في الزمان الغابر انطلقت صرخة في صحراء الجزيرة العربيه
ولا يزال صدى هذه الصرخه يسمع له دوى الى هذه اللحظه
صرخه من اعماق الوجدان اطلقها الشاعر الصعلوك تأبط شرا فقال :
عوى الذئب فاستأنستُ بالذئب إذ عوى= وصوَّت إنسان فكدتُ أطيرُ
عجيب أمر هذا الشاعر يأنس ويطرب لعواء الذئب ! وهل يوجد انسان يأنس لهذا الصوت المخيف ؟
و ينتابه الفزع و القلق عندما يسمع صوت أنسان ! مع ان الحياة في الصحراء الواسعه تجعل السالك
بين مفازاتها يشعر بالأنس عندما يسمع صوت انسان يصوت من بعيد .
فما بال هذا الشاعر ؟ وما الذي حمله على هذا الأحساس الغريب ؟
لابد ان الشاعر يرمي الى شيء بعيد ! فما هو هذا الشيء ؟
ان عواء الذئب ينطلق في جوف الظلام المخيف ليعلن عن اقتراب موعد الموت !
ولكنه عواء شريف ينطلق من مبادئ شريفه لا جدال في ثباتها وهي صراع البقاء المحتوم .
وحين ينطلق الذئب نحو الفريسه فهو قد أعلن عن هذا الهجوم بكل وضوح لكي تستعد الفريسه للموت
و يستعد الراعي للنزال في ساحة الصراع فأما أن يحصل الذئب على الفريسه و أما ان يقتل على يد
الراعي الشجاع ..
ولكن هل الشاعر قارب الصواب فيما ذهب إليه من أن عواء الذئب أفضل من صوت الأنسان .؟
أحسب أن الشاعر يقصد فئة معين من بني أدم وما هي ياترى هذه الفئة المقصوده !
لو نظرنا في احوال المنافقين و الخبثاء الذين يمكرون بالشعوب لو جدناهم اخبث طباع من الذئب
ولو اطلعنا على مكرهم و حقدهم و أساليبهم الملتويه التي يأنف الذئب من سلوكها لتبين لنا شرف الذئب
ان المنافق سواء كان مسؤل او مثقف او كاتب يسلك طرق خسيسه في الحصول على مبتغاه
فهو لا يعلن عن أهدافه كما اعلنها الذئب !! ولا يسلك طريق الشجاعه و الثبات ويهجم كما هجم
الذئب بل يتلون كالحرباء التي تثير الرمل ويثير مواضيع و يطرح افكار هي في حقيقتها مواطن جراح
وليست مواضيع للاصلاح العام بل انه يريد ان يصل الى مبتغاه حتى ولوكانت هذه الرغبه خسيسه
منحطة القيمة كالجيفة الميته في الصحراء و الذئب يأنف أن يأكل من الجيف !!
كيف نعرف صوت هذا المنافق بين ضجيج الأصوات التي عمت الوطن العربي ؟؟
يتميز صوت هذا المنافق سواء كان مسؤل او مثقف بعلامات واضحه اولها يسعى الى شق الصفوف
وتفريق الكلمه بين الشعوب المسلمة كالجرذ النجس الذي يستمتع بقرض الحبال المتينة
ثانيا لا تجد له منطلقات واضحه فهو لايريد ان يحسب على فئة معينه لكي
لاتسلط عليه اضواء الحقيقة الكاشفه ثالثا تجده يتتبع الاخطاء و العيوب ولا ينظر الى الامور الإيجابيه
من الأحداث رابعا تجده يسلك الطرق الملتويه و الطويله لكي يبعد عن الحل الناجح واخيرا تجده
اذا تكلم يتكلم بطريقه عنصريه و يحابي ناس على حساب ناس وانظر جيدا في فئته الممدوحه تجدها هي
الفئة التي تقدم له المصالح وتغدق عليه المنافع الكثيرة ولو على حساب بيع المبادئ و القيم .
فهل يلام الشاعر تأبطا شرا على تفضيل عواء الذئب على بعض اصوات بني أدم ؟
ودمتم جميعا شرفاء