الأسباب اللسانية
مما لاريب فيه أن كل قبيلة كانت تهذب في منطقها ، باعتبار ما ألفته وعلى مقدار يكافئ طبيعة أرضها راجعة في كل ذلك الى الثقل و الخفة
فكل ما رفضه العرب في الجملة أو عدلوا عنه إلى غيره من هيئات المنطق ، فإنما فعلوه استثقالا وكل ما قبلوه أوعدلوا إليه فلخفته
على السنتهم وهذا مذهب كل من يستبطن أسرار لغتهم ويتتبع هيآتها وتراكيبها ، حتى جعلوه في تقدير الكلام علة ما لا تظهر له علة .
فالثقل و الخفة أمران معنويان في اللغة لا يقدرهما إلا الذوق وهو ليس من الصفات التي يجمع عليها الناس ثم إن الذين دونوا اللغة لم يجمعوها
إلا بعد أن انطبعت الألسنة على لغة القرآن الكريم وجرت في نهجه ، وبعد تنقل هذه اللغة في أدوار التهذيب حتى بلغت نهايتها من الكمال فمن ههنا
تألف ذوق عام في تقدير لهجات القبائل المختلفة و التمييز بينها خفة وثقلا
مواقع الحروف اللسانية
نظر ابن دريد في كتابه (( الجمهرة )) إلى مواقع الحروف في كلام العرب فرأى أن أكثر الحروف استعمالا عندهم ، الواو و الياء و الهمزة
وأقل ما يستعملونه منها لتفاوتها في الثقل على السنتهم : الظاء ثم الذال ثم الثاء ثم الشين ثم القاف ثم الخاء ثم العين ثم النون ثم اللام
ثم الباء ثم الميم أما باقي الحروف فهي بين المنزلتين .
وقال : اعلم أنه لا يكاد يجيء في الكلام ثلاثة أحرف من جنس واحد في كلمة واحدة لصعوبة ذلك على ألسنتهم وأصعبها حروف الحلق .
ودمتم بود