يعلم العقلاء أن الإسلام دين المحاسن والأخلاق الحميدة, ومن محاسنه أنه نهى اتباعه المسلمين عن الأساليب الشريرة في الخطاب والجدال والمناقشة والدعوة بصفة عامة فمن ذلك أنه نهى عن السخرية " لا يسخر قوم من قوم" ونهى عن التنابز بالألقاب " ولا تنابزوا بالألقاب" ونهى عن الغيبة " ولا يغتب بعضكم بعضا" وفي المقابل أمر بالدعوة على بصيرة وباسلوب جميل " أدع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن..
بعض المسلمين يستعملون أسلوب السب والشتم والسخرية والإحتقار والإستهزاء ضد المسلمين الذين يخالفونهم في الرأي وقد أباحوا لأنفسهم ما حرم الله ورسوله من القول الفاحش والأسلوب البذئ. وقد اطلقنا عليه في هذه الرسالة لفظ " الأسلوب الشرير" لأن ما نهانا الله ورسوله عن شيء إلا وهو شر وخطر. ومما يزيد الأمر سوءا ..
لماذا يسب او يستهزأ الانسان بأخاه ؟
قد يكون بدافع الغضب. وهذا أمر طبيعي لأن الغاضب الذي يسيطر عليه الغضب يكون قد خرج عن رزانته وطوره ويتلفظ بالفاظ هي موجودة في اعماق نفسه ولكنها كانت تحت السيطرة
وقد يكون ايضا بدافع الحسد. وهذا باب معروف فالحاسد يريد أن يرى المحسود في اقل درجة وأسوأ حالة فهو يعتقد انه بتهجمه وسبه وتنقيصه لخصمه ينزل قدره ومقداره..ونحن نعلم أن الكثير من العلماء تعرضوا للطعن والسب والدسائس بسبب الحسد نظرا لشهرتهم واحترام الناس لهم, فقد يكون الشاتم حسودا حقودا ولا يرضيه إلا زوال النعمة عن غيره ومن أشعار الحكمة في هذا الباب:
كل العداوة قد ترجى مودتها = إلا عداوة من عاداك عن حسد
وقد يكون بدافع الغرور: إن التكبر والغرور واعجاب المرء بنفسه أمراض نفسية خطيرة وقد قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر".
فالمغرور هو أخ للشيطان الرجيم.فتراه يعطي لنفسه كل الحقوق ولا يرى للغير أي حق فالحقوق له والواجبات على الغير, هو يرى نفسه فوق غيره من البشر ولذلك تجد في حديثه وكلامه واشارته ما يؤكد تلك المواصفات
وقد يكون بدافع الجهل والحمق, وما من مصيبة إلا وللجهل نصيب فيها, وقد جاء في الحكم أن الإنسان إذا جهل شيئا عاداه, ويمكن أن يكون الجهل هنا بمعنى عدم المعرفة الكافية وقد يكون بمعنى الجهل المركب وهو ان يحسب الإنسان أنه عالم وهو في الواقع جاهل
وقد يكون عقدة النقص: وهو مرض نفسي, يشعر صاحبه أنه ليس كالآخرين فيعمل على تغطية ذلك باساليب خاطئة فتراه أحيانا يعتدي على الآخرين او يرفع صوته عليهم أو يشتهم ونحو ذلك ليغطي شعوره بالنقص والإسلام يريد من المسلم أن تكون نفسيته مطمئنة وليست مضطربة,
, بارك الله في الفقهاء الذين قالوا أن الطهارة نوعان ظاهرة وتشمل طهارة القلب من الحسد والأحقاد والتكبر..فمن السهل أن نتعلم طهارة الظاهر ولكن من الصعب أن نجاهد لطهارة الباطن. فإذا كانت الأعمال بالنيات وعلى صلاح القلوب تتم صلاح الأعمال فالأولى أن ننتبه ونجعل قلوبنا سليمة وبيضاء لاحقد فيها ولا حسد ولا عدوانية ضد اخوتنا المسلمين. وكم يسهل وضع السواك في الفم ولكن من الصعب التحكم فيما يخرجه الفم من الفاظ.قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم "يا معاذ أمسك عليك هذا (يقصد اللسان) فقال معاذ: أو نؤاخذ بما نقول؟ فقال صلى الله عليه وسلم ثكلتك أمك وهل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم."
إن رفع الشعارات الجذابة لا يشفع لأصحابها إذا لم يكونوا صادقين فيما يقولون ويردون فظاهر عملك هو الذي سيكون شاهد صدق على سلامة وصحة شعاراتك.
دمتم بود
اخوكم