عرض مشاركة واحدة
قديم 29/11/07, (03:14 PM)   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
عساف دخنان
اللقب:
عضو نشيط جدا
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية عساف دخنان

البيانات
التسجيل: 06/04/05
العضوية: 16
المشاركات: 424
بمعدل : 0.06 يوميا
معدل التقييم: 58
نقاط التقييم: 160
عساف دخنان متميزعساف دخنان متميز


الإتصالات
الحالة:
عساف دخنان غير متصل
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عساف دخنان المنتدى : منتدى التاريخ والتراث العربي
افتراضي ابطال من الصحراء ( 4 )

( بســــــــــــم الله الرحــمــــــــــن الــــــرحـــيـــــــــــم )


أما قبائل شمر فلم ينسوا ماخسروه من ديارهم ، لقد أرسلوا رسلهم لقبائل شمر النائيه يستنجدونهم على سعدون وأبنائه ، وفي هذا الأثناء غزا هايس القعيط شيخ قبيلة آل بريك - شمر- من الجزيرة بالعراق، ومعه سبعون فارساً غزا بلاد ( ولد سليمان ) جماعة سعدون العواجي ، وعندما كمن بالقرب من مغالي أبل ( ولد سليمان ) رآهم شخص من قبيلة آل سويد من شمر ، وكانت والدته من جماعة سعدون العواجي وهم أخواله ، فذهب لهم وأنذرهم هجوم شمر أهل الجزيرة الذين يترأسهم هايس القعيط ، وسميت بعد ذلك عائلة هذا الشخص ( بالنذرة ) ولا زالوا بهذا الأسم حتى الأن بين شمر ، وعندما علم (ولد سليمان) أن هايس القعيط ومن معه قد كمنوا لأبلهم هبوا وركبوا خيولهم ، وراحوا للأبل بالمفلى من ليلتهم ، وفي الصباح أغار عليهم جماعة هايس القعيط ، يتقدمهم زعيمهم البطل الشجاع هايس ، وحصلت المعركة بينهم ، وهزم هايس وجماعته وجماعته ، وألقوا القبض على سبعين شخصاً كانوا من جماعة القعيط يحملون الماء والشعير، للسبعين الجواد التي عليها الفرسان ، وهؤلاء يسمون ( زماميل الخيل ) ، وراح عقاب يطارد فرسان شمر المنهزمين ، وأتبعه أخوه حجاب ، وعندما أبصر هايس القعيط عقاب وحده وأخوه يتبعه بعيداً عنه ، التفت الي جماعته وقال : اليوم هذا يوم الثأر ، أنظروا عقاباً وحده ، والذي أتى به اليوم هو حظكم يا فرسان شمر ، ويجب علينا أن نهب عليه جميعاً لعلنا نظفر به ، وأذا أراد الله وقتلناه فقد أخذنا ثأر شمر جميعها ، وذكرهم بفارس شجاع قتله عقاب بالعام الماضي ، وهو هذلول الشويهري ، وكان عزيزاً على كل قبائل شمر ، وفقدانه كان خسارة عليهم ، فشحذ هممهم
وأستثارهم ، فصمموا أن يهبوا هبة رجل واحد ، وفعلاً جرى ذلك عندما أقتربوا من كثبان من الرمل تسمى ( زبار وريك ) ، وكان عقاب على مقربه منهم ، فرجعوا شاهرين سلاحهم صفاً واحداً ورشقوا عقاب بسهامهم فقتلوا جواده ، فخر على الأرض ، ثم نزلوا عليه وقتلوه ، وأستمروا يطاردون أخاه حجاب فظفروا به وقتلوه ، حصل هذا وفرسان (ولد سليمان) لا يعلمون عما حصل على زعمائهم عقاب وحجاب ، وكانوا منشغلين عند السبعين الذين أسروهم ، وبقوا يتقاسمون غنيمتهم ، وما علموا أنهم خسروا بذلك عقاب الخيل وأخاه حجاب ، وبهذا أنهدم عز الشيخ سعدون ، وتداعت أركان مجده ، بفقدان أعز أبنائه .
أما قبائل شمر فقد شفوا غليلهم بمقتل عقاب وحجاب ، وطاب نومهم ، وأخذ شعراؤهم يفخرون ويدبجون الشعر ، أسجل هنا ثلاث قصائد من شعرهم ، منها قصيدتان لمبيريك التبيناوي ، وواحده لأبن طوعان ، وهما من شعراء شمر البارزين : وهذه أحدى قصائد مبيريك التبيناوي:


أن كان ( هيفا ) تزعج العام الأصوات = ( نوت ) يروع اليوم جضة قطينه
عقاب رمنه يوم الأفراس عجلات = وكلن حثات البراثن وتينه
فوات قبل مدورين الجمالات = يا ليت عقال الملا حاضرينه
وحجاب ياما قال بالبيت : قم هات =عزي لكم يا لابةٍ فاقدينه
من زوبعٍ والا السناعيس الافات = فوات ماعود على مرتجينه
خلوه زينين ( المياحه )و(الأرات) = وينام سعدون على سهر عينه
هاذي سلومٍ بيننا يالقرابات = ياحلو ردات الجزا قبل حينه

وهذه قصيدة التبيناتوي الثانية :


ياعقاب عقبان المنيصب لون لك = واستلحقن ياعقاب راسك معه راس
لا تحسب أن الخيل قافٍ عطن لك = أرقابهن عوجٍ لكم عقب مرواس
أحذر من اللي بالقدح غذين لك = شهب النواصي فوقهن كل مدباس
هايس على صم الرمك عابيٍ لك = عيال زوبع مروية كل عباس
بغربي زبار أوريك يوم أوجهن لك = راحت تدهدا جثتك ما بها راس

وهذه قصيدة الشاعر رشيد بن طوعان :


حرٍ شهر بس الزماميل والخيل = يدور صيداته بغراة الأجناب
باول شبابه عذب الكنس الحيل = وخبط بيمناه البحر عقب ماشاب
راح النذير وصبح النزل بالليل = وتكافحت فزعاتهم قبل الأداب
وتوافقوا بالعرق حد الغراميل = متكاظمين مثل أبازيد وذياب
وغشا زبار أوريك مثل الهماليل = ونشبت رماح القوم باقطي الأصحاب
وترايعوا للهرش ربع مشاكيل = حماية التالين والخيل هراب
عيال الشيوخ معربين الأخاويل = ردوا على ربعٍ تدانوا بالأنساب
وان كان (نوت) تزعج الصوت بالحيل = لعيون (هيفا) نردع الشيخ بحجاب
أربع ليالٍ مالقته المراسيل = عليت وجه كوح العصر بتراب
حريمنا لجن بزين الهلاهيل = متحرياتٍ شلعة الحر لعقاب
وحريمهم تصرخ صريخ المحاحيل = جاهن عليمٍ مع هل الخيل ماطاب
ياضبيب لو ذبحت كل الزماميل = ذبحة دخيل البيت ماترفع الباب
دنياك هاذي يالعواجي غرابيل = من شق جيب الناس شقوا له أجياب

لقد أشار شعراء شمر الى (هيفا) والى (نوت) : أما هيفا فهي والدة هذلول الشويهري ، وأما نوت فهي زوجة عقاب العواجي ، أشار شاعر شمر الى ضبيب وذبحته (للزماميل) فضبيب المذكور هو أبن عم لعقاب العواجي ، ويقال أنه هو الذي تجرأ وقتل السبعين شخص الذين أسروهم من جماعة هايس القعيط .
وعندما رجع فرسان (ولد سليمان) مع أبلهم بالليل أخذ سعدون العواجي يقابل كل كوكبة من الخيل يسأل عن عقاب وحجاب ، فيقولون له عهدنا بعقاب والخيل هاربة عنه وهو يطاردها ، وبقي سعدون على هذا الحال يسأل عن أبنيه ، وعندما قرب الصباح وعقاب وأخوه لم يرجعا ، كان سعدون ساهراً طوال ليله يخامر نفسه ، فقال هذه القصيدة :



البارحه نومي بروس الصعانين = طوال ليلي ماتهنيت بمراح
كبد نعالجها بعوج الغلاوين = وروابعٍ ماتودع القلب ينساح
بلاي والله يا ملا خابرٍ شين = تظهر علينا مرمساتٍ الى راح
اللي يكف الخيل كف البعارين = ويرخص بروحه يوم يغلون الأرواح
خيالنا يوم أكتراب الميازين = ويرعى بظله بالخطر كل مصلاح
حالوا عليه اللي على الموت جسرين = لا وابعيني ما يجاجون ذباح

وبعد أن تأخر رجوع عقاب وحجاب ، رجع فرسان (ولد سليمان) يبحثون عن زعيميهما فوجدوهما قتيلين عند ( زبار أوريك ) فدفنوهما على قمة كثيب من الرمل سمي ( بأبرق الشيوخ) ولا زال بهذا الأسم حتى الأن .
ورجعوا حزانى فقتل (ضبيب) الأسرى بثأر عقاب وحجاب ، وهذا لم يكن مستحسناً بعادات القبائل في الجزيرة العربية ، وقد أشير عن مقتل السبعين شخص بالقصائد سالفة الذكر .
أما الشيخ سعدون فقد كبر مصابه بعد مقتل أبنيه ، الذين أشادا مجده ، وسجلا له مفاخر لازالت باقية لعائلة العواجية ، وملكا قبيلتهم دياراً لازالوا عائشين بها ، وقد قال الشيخ سعدون أشعاراً كثيرة بأبنيه ، وهاتان قصيدتان منها أولها :


ياونةٍ ونيتها تسع ونات = مع تسع مع تسعين مع عشر الوفي
مع كثرهن باقصى الحشى مستكنات = عداد خلق الله كثير الوصوفي
ونة طريح طاح والخيل عجلات = كسره حدا الساقين غادٍ سعوفي
على سيوفٍ بالملاقى مهمات = سيفين أغلى ما غدا من سيوفي
وعلى محوص بالموارد قويات = أسقى بهن لو القبايل صفوفي
أحشم بحشمتهن ولو هن بعيدات = وانام لو أن الضواري تحوفي
خليتني ياعقاب ما به مراوات = عيالك صغارٍ والدهر به جنوفي
من عفبكم ما نبكي الحي لو مات = ولاني على الدنيا كثير الحسوفي
وياطول ماجريت بالصدر ونات = على فراق معطرين السيوفي
وياعقاب عقبك شفت بالوقت ميلات = واوجست انا من ضيم بقعا حفوفي
مرحوم يانطاح وجه المغيرات = ان جن كراديس السبايا صفوفي
مرحوم يامشبع سباعٍ مجيعات = وعز الله أنه عقبكم زاد خوفي
الخيل تدري بك نهار المثارات =ياللي على كل الملا فيك نوفي
والخيل تقفي من فعولك معيفات = تاطا شخانيب الرضم ماتشوفي

لاشك أن الشيخ سعدون فقد ساعدين من سواعده ، بنيا له أرفع قمة من المجد بفيافي نجد بين قبائلها ، وقد أشتهر أبناه عقاب وحجاب بين القبائل ، وكانا محل أعجابهم بالجزيرة ، ويضرب بهما المثل حتى الأن ، فان الناس اذا أعجبوا بشخص أو بعدد من الأشخاص يقولون كأن فلاناً عواجي أو كأن هؤلاء من العواجيه ، نسبة الى عقاب وحجاب ، ولا زال هذا المثل سارياً في نجد الى الأن .
ولابد للقارئ أن يلاحظ أن الشيخ سعدون أشار الى أبنيه وقال سيفين أغلى ماغدا من سيوفي ، فهو يرى أنهما سيفان من أعز مايملك ، ثم قال أنه يطمئن وينام لو أن الوحوش الكاسرة تحوم من حوله ، فهو مطمئن بأن أبنيه هما درعه الامين وأنه مكرم ومعزز بحمايتهما .
وهذه القصيدة الثانية :


يا علي وين اللي رعينا بهم هيت = حال اللحد من دونهم والظلامي
البارحة يا شمعة الربع ونيت = ونة صويبٍ ومكسره بالعظامي
أوما الشجر وأنا بعد مثله أوميت = أوماي صقار لطيره وحامي
طيرٍ لياجا الصيد يشبع هل البيت = جته هبوبٍ مع جرادٍ تهامي
عز الله أني تو يا علي ذليت = تبينت وانا على الناس كامي
وعز الله أني مع شفا البير هفييت = هفة قفيٍ من عجوز المقامي
واليوم من باقي حياتي تبريت = عقب الشيوخ معدلين الجهامي
ويا علي عفت الحي من كثر ماريت = وجريت للونات والقلب دامي
وعذبت قلبي في كثير التناهيت = والعين عيت من بلاها تنامي
راح العقاب الصيرمي شايع الصيت = يا علي من عقبه تراعد عظامي

وهذه القصيدة شكي بها الى صديق له يسمى علياً ، يسأل عليه ويقول أين الذين كنا نرتع بهم بالفيافي ، الآن أصبحوا من أصحاب اللحود ، وأصبحت الظلمة تحول بينه وبينهما ، أنه يسهر الليالي ، ويئن مثل كسير العظام ، أنه يرتجف ويومئ كما تومئ الشجرة ، أنه الآن يحس بالخيفه ، ويذل من كل شي ، وقد ظهر ذلك للناس ، ولم يستطع أن يخفي خوفه لقد أخذ يتبرأ من حياته بعد أبنائه ، أنه أباح بما يخفيه ، بعدما تزلزلت الجبال التي كان يلتجئ في حماها ، أنه بعد أن فقد عقاباً بدأت ترتعد عظامه ، وفرائصه ، أنه فقد بطلين لا يمكن أن يقاضي بهما .


















عرض البوم صور عساف دخنان