من هونولولو إلى البيت الأبيض «2»
الرأي العام الأمريكي أعطى ثقته للتغيير
هزيمة هيلاري منحت أوباما فرصة تحقيق الحلم المستحيل
فتحي عطوة -القاهرة
لم يكن أكثر الناس تفاؤلا يتوقع قبل عدة شهور أن يصل أمريكي أسود إلى الرئاسة لكنه عندما فاز في الانتخابات التمهيدية على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون زاد الأمل بإمكانية تحقيق المستحيل وفوز أوباما . ومع ذلك فقد كان البعض يراهن حتى الساعات الأخيرة من التصويت على أن الرأي العام الأمريكي يمكن أن ينقلب في أي لحظة. لكن الرأي العام الأمريكي أثبت أنه أعطى ثقته للتغيير ، وأنه أعطى الفرصة مرتين لإدارة جمهورية لكنها فشلت في تحقيق طموحاته فشاح بوجهه عنها ولفت ناظريه تجاه من رفع شعار التغيير والتجديد .
ظاهرة جديدة
ظاهرة جديدة شهدتها الانتخابات الأخيرة وهي أنه للمرة الأولى لم يصبح المرشح خاضعا لوسائل الإعلام ، وإنما نجح أوباما بإمكانياته الخطابية المبهرة وجهده وعلمه أن يجبر الإعلام على السير وراءه وتأييده.طموح أوباما السياسي لم يبنه على الإعلام وإنما على العلم والتواضع وفصاحة اللسان وقد بدأ طموحه في التبلور منذ أن عمل عام 1985 في مشروع تأهيل وتنمية أحياء الفقراء في شيكاغو . وخلال هذه الفترة تبلور مشروعه السياسي من خلال التعاطي مع مسألة الحقوق المدنية ، وهي مسألة لها رواج كبير منذ منتصف القرن الماضي وجذب إليه المواطنين من مختلف الأعراق.
حق التصويت للسود
الأمريكيون الأفارقة بدأوا المشاركة في الانتخابات الرئاسية منذ بداية الستينيات عندما وقع الرئيس ليندون جونسون القانون المتعلق بالحقوق المدنية عام 1964 نتيجة جهود كبيرة قام بها الناشطون والمدافعون عن الحريات المدنية والتي أسفرت عن منح السود حقوق التصويت. ونتيجة لانخراطهم في العمل السياسي، فقد انتمى معظم السود إلى الحزب الديمقراطي منذ نهاية الخمسينات .
وكانت أول خطوة فعلية دفعت الشاب أوباما إلى معترك السياسة في عام 1992 عندما أصبح مديرا لمشروع التصويت في إلينوي،وساعد 150 ألف شخص من الفقراء على تسجيل أسمائهم في سجلات الناخبين. وفي عام 1996 انتخب أوباما لمجلس شيوخ ولاية الينوي لينخرط بشكل رسمي في أنشطة الحزب الديموقراطي.
تجربة انتخابه في مجلس شيوخ ولاية إلينوي كانت فاتحة خير له فسرعان ما اكتسب دعم الحزب في إصلاح قوانينَ الرعاية الصحيةَ والأخلاقَ ، وتَبنّى قانون تخفيض الضريبة على العمال منخفضي الدخل ، وزيادة الإعانات الماليةِ لرعاية الطفولةِ ، ولذا أعيد انتخابه مرة ثانية في مجلس شيوخ الولاية عام 1998، ومرة ثالثة 2002 .وفي يناير 2003, أصبحَ أوباما رئيسَ لجنة الصحةِ ولجنة الخدماتِ الإنسانيةِ مجلس شيوخِ الينوي .
شجعه نجاحه الباهر في مجلس شيوخ الولاية على الترشح في انتخابات مجلس الشيوخ عام 2004 وحقق نجاحا منقطع النظير ، وفي نوفمبر من العام نفسه فاز أوباما في انتخابات الكونجرس عن ولاية الينوى بنسبة 70% من أجمالي الأصوات في مقابل 27% لمنافسه الجمهوري، ليصبح واحدا من أصغر أعضاء مجلس الشيوخ سنا وأول سيناتور أسود في تاريخ المجلس . ومنذ تلك اللحظة أخذ نجم أوباما السياسي في الصعود، وورد اسمه ضمن قائمة أكثر عشرين شخصية في العالم تأثيرا في تحقيق لمجلة تايم عام 2005. وقبل نهاية نفس العام وضعته صحيفـــة :" نيو ستاتسمان " ضمن قائمة عشرة أشخاص يمكن أن يحدثوا تغيرا في العالم.
الطموح الرئاسي
منذ صعود نجم أوباما وكثرة الحديث معه وعنه في وسائل الإعلام وتساؤل الإعلام هل السيناتور أوباما يفكر في الترشح لخوض انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2008، كانت إجابته دائما غير حاسمة أو مستبعدة. لكن موقفه تغير في أكتوبر 2005 حين اعترف في برنامج «واجه الصحافة» بأنه يفكر في الترشح لانتخابات 2008، وأنه سوف يتخذ القرار في هذا الشأن بناء على نتائج انتخابات الكونجرس في نوفمبر 2006. ودافع في المقابلة التلفزيونية عن قدراته ومؤهلاته لتولي مهام الرئاسة وعندما أشير إلى صغر سنه وقلة خبرته قال " لست متأكدا من أن أي رئيس كان مستعدا لأن يكون رئيسا. ولكني أثق في حكم وبصيرة الشعب الأمريكي."
بعدها اعتقد عدد غير قليل من الصحفيين وكتاب الرأي أن فرصه في الترشح والفوز في انتخابات 2008 كبيرة، وأكد أحد كتاب مجلة «نيو ريبابلك» في 2005 أن انتخابات 2008 هي الفرصة الأفضل لأوباما كمرشح لمنصب الرئيس أو نائبه في ظل وجود مرشح جمهوري جديد غير الرئيس بوش. فيما قارن كاتب آخر في جريدة شيكاغو تربيون بين تجربة أوباما في 2008 وتشابهها مع تجربة نجاح جون كندي في الفوز بانتخابات عام 1961.