محكمة تقرر تزويج سعودية من ابن خالتها "العربي" لعضل والدها
مجلس القضاء الأعلى ينقض حكماً بالتفريق لعدم كفاءة النسب
الرياض: سعاد ظافر
كشف استطلاع أعدته حول قضية التفريق بسبب عدم تكافؤ النسب عن وجود حالات مغايرة جاء فيها الحكم بعدم التفريق، فضلاً عن عضل آباء رفضوا تزويج بناتهم لأسباب غير شرعية.
ووفقاً لعلماء وقضاة وباحثين تحدثوا لـ"الوطن" فإن القضاء السعودي لم يبن على قواعد عنصرية ليفرق بين زوجين لأجل تكافؤ النسب وإنما بني على قواعد وأصول شرعية تتفق مع مصالح الناس ولا تعارضها وتغلب فيها المصالح العامة لجميع الأطراف. واستدل هؤلاء بأن القضاء السعودي بهيئته الدائمة عالج قضايا مشابهة لهذه القضية وبحث ظروفها وراعى فيها الجوانب الشرعية. ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر القرار الصادر في 14/1/1429 وبتوقيع رئيس المجلس الأعلى للقضاء و4 قضاة بنقض حكم بفسخ عقد نكاح.
وجاء في القرار أن على القاضي الرجوع عن حكمه، لأن المرأة تطالب بعدم التعرض لها أو التفريق بينها وبين زوجها، وتلح على البقاء مع زوجها الذي تم زواجها به بعقد صحيح.. وختم القرار بأن مجلس القضاء قرر نقض هذا الحكم والتهميش عليه وعلى سجله وضبطه بالإلغاء.
ومن ذلك أيضاً قضية فتاة سعودية رفعت دعوى قضائية ضد والدها الذي رفض تزويجها من ابن خالتها الذي يحمل جنسية بلد عربي آخر، فحكم القاضي بثبوت عضل والدها وقرر تزويجها من ابن خالتها ونقل ولاية تزويجها من والدها إلى الحاكم الشرعي.
وفيما يؤكد أستاذ الفقه المقارن عضو المجمع الفقهي الدكتور محمد النجيمي أنه لا يحكم بالتفريق بين الزوجين بحجة عدم الكفاءة في النسب إذا كان الولي قد أجاز الزواج، يؤكد قاضي محكمة التمييز الدكتور إبراهيم الخضيري أنه يحق للشرع فسخ عقد النكاح غير مكتمل الشروط، لافتاً إلى أن مسألة كفاءة النسب من المسائل الخلافية.
ويقول رئيس قسم الدرااسات الإسلامية بجامعة الملك فهد للبترول الدكتور مسفر القحطاني إن جمهور العلماء اعتبروا الكفاءة في النسب وخالفهم آخرون فلم يعتبروا الكفاءة إلا في الدين.
--------------------------------------------------------------------------------
ثار جدل في وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة حول قضية كفاءة النسب في الزواج ودور القضاء السعودي فيها، غير أن مختصين يرون أن للقضية أبعادا أخرى لم تدركها بعض وسائل الإعلام وأن كفاءة النسب ليست داعيا لتفريق القضاء بين الزوجين، مما يستدعي إعادة طرح الموضوع لاستجلاء أبعاده.
وقال أحد الباحثين بالشؤون الشرعية والقضائية إن العديد من وسائل الإعلام الأجنبية نشرت أخبارا عن قضية تفريق بين زوجين بسبب عدم تكافؤ النسب منتقدة القضاء السعودي دون أن تبحث عن أبعاد هذه القضية أو مسببات هذا الحكم ودون أن تنظر وسائل الإعلام هل هذا الحكم عام أم حالة خاصة كانت لها ظروفها.
وقال الباحث - الذي طلب عدم ذكر اسمه -: إن القضاء السعودي لم يبن على قواعد عنصرية ليفرق بين زوجين لأجل تكافؤ النسب، بل بني على قواعد وأصول شرعية تتفق مع مصالح الناس ولا تعارضها وتغلب فيها المصلحة العامة لأطراف القضية، كما أن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما ولهذا فلا يمكن نقد حكم دون الإلمام بمسبباته ودواعيه.
وأشار إلى أن قضية التفريق بين زوجين التي تناولتها بعض وسائل الإعلام جاءت لأسباب أخرى، وليس لأجل تكافؤ النسب فحسب، بدليل أن القضاء السعودي الأعلى بهيئته الدائمة عالج قضايا مشابهة لهذه القضية, وراعى فيها الجوانب الشرعية، وبنى فيها حكمه على أن الأصل إنما هو الكفاءة في الدين لعموم الأدلة من القرآن والسنة (إن أكرمكم عند الله أتقاكم).
كما أشار إلى أنه في قضية مشابهة لما تناولته وسائل الإعلام مؤخرا سبق أن صدر عن مجلس القضاء الأعلى بهيئته الدائمة قرار في 14/1/1429هـ وبتوقيع رئيس المجلس وأربعة قضاة بنقض حكم بفسخ عقد النكاح، وجاء في القرار أن على القاضي الرجوع عن حكمه, لأن المرأة تطالب بعدم التعرض لها أو التفريق بينها وبين زوجها وتلح على البقاء مع زوجها الذي تم زواجها به بعقد صحيح ورضا منها ومن والدها.وختم القرار بأن مجلس القضاء الأعلى بهيئته الدائمة قرر نقض هذا الحكم والتهميش عليه وعلى سجله وضبطه بالإلغاء.
وأضاف أن أصحاب الفضيلة بينوا أن الامتناع ابتداء عن تزويج من لا يرضى لنسب أو نحوه داخل في خيار الناس, أما إبطال عقود شرعية صادرة عن رضا المرأة وولي أمرها لمثل دعوى أخ أو نحوه رغم رضا المرأة ورضا ولي أمرها فهو أمر غير صالح.
وقال إن من أمثلة القضايا التي عالجها القضاء وتتعلق بكفاءة النسب قضية فتاة سعودية رفعت دعوى قضائية ضد والدها الذي رفض تزويجها من ابن خالتها الذي يحمل جنسية بلد عربي آخر، فحكم القاضي بثبوت عضل والدها لها وقرر القاضي تزويجها من ابن خالتها ونقل ولاية تزويجها من والدها إلى الحاكم الشرعي وتم إجراء عقد الزواج لهما في 12/6/1428هـ.
واختتم حديثه مشيرا إلى أن هذه القضية وما صدر فيها من مجلس القضاء الأعلى بهيئته الدائمة وكذلك القضية التي حكم فيها القاضي بتزويج الفتاة من ابن خالتها وغيرها من القضايا التي لا تظهر للإعلام توضح موقف القضاء من مثل هذه الحالات التي راعى فيها الجوانب الشرعية والاجتماعية والأمنية، وأن قرار مجلس القضاء الأعلى المشار إليه يعتبر قاعدة شرعية عالجت وحسمت مثل هذه القضايا قبل أن تثيرها جهات خارج المملكة.
وأرجع فقهاء ومستشارون شرعيون نقض محكمة التمييز لأحكام قضت بتفريق زوجين لعدم كفاءة النسب إلى أن شرط كفاءة النسب في الزواج ليس فرضا ولا مستحبا إنما هو من الأعراف والعادات بين الناس من جهة ولاختلاف الفقهاء في تحديد الكفاءة المقصودة هل هي كفاءة الدين أم كفاءة النسب من جهة أخرى.
وذكر أستاذ الفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء عضو المجمع الفقهي الإسلامي الدكتور محمد النجيمي لـ(الوطن) إن الفقهاء يعتمدون على أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء العرب وهم يعتمدون الكفاءة وأقرهم عليها. وأنه جاء عن الإمام الشوكاني قوله (لم يثبت في اعتبار الكفاءة في النسب حديث صحيح كما أن تزويج النبي بعض صحابته ممن هن أعلى منزلة وشأنا منهم لا دليل فيه "على شرط الكفاءة"، لأن رضى الزوجة وأوليائها يسقط الكفاءة وليس في الدليل ما يثبت أن هذا الزواج تم دون موافقة الزوجة وأوليائها حتى نقول بصحة الزواج بعدم التكافؤ بين الزوجين)، مضيفا أن شرط كفاءة النسب ليس فرضا وليس مستحبا إنما هو من العادات والأعراف التي يقرها الناس فيما بينهم فقد زوج الرسول صلى الله عليه وسلم بلال العبد الحبشي لامرأة حرة من الأنصار.
وقال الدكتور النجيمي إن الإمام الشوكاني قال إن شرط الكفاءة في النسب أمر إن تنازلت هي - أي المرأة ووليها - عن الكفاءة فهذا أمر لا يعدوهما أي أنه من حقهما فإذا تمسك الأولياء وهم عصبة المرأة (الأب والإخوة والأعمام وأبناؤهم) بشرط الكفاءة فإن من صلاحيات القضاء فسخ النكاح ويرى بعض العلماء عدم الفسخ في حال وجود أطفال وهذا هو الصحيح والمعمول به إذا وجد أطفال. ويرجح الدكتور النجيمي القول بالكفاءة ما لم يكن هناك أطفال موضحا أن الفقهاء اختلفوا في تحديد الكفاءة المشروطة في الزواج فعدها جمهور الفقهاء كفاءة النسب فيما قال ابن القيم والمالكية إنها كفاءة الدين وماعدا ذلك فهي أمور دنيوية لا ينظر إليها.
وأكد النجيمي أنه لا يحكم بالتفريق بين الزوجين بحجة عدم الكفاءة في النسب إذا كان الولي قد أجاز الزواج ووافق عليه موضحا أنه قد تنازل عن هذا الحق في بداية الزواج فلا يجوز له استخدامه للتهديد بالتفريق في حال وجود خلافات مع الزوج.
وفي الأمر ذاته قال القاضي بمحكمة التمييز الشيخ الدكتور إبراهيم الخضيري إنه يحق للشرع فسخ عقد النكاح غير مكتمل الشروط أو الذي فيه ضرر على أحد أفراد الأسرة أو أقارب الزوج أو الزوجة حتى لو كان ابن العم البعيد وبين أن مسألة كفاءة النسب من المسائل الخلافية والتي تسبب كثيراً من الإشكاليات سواء في كتابة عقود النكاح أو في فسخها خصوصاً بعد ظهور معارضين للزواج بعد إتمامه.
يتبع