بيان تفسير صورة الفاتحة

[البيداء]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .......

الحمدلله وب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبهِ أجمعين .... وبعد :

هذا الموضوع يختص إخواني ببيان تفسير سورة الفاتحة ، هذه السورة العظيمة التي أفتتح بها المصحف الشريف ، والتي تسمى السبع المثاني

لأنها سبع آيات ، قال تعالى ( ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم ) ...

وسميت بالمثاني لأنها تُكرر في كل ركعه ، وسورة الفاتحة سبع آيات ؛ ثلاث آياتٍ ونصف منها لله ، ثناءٌ عليه سبحانه ،

وثلاثٌ ونصف منها للعبد من قوله (وإياك نستعين ) إلى آخر السورة ، ويدلُ على ذلك حديثه (ص) : أن الله جل وعلا يقول ( قسمت الصلاة بيني

وبين عبدي فإذا قال : الحمدلله رب العالمين قال الله : أثنى علي عبدي ، فإذا قال الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ،قال الله : مجدني عبدي ،

فإذا قال إياك نعبد وإياك نستعين ، قال: هذا بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ماسأل ) ....... (1) .

وتسمى بالكافية ، وتسمى بالرقية ، لأن النفر من الصحابة الذين نزلوا على حيٍ من أحياء العرب استضافوهم فلم يضيفوهم ، فلُدغ كبيرهم،

فجاءوا يطلبون من الصحابة الرقيه فقال أحد الصحابة :إنا نرقي ولكن أبيتم أن تضيفونا ، فلا نرقي إلا بجُعلٍ ( يعني أجرة ) ،

فشرطوا لهم قطيعاً من الغنم ، فقرأ عليه سورة الفاتحة ، فقام كانما بُعث من جديد ...(2).

فقوله تعالى ( الحمدلله رب العالمين ) : الحمد لله على ماذا ؟ على نعمه ، فهو يُحمد سبحانه على ذاته ولأسمائه وصفاته ،

ولأفعاله فهو المنعم على عباده فكل منعمٍ يُحمد لأن النفوس جُبلت على حب من أحسن إليها ، ولذلك كانت المحبة أعظم أنواع العبادة .... (3)

_ ( الرحمن الرحيم ) : فيها الرجاء ، رجاء رحمة الله سبحانه وتعالى ، لأنه إذا كان رحماناً رحيما ، فلا تُرجى الرحمة إلا منه ....

_ (مالك يوم الدين ) : فيها التخويف من هذا اليوم ، والإدانة يوم القيامة بالأعمال السيئة ....

_ ( إياك نعبدُ وإياك نستعين ) : حيث أن فيها إخلاص العبادة لله ، ففيها الرد على المشركين الذين يعبدون مع الله غيره ، أياك نعبد فيها توحيد

الألوهية وهو إفراد الله بأفعال العباد التي شرعها لهم ، لأن الإلوهية معناها العبادة ، والعبادة من أفعال العباد (إياك نستعين ) وفيها توحيد الربوبية ؛

لأن الإعانه من أفعال الرب سبحانه ، وتوحيد الربوبية هو توحيد الله بأفعاله ......

_ ( اهدنا الصراط المستقيم) : الهداية على نوعين : هداية دلالة وإرشاد ، ودلالة توفيق وتسديد ...

فدلالة الهداية والارشاد هذه حاصلة لجميع الخلق المؤمنين والكفار والمشركين ؛لأن الله دلهم وأرشدهم إلى طريق الحق ، لكن الكفار

لم يقبلوا قال تعالى ( وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى ) هديناهم : يعني بينا لهم ...

والنوع الثاني : هداية التوفيق وقبول الحق ، وهذه خاصة بالمؤمنيين ، فأنت تسأل الله نوعي الهداية ......

والمستقيم : يعني المعتدل ، بخلاف طريق الضلال ، الذي ضل عنه الشريعة والمنهاج ....

_ ( صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضآلين ): ففيها الرد على طوائف الأمة التي اشتطّت عن طريق الحق ، كاجهمية والمعتزلة

والأشاعرة الذين ضلوا في باب القضاء والقدر ، والرد على نفاة الصفات المعطلة الذين عطلوا الأسماء والصفات من جهمية ومعتزلة واشاعرة وماتُريدية

وغيرهم .....

وفيها الرد على كل مبتدع يعبدُ غير الله بغير دليل من النصارى ؛لأن الضال هو الذي يعبد الله على غير هدى ، فالنصارى والمبتدعه

والخرافيون كلهم يدخلون تحت الضالين ؛ لأنهم يعبدون الله بالبدع والمحدثات والخرافات ، التي ماانزل الله بها من سلطان ....

والمغضوب عليهم : وهم اليهود الذين أخذوا العلم وتركوا العمل ، هم ومن سار معهم في هذا المضمار من هذه الأمه ،

الذين تعلموا ولم يعملوا بعلمهم .... فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، ولهذا يقول بعض السلف : من فسد من علمائنا ففيه شبهٌ من

اليهود ، ومن فسد من عبّادنا ففيه شبهٌ من النصارى .... (4) .

هذا والله أعلم ......

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ

المراجع والمصادر في هذا الموضوع

1_ صحيح مسلم ........ ص 395

2_ صحيح البخاري ..... الحديث رقم 2276

3_ سلسلة شرح الرسائل ..... للإمام محمد بن عبد الوهاب .... تحقيق د. صالح الفوزان ... ص 188

4_ المصدر السابق ..... ص 197