:: المركز الإخباري :: الديوان المقروء :: الديوان المسموع :: قناة ويلان :: مركز التحميل :: للمميزين فقط ::

مركز ويلان الاخباري
قصيدة باللواء : سطام بن داخل الحربي . (اخر مشاركة : سنجــار - عددالردود : 1 - عددالزوار : 1124 )           »          بعض قصايدي المسموعه (اخر مشاركة : غازي العايد - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28078 )           »          علمتني الحياة (اخر مشاركة : طلال الفقير - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27601 )           »          جديدي قصايدي غازي العايد (اخر مشاركة : غازي العايد - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26658 )           »          بعض قصائدي المسموعه 2023 (اخر مشاركة : غازي العايد - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25876 )           »          بعض قصائدي المسموعه 2023 (اخر مشاركة : غازي العايد - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26034 )           »          ஐღإهداء عبارات من القلب إلى القلبஐღ (اخر مشاركة : عابر احساس - عددالردود : 7195 - عددالزوار : 1625995 )           »          تفعيل الحساب (اخر مشاركة : أبوجابر - عددالردود : 3 - عددالزوار : 14 )           »          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته (اخر مشاركة : جميل السويلمي - عددالردود : 2 - عددالزوار : 13 )           »          صلى على نبينا محمد (اخر مشاركة : مبارك كريم المعيتق - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58152 )           »         
آخر المشاركات




المنتدي الاسلامي خاص بجميع مايتعلق بالأمور الدينيه الاسلاميه

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24/11/11, (04:25 PM)   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
بسام المطردي
اللقب:
عضو فضي
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية بسام المطردي

البيانات
التسجيل: 14/03/11
العضوية: 6334
الدولة: الأردن _ عمان
المشاركات: 787
بمعدل : 0.16 يوميا
معدل التقييم: 42
نقاط التقييم: 246
بسام المطردي متميزبسام المطردي متميزبسام المطردي متميز


الإتصالات
الحالة:
بسام المطردي غير متصل
وسائل الإتصال:

المنتدى : المنتدي الاسلامي
افتراضي أصلح سريرتك


أصلِح سَرِيرَتَكَ..




إِنَّ الـمُتَأَمِّلَ فِي نَفسِهِ وَمَنْ حَولَهُ مِنَ النَّاسِ بِكَافَّةِ طَبَقَاتِهِم، لَيَرَى اهْتِمَامًا بَالِغًا وَانْصِرَافًا تَامًّا - إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ - إِلَى العِنَايَةِ بِالمَظَاهِرِ المَرئِيَّةِ، وَغَفلَةً تَكَادُ تَكُونُ عَامَّةً عَنِ العِنَايَةِ بِالأَعمَالِ القَلبِيَّةِ وَالذَّخَائِرِ الخَفِيَّةِ. فَالمَظَاهِرُ زَاهِيَةٌ، وَالسَّرَائِرُ خَاوِيَةٌ.

مَعَ أَنَّ إِصْلَاحَ السَّرِيرَةِ مِنَ المَطَالِبِ العَالِيَةِ، وَالمَقَاصِدِ السَّامِيَةِ، وَالمَوَاهِبِ الغَالِيَةِ، وَأُمنِيَةٌ عَظِيمَةٌ، وَغَايَةٌ كَرِيمَةٌ، لَا تَصْلُحُ الأَحْوَالُ إِلَّا بِـهَا.

عَن يَحيَى بنِ الجَزَّارِ، قَالَ: دَخَلَ نَاسٌ مِن أَصحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالُوا: يَا أُمَّ المُؤمِنِينَ، حَدِّثِينَا عَن سِرِّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم، قَالَت: كَانَ سِرُّهُ وَعَلَانِيَتُهُ سَوَاءً، ثُمَّ نَدِمْتُ فَقُلْتُ: أَفشَيتُ سِرَّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم! قَالَت: فَلَمَّا دَخَلَ أَخبَرتُهُ، فَقَالَ: «أَحسَنتِ».

قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يوم تبلى السرائر [الطارق: 9] .

أَي: تُختَبَرُ سَرَائِرُ الصُّدُورِ، وَيَظهَرُ مَا كَانَ فِي القُلُوبِ مِن خَيرٍ وَشَرٍّ عَلَى صَفَحَاتِ الوُجُوهِ.

فَفِي الدُّنيَا، يَنكَتِمُ كَثِيرٌ مِنَ الأَشيَاءِ، وَلَا يَظهَرُ عِيَانًا لِلنَّاسِ، وَأَمَّا يَومَ القِيَامَةِ، فَيَظهَرُ بِرُّ الأَبرَارِ، وَفُجُورُ الفُجَّارِ، وَتَصِيرُ الأُمُورُ عَلَانِيَةً.

وَللهِ هَاتَيكَ القُلُوبُ، وَمَا انطَوَت عَلَيهِ مِنَ الضَّمَائِرِ، وَمَاذَا أَودَعَتهُ مِنَ الكُنُوزِ وَالذَّخَائِرِ؟!
وَللهِ طِيبُ أَسرَارِهَا!

سَيَبدُو لَهَا طِيبٌ وَنُورٌ وَبَهجَةٌ وَحُسنُ ثَنَاءٍ يَومَ تُبلَى السَّرَائِرُ

قَالَ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ الله:

« وَفِي التَّعبِيرِ عَنِ الأَعمَالِ بِالسِّرِّ لَطِيفَةٌ، وَهُوَ أَنَّ الأَعمَالَ نَتَائِجُ السَّرَائِرِ البَاطِنَةِ، فَمَن كَانَت سَرِيرَتُهُ صَالِحَةً كَانَ عَمَلُهُ صَالِحًا، فَتَبدُو سَرِيرَتُهُ عَلَى وَجهِهِ: نُورًا وَإِشرَاقًا وَحَيَاءً، وَمَن كَانَت سَرِيرَتُهُ فَاسِدَةً، كَانَ عَمَلُهُ تَابِعًا لِسَرِيرَتِهِ، لَا اعتِبَارَ بِصُورَتِهِ، فَتَبدُو سَرِيرَتُهُ عَلَى وَجهِهِ سَوَادًا وَظُلمَةً وَشَينًا. وَإِن كَانَ الَّذِي يَبدُو عَلَيهِ فِي الدُّنيَا، إِنَّمَا هُوَ عَمَلُهُ لَا سَرِيرَتُهُ، فَيَومَ القِيَامَةِ تَبدُو عَلَيهِ سَرِيرَتُهُ، وَيَكُونُ الحُكمُ وَالظُّهُورُ لَهَا» .

وَقَالَ رَحِمَهُ الله:
« الْمُعَوَّلُ عَلَى السَّرَائِرِ وَالْمَقَاصِدِ وَالنِّيَّاتِ وَالْهِمَمِ، فَهِيَ الْإِكْسِيرُ الَّذِي يَقْلِبُ نُحَاسَ الْأَعْمَالِ ذَهَبًا، أَوْ يَرُدُّهَا خَبَثًا ...؛ وَمَنْ لَهُ لُبٌّ وَعَقْلٌ، يَعْلَمُ قَدْرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَشِدَّةَ حَاجَتِهِ إِلَيْهَا، وَانْتِفَاعَهُ بِهَا ».

وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَحِمَهُ الله:
« قُطبُ الطَّاعَاتِ لِلمَرءِ فِي الدُّنيَا: هُوَ إِصلَاحُ السَّرَائِرِ، وَتَركُ إِفسَادِ الضَّمَائِرِ ".

وَالوَاجِبُ عَلَى العَاقِلِ الِاهتِمَامُ بِإِصلَاحِ سَرِيرَتِهِ، وَالقِيَامُ بِحِرَاسَةِ قَلبِهِ عِندَ إِقبَالِهِ وَإِدبَارِهِ، وَحَرَكَتِهِ وَسُكُونِهِ؛ لِأَنَّ تَكَدُّرَ الأَوقَاتِ، وَتَنَغُّصَ اللَّذَّاتِ، لَا يَكُونُ إِلَّا عِندَ فَسَادِهِ.

وَلَو لَم يَكُن لِإِصلَاحِ السَّرَائِرِ سَبَبٌ يُؤَدِّي العَاقِلَ إِلَى استِعمَالِهِ، إِلَّا إِظهَارُ اللهِ عَلَيهِ كَيفِيَّةَ سَرِيرَتِهِ، خَيرًا كَانَ أَو شَرًّا، لَكَانَ الوَاجِبُ عَلَيهِ قِلَّةَ الإِغضَاءِ عَن تَعَاهُدِهَا .

فَطَهِّر للهِ سَرِيرَتَكَ فَإِنَّهَا عِندَهُ عَلَانِيَةٌ، وَأَصلِح لَهُ غَيبَكَ فَإِنَّهُ عِندَهُ شَهَادَةٌ، وَزَكِّ لَهُ بَاطِنَكَ فَإِنَّهُ عِندَهُ ظَاهِرٌ .

قَالَ العَلَّامَةُ ابنُ عُثَيمِينَ رَحِمَهُ الله:

« إِصلَاحُ السَّرِيرَةِ يَكُونُ بِصِدقِ الإِخلَاصِ مَعَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، بِحَيثُ لَا يَهتَمُّ بِالخَلقِ، مَدَحُوهُ أَو ذَمُّوهُ، نَفَعُوهُ أَو ضَرُّوهُ، يَكُونُ قُلبُهُ مَعَ اللهِ تَعَبُّدًا، وَتَأَلُّهًا، وَمَحَبَّةً وَتَعظِيمًا، وَقَلبُهُ مَعَ اللهِ تَقدِيرًا وَتَدبِيرًا، يَعلَمُ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَم يَكُن لِيُخطِئَهُ، وَمَا أَخطَأَهُ لَم يَكُن لِيُصِيبَهُ، يَرضَى بِمَا قَدَّرَ اللهُ لَهُ، إِذَا وَقَعَ الأَمرُ يَقُولُ: عَسَى أَن يَكُونَ خَيرًا، يَستَشعِرُ دَائِمًا قَولَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا [النساء: 19]، وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون [البقرة: 216] وَمَا أَشبَهَ ذَلِكَ مِن تَعَلُّقِ القَلبِ بِاللهِ، أَهَمُّ شَيءٍ أَن يَكُونَ قَلبُكَ مَعَ اللهِ دَائِمًا، وَإِذَا كَانَ مَعَ اللهِ دَائِمًا صَلُحَت سَرِيرَتُكَ؛ لِأَنَّكَ لَا يَهُمُّكَ الخَلقُ، الخَلقُ عِندَكَ مِثلُ نَفسِكَ، بَل أَقَلُّ، مَا دُمتَ مُتَعَلِّقًا بِرَبِّكَ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، مُعتَصِمًا بِهِ، مُهتَدِيًا بِهُدَاهُ، مُعتَصِمًا بِحَبلِهِ، فَلَا يَهُمَّنَّكَ أَحَدٌ ».

فَإِذَا كَانَ بَاطِنُكَ كَظَاهِرِكَ، لَم تُبَالِ كَيفَ كَانَ أَمرُكَ؟!

وَقُم عَلَى بَاطِنِكَ، أَشَدَّ مِن قِيَامِكَ عَلَى ظَاهِرِكَ، فَإِنَّهُ المَوضِعُ الَّذِي فِيهِ اللهُ مُطَّلِعٌ، فَنَظِّفهُ وَزَيِّنهُ، لِيَنظُرَ اللهُ إِلَيهِ أَشَدَّ مَا تُزَيِّنُ ظَاهِرَكَ لِنَظَرِ غَيرِهِ .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم:
« إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ » [ رواه مسلم ] .

فَلَا تُضَيِّع حَظَّكَ مِن أَعمَالِ السَّرَائِرِ، فَبِهَا الحَزمُ وَالفَضلُ العَظِيمُ، وَالوَصفُ يَقصُرُ عَن قَدرِهَا عِندَ الإِلَٰهِ سُبحَانَهُ وَتَعاَلى، وَتُؤجَرُ عَلَيهَا عِندَ تَحصِيلِ مَا فِي الصُّدُورِ، وَالنَّاسُ عَنهَا غَافِلُونَ.

وَاعْلَمْ بِأَنَّهُ كُلَّمَا كَانَ وُجُودُ الشَّيءِ أَنْفَعَ لِلعَبدِ وَهُوَ إِلَيهِ أَحْوَجُ، كَانَ تَأَلُّمُهُ بِفَقْدِهِ أَشَدَّ، وَكُلَّمَا كَانَ عَدَمُهُ أَنْفَعَ لَهُ، كَانَ تَأَلُّمُهُ بِوُجُودِهِ أَشَدَّ، وَلَا شَيءَ عَلَى الإِطلَاقِ أَنفَعُ لِلْعَبْدِ مِنْ إِصْلاَحِ سَرِيرَتِهِ، وَإِقبَالِهِ عَلَى اللهِ، وَاشْتِغَالِهِ بِذِكْرِهِ، وَتَنَعُّمِهِ بِحُبِّهِ، وَإِيثَارِهِ لِمَرْضَاتِهِ، بَلْ لَا حَيَاةَ لَهُ وَلَا نَعِيمَ وَلَا سُرُورَ وَلَا بَهْجَةَ إِلَّا بِذَلِكَ، فَعَدَمُهُ آلَمُ شَيءٍ لَهُ وَأَشَدُّهُ عَذَابًا عَلَيهِ .

وَاجعَل نُصبَ عَينَيكَ الحَدِيثَ التَّالِيَ:

عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم أَنَّهُ قَالَ:
« لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ، بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا ».

قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللهِ! صِفْهُم لَنَا، جَلِّهِم لَنَا، أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُم وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ:
«أَمَا إِنَّهُم إِخْوَانُكُم وَمِنْ جِلْدَتِكُم، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُم أَقْوَامٌ، إِذَا خَلَوا بِمَحَارِمِ اللهِ انْتَهَكُوهَا » [ رواه ابن ماجه بإسناد صحيح ] .

فَهَؤُلَاءِ قَامُوا بِأَعمَالٍ ظَاهِرَةٍ، وَاعتَنَوا بِالمَظَاهِرِ وَجَعَلُوهَا زَاهِيَةً، وَأَهمَلُوا سَرَائِرَهُم، وَبَوَاطِنَهُم، وَجَعَلُوهَا خَاوِيَةً، فَلَم يُرَاقِبُوا اللهَ فِي خَلَوَاتِهِم.

وَتَأَمَّل سَرِيرَةَ القَلبِ وَاستَحيِ مِنَ اللهِ يَومَ تُبلَى السَّرَائِرُ

فَيَا مُهمِلًا إِصلَاحَ سَرِيرَتِكَ!
سَتَعلَمُ يَومَ الحَشرِ: أَيَّ سَرِيرَةٍ تَكُونُ عَلَيهَا، ﴿ يوم تبلى السرائر﴾

أَلَا تَعْلَمُ بِأَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ هِيَ الَّتِي تُنَوِّرُ الوَجهَ، وَتَشرَحُ الصَّدرَ، وَتُحيِي القَلبَ، وَتُطَيِّبُ الحَيَاةَ عَلَى الحَقِيقَةِ، وَإِذَا بُلِيَتِ السَّرَائِرُ يَومَ اللِّقَاءِ، كَانَت سَرِيرَةُ صَاحِبِهَا مِن خَيرِ سَرَائِرِ العِبَادِ، كَمَا قِيلَ:

سَيَبقَى لَكُم فِي مُضْمَرِ القَلبِ وَالحَشَا سَرِيرَةُ حُبٍّ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ»

قَالَ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ الله:

«كُلُّ مَحَبَّةٍ لِغَيرِهِ َفِهَي عَذَابٌ عَلَى صَاحِبِهَا وَحَسرَةٌ عَلَيهِ، إِلَّا مَحَبَّتَهُ وَمَحَبَّةَ مَا يَدعُو إِلَى مَحَبَّتِهِ، وَيُعِينُ عَلَى طَاعَتِهِ وَمَرضَاتِهِ، فَهَذِهِ هِيَ الَّتِي تَبقَى فِي القَلبِ يَومَ تُبلَى السَّرَائِرُ».

فَحَقِيقٌ بِمَنِ اتَّقَى اللهَ، وَخَافَ نَكَالَهُ: أَن يُصلِحَ سَرِيرَتَهُ، مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ «تُنْسَفُ فِيهِ الْجِبَالُ، وَتَتَرَادَفُ فِيهِ الْأَهْوَالُ، وَتَشْهَدُ فِيهِ الْجَوَارِحُ وَالْأَوْصَالُ، وَتُبْلَى فِيهِ السَّرَائِرُ، وَتَظْهَرُ فِيهِ الضَّمَائِرُ، وَيَصِيرُ الْبَاطِلُ فِيهِ ظَاهِرًا، وَالسِّرُّ عَلَانِيَةً، وَالْمَسْتُورُ مَكْشُوفًا، وَالْمَجْهُولُ مَعْرُوفًا، وَيُحَصَّلُ وَيَبْدُو مَا فِي الصُّدُورِ، كَمَا يُبَعْثَرُ وَيَخْرُجُ مَا فِي الْقُبُورِ » .

عَن أُسَامَةَ بنِ شَرِيكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم:
«مَا كَرِهَ اللهُ مِنكَ شَيئًا، فَلَا تَفعَلهُ إِذَا خَلَوتَ» [ رواه ابن حبان في صحيحه والترمذي، وصححه السيوطي ] .

وَعَنْ سَعيدٍ ابنِ يَزيدٍ الأَنصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: لِرَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم أَوصِنِي، قَالَ:
«أُوصِيكَ أَن تَستَحِيَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، كَمَا تَستَحِي رَجُلًا صَالِحِاً مِن قَومِكَ» [ رواه الطبراني ] .

فَقُل لِنَفسِكَ: لَو كَانَ رَجُلٌ مِنْ صَالِحِي قَومِي يَرَانِي، أَو يَسمَعُ كَلاَمِي، لَاستَحَيتُ مِنْهُ، فَكَيفَ لَا أَستَـحِي مِن رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى، ثُمَّ لَا آمَنُ تَعجِيلَ عُقُوبَتِهِ وَكَشفَ سَترِهِ؟!

فَإِنَّ مَنْ عَلِمَ أَنَّ اللهَ يَرَاهُ حَيثُ كَانَ، وَأَنَّهُ مُطَّلِعٌ عَلَى بَاطِنِهِ وَظَاهِرِهِ وَسِرِّهِ وَعَلانِيَتِهِ، وَاستَحضَرَ ذَلِكَ فِي خَلَوَاتِهِ، أَوجَبَ لَهُ ذَلِكَ تَركَ المَعَاصِي فِي السِّرِّ.

قَالَ القَحطَانِيُّ رَحِمَهُ الله:

وَإِذَا خَلَوتَ بِرِيبَةٍ فِي ظُلمَةٍ وَالنَّفسُ دَاعِيَةٌ إِلَى الطُّغيَانِ
فَاستَحِي مِن نَظرِ الإلَٰهِ وَقُلْ لَهَا إِنَّ الَّذِي خَلَقَ الظَّلاَمَ يَرَانِي

َالله اللهَ فِي إِصْلَاحِ السَّرَائِرِ؛ فَإِنَّهُ مَا يَنْفَعُ مَعَ فَسَادِهَا صَلَاحٌ ظَاهِرٌ.

قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
والله يعلم ما في قلوبكم [الأحزاب: 51].

فَانظُر أَيُّهَا الأَخُ الحَبِيبُ: مَاذَا يَعلَمُ اللهُ مِن قَلبِكَ؟
دَاوِ قَلبَكَ وَأَصلِحهُ، وَأَخلِص وَصَحِّحِ النِّيَّةَ، وَأَخلِصِ الطَّوِيَّةَ؛ فَإِنَّ مُرَادَ اللهِ مِنَ العِبَادِ: صَلَاحُ قُلُوبِهِم.

عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم:
«إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الجَنَّةِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؛ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ» [ متفق عليه ] .

وَقَوْلُهُ: «فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ» إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ بَاطِنَ الأَمْرِ يَكُونُ بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَأَنَّ خَاتِمَةَ السُّوءِ تَكُونُ بِسَبَبِ دَسِيسَةٍ بَاطِنَةٍ لِلْعَبْدِ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا النَّاسُ، فَتِلْكَ الخَصْلَةُ الخَفِيَّةُ تُوجِبُ سُوءَ الخَاتِمَةِ عِنْدَ المَوْتِ . وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غِشٌّ وَآفَةٌ، لَمْ يَقْلِبِ اللهُ إِيمَانَهُ.

عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قَالَ:
«لَا تَعجَبُوا بِعَمَلِ أَحَدٍ، حَتَّى تَنظُرُوا بِمَ يُختَمُ لَهُ » [ رواه أحمد وابن حبان وصححه ] .

أَذكُرَك ختاماً كَلِمَاتٍ كَانَ يَكتُبُ بِهَا بَعضُ السَّلَفِ إِلَى بَعضٍ، فَلَو نَقَشَهَا العَبدُ فِي لَوحِ قَلبِهِ يَقرَؤُهَا عَلَى عَدَدِ الأَنفَاسِ، لَكَانَ ذَلِكَ بَعضُ مَا يَستَحِقُّهُ وَهِيَ :


«مَن أَصلَحَ سَرِيرَتَهُ، أَصلَحَ اللهُ عَلَانِيَتَهُ؛ وَمَن أَصلَحَ مَا بَينَهُ وَبَينَ اللهِ، أَصلَحَ اللهُ مَا بَينَهُ وَبَينَ النَّاسِ؛ وَمَن عَمِلَ لِآخِرَتِهِ، كَفَاهُ اللهُ مُؤنَةَ دُنيَاهُ».


















توقيع : بسام المطردي

عرض البوم صور بسام المطردي   رد مع اقتباس

 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
شركة استضافة: استضافة رواد التطوير
الساعة الآن (06:20 PM)


مايكتب في هذا المنتدى لايعبر بالضروره عن وجهة نظر ادارة الموقع وانما يعبر عن وجهة نظر كاتبه