك فيه، وقال علي أيضاً: (محمد هو الشيخ الكبير وكان عليك أن تعطيه هدية).

عدت إلى خيمتي منزعجة قليلاً ماذا بإمكاني أن أهدي؟ وأخيراً بعد بعض التفكير والتأمل أرسلت واحداً من الجنود ومعه مسدس علي ملفوفاً في منديل جيب (ليس بإمكانك أن تهدي الأعرابي أي شيء سوى السلاح أو الخيل)، مع رسالة اقول فيها إنني لم أكن أعرف أنه يود تكريمي بهذا الشكل، وطلبت منه أن يقبل هذه الهدية (قيمتها الصحيحة جنيهان). رد الجواب شاكراً وأنه لم يكن يفعل سوى واجبه، وهلاّ شرفتهم؟ لذلك عدت مع اثوس وبرئوس وهذا الذي لا أتذكر اسمه (إشارة إلى الفرسان الثلاثة) وجلسنا جميعاً من جديد على الوسائد والسجاد وانتظرنا... انتظرنا حتى الساعة التاسعة والنصف. لم أملّ (بالرغم من أنني جائعة!). هؤلاء الأعراب استمروا في المجيء واحداً بعد الآخر حتى امتدت الحلقة إلى ما حول الخيمة الكبيرة. على فترات كان الحديث يتنقل.. سياسة الصحراء: من باع خيولاً، من امتلك جمالاً، ومن قتل في حملة، وكم ستكون الدية، واين ستكون المعركة في المرة القادمة. كان من الصعب جداً أن أفهم، لكني تتبعت إلى حد ما.

إلى جانب القهوة المرّة السوداء، أعطونا فناجين مما أسموها (القهوة البيضاء): ماء حار محلّى كثيرا ومنكّه باللوز. وأخيراً جاء عبد اسود وفي يده جرة ماء ذات بزباز (إبريق فخاري)، إليّ أولاً ثم إلى كل الحاضرين. مددنا أيدينا وصب قليلاً من الماء عليها. وأخيراً العشاء!! أربعة أو خمسة رجال يحملون طبقاً ضخماً مفعماً بالأرز ولحم خروف كامل. وضع الصحن على الأرض أمامي، وجلست ومعي ما يقرب من عشرة آخرين وأكلنا بأصابعنا، وكان عبد أسود يقف خلفنا ومعه كأس كان يملؤه بالماء عندما يسأله الضيف. كان الطعام سيئاً نوع ما، من دون ملح وصعب المضغ؛ لكن كانت الساعة التاسعة والنصف. أكلوا قليلاً جداً، وكنت لا أزال جائعة عندما نهضت المجموعة الأولى لتعطي مكانها للثانية. مزيد من غسل الأيدي، بالصابون هذه المرة، وعندئذ حييت الموجودين مودعة بالانحناء ولجأت إلى البسكويت والفراش. وكان عشاء غالياً نوعاً ما، لكن التجربة كانت تستحق المسدس. اهـ.




مشكلة هؤلاء الأجانب أنهم يقيسون الأشياء مادياً!! بينما هذه القاعدة لا تنطبق على الهدية فهي معنوية أكثر منها مادية، وماذا تقدم هذه الإنكليزية لشيخ كبير بحجم ابن ملحم؟! زعامة وائلية عمرها أكثر من 400 سنة، فهو ليس بحاجتها، كيف وقد ذكرت ما يملكه من مال وحلال؟! وابن ملحم قد أكرمها وهو لا يعرف من تكون، ولم يخطر في باله أنها سوف ترسل له هذا المسدس الذي تُقدّر (هي) قيمته بجنيهين، وكأنها تتقالها، أو هي في نظرها لا شيء!! فهو قد قام بالواجب المعتاد عند العرب وأبناء البادية خاصة. ولو تجرأت الآنسة بيل وقالت: هذا قيمة ما أكلناه!! لكان هناك شأن آخر.. أقلّها أن يرد هذه الهدية. فإن من الثابت عند أبناء وائل أنهم لا يأخذون شيئاً مقابل ما يقدمونه كضيافة للناس.

وقيام الشيخ محمد بن ملحم لأمه عن مكانه هذه صورة حية نقلتها لنا الآنسة بيل عن احترامه لوالدته حتى لو وصل إلى الزعامة فهي تبقى أمه التي حقوقها تبقى دائماً حيّة في وجدانه، وهذا الذي فعله الشيخ محمد بن ملحم محل تقدير الناس واحترامهم وهو مثال يحتذى كزعامة وائلية عريقة. وقدوم الشيخة والدة محمد بن ملحم لأن الضيف امرأة نبيلة فأرادت أن تراها وتكرمها.

وفي سياق كلامها نستشف التواضع من الشيخ محمد بن ملحم حيث ينادية الناس : يا محمد مجرداً من المشيخة. وهذا من ثقته بنفسه حيث لم يعاتب أحداً على ذلك بينما بعض الناس لو جردته من بعض الألقاب الدنيوية التي حصل عليها لحدثت المشكلة وقد يبغضك بسبب ذلك.

ونستشف أيضاً الألفة بين الشيخ محمد بن ملحم وبين قبيلته وزواره، حيث لا حواجز فالناس تتحدث في مجلسه في شئون حياتهم بكل أريحية.

وفي ص 119 وفي يوم الأحد 28 محرم 1318هـ الموافق 27 أيّار/مايو 1900م وصفت رحيل الشيخ محمد بن ملحم مع عدد قليل من قبيلة الحسنة فقالت :




كانت مشاهدة قبيلة الحسنة تتحرك هذا الصباح أمراً ماتعاً. لم يكن مع الشيخ محمد إلا عشرين أو ثلاثين خيمة من الـ 500 خيمة، ومع ذلك فقد ملأت الجمال السهل مثل فرقة من الجيش، كل عائلة تسير مع مجموعة مع جمالها.. اهـ.


















عرض البوم صور جلال الدرعان   رد مع اقتباس