لا أعلم لمانحن دوّماً نغوُص في الكلآم دُون آلعَمل ، ونتَفننَ في عَرضـه ، ونَكْسيّه حُللّ البيّان ، وأبجديَّـة التميّز ، وندّثرُه بـ رِدَاء البَلاغـة ، ولو تأملنَا فيه قليلاً لـوجدنَاه كَلام خَاوي على عُروشِـه ، لا يَرفع ولا يخفض ، مجرّد قَلماً يمضي قُدماً في الكِتابة ، وحِبراً يُعانق الوَرق ، بلا حيّاة بلا هَدَف بلا صدْق ، فقط نَكتُب لأننّا نُريد أن نَكتُب ، ولكنْ لـ يكون لديّنَا حصَاداً مَعرفيَّاً هذا الذي لانُريّـدُه ولا نبتغيِّـه ، ولا نتوق لـ نكون من أصحَـابِه ، فـ لا حَوْل ولا قوة إلاّ بالله ! ليس بـ وسعي أن أتخيّل لو أننّا جَعلنا حُروفنَا تنْساب على سجيّتها ، بلا تَكلّف وبلا أقنعـة نُلبسها إيّاه لـ تُخفي حقيّقة تَسكن بـ داخلنـا ، وجَعْلنَاها حُروفاً بألوان طيّفية مُبهجة تطرق باب كل قَلب ، وتُـلامس كلَّ قضيّة ، وتضمّد جِراح الأمّـة ، وتَصدَحُ بالحقّ ، وتُفَتش عن مَحاور تُناقشهـا ، وتبدي رأيها في مُشكلة مجتمع قدْ تفَاقَمتْ ، حقّاً حينها سيّصبح للكَلام لذّتـه ، وللغَـة مكَانتها ، وللحديث مَعْنى، وللنْصح أثـرْ ، ونَشعر بالإرتياح لأننـا نثق أن كلّ ما نكتبـه يُمثِّلنـا يمثّل ذواتنـا ، يمثّل فكْرنـا ، يمثّل مَشاعرْنـا المتَوْهجَـة نَحو ما نَرْنوا إليه ، ونحققّ غَايتنَا المنشودة ؛ لأننا حينَما ننسجُ حُروفنـا ننسُجَها بـ عَرقِ جبيّن ، ننسُجها ونحنُ نعقدُ اليقين بأنّ غَايتنـا المُختبئة خلْف سُطورنـا ، ستَشمخُ أبنيَّتها في أرض الوَاقع ، وستَكون لها قوَاعد لامثيّل لها بالقوّة والصَّـلابة ، وتَكون حُروفنـا دلالَة للسَّائرين ، ومحطَّة إرشاد للعَابرين . سـ نُصبح أمّة لا تَفْتر عن الرّقي في دَرَج العُلا ، سـ نُصبح أمّة إقرأ التي تقرأ وتَكتب ، وتُغذي العَـالم بـ معلقَة الثَّقافـة الوَاسعة في شتّى المجَالات ، أتعلمون لِما قُلت [ الثّقافة الواسِعـة ] لأنّ كلّ قريحَة ستَجود بما فيها ، مُبتعدة عن التكلّف وإتّبَاع الغيّر ، فـ الثقافـات تختَلف والتَفكير أيضاً ، فـ نكوّن حصاداً فكريّاً ضخماً يجُوب الأفق، على ظَهْر طَائِر نتَـاج أقْـلامِنا . يَارب ألهِم حُروفنَا الصدّق ، وبثّ بين حنَاياها [ الحيَّــــاة]