المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
][®][نهر من العطاء][®][ |
الرتبة: |
|
الصورة الرمزية |
|
البيانات |
التسجيل: |
18/04/06 |
العضوية: |
825 |
الدولة: |
دوحـــــــ حمد ـــــة |
المشاركات: |
9,373 |
بمعدل : |
1.34 يوميا |
معدل التقييم: |
71 |
نقاط التقييم: |
84 |
 |
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
المنتدى :
منتدي الخواطر والقصص
اعدام خائن
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هالقصة كتبتها العام , واعدام صدام حسين رحمة الله عليه ذكرني فيها فحبيت أعرضها واخذ رايكم فيها ,,, لا علاقة لصدام حسين هنا ,,, الحدث فقط ذكرني بقصتي التي لم أنشرها بعد
اعدام خائن
أخيراً
نُطِق الحكم ,, وقّدم في الجرائد ,, وبث في أبواق الأخبار
سمعتهم يتهامسون
علمت من نظراتهم مايخفوون
صرخت في أوجه مقيدّي ,, أخبروني
أزيحوا الهم عن كاهلي
هل رسموا مصيري ؟؟
تمتموا كثيراً
وتبسم أحدهم بنشووة المنتصر
وبعالي صوته صرخ (( ستعدم )) نعم ستعدم
وبدأ يهقهق
كما الصاعد في السموات تزاحمت أنفاسي
كسديم الليل أصبح رؤيتي
سقطت لأشارك الأرض مستواها
رفعت الجلسة , شعرت لأول مرة بدوران الأرض !
قادني حارسان بعد أن كبلاني بالسلاسل إلى قلب المدينة , حيث تنتصب تلك المشنقة التي ستقضي علي ,يريدونني أنا أكون عبرة لمن اعتبر .
تجمع الناس عند أبواب المحكمة وأخذوا يصرخون بي أثناء سحبي خارج أسوارها , تعالت أصواتهم , حتى أطفالهم وسفهاءهم فقهوا تلك الجريمة , عرفوا معنى كلمة خائن , عندما نعتوني بها .
لم أستطع تحمل كلماتهم , ترقرقت مقلتاي ثم شعرت بالدموع تحرق وجنتي كما أحرقت نظرات الناس عيوني .
نظرت حولي , رأيت أساتذتي وزملائي , رأيت من كنت أجلس معهم وأسامرهم , نظرت في وجوههم واحداً تلو الآخر , لمحت نظرات الاحتقار والكراهية قبل أن أقرأ نظرات الاندهاش والتعجب منهم , كما رأيت نظرات لم أفهم مقصدها , فقط أعلم أنها تنطق بلومٍ وعتابٍ لم أسمعه منهم من قبل , سار بي الحارسان فتبعنا جار ُ قديمٌ لي , نظر إلي بطرف عينه التي أعتدت أن أرى منها نظرات العطف دائما ً , همس قائلاً : أمن أجل أوراق نقدية حقيرة بعتنا ؟
أكمل الكلام عم ٌ له يقف بجواره : خسرت نفسك وأهلك ووطنك .
صرخت مقاطعا ً إياه : كفى ! تعالت الأصوات من خلفهم تلومني وتذم جرأتي على الكلام بعد الذي فعلت , شعرت بأنفاسي تتكبد في صدري ولا أستطيع اخراجها , زادت حرارة دموعي , خفت أن يراها الناس فيشمتون بي , أطرقت رأسي وواصلت المشي ذليلاً بين الحارسين , نقطع أفواج الناس التي تجمهرت في الطريق بين المحكمة والمشنقة . مررت برواد مسجدنا ذوي القلوب الرحيمة , بحثت في عيونهم عن نظرة شفقة ترحمني وتخفف ما بي , فأعرض الجميع عني بعد أن تنكروا لي .
اقتربت من خباز ضاحيتنا العجوز الذي طالما لعبت في بيته صغيرا ً , وشاركته وأبناءه غداءهم وعشاءهم , كان يطلب مني دائما ً أن أعتبره بمثابة والدي المتوفي , اقتربت منه ودموعي تخنقني , تمتمت : سامحني يا أبي ! بصق في وجهي وأناء بوجهه جانباً وهو يكتم دمعة حزن ٍ جرحتني .
بدأت عيوني تذبل وشهقاتي تتتابع , واضطربت دقات قلبي ثم شعرت برجفة اجتاحت أطرافي , إذ بدأ عمود المشنقة يلوح في الأفق , ها أنا أمشي نحو موتي الذي اشتريته بأموال حقيرة , لا تساوي نفساً واحداً في الدنيا , ها أنا أنهي حياتي التي يفترض أن أبدأ ببنائها , يالني من أحمق طماع وربما لم يخطئوا عندما وصفوني بالحقير , يالها من كلمة صعبة قاسية , والأصعب أن تعترف بها !
اقتربت من المشنقة حيث كان الناس متجمعين ينتظرون رؤية الخائن يموت ليشفوا غليلهم و يثلجوا صدورهم , رأيت بين الناس تلك العجوز التي ربتني , رأيتها تقف مرتجفة حائرة عاجزة عن استيعاب ما حصل أو ما سيحصل , اقتربت منها قبلت يداها و رأسها نطقت بأول كلمة سمعتها مني : أمي !
انهارت المسكينة , لم تتحمل أسرعوا بها إلى مشفى قريب , سقطت على ركبتي , أجهشت في البكاء , طلبت العفو والسماح , صرخت , استنجدت , لا أحد يسمعني أو ربما لا يريدون سماعي , سقط نظري على أخي الكبير يقف متواريا ً بين الناس خجلا من كوني أخ له , رفعت رأسي إليه , ناديته , أعرض عني فسقطت مغشيا ً علي , أيقظني الحراس وليتهم لم يوقظوني , حملوني إلى سلم المشنقة , صعدت أدراجه ولا أدري كيف وصلت بنفسي إلى آخر مكان لي في هذه الدنيا رفعت نظري إلى السماء وقلبي يعتصره الندم وتخنقه العبرات , اسمع صراخ الناس واستعجالهم لقتلي , فتقتلني كلماتهم ألف مرة قبل أن يقتلوني .
تقدم شيخ كبير ذو لحية بيضاء غليظة , سألني ما إذا كنت أريد توصية أو طلباً أخيرا ً , حركت شفتي قاصدا ً شكره , لم أستطع الكلام , فقد شعرت بأن لساني قد شل عن الكلام , نظرت إلى الشمس ترحل فربت الشيخ الجليل على كتفي واخبرني أن هذا هو آخر نهار لي في هذه الدنيا وأنني وبخيانة وطني تسببت بوجودي هنا , بكيت فابتعد الشيخ عني , أعصبت عيناي بقطعة قماش سوداء , لفت أفاعي المشنقة حول رقبتي , عم الهدوء المكان , أحسست بالبرودة تتسلل إلى أطرافي وكأن روحي قد بدأت تنتزع من جسدي قبل أن يشد الحبل , جفت دموعي تصادمت الأفكار في رأسي , احكموا قيودي , وشدوها على يدي , تمنيت لو كنت مت قبل هذا وكنت نسيا ً منسيا ً , تمنيت لو يعود الزمان فقط ثلاثة أيام إلى الوراء , حضرتني صورة والدي وهو يكلمني عن حب الوطن و الوفاء له , اعتصرت عيني لعل دموعا ً تنزل منها تتسبب في رحمة من حولي , صرخ أحد الناس : أعدموا الخائن , أدرت وجهي تلقائياً نحو مصدر الصوت الذي هزني كقنبلة تفجرت بداخلي , أصدر الشيخ صوتا ً يلفت انتباهي إليه , طلب مني أن أنطق بالشهادة لعل الله يرحمني بعد موتي , نطقت بلا إله إلا الله بعد أن تلعثمت بها مراراً وتكراراً , نطقت بها ولم أكد أسمعها , سحبت المنضدة من تحتي , شد الحبل على عنقي و كبر الناس , سكنت أطرافي , وأخذ جسدي يتأرجح في الهواء جثة هامدة , حيث انتقلت روحي إلى بارئها لعله يرحمها , بعد أن اقتص الناس من خائن الوطن !
شكراً لكم 
توقيع : سندريلا |

|
|