تخيل لو قيل لك ان رمضان 1427هـ هو آخر رمضان ستصومه، ثم بعد ذلك ستغادر الدنيا وتودع الحياة قل لي بالله عليك
كيف ستستقبله؟ وكيف تصومه؟ وهل ستمر لحظاته وساعاته كما مرت في الاعوام الماضية في النوم والاكل والسهر
والعبث واللعب؟ كيف شأنك معه هذا العام والظن انه آخر رمضان لك في هذا الوجود؟
إن الانسان اذا عمل عملا واستشعر أنه لن يعمله مرة أخرى فإن هذا الشعور يقوده لشعور آخر وهو ضرورة اغتنام تلك
الفرصة التي قد لا تتكرر، وذلك العمل الذي لن يتأتى له مرة أخرى. ولهذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يغرس شعور
الوداع في العبادة في الصحابة من خلال مواعظه ووصاياه لأنها أبلغ في العمل والاخلاص فعندما استمعوا من النبي
صلى الله عليه وسلم الى تلك الموعظة العظيمة التي ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب
قالوا: «كأنها موعظة مودعفأوصنا» «رواه الترمذي في كتاب العلم، صحيح الجامع (2546)».
ولقد شعر الصحابة ان الوداع يقطر من كلمات هذه الموعظة فقالوا: اوصنا، فأوصاهم بوصية جامعة شاملة فيها خير
الدنيا والآخرة وقال صلى الله عليه وسلم لأحد أصحابه وهو ينصحه
«اذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودع» (رواه ابن ماجه في كتاب الزهد).
ولنتصور شخصاً يؤدي صلاة يشعر أنها آخر صلاة له كيف سيصليها؟ وكيف سيكون خشوعه واخلاصه ودعاؤه
فيها؟فكم نحن بحاجة الى ان نصوم رمضان هذا العام، ونحن نستشعر أنه لربما يكون آخر رمضان لنا. إن استحضار روح
الوداع في عباداتنا كلها سيثمر صلاح العبادة وصدق القيام بها، لأنها زامنت هذا الشعور الإيماني «الوداع».
اللهم بلغنا رمضان.. وأعنا على صيامه وقيامه
وتقبله منا على خير حال.