أكثم بن صيفي بين يدي كسرى
أكثم بن صيفي سيد من سادات تميم كان يقيم بين قومه و يقصد إليه الرجال يلتمسون عنده الحكمه و الرأي السديد .
و توفي بعد البعثه النبويه بثلاث سنين , وقد عمر طويلاً , وكان أكثم خطيباً مبدعاً حكيماً تتدفق
الحكمه على لسانه .
////////////////////////////////////////
يروى أن النعمان بن منذر قصد إلى بلاط كسرى , فوجد عنده و فوداً من الروم و الهند و الصين ,
و قد افتخر كل وفد بمآثر أمته , و لما افتخر النعمان بمفاخر العرب أنكر كسرى على العرب أن يكون لهم
مجد , و وصفهم بأنهم وحوش تقيم بالقفر , و حينئذ اقترح عليه النعمان أن يستدعي وفداً من العرب
و يسمع منهم , فوافق كسرى على ذلك و قدم وفد العرب و على رأسه أكثم بن صيفي
الذي ألقى هذه الخطبه بين يدي كسرى
(( إن أفضل الأشياء أعاليها،و أعلى الرجال ملوكها،و أفضل الملوك أعمها نفعا،و خير الأزمنه أخصبها،و
أفضل الخطباء أصدقها،و الصدق منجاة،و الكذب مهواة،و الشر لجاجة،و الحزم مركب صعب،و العجز مركب
وطيء،آفة الرأي الهوى،و العجز مفتاح الفقر،و خير الأمور الصبر،حسن الظن ورطة،و سوء الظن
عصمة،إصلاح فساد الرعية خير من إصلاح فساد الراعي،من فسدت بطانته كان كالغاص بالماء،شر البلاد
بلاد لا أمير لها،شر الملوك من خافه البريء،المرء يعجز لا محاله. أفضل الأولاد البررة. خير الأعوان من لم
يراء بالنصيحة،أحق الجنود بالنصر من حسنت سريرته،يكفيك من الزاد ما بلغك المحل،حسبك من شر
سماعه. الصمت حكم و قليل فاعله. البلاغة الإيجاز. من شدد نفر، ومن تراخى تألف)) .
فأعجب بها اعجاباً شديداً , و قال له: لو لم يكن لقومك غيرك لكفاهم ذلك فخراً , ثم خطب رجال آخرون
من زعماء القبائل فدهش كسرى لبلاغة العرب و أكرم وفودهم , فرجعوا من بلاطه معززين مكرمين .