لاتقتصر براعة الحديث على أسلوب الكلام وجودة محتواه بل إن حسن الاصغاء يعد فنا من فنون الحوار وكم تحدث أناس وهم لايريدون من يحاورهم بل يريدون من يصغي إليهم كي يبوحوا بما في صدورهم..
وبراعة الاستماع تكون بالأذن , وطرف العين, وحضور القلب , وإشراقة الوجه, وعدم الأنشغال بتحضير الرد,
ولتتذكر أنك لن تستطيع أن تفهم حقيقة مراد محاورك مالم تكن راغبا في الأنصات إلى حديثه كما أن المعرفة بحديث المتكلم لاتغننا عن الاستماع إليه ولقد روت كتب السير أن شابا قام فتكلم في مجلس عطاء بن أبي رباح فأنصت له وكأنه يسمع حديثه لأول مرة فلما أنتهى الشاب وأنصرف عجب الحاضرون من عطاء فقال لهم والله إني لاعلم الذي قاله قبل أن يولد....
وأثر الإصغاء الجيد أكثر ما يكون في في المقابلة الاولى وفي اللقاءات العابرة لأثره الطيب في النفوس وفيه أنطباع كل فرد عن الاخر وكم أثنى الناس على حسن حوار فلان مع أنه يطيل الصمت ..
قال بعض الحكماء صمتك حتى تستنطق أجمل من نطقك حتى تسكت .
وقد قيل (( إن أشد الناس جفافا في الطبع وغلظة في القوللايملك إلا أن يلين وأن يتأثر إزاء مستمع صبور عطوف يلوذ بالصمت إذا أخذ محدثه الغضب))
قال أحد حكماء العرب(( إذا جالست العلماء فأنصت إليهم وإذا جالست الجهال فأنصت لهم ايضا فإن في إنصاتك للعلماء زيادة في العلم وفي إنصاتك للجهال زيادة في الحلم ))