
جنبلاط .. مع من غلب..
ولد جنبلاط في 7 آب في عام 1949
أصل أسرته:آل جنبلاط (في لبنان) أسرة ذات سؤدد وجاه، من أصل كردي سني، اعترف بهم العثمانيون و عينوا منهم حسين باشا جانبولاد حاكماً على كلّس -حلب ، وظلوا قديماً في حلب حتى قام أحد زعمائهم علي باشا جانبولاد بثورته التي قضى عليها العثمانيون ثم قتلوه، فلجأ بعض أفراد هذه الأسرة الجنبلاطية إلى لبنان ، إلى المعنيين الدروز في إقليم الشوف،فتبنى مذهبهم و غدا زعيماً لفريق منهم .و أصل اسمهم (جان بولاد) و معناها بالكردية ذو الروح الفولاذية ( كـ: المشرق العربي في العهد العثماني \ د. عبد الكريم رافق صـ113 و 117)خلال وبعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان، أقدمت القوات التابعة لجنبلاط على اقتحام العديد من القرى المارونية وقتل الآلاف من سكانها عقابا على الاعتداءات المارونية قبل الاجتياح. كانت هناك حملة تطهير عرقي في جبل لبنان من قبل المارونيين ضد الدروز، حيث طرد سكان قرى درزية عديدة وأحرقت مساكنهم ومقدساتهم علاوة على المجازر والاعتقالات، نجح في التصدي لهذه الحملة مما اعتبر انتصارا وثبت مركزه القيادي لدى الطائفة الدرزية.
ولدت زعامته في ظرف مأسوي، عائليا ولبنانيا، وهو اغتيال والده كمال جنبلاط 16 مارس (اذار) 1977، وهو لا يزال في اواخر العشرينات من عمره. في تلك الاجواء القاتمة، حصل وليد جنبلاط على المبايعة ليكون حامي المعارضة والمعارضين. ففي جنازة والده، تقدم شيخ عقل الطائفة الدرزية محمد ابو شقرا من وليد صارخاً «الحمد لله عوضنا عن السلف بالخلف وليد، حفظه الله ورعاه»، ثم وضع عباءة الزعامة السوداء على كتفيه وارتفعت اصوات المشايخ والمشيعين «برعاية الله يا وليد... الله معك يا وليد». لم يتعاط وليد، الذي ولد في المختارة ـ الشوف في 7 اغسطس (آب) 1949، السياسة قبلاً، وهو عندما أبلغ بنبأ مقتل والده لم يصدق واعتقد ان الخبر مزحة سخيفة، فهو لم يتربَ في المجالس السياسية المغلقة أو المفتوحة لوالده، مفضلاً ركوب الدراجات النارية وبنطلون «الجينز» الذي لا يزال يرتديه الى اليوم، وممارسة نشاطات شخصية بعيدة عن السياسة، متمكناً من ثقافة غربية مع اجادة ممتازة للغتين الفرنسية والانكليزية. وبعد والده كمال فؤاد جنبلاط، الذي كان نائبا في البرلمان اللبناني ثم وزيرا في عدة حكومات، كان على وليد ان يثبت انه ابن ذلك الرجل الذي اسس ورئس الحزب التقدمي الاشتراكي. غير ان وليد جنبلاط الذي لم تكن له خبرة سياسية، اظهر لاحقا براعة في الدخول في لعبة المعادلات السياسية الصعبة، المحلية والاقليمية. فبات يحلو للسياسيين وصفه بانه «صاحب الانتينات»، اي الهوائيات، في اشارة الى مقدرته على «التقاط» اتجاهات الاحداث باكرا. وقد درس وليد في «الانترناشونال كولدج» في بيروت، وتابع دراسته في الجامعة الاميركية في بيروت، ونال شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية، كذلك درس في قسم التاريخ في الجامعة نفسها، هذه الخلفية ساعدته في معرفة الكثير عن تعقيدات سياسة المنطقة والسياسة العالمية، الا ان حبه الاثير للكتابة والادب والتصوير الفوتوغرافي ظل هوايات عميقة تكشف عن اكثر من سياسي.
والدة وليد جنبلاط ، ابن البيت الجنبلاطي العريق، هي مي ارسلان، ابنة شكيب ارسلان الملقّب بـ«أمير البيان». هذه الرابطة العائلية أوجدت شيئا من التوازن داخل صفوف الطائفة الدرزية بين محازبي البيتين المتنافسين على الزعامة: البيت الجنبلاطي والبيت الارسلاني. هذا التنافس جمد مرة واحدة في ما سمي بـ«حرب الجبل» التي خاضها وليد جنبلاط وحزبه التقدمي الاشتراكي الى جانب سورية في معركتها القاسية لإسقاط الاتفاق اللبناني ـ الاسرائيلي آنذاك ضد «القوات اللبنانية» التي اقتفت اثر الاجتياح الاسرائيلي لمنطقتي الشوف وعاليه لتنتشر فيهما، فكان ان انتهت المعركة السياسية بسقوط الاتفاق والمعركة العسكرية بسيطرة وليد جنبلاط على جبل لبنان الجنوبي (الشوف وعاليه وجزء من بعبدا) بمسيحييه ودروزه.يومذاك قال الرئيس اللبناني الراحل كميل شمعون في مجلس خاص «عملت 50 سنة حتى أجعل الدروز فريقين متناقضين في لبنان، فإذا بأمين الجميل يوحدهم في يوم واحد» قاصداً بذلك التفاف الدروز، ارسلانيين وجنبلاطيين، حول وليد جنبلاط في «حرب الجبل» التي انتهت بتهجير السكان المسيحيين من الشوف وعاليه وبعض مناطق بعبدا (لا يزال جنبلاط حتى اليوم يقوم بمصالحات بين المسيحيين والدروز لتأمين عودة المهجرين باكملهم).
وفي مطلع التسعينات بعد تسوية اتفاق الطائف وبداية عهد الياس الهراوي، اعاد السوريون التوازن الى الطائفة الدرزية، فاتخذ طلال ارسلان (وزير المهجرين حالياً) موقعه للمرة الاولى وزيراً في حكومة عمر كرامي (1990) ثم نائباً معيناً بعد اشهر في مقعد والده مجيد ارسلان العجوز، ثم نائباً منتخباً (1992 و1996 و2000). اما وليد جنبلاط، فنال منصبا وزاريا قبله في الحكومة الثانية بعهد الرئيس أمين الجميل (1984)، ثم في الحكومات الست بعهد الياس الهراوي، فنائباً معيناً في مقعد والده (1991) ثم منتخباً ورئيس كتلة برلمانية كبيرة (1992، 1996، 2000).علاقة جنبلاط بسورية تعرضت في بعض الاحيان للاهتزاز، ومنها ما هو مستمر حتى اليوم على خلفية انتخاب اميل لحود رئيساً للجمهورية اللبنانية. وقد اتخذ جنبلاط آنذاك موقف المعارض لانتخابه. وامتنع نواب كتلته عن التصويت له رئيساً 1998 في حين اتهمه وليد جنبلاط، في مطلع ولايته، بانه «يعسكر النظام». غير ان الهوة الواسعة ازدادت اتساعا بين السوريين وجنبلاط بعد تمديد ولاية الرئيس لحود 2004. وقدم وزراء «اللقاء الديمقراطي» الذي يترأسه جنبلاط استقالاتهم احتجاجاً على التمديد. واصبح جنبلاط زعيم حركة معارضة كبيرة متنوعة وغير طائفية بوجه ما يسميه بـ«الحكم الأمني». من الملاحظ ان وليد جنبلاط تأثر بشكل كبير بوالده كمال الذي جسّد الشخصية العميقة الثقافة والمعرفة، الواسع الاطلاع في الفلسفة وعلم النفس والعلوم والطب والآداب والفنون على اختلاف مدارسها ومذاهبها (وكان يقرض الشعر بالعربية والفرنسية)، وكان الدرزي ذا المنشأ والتربية المارونية، (في مدرسة عينطورة للآباء اليسوعيين) والحائز «وسام لينين» وفي مقدم المناضلين للمقاومة الفلسطينية واليسار العربي والدولي وصديق الاتحاد السوفياتي. وقد ورث جنبلاط الإبن من الأب هذا الارث الفكري والثقافي الموسوعي، غير ان هذا الارث كله لم يكن ايجابيا، فالزعامة في لبنان ثبت دوما انها مكلفة.
تغيير ولاءه الدائم:
لقد غير ولاءه وعهوده مع القوى الرئيسية في لبنان عدة مرات، كان في بداية الحرب الأهلية اللبنانية حليفا لسوريا والى فترة طويلة بعد انتهائها، غير أنه غير موقفه بشكل جذري في عام 2004، وانضم الى المعسكر المطالب بانسحاب سوريا من لبنان، فيما بعد اغتيال رفيق الحريري تصاعدت حملته ضد سوريا واتهمها بأنها متورطة في اغتيال الحريري، وقد عبر وليد جنبلاط عدة مرات عن قلقه من استهداف حياته.
والمعروف ان وليد جنبلاط ليس له صديق معين بل متقلب فصديق اليوم قد يكون عدوه غد والشواهد كثيرة على ذلك...