أوباما الحدث الأبرز ..ومجزرتا مومباي وغزة نقطتان سوداوان

هشام عليوان -بيروت
تميّز عام 2008 بأحداثه السياسية المثيرة على أكثر من صعيد، ما يمكن اعتباره عاماً مختلفاً وفق معايير كثيرة.فإذا كان نجاح باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية الأمريكية ليكون أول رئيس أسود من أصول أفريقية يحكم أقوى دولة في العالم مثل النقطة المضيئة في العام 2008 فإن مجزرة غزة ومن قبلها مذبحة مومباي مثلتا النقطة السوداء في هذا العام. في العالم العربي، لم تستقر الأزمات فيه على وتيرتها المعتادة خلال السنوات الماضية، بل وقعت طفرات فيها، تنبئ بانقلاب الأوضاع أو انحرافها إلى سياقات جديدة. وفي لبنان، وبعد ما يقارب عامين على تداعيات حرب تموز 2006، والتي جاءت على شكل تحركات شعبية حاشدة قامت بها المعارضة وصلت إلى حد محاصرة مقر الحكومة، وتعطيل البرلمان، حدثت اشتباكات في 7 مايو وما تلاه في بيروت والجبل ومناطق أخرى في البقاع والشمال لتنتهي باتفاق الدوحة الذي شرّع الأبواب أمام انتخاب رئيس توافقي وفك الاعتصام، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، ما يتيح الفرصة لانتخابات نيابية في الربيع المقبل تقرر من يملك الأكثرية فعلاً.
وفي سياق موازٍ، أعلنت سوريا عن إقامة علاقات دبلوماسية مع لبنان، للمرة الأولى منذ الاستقلال، وهذه الخطوة جاءت بعد المبادرة التي قام بها الرئيس الفرنسي نيقولا ساركوزي لتطبيع العلاقات مع دمشق. وتزامن ذلك، مع الكشف عن مفاوضات سرية بين دمشق وتل أبيب بوساطة تركية ثم إعلان الرئيس بشار الأسد عن ضرورة قيام مفاوضات مباشرة مع إسرائيل.
في الصومال، وبعد قرابة عام على التدخل الأثيوبي من أجل منع المحاكم الإسلامية من استلام السلطة، وقع جناح في المعارضة الإسلامية اتفاق مصالحة مع الحكومة الانتقالية فيما أعلنت أديس أبابا انسحابها نهاية العام، في وقت انتشرت فيه فصائل إسلامية معارضة للاتفاق في الجنوب وصولاً إلى أبواب مقديشو نفسها، ما يعني أن الصراع قد يستمر لكن بوجوه مختلفة وعناوين سياسية مغايرة إذ أن الاتحاد الأفريقي غير قادر على ملء الفراغ الذي تخلّفه القوات الأثيوبية وراءها.
وفي المجال الإقليمي، انتقل ثقل العنف من الشرق الأوسط إلى أطرافه، وتحديداً إلى شبه القارة الهندية إضافة إلى أفغانستان، بعد الانحسار الكبير لطالبان والقاعدة، إثر الحملة الأمريكية أواخر عام 2001، وتسليم مئات من مشتبهي القاعدة إلى معتقل غوانتانامو. وأدى التورط الأمريكي في مستنقع العراق، إلى انتعاش الخلايا وازدهارها، إلى الحد الذي وصل فيه مستوى العنف في أفغانستان إلى درجة غير مسبوقة.
فيما تحولت منطقة القبائل إلى معقل قوي للقاعدة وإلى منطقة حرب مع الجيش الباكستاني. وكانت ذروة الأحداث أخيراً ما قام به مسلحون بترويع مومباي العاصمة الاقتصادية للهند، على أكثر من ثلاثة أيام، ما أوصل التوتر بين الهند وباكستان إلى حافة الحرب مجدداً.
وفي أوروبا قرعت طبول الحرب مرة أخرى، في القوقاز المضطرب هذه المرة، حين احتدم الصراع بين روسيا وجورجيا، على أوسيتيا الجنوبية، فكانت جورجيا هي البادئة بمحاولة إنهاء الحكم الذاتي للجمهورية المتمردة، وردت موسكو بحرب خاطفة كادت أن تقضي على نظام تبليسي لولا الوساطة الفرنسية التي قام بها ساركوزي باسم الاتحاد الأوروبي في وقت بدت فيه أمريكا عاجزة عن القيام بأي شيء ملموس لمساعدة حليفها المنهار، بسبب تورطها في أفغانستان والعراق.
وإذا كان الحدث الأبرز هذا العام يتمثل في انتخاب باراك أوباما رئيساً للولايات المتحدة في سابقة هي الأولى من نوعها، فإن انفجار أزمة الرهون العقارية في الولايات المتحدة أصاب الاستقرار المالي والاقتصادي العالمي بموجات من الانهيارات والإفلاسات التي من المنتظر أن تزداد شدة في العام الجديد.