عرض مشاركة واحدة
قديم 03/07/11, (06:40 AM)   المشاركة رقم: 21
المعلومات
الكاتب:
جلال الدرعان
اللقب:
مشرف منتدى الخواطر والقصص

البيانات
التسجيل: 17/12/10
العضوية: 6107
الدولة: الجبيل
المشاركات: 1,418
بمعدل : 0.29 يوميا
معدل التقييم: 43
نقاط التقييم: 541
جلال الدرعان مـــبــــدع بـــلا حـــدودجلال الدرعان مـــبــــدع بـــلا حـــدودجلال الدرعان مـــبــــدع بـــلا حـــدودجلال الدرعان مـــبــــدع بـــلا حـــدودجلال الدرعان مـــبــــدع بـــلا حـــدودجلال الدرعان مـــبــــدع بـــلا حـــدود


الإتصالات
الحالة:
جلال الدرعان غير متصل
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جلال الدرعان المنتدى : منتدى التاريخ والتراث العربي
افتراضي رد: دراسة عن قبيلة عنزة Anza tribe bin Wael


الأمير فاتسواف جيفوسكى وقبيلة الرولة




حكاية الأمير فاتسواف جيفوسكى W. Rzewuski 1785-1831
الكاتب د. استاذ مساعد أحمد نظمي
4 / 8 / 2007م









لا شك أن بولندا كدولة كان لديها اهتمام كبير بالشرق فقد تجاورت مع دولة شرقية إسلامية وهي الدولة العثمانية لفترة تاريخية ليست قصيرة، كما اتصلت مع شعوب شرقية تسكن في الجنوب الشرقي من أوربا كالأرمن والقوزاق والتتار وغيرهم من شعوب القوقاز.

وقد ظهر الاهتمام بالشرق على مستوى الدولة البولندية من خلال اهتمامها بتخريج عدد من المستشرقين الذين يتقنون لغات شرقية من أجل استخدامهم في أعمال وزارة الخارجية والمبعوثين الدبلوماسين والمترجمين إلى البلاد الشرقية، وعليه فلا يوجد غرابة في محاولتها تأسيس مدرسة للاستشراق للطلبة البولنديين في استنبول كي يتعلموا فيه اللغات الشرقية خاصة التركية والعربية، إلا أن هذا المعهد لم يلاقى نجاحا كبيرا وسرعان ما انتهي دوره بعد وقوع بولندا تحت الاحتلال. وبعد تعرض بولندا لاحتلال ثلاث دول هي روسيا القيصرية وإمبراطورية النمسا والمجر وبروسيا، وعلى إثر ذلك فر الكثير من مثقفي بولندا إلى خارج البلاد أو خضعوا لمستعمريهم وتعلموا على يديهم وفي معاهدهم، وأصبح لدينا جيلا جديدا من المستشرقين.

كما كانت هناك اهتمامات فردية مبكرة بالشرق من خلال مغامرين ورحالة بولنديين سافروا ورحلوا نحو الشرق سواء حبا في الترحال أو رغبة في العلم والمعرفة. . ومن أوائل هؤلاء الرحالة فاتسواف جيفوسكي. وهو من أسرة نبيلة، ابن كل من سيفيرين جيفوسكي القائد العسكري في الجيش الملكي البولندي وأمه كونستانزا من بيت ليمبورسكي، ولد في الخامس عشر من شهر ديسمبر كانون أول من سنة 1785 في مدينة لفوف.

رحل جيفوسكي مع أبيه وهو في صباه إلى مدينة فينا بعد التقسيم الثالث لبولندا، حيث تلقى هناك تعليمه وظهر اهتمامه بالشرق بتشجيع من يان بوتوتسكي الرحالة والكاتب البولندي الشهير. ظهر اهتمامه باللغة العربية والتركية آنذاك وتتلمذ على يد مستشرقين من أمثال جوزيف فون همر المستشرق النمساوي الشهير و ويوليوش كلابروث.

تعلم العربية في فيينا على يد واحد من الرهبان اللبنانيين وهو الأب أنطون عريضه، وهكذا تقرر مصيره وارتباطه بالشرق منذ مطلع حياته للعديد من الأسباب منها حبه للخيول وتلقيه التعليم على أيدي مهتمين بالدراسات الشرقية. كما انخرط منذ مطلع شبابه مع الأوساط البولندية الساعية نحو تحرير بولندا من ربقة الاحتلال الروسي.

وقد برز نشاطه الأستشراقى منذ بداية القرن التاسع عشر فنرى انه ساهم في النشر منذ عام 1808 مع مجموعه من المستشرقيين في المجلة الاستئراقية المتخصص المعروفة تحت عنوان مناجم الشرق Fundgruben des Orients والتي ظلت تصدر حتى سنة 1819، وقد صدر منها ستة مجلدات وقد اشترك في تحريرها العديد من مستشرقي أوربا ومنهم جوزيف فون همر، البارون دى ساسى والمستشرق جوردون وغيرهم [1] وكان عضوا في الكثير من الجمعيات والأكاديميات العلمية في ألمانيا وبولندا.

وبالرغم من السمعة الحسنة التي حصل عليها جيفوسكي في الأوساط الثقافية والأدبية إلا أن المعلومات عنه تعد قليلة وغامضة بعض الشيء ولا تتفق المصادر التي كتبت عنه في التفصيلات التي قد يحتاج إليها الباحث. بدأ جيفوسكي ترحاله في عمر ناهز الثلاثين عاما، حيث كان لديه طموح دائم للسفر إلى الشرق فنرى انه في سنة 1815 أو ربما في 1818 رحل إلى الشرق وزار العديد من البلدان، تركيا سوريا، لبنان، فلسطين، الأردن والعراق، ويبدو أن اهتمامه بحياة البدو وتربية الخيول العربية قد سيطر على فكره خلال فترة حياته. وتذكر بعض المصادر المهتمة بتربية الخيول أن الدافع أو الهدف الرئيسي من سفره إلى الشرق العربي كان من أجل إحضار خيول عربية أصيلة للاصطبلات الاوربية.

فبعد انتهاء الحرب النابليونية في أوربا وبأمر من الملكة اليكساندرا الأولى في فيرتينبورج سافر جيفوسكي إلى الصحراء العربية في 1817 من أجل استحضار خيول لاصطبلات الملكة[2]. وفي هذه الرحلة تواجد في دمشق والمناطق المحيطة بها وفي رحلة ثانية ولنفس الغرض أقام في حلب ، وفي عام 1234هـ / 1819م كان جيفوسكي قد بدأ يدخل في عالم البدو الرحل، وكما نعرف سكن جيفوسكي فترة ليست بالقصيرة في بطن من بطون قبيلة عـنـزة البدوية (شمال المملكة العربية السعودية حاليا) وهي قبيلة الـرولــه وعاش حياتهم وقلدهم في معاشهم وسكنهم ولباسهم، بل وشارك في الحروب القبلية التي كثيرا ما كانت تنشأ بين البدو في الصحراء، وكان يدعى لهم أنه من نسل قبيلة عربية، هاجر جده إلى بولندا " ليخستان"، بل وسيطرت عليه فكرة انه من نسل القبائل العربية وأن أجداده الأوائل قد هاجروا إلى شرق بولندا[3]، ويبدو أن هذه القصة التي اختلقها وكان يرددها على مسامع البدو الذين يعيش بينهم قد سيطرت عليه حتى صدقها هو نفسه. ولقد أطلق عليه العرب أو هو على نفسه اسم الأمير وسموه أو سمى نفسه باسم الأمير تاج الفخر. وتكتفي الموسوعة العامة البولندية بالقول أنه منح لقب أمير في مصر ونسب إلى بيت "تاج الفخر" ولقب بصاحب اللحية الذهبية[4]. وليس لدينا فكرة محددة بالضبط عن الفترة التي قضاها في الشرق وربما يتفق المؤرخين بأنه ربما قضى هناك من 5-6 سنوات[5].

وقد انعكست اهتمامات جيفوسكي على أهم أعماله الإستشراقية، ومن ضمنها مذكراته التي حملت عنوان "عن الخيول الشرقية أو الخيول من سلالة شرقية" وقد يقال أنه عشق الشرق العربي من خلال عشقه للخيول العربية [6]، وقد نشر أيضا سلسلة من المقالات عن هذا الموضوع في مجلة مناجم الشرق [7]، وجاءت مقالاته محلاة بالرسوم الجميلة عن الخيول، وتتميز أغلب لوحاته بالحيوية الدافقة، ويؤكد الباحثون انه هو الذي قام برسمها. ويسود الاعتقاد في الأوساط البولندية أن جيفوسكي يعد واحدا من أهم مربي الخيول الأصيلة في بولندا، ويقال أنه في مطلع شبابه كان يمتلك في اصطبلاته ما يناهز 60 رأسا من الخيول الأصيلة[8]. هذا وقد قام بنشر عدد أخر من المقالات تحوى معلومات عن فقه اللغة وعن التاريخ العربي الإسلامي. نشر أيضا وصفا لرحلته إلى منطقة تدمر في سوريا. وجاء هذا المؤلف تحت عنوان رحلة إلى تدمر، ومصنف عن "ريح الصحراء" وخريطة عن تركيا [9]. ولقد حاول جيفوسكى بعد عودته إلى بولندا ان يهتم بموضوع تعليم اللغات الشرقية وكان لديه مشروعات استشراقية عديدة ومنها إنشاء مجمع علمى في بولندا يهتم بالأستشراق كما انه عاد وفي حوزته الكثير من المخطوطات التي زود بها المستشرقين وكذلك المكتبات وفي سنة 1830 اشترك جيفوسكى في انتفاضة نوفمبر تشرين ثاني 1830 – 1831م ضد الاحتلال الروسي والتي قام بها الشعب البولندي من اجل نيل استقلاله، وتقول المصادر أنه وبفضل خيوله استطاع أن يكون فرقة من الفرسان التي شاركت في هذه الانتفاضة.

وانقطعت أخبار جيفوسكي بعد ذلك الأمر الذي روج لكثير من الشائعات عن ظروف وفاته في موقعة داشوف في 14 مايو ايار 1831 ، أو اختفائه الغامض والتي نسجت من خلالها الكثير من الأساطير التي حامت حول ظروف اختفائه، ومن ضمنها أسطورة مفادها أنه نجا بحياته وفر إلى سافرانيا حيث توجد اصطبلاته وانتقى اثنين من خير خيوله التي حملته مرة أخرى إلى الصحراء العربية، وعاد مرة أخرى إلى الشرق حيث قضى بقية حياته وسط القبائل العربية متنكرا حتى توفي..!.

هذا وقد ألهمت أسطورة جيفوتسكى خيال الشعراء والأدباء الرومانسيين في بولندا. فكان موضوعا لاشعارهم وآدابهم، فكتب عنه الشاعر البولندي مسكيفتش قصيدة الفارس" Rycerz" وكذلك كان ملهما للشاعر سوفاتسكى في قصيدته بعنوان " الفخر بفاتسواف جيفوسكي Duma o Wacławie" “Rzewuskim. وقد استلهم الأدباء البولنديين وخاصة الشعراء منهم شخصية جيفوسكي في أعمالهم وجعلوه عنوانا لقصائدهم مثل فنسنت بولا W. Pola في قصيدته الشهيرة بعنوان القائد ذو اللحية الذهبية، و لودفيغ يابونوفسكي L. Jabłonowski، كما كان ملهما أيضا للرسامين البولنديين، ورسمه الفنان بيوتر ميخاوفسكي Piotr Michaowski في لوحة رائعة على صهوة جوادة في زي عسكري تركي ومعتمرا الطربوش التركي[10]، أما يوليوش كوساك Juliusz Kossak فقد رسمه في لوحة بعنوان جيفوسكي في الصحراء العربية، حيث رسمه على صهوة جواده في زي بدوي مخترقا الصحراء حاملا في يده حربة عربية طويلة[11] ، كما ألف ليون كابلينسكي Leon Kapliński في عام 1881 كتابا عن حياته وتاريخه تحت عنوان "الأمير جيفوسكي" [12] وكتب يان بجوزا عن مغامراته واستلهمه في قصة عن تاريخ حياته بعنوان الأمير جيفوسكي Emir Rzewuski نشرت عام 1969م [13] .

وقد حاول جيفوسكي بعد عودته إلى بولندا أن يوجه اهتمامه نحو تعليم اللغات الشرقية ومنها العربية بالطبع، وكانت لديه مشروعات استشراقية عديدة منها إنشاء أول مجمع علمي في بولندا يهتم بالاستشراق كما أنه عاد من الشرق وبحوزته الكثير من المخطوطات العربية التي زود بها المستشرقين البولنديين والمكتبات المختصة. ولقد أصبح جيفوسكى بعد ذلك علاقة مميزة من علاقات العصر الأدبى الرومانسي، اذ أصبح بطلا للقصص والأشعـار.. وقد كانت لدي فرصة في الإطلاع على بعض مخطوطات الرسوم التي تركها جيفوسكي والمحفوظة في المكتبة الوطنية في وارسو والتعليقات المكتوبة بخط يده على هذه الرسوم وذلك ضمن مذكراته المعنونة Sur les chevaux orientaux et provenants des races orientales''"، وهي المذكرات التي ظلت تنتقل من يد إلى يد حتى أصبحت أخيرا وفي عام 1927في حوزة المكتبة الوطنية البولندية، ويقال أنه حتى عام 1945 لم ير هذه المذكرات سوى 9 أشخاص فقط. ولا شك إن ما خلفه جيفوسكي لنا في هذه المذكرات يهم بشكل كبير علماء التاريخ والانثربولوجي والآثار والدراسات الشرقية والفن والفنانون وفي نهاية الأمر جمعيات ومؤسسات تربية الخيول. ونجد في هذه المذكرات أكثر من 400 لوحة رسمها جيفوسكي بريشته، الغالبية منها ملونة وتعبر عن الحياة البدوية وانطباعاته عن الصحراء، والمدن والأسواق والأماكن التي زارها. كما ترك نوت موسيقية مكتوبة بخطه عن الألحان العربية والبدوية القديمة التي سمعها وسجلها بقلمه والتي بلا شك تعد قيمة ثقافية كبيرة للمتخصصين والمستشرقين ،وتمثل الحصان العربي في الكثير من هذه اللوحات بل واعتبرت رسومه عن الجواد العربي معبرة عن الحس البولندي ودرجة عشقه للخيول العربية الأصيلة والتي نجد نسخها المصورة حتى الآن تزين جدران العديد من البيوت البولندية وصفحات الكتب والمجلات المتخصصة في الفن والخيول.

والحقيقة فأن الحكومة البولندية وفي زيارة لأحد أمراء البيت السعودي في عام 2007 لم تر هدية أفضل من رسوم جيفوسكي لإهدائها إلى الضيف الزائر باعتباره أنه عاش على الأراضي السعودية وبين قبائلها في يوم من الأيام، فقامت بإهدائه نسخ مصورة من هذه الرسوم مع ترجمة للحواشي المسجلة بخط المؤلف على هذه الرسوم إلى اللغة العربية.

من قصيدة الشاعر يوليوش سوفاتسكي الفخر بفاتسواف جيفوسكي Duma o Wacławie" “Rzewuskim




كان فارسا، سافر عبر البحار
استراح تحت نخلة
واستظل تحت شجرة سرو
مع صلاة العربي

كان في رحاب مكة
وحيث شاهد قبر الرسول
جواده العربي الأبيض دون شائبة

ومرات سبع عبر به سهول غزة
ووقف أمام الكنيسة وابتهل وسجد
مثلما يفعل المسافرون في سوليمي

أرشدته النجوم في رحلته عبر السهول
حاملا حياته في طرف حربته المجنحة
تائه في العالم واضعا ثقته في خنجره
فقد منحته اياه فتاة عذراء




نقله : عارف الشعيل ، منتدى الرولة .




الهوامش
---------------------------




[1] J.Ostrowski. Wacław Rzewuski w literaturze i sztuce-prawda i legenda, Orient i Orientalizm w sztuce, Materiały sesje stowarzyszenia Historyków sztuki, Kraków 1983.pp193,195.
[2] Horse Sport ,
http://www.horsesport.pl
[3] J. Raychman. Wacław Rzewoski – Tadź al-Fahr”Kontenenty” 1965 No 7 pp.38-39. J. Ostrowski, op.cit.p.196.
[4]Encyklopedia Powszechna, Tom V.
[5] Jan Brzoza, Emir Rzewuski, Nasza Księgarnia, Warszawa 1969, pp. 100,101
[6] J.Raychman. Ibid
[7] نجيب العقيقي. المستشرقون، المصدر السابق ج. 2 ص 90.
[8] Horse Sport ,
http://www.horsesport.pl
[9] نجيب العقيقي. المستشرقون نفس المصدر .
[10] J. Ostrowski. op.cit.pp. 197-198
[11] Horse Sport ,
http://www.horsesport.pl
[12] Leon Kapliński, Emir Rzewuski, Poznan 1881.
[13] Jan Brzoza, Emir Rzewuski, Nasza Księgarnia, Warszawa 1969.
..


















عرض البوم صور جلال الدرعان   رد مع اقتباس