الباب مفتوح لتغييرات بصندوق النقد تشمل هوية رئيسه واعتماد تصويت المملكة وكافة الدول المساهمة
الاقتصادات الناشئة تصر على تغيير النظام المالي العتيق وتطالب بحقوق أكبر
حنان البدري - واشنطن
استبق الرئيس الأمريكي افتتاح قمة الدول العشرين بدعوة زعماء العالم مجددا النظر في تحسين وإصلاح الأنظمة المحاسبية المتعقلة بالأوراق المالية وتحسب الإجراءات التنظيمية لتقليل المخاطر على النظام الدولي.
في كلمته التي القاها بالوول ستريت في نيويورك عشية انعقاد القمة، حث الرئيس الأمريكي كلا من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي على إعادة تنظيم قواعد التصويت ليكون لدى الدول النامية (الاقتصاديات الناهضة) حصة أقوى في التصويت طالما أن هذه الاقتصاديات ستساهم بشكل أكبر في الحصص المالية للصندوق والبنك الدوليين.
إلى ذلك أكدت مصادر في البنك الدولي لـ(عكاظ) وجود انفتاح لدى المؤسستين الماليتين (صندوق النقد والبنك الدولي) لإعادة النظر في نظام التصويت لكافة الدول التي تساهم حاليا حتى ولو وصل الأمر إلى إعادة النظر في احتكار الدول الأوروبية لمنصب رئيس صندوق النقد الدولي.
جدير بالذكر أن نظام التصويت داخل الصندوق والبنك يخضع لأسلوبين الأساسي هو النظام المعروف بنظام بريتون دوورز حيث تتلازم حصة الدولة العضو وحجم وقوة تصويتها، أما النظام الأمريكي للتصويت فيحصر صوتا واحدا لكل دولة عضوا بغض النظر عن حصتها أو عوامل أخرى متعلقة بحجم اقتصاديات واحتياطيات وعدد سكان كل دولة.
معارضة أوروبية
وقد تعارض الدول الأوروبية إحداث أي تغيير في هيكلة التصويت أو رئاسة صندوق النقد لأنه ساعتها وحسب نفس المستوى ستكون مطالبة بضخ المزيد من الأموال في صندوق النقد الدولي وهو الأمر غير المتاح حاليا بالنسبة لهذه الدول التي تعاني من تداعيات الازمة المالية العالمية.
وأكد مسؤول أن كبار مديري البنك الدولي انخرطوا على مدى اليومين الماضيين في اجتماعات مكثفة تحضيرا للقمة. وتوصلوا الى ضرورة البدء في خطوات تفتح المجال أمام قبول طلبات متصاعدة وبشكل غير مسبوق من الدول للاقتراض بعد عجزها مؤخرا عن تنفيذ الكثير من المشاريع التنموية وان ذلك لن يتم بعيدا عن عمليات دعم سريع للبنك للتمكين من تلبية المتطلبات المتزايدة مؤخرا من الدول الاعضاء.
وكان الرئيس الامريكي قد أقام مساء أمس حفل عشاء لرؤساء الدول المشاركة في القمة ، وبدت الولايات المتحدة غير مستعدة للموافقة على اشتراكات أعضاء كبار بما فيهم دول أروبوية غير انجلوساكسوية والمتمثلة في بريطانيا وكندا، وتوقع مراقبون في واشنطن لـ(عكاظ) أن يؤجل الحسم الحقيقي لوسائل التعامل مع الأزمة لحين وصول الرئيس الجديد باراك أوباما للحكم، وبالتالي فإن الاتفاق بشكل محدد لن يتم عمليا قبل نهاية فبراير المقبل الموعد المقترح لقمة أخرى.
محاور القمة
ومع ذلك فهناك خمس نقاط أساسية ستكون هي محل النقاشات على مدى قمة اليوم وغدا وهي:
1 - التأكد من مساهمة الدول في دعم البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لاسيما دول الخليج وتحديدا المملكة واليابان التي كانت قد تعهدت بالفعل بضخ مائة مليار دولار لدعم احتياجات صندوق النقد الدولي وانقاذ مشاريع متعثرة، وهو الأمر الذي تتخوف منه بعض الدول لانه سيؤدي إلى التأثير سلبا على حق التصويت والحقوق التصديقية لتلك السلطات بمجلس ادارة الصندوق.
2 - الاتفاق حول استحداث نظم وإجراءات تنفذ على مستوى العالم وتضبط التجاوزات التي تحدث في أسواق العالم المالية مع النظر في إيجاد أساليب رقابة دولية جديدة تضمن الشفافية وعدم التلاعب وهو ما سيجبر البنوك على الاحتفاظ بنسبة أعلى من رأس المال كعامل حماية وهنا فإن مقترحا يتضمن تسديد حوافز رؤساء البنوك في صورة أسهم مع الاحتفاظ بها خمسة أعوام على الأقل دون تصرف.
3 - النظر في زيادة رؤوس أموال البنوك مع النظر في تجربة إسبانيا التي نجحت بقدر كبير في تفادي تداعيات كارثية للأزمة.
4 - التوصل إلى إيجاد آلية تنسيق حول اسعار الفائدة حول العالم وطرق تفادي حدوث تقلص في الاسعار مع النظر في إمكانية قيام الحكومات بإجراءات من شأنها تخفيض الضرائب لتشجيع رؤوس الأموال على التحرك.
5 - التمهيد لوضع نظام عالمي جديد يعكس التحول الحادث في اقتصاديات الدول وتغير صورة تحكم الدول الصناعية الكبرى الـ76 حيث ظهرت في الصورة اقتصاديات ناهضة سيكون لها دور أكبر مثل الهند والبرازيل والصين.
من جهتها مهدت الدول ذات الاقتصاديات الناشئة لموقفها الملتزم بالقوة وعلى رأس تلك الدول البرازيل والصين بالإشارة الى إصرارها على لعب دور أكبر في رسم ملامح نظام جديد وليس مجرد الحضور لاحتساء القهوة بينما تحدد الدول الغنية أجندة المؤتمر بل وتطلب من الدول ذات الاقتصاديات الناشئة والفقيرة الصمت واتباع الأوامر، وكان وزير المالية البرازيلي قد انتقد استمرار تحكم مؤسسات مالية عتيقة انشئت لتتواءم مع الاربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي في السياسات الاقتصادية.
هذه الإشارات ترجمت توجهات هذه المجموعة وعلى رأسها الصين والبرازيل وروسيا والهند, وهي الدول المتوقع ان تصر على موقفها في اتخاذ القرار والمشاركة في صنع النظام العالمي الجديد المزمع, وذلك من منطلق حيازة تلك الدول لأكبر الاحتياطيات من النقد الاجنبي فالصين على سبيل المثال لديها اكثر من تريليون دولار احتياطي نقدي في حين حققت الصين قفزة في ميزان العجز في ميزان المدفوعات الامريكي انخفض سلبا إلى 38.6% مليار دولار للعام الماضي فقط.
تحذير من القيود
وكان مسؤولان كبيران في ادارة الرئيس جورج بوش وهما دان برايس مستشار مجلس الامن القومي للشؤون الاقتصاد الدولي ومعه ديفيد ماكورميك وكيل وزارة الخزانة للشؤون الدولية قد عقدا مؤتمرا صحفيا بالبيت الأبيض وحذرا خلاله مجددا من الإقدام على اجراءات حماية وفرض قيود على التجارة وعلى المعاملات المالية. وقال برايس : إن أي تغييرات في النظام المالي العالمي لن تنجح إلا لو قامت على أسس السوق الحر بما فيها الإقتصاديات المفتوحة والتنافسية وزيادة الاستثمار وحركة رأس المال.
ورفض المسؤولان الأمريكيان إعلان تأييدهما لحملة بريطانيا نحو زيادة رأس مال صندوق النقد الدولي وهي الحملة التي قادها مؤخرا رئيس الوزراء البريطاني في جولته بالمنطقة, وبررا عدم موافقة الولايات المتحدة على هذا التوجه بأن صندوق النقد الدولي لم يستخدم سوى جزء صغير من احتياطاته.
وقال ديفيد ماكورميك بأن المؤسسات المالية الدولية عليها إيجاد طرق أكثر فعالية للتصدي للأزمات. وأضاف بأن زعماء الدول المشاركة في القمة سيناقشون إجراءات يتم تنفيذها على المدى القصير والمنظور كزيادة الاتفاق الحكومي.
وبالتالي تنشيط الاقتصاد العالمي، ومع ذلك فقد قلل ماكورميك من احتمالية التوصل إلى خطة اتفاق مشتركة.
وقد تفادى المسؤلان الامريكان بدرجة كبيرة الأسئلة حول التفاصيل لكنهما أكدا على أهمية مناقشة تنسيق السياسات المالية ومجهودات استعادة السيولة الى الأسواق بالدول النامية، إضافة الى القيام بإصلاح المؤسسات التي تقوم بعمليات التقييم.
الجدير بالذكر أن معظم الاوروبيين طالبوا بإصلاحات تشمل تطوير معايير عالمية لنظم المحاسبة والتقييم القيمة.
وحاول كل من برايس وماكورميك التقليل من شأن ما تسرب عن وجود خلاف ما بين الولايات المتحدة وحلفائها واضاف برايس بأن هناك أشياء مشتركة كبيرة وأعلن عن قمة أخرى ستعقد من خلال الربع الاول من العام 2009، مؤكدا ان أي تغييرات في النظام المالي العالمي لم يكتب له النجاح إلا لو كانت مبنية على حرية الأسواق بما فيها من اقتصاديات مفتوحة وتجارة متوسعة وزيادة الاستثمار وحركة المال والعملية التنافسية هذا ما سيتم الاهتمام به خلال القمة بما في ذلك جهود التوافق حول أسباب حددت الأزمة المالية الأخيرة وطرق تفادي تكرارها عبر «مبادئ مشتركة» يتم وضعها وعمل المزيد من إجراءات الشفافية والمحاسبة لأسواق العالم المالية وتقوية ما تصفه إدارة بوش بالإجراءات التنظيمية "السليمة".
من ناحية أخرى أكد المسؤولان الامريكيان على قيام إدارة بوش باطلاع الرئيس الجديد باراك اوباما أولا بأول على تطورات الوضع على صعيد القمة المزمعة وتطورات المفاوضات كما يتم التشاور مع الرئيس اوباما ومساعديه بشكل يومي.
وكان الرئيس المنتخب اوباما قد تجنب القمة الطارئة لأسباب بروتوكولية تمنع تمثيل الدولة برئيسين في ذات الوقت.
إلا أنه قام بتسليم كل من وزيرة الخارجية السابقة في عهد الرئيس الديمقراطي الاسبق بيل كلينتون مادلين اولبرايت وعضو كونجرس جمهوري سابق مشهود بحنكته هو "جيم ليتش" حيث سيجري لقاءات منفردة مع زعامات العالم على هامش القمة الطارئة.
جاء هذا بينما تصاعد الجدل في العاصمة الامريكية حول جدوى القمة في نهاية حكم الرئيس بوش وبحضور أعضاء إدارة في طريقها الى الخروج بينما هناك رئيس جديد سيكون لديه بالتأكيد سياسات جديدة مختلفة عن سياسات بوش.
وهو ما يطرح التساؤل عن جدوى الجلوس مع بوش ! هذا السؤال سرعان ما جاءت اجابته وبشكل غير مباشر حين أعلن عن الترتيب لقمة أخرى مماثلة في الربع الاول من العام المقبل – كما أسفلنا – وهي القمة التي بالطبع سيحضرها الرئيس الامريكي الجديد بعد تسلمه رسميا السلطة
على هامش القمة
- على صعيد ترتيبات القمة بدأ بالامس في واشنطن وصول الوفود المشاركة كما أعلن عن مشاركة رئيس وزراء هولندا.
وقد اكتمل أمس الجمعة حضور قادة وزعماء العالم في مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الى العاصمة الامريكية وبقية قادة العالم وأقام الرئيس الامريكي مساء الجمعة مأدبة عشاء على شرف الزعماء والقادة.
- وكانت فنادق العاصمة الامريكية قد غصت بالحضور الذين يمثلون في أغلبيتهم وسائل الإعلام الدولية جاءوا خصيصا لمتابعة القمة الطارئة.
- متحف واشنطن المقام فيه القمة على مدى يومين هو متحف تم بناؤه بأوامر من الكونجرس كالمعتاد حيث يصدر الكونجرس الموافقة على ميزانية إقامة المتاحف وذلك في العام 1980 وهو متحف مخصص للبناء وتسجيل تأثير العمارة "الهندسة المعمارية على حياة البشرية.. المفارقة هنا هو التوافق بين طبيعة متحف العمارة والتصميم العقارات هذا وبين إقامة قمة طارئة لمناقشة الازمة العمالية العالمية الناتجة أصلا عن انهيار سوق الرهن العقاري!!
أسباب قوة الاقتصاديات الناشئة في هذه القمة والتي تقف وراء مطالباتهم بحقوق أكبر في تحديد إطار النظام المالي العالمي الجديد.
من الواضح وبالنظر إلى الأرقام المرفقة نجد حيازة تلك الدول لأرصدة احتياطي نقد كبيرة مقارنة بالدخل القومي وعدد السكان بينما تراجعت دول اقتصاديات كبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة التي تعاني من نقص حاد وبالسالب في ميزان من نوعياتها مقارنة والصيف وكانت الصين مؤخرا قد كشفت عن عمليات شراء على سندات من البنك الاحتياطي الفيدرالي.