اخبارالجمعة 08/07/1429هـ ) 11/ يوليو/2008

[سعود المسعودي]

حوادث الصيف خطر على الصغار.. والكبار
مدن المـوت الـتـرفيهيـة



الحسن آل سيد- ابها، عبدالله الذبياني- مكة المكرمة، محمد سعيد الزهراني-الطائف، افتخار باحفين- جازان


«قبل بضع سنوات صعدتُ الى لعبة أُفعوانية شديدة الاثارة في مدينة ألعاب امريكية شهيرة تقع في لوس انجلوس وكانت تجربة مثيرة اصابتني بالتوتر الشديد رغم عشقي للالعاب الافعوانية وفي اليوم الثاني كانت شبكات التلفزة المحلية تبث خبرا عن حادثة خطيرة وقعت باحدى مدن الالعاب ذهب ضحيتها قتيلان بعد تعطل قفل الامان باحدى الالعاب وسقوط القتيلين من علو شاهق وبمتابعة الخبر فوجئت بأن الحادثة وقعت في نفس اللعبة الافعوانية التي اصابتني بالتوتر الشديد وبعد يوم واحد تكرر الحادث في مدينة اخرى فتدخلت سلطات السلامة واوقفت جميع الالعاب وقررت مراجعة اجراءات الصيانة والامان المتبعة في مدن الالعاب الترفيهية الامريكية. رغم الخسائر الفادحة التي يلحقها مثل هذا القرار بهذه الصناعة الترفيهية الا انهم هناك يقدمون سلامة الانسان على أي شيء آخر. هذه الواقعة التي كان قد رواها لـ«عكاظ» خالد السليمان الكاتب المعروف تلخص بجلاء حجم المخاطر التي تحدق بالاطفاء خاصة في الصيف الذي يتزامن مع العطلة وتدفق آلاف العائلات والزوار الى المدن الترفيهية كمتنفس وحيد للغالبية الذين لا تسمح ظروفهم بقضاء اجازاتهم في اماكن سياحية خارج المملكة فضلا على خطر الحوادث المرورية وغيرها من الحوادث التي تتهدد الكبار والصغار اثناء تدفقهم على مناطق الاصطياف في المملكة ولعلنا نتساءل مع الكاتب السليمان انه اذا كانت الحوادث القاتلة تقع في مدن امريكا الترفيهية التي تطبق قواعد صارمة في اجراءات الصيانة والسلامة والامان فما الذي يمنع وقوعها في مدننا التي لا تتجاوز اجراءات السلامة في بعضها التربيط بالمفكات والتزييت؟ على حد تعبير الكاتب؟!
مصرع واصابة اربع فتيات
والحقيقة ان حوادث المدن الترفيهية في ظل الاهمال الماثل في مراقبتها اكثر من ان تحصى وضحاياها من الصغار والكبار كثيرة واشهرها ما شهدته مدينة الخبر الترفيهية (العزيزية) قبل اربع سنوات من مصرع ثلاث فتيات سعوديات واصابة الرابعة بجروح وكسور خطيرة عقب سقوط احدى عربات القطار المعلق الذي كانت الفتيات عليه حينما كان على ارتفاع ثمانية امتار فيما نفت الجهة المشرفة على المدن الترفيهية ان يكون هناك عمال في مراقبتها وان الدوريات تفتش بانتظام على المدن الترفيهية للتأكد من صيانتها بما فيها المدينة التي وقع فيها الحادث!!
غياب الخدمات الاسعافية
وفي الوقت الذي يتوقع ان يزداد عدد زوار المراكز والمدن الترفيهية ومدن الالعاب المغلقة خلال العطلة الصيفية الحالية حيث يشكل الانفاق على الصناعة الترفيهية 10% من حجم الانفاق السياحي، يشتكي مواطنون ومقيمون من عدم وجود الفرق الاسعافية والطواقم الطبية داخل هذه المدن والمراكز فضلا على عدم الاهتمام الكافي بصيانة الالعاب والمتابعة الدورية لها مما يتسبب في وقوع ضحايا في حين يفترض ان تكون هذه المدن مجهزة تجهيزا فنيا وصحيا متكاملا لتكون كوادرها في اتم استعداد لاستقبال أي حالة طارئة.
المواطن حسن السمير يتمنى ايجاد عيادة طبية وسيارة اسعاف مجهزة بكادر طبي يعمل طوال فترة استقبال المراكز الترفيهية لمرتاديها وانه يجب التعاقد مع شركات صيانة متخصصة في مجال المدن الترفيهية تقوم بصيانتها دوريا وترتبط مباشرة مع الدفاع المدني ويتم محاسبتها في حال وقوع أي حوادث مطالبا بتشديد الرقابة على المدن الترفيهية في التقيد بوسائل السلامة وان تكون كل لعبة حسب هيئة المواصفات والمقاييس مع جاهزية العاملين في المدن الترفيهية وتدريبهم على اسس ومتطلبات السلامة.
17 مدينة ألعاب في مكة
والى ذلك يشير مدير الدفاع المدني بالعاصمة المقدسة العقيد جميل أربعين إلى انه يوجد في مكة وحدها نحو 17 مدينة ترفيهية بين مغلقة ومفتوحة، فيما يقوم الدفاع المدني باجراء كشف دوري كامل لهذه المدن بحيث يتم التركيز على المواسم والاجازات خاصة في العطلة الصيفية بحيث يتم التأكد من كافة اشتراطات السلامة وهذا يخضع لجدول زمني حيث توجه لجنة ثلاثية مكونة من هيئة المواصفات والمقاييس وامانة العاصمة المقدسة والدفاع المدني فضلا على وجود هيئة استشارية كجهة فنية لمتابعة هذه المدن وعمل مسح شامل لها فيما تقوم الفرق الميدانية بجولات دورية مكثفة على جميع المدن الترفيهية مبينا في هذا السياق ان الحوادث في المدن الترفيهية تقع غالبا إما لسوء الاستخدام من قبل مرتاديها او قد يكون الخطأ من قبل مشغل اللعبة.. ومتى ما ثبت ان هناك خطأ من قبل المنشأة فإنه يتم تطبيق العقوبات بكل حزم وتشمل الغرامات المالية والاغلاق النهائي في بعض الاحيان مؤكدا ان هناك موظفا في كل مدينة ترفيهية يعتبر مسؤولا عن كافة وسائل السلامة وهو مؤهل ومدرب على التعامل مع أي طارئ!!
ولا تقتصر حوادث الصيف على المدن الترفيهية والالعاب فحسب، بل تشمل ايضا حوادث الفنادق والشقق المفروشة والشاليهات والسقوط من على المرتفعات فضلا على الحوادث المنزلية بالنسبة للاطفال حيث كان آخرها حادث غرق طفل لم يتجاوز عمره ثلاث سنوات لقي حتفه في بيارة للصرف الصحي باحدى المدن الترفيهية بجازان.
كما اندلع مؤخرا حريق باحدى الغرف بالشقق المفروشة بجازان نتيجة تماس كهربائي لم ينجم عنه وقوع خسائر في الارواح غير ان الناطق الرسمي بمديرية الدفاع المدني بجازان الملازم أول يحيى القحطاني يؤكد ان هناك جولات على جميع الشقق المفروشة والفنادق للتأكد من وسائل السلامة قبل بداية موسم الصيف وتستمر هذه الجولات خلال الموسم اضافة الى دوريات للسلامة تشارك في المهرجانات التي تجرى خلال نفس الفترة فيما يتم التنبيه على اصحاب الفنادق والشقق المفروشة والمدن الترفيهية بعمل صيانة دورية لمنشآتهم من قبل شركات متخصصة بمتابعة من الدفاع المدني وفي حالة عدم التزام اصحابها باجراءات السلامة فإنه يتم فرض غرامات واغلاقها مؤقا حتى تستوفي الشروط المطلوبة..
وقال المستشار الاعلامي عبدالله سعيد الزهراني ان هناك ابراجا ومباني عالية لا تصل اليها آليات الدفاع المدني وهو لذلك بحاجة الى تطوير آلياته حتى تواكب التطور العمراني الذي تشهده المملكة وتكثيف حملاته التوعوية تحسبا للظروف الطارئة.
ومن جانبه يدعو رئيس اللجنة العقارية بغرفة الطائف احمد العبيكان الى عدم منح تراخيص للمحلات التي لا تلتزم بالصيانة اللازمة خاصة مدن الالعاب التي يرتادها عائلاتنا واطفالنا في فصل الصيف معربا عن دهشته لمنح تراخيص لمبان قائمة مازالت تستقبل المصطافين والزوار مطالبا بالشدة في هذا الامر وعدم التساهل فيه.
مرتفعات عسير
وفي كل صيف تشكل نسبة حوادث السقوط في منطقة عسير نسبة ليست بالقليلة وتكاد تتكرر مع كل موسم سياحي حيث شهد العام الماضي عددا من الضحايا الذين سقطوا من المرتفعات او من منازلهم فيما تمكنت فرق الدفاع المدني من انقاذ البعض منهم عن طريق الطيران الذي نفذ 15 طلعة جوية خلال الصيف تم خلالها انقاذ محتجزين في قمم الجبال وجرى انتشال جثث في مواقع يصعب الوصول اليها.
انقاذ ثلاثة شبان
في منتزه السودة تمكن طيران الدفاع المدني من انقاذ ثلاثة شبان قادهم حب الاستطلاع والفضول الى سودة عسير التي ترتفع عن سطح البحر باكثر من 2500 قدم وصعب عليهم الرجوع الى عائلاتهم الا ان احدهم تمكن من الوصول الى منطقة يعمل بها الجوال فأصدر نداء استغاثة عاجلة ثم على اثره تحركت الفرق الارضية الى الموقع فيما استمرت عمليات الانقاذ نحو اربع ساعات تم خلالها انتشالهم احياء.. وفي حادثة منفصلة قام طيران الدفاع المدني بانقاذ عائلة من ام وطفلين وشابين حالت الامطار والسيول التي اجتاحت عقبة ضلع دون وصول التموينات الغذائية لهم فقضوا ثلاثة ايام بلا طعام فضلا على انقاذ عائلات في كل من محافظة بيشة وظهران الجنوب بعد ان احتجزتهم السيول..
وتم انتشال جثة مجهول بالطيران سقط من ارتفاع 600 متر باحد الاودية في منطقة وعرة برجال ألمع كما شهد منتزه الامير سلطان بالقرعاء سقوط فتى لم يتجاوز الحادية عشرة من عمره دفعه حب الاستطلاع الى صعود احدى القمم ذات الانحدار العميق وعثرت عليه فرق الانقاذ التي استعانت بالطيران العمودي فوجدوه جثة هامدة.
وسقط مسن من ملحق منزله المكون من طابقين عندما كان يختبر مواسير المياه في الملحق!
والى ذلك يؤكد مدير الدفاع المدني بمنطقة عسير اللواء سعد بن سعد الحارثي ان الدفاع المدني بعسير يبذل جهودا كبيرة منذ بداية العام وحتى نهاية الموسم السياحي في نشاطات الصيف والتوعية إقامة المعارض والمسابقات فيما يشكل تعاون المواطن العامل الفيصل والمهم في الوقاية من هذه الحوادث وذلك بالاخذ بتعليمات الدفاع المدني وعدم اهمال قواعد السلامة.
حوادث الاطفال
وتبقى حوادث الاطفال الاكثر شيوعا بين هذه الحوادث مجتمعة خلال العطلة الصيفية التي تشهد في كل عام ارتفاعا ملحوظا في الحوادث المنزلية وفي اصابات الاطفال والاسباب التي تؤدي الى حوادث الاطفال كثيرة وافضل وسيلة لمعالجتها هي الوقاية من هذه الحوادث كافة وتعتمد الوقاية على السن الذي يمر به الطفل فاذا كان في سن لا يحسن فيه التصرف فالوالدان هما المسؤولان عن وقايتهم وذلك عندما يبدأ الصغير في الحبو إذ يتوجب الا يكون في متناول يده أي شيء يؤذيه من آلات جارحة او ادوية او سموم او مواد حارقة ولكن الملاحظ ان كثيرا من الافراد لا يعيرون كثير اهتمام بأمن وسلامة الطفل في المنزل في وقت اصبحت فيه الاجهزة المنزلية تحمل كثيرا من الاخطار مثل الغاز والكهرباء وماكينات الفرم والعصر مما يتطلب من الآباء والامهات بذل المزيد من الجهد لأمن وسلامة اطفالهم من الحوادث واهمها حوادث السقوط والتسمم والاحتراق والاختناق والالعاب الخطرة.
وعدم ترك الاطفال بمفردهم عند استعمال السلم الكهربائي وفي المصعد والشرفات والنوافذ والمسابح والاستراحات.