رسالتي هذه المرة مبنية على الخبر الذي نقله لنا أخينا الفاضل/معيض الرفدي
حول المشاجرة التي وقعت في مدرسة شرحبيل بن حسنة الثانوية بنجران
وكانت محملة بالإصابات والبعض أودع دار الملاحظة الإجتماعية
ومجموعة أخرى تم توقيفهم لمتابعة التحقيق في الملابسات
وكان هذا الخبر
على هذا الرابط
http://www.weelan.com/vb/showthread.php?t=6609
ولذلك أحببت ان تضم رسالتي الجوانب السلبية والإيجابية حول مشكلة
كثيرا ما تتكرر أمام أعيننا
الا وهي
المشاجرات الطلابية
وماهو دور الأسرة والمدرسة والمجتمع تجاهها
ولعل أبرز المشكلات التي تعاني منها المجتمعات على مر الدهور والأزمان المشاجرات بين الأفراد، ويجيء تركيزنا هنا على المشاجرات الطلابية وخطورتها، كونها تنشأ عن نزعات صبيانية واضطرابات او توترات تتعلق بمرحلة المراهقة.
تلك المراهقة الممزوجة بالسلوك االعدواني
حيث يتسم سلوك المراهق فيها بالعدوانية على الآخرين والأشياء فيعتدي على أقرانه، ويتفاخر بتحطيم ممتلكات المدرسة، وبالاعتداء على زملائه وأخوته، ويحلو له التهكم بالمدرسين وبالوالدين، وربما يعتدي عليهم، ويتباهى بالسلوكيات المشينة وبالقوة العضلية، ويرى من نفسه بطلاً مغواراً لا يشق له غبار، ولا يقف في طريقه أي شيء
فالمشاجرات مشكلات تشكل خطراً على الافراد وتعرضهم لمجموعة من الآثار والنتائج التي تزيد من قلقهم واضطرابهم النفسي، وتخلق منهم شخصيات حاقدة، ومريضة هدفها العدوان، والانتقام وتبرز خطورة هذه السلوكيات في انها تشل طاقات المجتمع، وتهدد بتفكك وتعرض حياة افراده وسلامتهم وممتلكاتهم للخطر، ويتزايد لديهم شعور العنف والاستهتار واللامبالاة، وقد يهدد ذلك أمن المجتمع، وتعد المشاجرات الطلابية مدخلاً الى عالم الجريمة.
ان ظاهرة المشاجرات الطلابية تعد واحدة من المشكلات الاجتماعية التي تتكرر في اكثر من بيئة وان هذه المشكلة ظلت تبحث عن الحلول زمناً طويلاً. ولكن كيف السبيل الى الحل؟ وما الجهات التي يقع على عاتقها مسؤولية تلك الحلول؟ قطعا يأتي التربويون ورجال القانون، وأطباء النفس والاجتماع والخدمة الاجتماعية على رأس المعنيين بوضع أسس الحلول لهذه المشكلة التي بات تهدد المجتمع بأسره.
ولو أخذنا التفسير التكاملي الشامل لهذه المشكلة فسوف نرى اشتراك اكثر من سبب في هذا السلوك، هذا بالاضافة الى العوامل البيئية التي تشمل:
الجوانب الذاتية
والعوامل العائلية
والعوامل الاجتماعية
وكلها تساهم في ايجاد بيئة المشاجرات الطلابية.
دوافع المشاجرات!!
- النعرات القبلية النابعة من البيئة الإجتماعية الغير سوية
- عدم إهتمام ولي الأمر بأبنائه وترك مسؤلية تربيتهم للشارع ليصيغهم على هوى ابطاله
- تعزيز جانب السلبية من قبل ولي الأمر من خلال تمسكه بالعادات القديمة التي لا يحكمها الا العشوائية وذلك بغرس مبدأ الثأر وأخذ الحق باليد دون الإستعانة بالجهة المسئولة كالمدرسة او المخفر
- المشاجرات الطلابية التي تحدث احيانا في بعض المدارس لا تنطلق من فراغ.. ولا تأتي من المجتمع أو الأسرة بشكل مباشر بل تنبع من بيئة المدرسة التي توفربعض الشروط والتوترات والظروف التي تساعد على اشعال المشاجرات.
- تراكم مشاعر الاحباط لدى الطلبة يساعد على خلق حالة من التوتر والانفعالات التي تقود الى المشاجرة.
- الازدحام لدى مرافق المدرسة يوفر بيئة صالحة لنشوء التشاجر، وشيوع معايير التراخي والاهمال بين بعض الطلاب يقود الى مقاومة المعايير المدرسية وبالتالي ينعكس ذلك على نفوس الطلاب وانفعالاتهم.
- تكوين جماعات الاصدقاء أو الشلل على اساس قبلي او اجتماعي او سكني وتمركزها في حيز محدد وممارسة نشاطات خاصة يؤثر سلبا على روح الترابط بين طلاب المدرسة ويوفر مناخ الاحتكاك والتنافر. وقد يقود ذلك الى تشكيل شلل اخرى من قبل مجموعات طلابية منافسة.. مما يجعل ساحة المدرسة حلبة للتنافس والسيطرة والنفوذ بدلا من التنافس العلمي الشريف.
ومن هنا يتبين لنا ان المدرسة والأسرة والمجتمع لهم دورا بارزا في رسم خارطة الطريق لتلك الشخصية
و سوف نأخذ هنا دور كلا منهما على حده:
دور الأسرة
تعتبر الاسرة الحصن الاساسي الذي ينشأ فيه الطفل، فهي تستطيع توجيهه سلوكياً حسب القيم والمفاهيم السائدة لديها
والاسرة المسلمة بما لديها من قيم واخلاق تقوم بتهيئة الطالب نفسياً واجتماعياً، واعداده لتحمل الأمانة، ولمواجهة المواقف الطارئة، والتحكم في انفعالاته وعواطفه لانها تستمد منهجها التربوي من القرآن الكريم
فقد كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم «خلقه القرآن»
فالتنشئة السليمة تبني جيلا متزنا سويا محبا متعاوناً متآلفا.. ويجب الا نغفل البيئة الاسرية ومؤثراتها ودورها الايجابي والسلبي في تكوين النشء..
فالطفل الذي ينشأ ملازماً لوالديه ناهلاً من حنانهما وعطفهما وتوجيههما يختلف عن الذي يتربى على يد الخادمة، وتوجيهات السائق وغيرهما.
الاسرة والمشاجرات
عرفنا دور الاسرة في التنشئة والتربية، والتوجيه، ولكن ما دورها في المشاجرات التي تحدث بين طلاب المدارس؟ وما موقفها عندما يكون الابن طرفا فيها، وما وسائلها العلاجية لمنع اشتراك ابنها في تلك المشاجرات.
تستطيع الاسرة ان توفر الجو المناسب الذي يشعر فيه الطالب بالثقة والأمانة
كما ان الرعايةالدينية التي تبعده عن المعاصي والمغريات وتحبب اليه الطاعات والفضائل تصنع منه شخصا متزناً وهادئاً. إلى جانب الرعاية والوقاية بعزله عن رفقاء السوء والرقابة الدائمة ، والابتعاد عن مشاهدة افلام العنف
كما يمكن للاسرة ان تقوم بالرعاية العلاجية بعد حدوث المشاجرات لابعاده عن مصادر المشكلة ووضعه في اطار جديد لتغيير اتجاهاته السابقة.
اضافة الى تعزيز السلوك الايجابي مادياً ومعنوياً.
دور المدرسة:
تعد المدرسة بوتقة لصهر الاجيال لينطلق منها الطالب لمعترك الحياة مسلحا بكل قيم الخير، ووسائل العلم، والمهارات المتعددة.
فالمدرسة تتكون من عادة ركائز اساسية عندما تتكامل ادوارها تستطيع ان تسهم بدور إيجابي تجاه علاج ظاهرة المشاجرات الطلابية،
فالمبنى الذي يضم الفصول والمرافق المتعددة والمسجد والقاعات والملاعب ان كان فسيحاً ورحباً ومهيأ يمكنه استيعاب طاقات الطلاب ونشاطاتهم وتحركاتهم بعكس المبنى الضيق الذي يساعد على التزاحم والاحتكاك.
وكذلك المعلم الكفء القدوة الحسنة يمكنه ان يكون مثالا يحتذى بين الطلاب والمرشد الذي يراقب سلوك الطلاب ويحل مشاكلهم جذرياً يستطيع ان يؤثر على الطلاب ويمنع وقوع المشاجرات.
والأهم من كل ذلك الادارة الحكيمة التي تشجع المعلم القدير وتأخذ بيد الجديد وتضع ولي الأمر امام كافة تصرفات الطالب لابد ان يكون لها دور فاعل في مواجهة ظاهرة المشاجرات.
وبهذا تصبح المدرسة مؤسسة تربوية يشعر الطالب فيها بالجو الأسري، والأمان والثقة والمحبة للآخرين. كما يمكن للمدرسة ان تنمي المفاهيم والافكار والمرجعية لدى الطالب.
مسؤلية المجتمع:
تتجسد مسؤولية المجتمع الاسلامي في الحرص على تربية الافراد من منطلق الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
وترسيخ مبدأ الاخاء بين افراده ومن هنا يحقق المجتمع الموازنة بين اهداف الفرد وافراد المجتمع بألا يطغى أحدهما على الآخر بل تسود قيم التعاون والمحبة بين الجميع
وعلى المجتمع ان يحرص على القضاء على التعصب. وقد شبه الرسول صلى الله عليه وسلم المجتمع «بقوم ركبوا سفينة» فان لم يتعاون الجميع لاصلاح اي خلل فإن العاقبة وخيمة على ذلك المجتمع.
وتبرز المشاجرات كاحد العوامل الخطيرة التي تهدد بنيان المجتمع وتزلزل أركانه اذا تتشابك اطراف عديدة فيها، ويدفع المجتمع الثمن غاليا
ويكون نصف المتشاجرين في المستشفيات والنصف الآخر بالسجن
في الوقت الذي يحتاج فيه المجتمع الى تضافر طاقات ابنائه للقضاء على الجهل والعادات السلبية وتحقيق الاهداف الانسانية السامية
حمانا الله وأياكم والهمنا الحكمة في توجيه وتربية النشء على الطريق القويم
لكل من مر باقة من الود
مع فائق تقديري للجميع
محبكم
ابو ريناااااد