أرجعوا المشكلة لجشع الملاك .. مختصون :
مواجهة غلاء السكن بتطبيق الإيجار المنتهي بالتمليك وتكثيف الرقابة
نصير سعد المغامسي ـ جدة
أكد عدد من المختصين أن غلاء إيجارات الوحدات السكنية يرجع لغيات الضوابط التي تضمن حق المستأجر والمالك وجشع الملاك في ظل غياب الرقابة, وبينوا في تصريحات أن هذه المشكلة ليست أزمة عقار وإنما أزمة جشع لن تحل إلا بإيجاد نظام ينظم علاقة المستأجر والمالك وتطبيق نظام إيجار المساكن المنتهية بالتمليك.
الطمع يشعل الإيجارات
المستثمر العقاري عوض الدوسي قال: إن ارتفاع الإيجارات السكنية ماهو إلا مجرد أطماع برزت خلال الثلاث سنوات الماضية, تواكبت مع ارتفاع أسعار مختلف السلع بما في ذلك مواد البناء, مبينا أن المعروض من الشقق السكنية يعد بالآلاف في كثير من المخططات السكنية ورغم ذلك ترتفع الإيجارات , بل إن المستأجر يجد نفسه في كثير من الأحيان مضطرا للاستسلام لمطالب المالك بزيادة الإيجار, وهو مالا نجد له تفسيرا سوى غياب الضوابط التي تضمن حق المستأجر والمالك في آن واحد, فما يجري حاليا هو استغلال للمستأجر بذريعة حرية تصرف المالك في ملكه. ولذا من الطبيعي أن يقفز إيجار شقة مكونة من غرفتين وصالة من 11 ألفا إلى 22 ألف ريال.
وأضاف إن استمرار ارتفاع الأسعارالحالية لإيجارات الوحدات السكنية لا يشكل أزمة عقار وإنما ازمة طمع من قبل ملاك العقار لن يحدها سوى إيجاد قانون منظم لعلاقة المستأجر والمالك , من شأنه أن يحفظ حقوق الطرفين, لاسيما للمستأجر الذي طالما شعر بعدم الأمان طالما أن للمالك الحق في التصرف في ملكه.
استمرار غلاء الإيجارات
ويقول المهندس خالد جمجوم رئيس اللجنة العقارية بغرفة جدة : إن تمسك ملاك العقار بالأسعار القديمة والتي بدأت مع مرحلة التضخم وارتفاع أسعار مواد البناء , هو مايفسر بقاء الإيجارات السكنية على ماهي عليه حاليا .
وزاد إن هؤلاء الملاك يرون من وجهة نظرهم أنهم تحملوا تكاليف باهظة في بناء عقاراتهم السكنية الجديدة بسبب الإرتفاع السابق لمواد البناء, وهم الآن متمسكون بالأسعار الحالية لإيجارات عقاراتهم, مضيفا : طالما الاحتياج موجود لاستئجار الوحدات السكنية مقرونا بالوعي الثقافي والاجتماعي والقدرة على تلبية هذه الاحتياجات من قبل السكان خصوصا من قبل ذوي الطبقة المثقفة ستظل إيجارات العقارات مرتفعة خصوصا العقارات الجديدة والراقية, فالفرد من هذه الطبقة يفضل دفع الزيادة في الإيجار مقابل السكن في وحدة سكنية جديدة تتوفر فيها كافة مقومات الحياة, دون النظر لإرتفاع سعر الوحدة السكنية المراد استئجارها.
من جانبها أكدت المستثمرة العقارية ازدهار باتوبارا بأن جشع الملاك وراء ارتفاع الإيجارات السكنية في ظل غياب الرقابة على السوق العقارية. وقالت: غياب الرقابة على الملاك دفعهم لرفع الإيجارات مما سبب أزمة لغالبية المستأجرين, بالرغم من انخفاض مواد البناء المدعومة من الدولة وصندوق التسليف والصندوق العقاري ليتمكن المواطن من الحصول على السكن المريح بأقل التكاليف.
الباحث العقاري طلال العبدالله: للحديث عن ارتفاع الإيجارات السكنية يجب أن ندرك أن هناك نوعين من العقارات: الأول منهما العقارات الجديدة والتي تحمل أصحابها تكاليف عالية جدا, وملاكها الآن ليس باستطاعتهم التأجير بأسعار لاتغطي تكلفتهم في البناء... والثاني : عقارات تكلفتها معقولة, وأصحابها يترقبون ارتفاع أسعار العقارات لزيادة الإيجارات في ظل وجود طلب عال على الوحدات السكنية. لافتا إلى أن 85 % من إنتاجنا السكني يتم من خلال أفراد يعتمد عليهم السوق العقاري , اما الـ 15 % فهي تمثل نسبة المطورين العقاريين «الكبار» والشركات العامة الكبرى التي تقوم ببناء وحدات سكنية لمنسوبيها. مبينا أن الأفراد الذين يمولون الوحدات السكنية في السوق العقاري تأثروا كثيرا بمجريات سوق الأسهم, وتأثرت كذلك نشاطاتهم العقارية بالانهيار الذي حدث في سوق الأسهم عام 2006م. فلم يكن باستطاعتهم العودة الى سابق نشاطهم العقاري بعد تكبدهم الكثير من الخسائر, أو حتى استعادة ثقتهم لدى الممولين , لافتا إلى أن الطفرة التي سبقت انهيار الأسهم شجعت الكثيرين إلى الدخول فيه رغبة في الكسب السريع والذي لايمكن أن يكون في سوق العقار الذي تكتنفه مشكلات البناء والمستأجرين ووسطاء البيع والشراء, الأمر الذي أثر كثيرا في الاستثمار في هذا المجال , ولم يستطع العائدون إليه من سوق الأسهم الرجوع الى سابق عهدهم بالاستثمار فيه. مبينا أن كل ذلك قابله تنام في الطلب على الوحدات السكنية بسبب زيادة عدد السكان في المملكة والهجرة العالية إلى المدن الرئيسية فيها, كل ذلك أدى لارتفاع أسعار الوحدات السكنية , وتفاقم الأمر بغياب الرؤية الصحيحة تجاه هذا القطاع وما يمكن أن يتسبب فيه من أضرار في حالة عدم توفر وحدات سكنية للفرد. حيث إن ثلثي التضخم الذي شهده السوق السعودي كان بسبب ارتفاع أسعار السكن, وتوقع أن تستقر أسعار الشقق السكنية بعد فترة بعد أن تستقر أسعار الأراضي السكنية.
لا انخفاض قريبا
إلى ذلك قال ريئس لجنة التطوير العقاري المهندس عبدالمنعم مراد : إن العقود المبرمة السابقة أبقت أسعار الوحدات السكنية مرتفعة, إضافة الى أن المعروض من الوحدات السكنية يعد أقل من المطلوب , فضلا عن أن الكثيرين يفضلون الاستئجار في ظل عجزهم عن التملك , ولذا لا أتوقع أي انخفاض في إيجار المساكن لاسيما في ظل غياب قانون الرهن العقاري الذي يمكن الجميع من الحصول على الوحدات السكنية.
المثمن العقاري بغرفة جدة عبدالله الاحمري قال : إن انخفاض الأسعار لم يمس السوق العقاري إلا في نطاق المخططات البعيدة عن الخدمات, وما لم تستفد الشركات العقارية الكبرى من تلك المخططات في بناء وحدات سكنية تتضمن مختلف الخدمات ستظل أسعار الوحدات السكنية بما في ذلك استئجارها مبالغا بها. فهذه من ضمن الحلول التي تجعل من الوحدات السكنية في متناول الجميع , ويمكن إيجاد مساكن ينتهي إيجارها بالتمليك , ويعد هذا من الحلول الناجحة لتخفيض الإيجارات وتوفير المساكن لكافة الشرائح , وهو مطبق في مختلف دول العالم ولا تتعارض مع الشريعة الاسلامية. ونتساءل : لماذا لا تكون لدينا مثل هذه المشاريع التي يمكن أن تقوم عليها كبرى شركات المقاولات في المملكة,وتتوفر لديها كافة المتطلبات من ماء وكهرباء وغاز وغير ذلك من الخدمات إضافة الى المرافق التي يحتاجها المواطن, وأن توضع الضوابط لاستفادة المواطنين من مثل هذه المشاريع العقارية التنموية, بحيث يكون استفياء تكلفتها بالتقسيط بنسبة تتراوح بين 20 و30% من راتب المستفيد منها,وبذلك نسهم وبشكل فاعل في توفير المسكن الملائم, او على الأقل المساهمة في تخفيض الأسعار الحالية للوحدات السكنية, التي يتجرع مرارتها المستأجر طالما انه لا يوجد نظام يفصل في قضايا المستأجرين , ولا يوجد نظام يراعي ظروفنا ويعطي الأمان للمستأجر ويحفظ حقوق المالك , بدلا من الإجراءات الشكلية التي تتم في هذا السياق بين المالك والعمد وأصحاب المكاتب العقارية.