على محك النقد - 5- ( الملهمة ) .. !!

[البحتري]

- مدخل -


الشاعر الفرنسي ( فيكتور هيجو ) عرف كروائي ولكننا نجد ان الذي عاش مع البؤساء في كل تفاصيل حياتهم له

نفس شفافة تستشعر الجمال وتحن إليه ، اسمعه يقول لحبيبته :

لو كانت أشعاري مجنحة ..

مجنحة كأنها عصفور ..... إذن في حسنها ورقتها . لودت إلى بستانك الأغن تطير .. لوكانت أشعري مجنحة

مجنحة كأنها الروح ... لطارت إلى دارك السعيدة دفئا .. كأنها شرر في الهواء يلوح .. لوكانت أشعاري مجنحة

مجنحة كأنها الحب .... لما انفكت في صفائها وولائها ... نحو دارك تسري يسعدها القرب .




كم من امرأة ( الهمت ) بذكائها و سحرها ( خيال شاعر ) وفعلت في نفسه ما يفعله الربيع في الأرض البكر .

وكم من بيت شعر قاله شاعر في امرأة أحبها فظل ذلك البيت من الشعر بعضا من تراثنا نستعيده بذكره

صورا حبيبة صبوحة لأولئك النساء ، وما رأينا أحدا من الشعراء في الماضي صمد إلى غير النساء ولا صدر

قصائده إلا بحسنهن و حلاوة كلامهن فهن المالكات القلوب و السالبات العقول .

ومن قرأ الشعر القديم تكاد ان تخرج عليه من خلف حروف تلك القصائد امرأة فارعة القوام بيضاء ، ضامرة الكشح

لها ناظر كالريم وبنان لين ورائحة كالقرنفل .. فيصبح القارئ على يقين ان الملهمة هي السبب في أبداع الشاعر

القديم .

لكن حينما نقرأ شعر أمير الشعراء احمد شوقي ربما تتضح لنا حقيقة (( الملهمة )) !!

يقول الكاتب صالح جودت خلال حديثه عن احمد شوقي :

(( ولقد سألت حسين ولد شوقي : ألا تعرف لأبيك قصة غرام ، فحرام أن يحرم التاريخ من الوقوف على مثل

هذه القصة ؟ فيجزم حسين بقوله : بكل أسف انه لم يحدثنا بشيء من ذلك ، مع كثرة تبسطه معنا في كل شيء

ولكنه قال لأحمد رامي وقد رآه متلهفا على من يحب : مالك تصنع بنفسك هكذا يا رامي كن كالعصفور الذي لايقف

على غصن واحد فإن النساء معان فلا تقصر نفسك على معنى واحد )) .

من شعر أحمد شوقي :

وما الهوى إلا العين بالعين تلتقي = وإن نوعوا أسبابه و الدواعيا
أمانا لقلبي من جفونك في الهوى = كفى بالهوى كأسا وراحا وساقيا

إذا تبين هذا فــ الملهمة ليست أمرأة فقط بل الذي يعرف كيف يحب أرضه ويدافع عنها !! هو الذي يعرف كيف يحب

المرأة و الشاعر الذي يحمل قلمه ليدافع عن الحرية !!هو اكبر العاشقين لان الأرض هي توأم المرأة

ولنا في شعراء الأندلس الخضراء خير مثال فقد كانت ملهمتهم الطبيعة الغناء فكانوا كأغاريد الطيور

تغنوا بأجمل القصائد واصفين تلك الغابات الخضراء والربى و السفوح لتلك الأودية و المروج التي تتشابك فيها

الأغصان وتتلون فيها الأزهار .



- مخرج -

نتمنى ان تشتعل نفوس الشعراء وان يطردوا الكسل ويهبوا بحماس لكتابة النصوص الشعرية الجملية

خصوصا وان هذا الزمان فيه من الملهمات و القضايا ما يفني عمر الشاعر ولم يحيط ببعضها .

وأيضا نرجو ان تكون العلاقة بين مخيلة الشاعر والقطاع المصرفي علاقة لاتتعدى مشاهدت لوحة البنك لا أكثر

البنك لولا لوحته ما عرفناه = من قل ما ندخل على موظف البنك
ماغير نقرا لوحته ونتعداه = وان قيل هذا البنك قلنا : اتركه عنك

مع كل الحب و أحاسيس الشكر