عرض مشاركة واحدة
قديم 11/06/05, (01:08 AM)   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
السلفي العنزي
اللقب:
عضو نشط

البيانات
التسجيل: 01/06/05
العضوية: 242
الدولة: مملكة التوحيد ..في عروس الشمال
المشاركات: 187
بمعدل : 0.03 يوميا
معدل التقييم: 61
نقاط التقييم: 50
السلفي العنزي يستحق التميز


الإتصالات
الحالة:
السلفي العنزي غير متصل
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : السلفي العنزي المنتدى : المنتدي الاسلامي
افتراضي

تـــــــــــــــابـــــــــع


وإذا كان سائل الإمارة هذا حاله فما هو مصير من يرسخ نفسه للإمارة ويبذل الأموال الطائلة ويكثف الدعايات الكاذبة ويفعل الأفاعيل ليصل إلى قبة البرلمان أو ليكون عضواً في المجالس البلدية ، يفعل كل ذلك مخالفاً لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتبع هدي اليهود والنصارى , ويدعي أن هذا من الإصلاح ومن أسباب النهوض بالأمة ومن تحقيق العدالة والحرية , ووالله إنه لمن الضلال والظلم والفساد ودفع الأمة إلى الهلاك والشقاء , قال تعالى : فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (طـه: 123-126) فهذان مصيران متنافيان أحدهما أبعد عن الآخر بعد المشرقين .

1- مصير من اتبع هدي الله وهدي رسوله أنه لا يضل في الدنيا ولا يشقى فيها ولا يشقى في الآخرة بسبب اهتدائه للحق وتمسكه بذكر الله أي بوحيه وإتباعه لهذا الوحي .

2- ومصير من أعرض عن ذكر الله أي وحيه وهو ما أنزله على رسوله محمد ــ صلى الله عليه و سلم ــ فإنَّ له معيشة ضنكا أي حياة نكد وضلال وشقاء وذل وهوان في الدنيا والآخرة .

أما إذا كان الرجل يتمتع بالكفاءة العلمية والأخلاق العالية ومنها الصدق والأمانة والنصح لله ولكتابه ولرسوله وللمؤمنين فأعطي الإمارة أو أي منصب من غير مسألة ولا حرص أو أكره عليها فقد وعده الصادق المصدوق بالإعانة من الله على القيام بما أسند إليه من المهام ونتيجة لذلك يأمن الناس من ظلمه وتعيش رعيته ومن تحت مسئوليته في أمان من جوره وعسفه .

وعن أبي موسى قال ( دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورجلان من بني عمي ,فقال أحد الرجلين : يا رسول الله أَمِّرْنَا على بعض ما وَلاَّك الله عزَّ وجلَّ، وقال الآخر مثل ذلك , فقال رسول الله ــ صلى الله عليه و سلم ــ (إنَّا والله لا نُوَلِّي على هذا العمل أحداً سأله ولا أحداً حَرِصَ عليه ) متفق عليه .

في حديث أبي موسى هذا تشريع للأمة وعلى رأسها الأئمة من خلفاء وغيرهم أن يحولوا بين من يسألون الولايات أو يحرصون عليها ولو كان السائل من أفضل الناس , فإن سائلها لا يوفق للنهوض بأعباء مسئولية الإمارة ويحرم من عون الله ولهذا كان أفاضل السلف يفرون من تولي المناصب كالقضاء وغيره , وكان بعض من يعطاها من غير سؤال أو يكره عليها من أروع الأمثلة للعدل والورع والدعوة إلى الله ونشر الخير في الأمة .

فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرم من يسأل الولاية من أصحابه أو يحرص عليها وهم خير أمة أخرجت للناس فكيف بغيرهم ولو كان من أتقى الناس وأزهدهم ، بل وكيف ومن يسألها ويحرص عليها ويسعى في تحصيلها من الجهلة والمنحرفين والفساق , ماذا ستكون النتائج وقد خذلهم الله فلم يمدهم بعونه , ماذا سيلحق بالأمة من الظلم والعسف وسلب الحقوق ومصادرة الحريات والاستئثار بالأموال والوظائف والمصالح , لا سيما إذا كان هناك في المجتمعات تكتلات وتحزبات سياسية وغيرها .

وهذا أمر ملموس ومشاهد في البلدان التي آثرت الحكم بالقوانين الأجنبية على الحكم بما أنزل الله وآثرت الديمقراطية وما يتبعها من التعددية الحزبية والانتخابات على منهج الإسلام في الوصول إلى الولايات والمناصب وغير ذلك مما يخالف منهج الإسلام القائم على مراعاة حقوق الله في الدرجة الأولى وعلى العدل ومراعاة المصالح والمفاسد وإسناد الأمور إلى الأكفاء .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ قال ( إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة فنعمت المرضعة وبئست الفاطمة ) رواه البخاري (6729) وغيره .

قال الحافظ ابن حجر في شرح حديثي أبي موسى وحديث أبي هريرة -رضي الله عنهما- " زاد في رواية شبابة "وحسرة " ويوضح ذلك ما أخرجه البزار والطبراني بإسناد صحيح عن عوف بن مالك بلفظ ( أولها ملامة وثانيها ندامة وثالثها عذاب يوم القيامة إلا من عدل ) .

وقال الحافظ " قال البيضاوي فلا ينبغي لعاقل أن يفرح بلذة يعقبها حسرات . قال المهلب: الحرص على الولاية هو السبب في اقتتال الناس عليها حتى سفكت الدماء واستبيحت الأموال والفروج وعظم الفساد في الأرض بذلك ووجه الندم أنه قد يقتل أو يعزل أو يموت فيندم على الدخول فيها لأنه يطالب بالتبعات وقد فاته ما حرص عليه بمفارقته ،قال : ويستثنى من ذلك من تَعيَّن عليه كأن يموت الوالي ولا يوجد بعده من يقوم بالأمر غيره ، وإذا لم يدخل في ذلك يحصل الفساد بضياع الأحوال " فتح الباري ( 13/135) .

وإذا كان الحرص على الولاية قد أدى إلى ما ذكر من سفك الدماء إلى آخره في الأزمنة الماضية فماذا ينتظر الآن من السياسيين وقيادات الأحزاب وطوائف أهل الضلال الذين بهرتهم الحضارة الغربية وعادات أهلها وتقاليدهم وقوانينهم وطرقهم للتوصل إلى الحكم ومنها الانتخابات وما يتبعها من دعايات وإنفاق الأموال الطائلة رشوة لكسب الأصوات فمن يستطيع أن يتصور الفساد الأخلاقي والديني في المجتمعات وشحن الصدور بالغل والعداوات ؟

أثر البطانة الصالحة والفاسدة :

عن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه- عن النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ قال ( ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان ، بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه فالمعصوم من عصمه الله ) البخاري في الأحكام حديث (7198).

ففي هذا الحديث بيان أن من سنن الله الكونية فيمن يتحمل مسئولية قيادة الأمة أن يبتليه ببطانتين :

إحداهما: خيرة تراقب الله وتخشاه وتريد للناس الخير فتشير على هذا الخليفة أو السلطان أو الملك بالمعروف من العدل والإحسان والبر والرحمة والتربية على العقائد الصحيحة والأخلاق الإسلامية العالية ونشر العلم الشرعي والرفق بالأمة أو من تحت سلطانه وتحضه على ذلك أي ترغبه في ذلك وتؤكده عليه ، فإن استجاب لهذه البطانة الخيرة التي تريد له وللناس الخير الشامل ساد الأمن والعدل بين الناس وقامت شرائع الدين وشعائره وسادت المحبة والوئام بين الأنام .

والثانية: البطانة الشريرة التي تأمره وتشير عليه بالشر من الظلم والتعسُّف والاستبداد وتزين له ذلك وتؤكد ذلك عليه ساد الظلم والتظالم وفساد العقائد والمناهج وساد التحاسد والتباغض والتدابر والفرقة والاختلاف والأثرة والأنانية بين أفراد الأمة وجماعاتها .
فعلى ولاة الأمور من الحكام والوزراء والأمراء والقضاة وأهل الفتوى وأعيان الناس ممن لهم رعايا وأتباع أن يختاروا البطانات الصالحة والجلساء الصالحين الأمناء الناصحين الذين يأمرونهم بالمعروف ويحضونهم عليه ويحبون للناس الخير وأن يحذروا من بطانات السوء الذين يأمرونهم بالشر ويحضونهم عليه ، فهؤلاء لا يريدون لأنفسهم ولجلسائهم ولأمرائهم وللناس إلا الشر ، فهم من شياطين الإنس الذين يصدون الناس عن الحق ويدعون إلى الباطل والظلم ، يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً .

فعلى من ولي شيئاً من أمور المسلمين أن يحذر هذا الصنف من البشر وألا يقبل لهم رأياً ولا مشورة ، وما ذكرهم رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ إلا ليحذرهم الناس وبالدرجة الأولى ولاة أمر المسلمين .

وقريب من هذا الحديث قول النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ حديث عائشة-رضي الله عنها- قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا أراد الله بالأمير خيراً جعل له وزير صدق إن نسي ذكَّره وإن ذكر أعانه ،وإذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزير سوء إن نسي لم يذكره وإن ذكر لم يعنه ) رواه أبو داود (3/131) وهو حديث صحيح .

فالإمام العادل من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، ولا يتسنى له القيام بالعدل إلاَّ بالأعوان الصادقين الناصحين الذين يذكرونه بما يجب عليه أن يقوم به تجاه ربه وتجاه رعاياه ، وإذا كان كذلك فعليه البحث والفحص عن المعادن الطيبة الخيار ليتخذ منهم الوزراء والأمراء والقضاة والإداريين ، وعلى هؤلاء أن يتحروا جلساء الخير من أهل العلم والعقل والفضل والنصح ، فهم كما قال رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ ( مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة ) متفق عليه.

وأن يجتنبوا جلساء وقرناء السوء فهم كما قال رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ كنافخ الكير إن لم يحرقك لم تسلم من خبثه .

ويلحق بالإمام أهل المسئوليات الكبيرة من الوزراء والقضاة وأئمة الفتوى عليهم أن يختاروا البطانات والجلساء والنصحاء الأكفاء ، وأن يحذروا بطانات وجلساء الشر والغش والخيانات، وبذلك كله يسود العدل الذي قامت عليه السماوات والأرض ويسود الحق والخير والتوحيد والأمن ويعظم شأن الأمة ويرفع عنها الذل والهوان الذي جثم على صدرها من قرون .

وروى البخاري في كتاب الرقاق باب ( العزلة راحة ..) حديث (6131) بلفظ ( إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة )

وعن أبي هريرة-رضي الله عنه- عن النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ قال ( إذا ضُيِّعَتِ الأمانة فانتظر الساعة ، قال السائل كيف إضاعتها ؟ قال : إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة ) أخرجه البخاري في كتاب العلم حديث ( 59) وغيره .

- قال الحافظ في شرح هذا الحديث : ومناسبة هذا المتن لكتاب العلم أن إسناد الأمر إلى غير أهله إنما يكون عند غلبة الجهل ورفع العلم وذلك من جملة الأشراط ومقتضاه أن العلم ما دام قائماً ففي الأمر فسحة وكأن المصنف أشار إلى أن العلم إنما يؤخذ من الأكابر واستشهد بحديث أبي أمية الجمحي أن رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ قال ( من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر ) .

وما تضمنه الحديث يوجد منه الكثير في حياة المسلمين ولا سيما بعد تسلط الغرب التسلط العسكري والفكري ولا سيما بعد محاولته فرض الديمقراطية ومشتقاتها في بلاد المسلمين حتى أصبح لا يطلق العلم إلا على ما اخترعه الأروبيون وأصبح لفظ العلماء إذا أطلق في الصحف والمجلات وغيرها لا ينصرف إلا إلى علماء الغرب ، فإلى الله المشتكى من غربة الإسلام حتى في أوطانه (بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء ) سبق تخريجه .

ومع كل هذا فلا نيأس من روح الله ونضرع إليه تعالى أن يوفق أمة الإسلام للعودة الصادقة الجادة إلى كتاب ربها وسنة نبيها وواقع سلفها الصالح لتخرج بذلك من دوامة الذل الذي نزل بأغلبها فإن ذلك لا يرفع عنها إلا بهذا الرجوع الذي أرشدنا إليه رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ بقوله ( إذا تبايعتم بالعينة ورضيتم بالزرع واتبعتم أذناب البقر وتركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلاً لا ينـزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) رواه أبو داود (3/274) وغيره وهو صحيح .

وكل هذا وذاك وقع فعلاً في المسلمين ولا مخرج لهم ولا ينـزع عنهم هذا الذل المهين إلا بما أرشد إليه رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ بقوله حتى ترجعوا إلى دينكم .

نسأل الله أن يجعل من هذه الأمة -شعوباً وحكاماً وعلماء- آذاناً صاغية وقلوباً واعية لما قاله الرسول ــ صلى الله عليه وسلم ــ وأرشد إليه .

وفي هذه الحوادث والأحداث الكبيرة ما يحفزهم ويدفعهم إلى المخرج مما يعيشونه ألا وهو العودة الصادقة إلى دينهم الحق الذي رضيه لهم وشرفهم به .

نسأل الله أن يحقق ذلك منهم إن ربنا لسميع الدعاء .


كتبه :
الشيخ الدكتور/
ربيع بن هادي بن عمير المدخلي

مكة في 10 / ربيع الثاني / 1426هـ

فجزاه الله عنا وعنكم خيرا
[/size]


















توقيع : السلفي العنزي

قال الفقيه أبو عبد الله القلعيّ الشافعي في كتابه ((تهذيب الرياسة)) (ص 94):

((. لو لم نقل بوجوب الإمامة؛ لأدى ذلك إلى دوام الاختلاف والهرج إلى يوم

القيامة.

لو لم يكن للأمة إمام قاهر؛ لتعطلت المحاريب والمنابر، وتعطلت السبل للوارد

والصادر.

لو خلا عصر من إمام؛ لتعطلت فيه الأحكام، وضاعت الأيتام، ولم يُحج البيت

الحرام. لولا الأئمة والقضاة والسلاطين والولاة؛ لما نكحت الأيامى ولا كفلت اليتامى.

لولا السلطان؛ لكان الناس فوضى، ولأكل بعضهم بعضا )
).


التعديل الأخير تم بواسطة السلفي العنزي ; 11/06/05 الساعة (01:15 AM)
عرض البوم صور السلفي العنزي   رد مع اقتباس