بسم الله الرحمن الحيم
إخواني واخواتي أعضاء شبكة ويلان الأفاضل بمناسبة قرب موسم الحج أريد أن أضع بين أيديكم هذا الموضوع وأسأل الله تعالى أن ينفع بما نكتب
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد أن
لا إاله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله وبعد:
الحج مؤتمر ملي بالأسرار :
فهذه رسالة مختصرة تصور ذلكم المؤتمر الإسلامي العظيم الذي يضم بين جنبيه بضعة ملايين من المسلمين يبرز ذاك السبب في إجتماعهم
والغاية والمنفعه التي يكسبونها بذاك اللقاء الكريم والتطهر الذي يخلعه المؤتمر على أعضائه كل ذلك يمكن أن نتعرف عليه من خلال الأسطر
القادمة والله الموفق لما فيه الخير :
الحج عبادة معروفة تنتظم من الإنسان قلبه وبدنه وماله وليس ذلك لغيرها من العبادات يقوم بها المستطيع من المسلمين في زمن معلوم وأمكنة
معلومة امتثالا لأمر الله إبتغاء مرضاته وتبدي تلك العبادة بنية الحج خالصا لله مع التجرد من الثياب المخيطة ومن صنوف الزينة والترف
وتنتهي بالطواف حول بيت الله الحرام كانت كل أمة تتخذ في حجها مايناسب تخيلها لعظمة معبودهاواستمرت الحال على هذا حتى هيأ الله
الأمر لإبراهيم عليه السلام وامره ببناء البيت الحرام بمكة ليطوف به الناس ويذكروا الله فيه أقيم هذا البيت منذ أول لحظة عرف الله بها مكانه
لإبراهيم وملكه امره ليقيمه عل هذا الأساس فهو بيت الله وحده دون سواه ثم أمر الله إبراهيم عليه السلام بأني البيت إذا فرغ من إقامته على الأساس
الأساس الذي كلف به أن يؤذن في الناس بالحج وأن يدعوهم إلى بيت الله الحرام ووعد أن يلبي الناس دعوته فيتقاطرون على البيت من فج
رجالا يسعون على أقدامهم وركوبا على كل ضامر وما زال وعد الله يتحقق منذ إبراهيم إلى اليوم والغد وما زالت أفئدة من الناس تهوي إلى
البيت الحرام وترق إلى رؤيته والطواف به الغني القادر الذي يجد الظهر يركبه ووسيلة الركوب المختلفةتنقله والفقير المعدم الذي لايجد إلا
قدميه وعشرات الالوف من هولاء يتقاطرون من فجاج الأرض البعيدة تلبية لدعوة الله الذي أذن بها إبراهيم منذ الاف الأعوام .
فالحج موسم ومؤتمر موسم تجارة وموسم عبادة ومؤتمر اجتماع وتعارف ومؤتمر تنسيق وتعاون وهي الفريضة التي تلتقي فيها الدنيا والاخرة
كما تلتقي ذكريات العقيدة القريبة والبعيدة أصحاب السلع يجدون في موسم الحج سوقا رائجة حيث تجبى الى البلد الحرام ثمرات كل شي
ويقدم الحجيج من كل فج وقطرهو موسم عبادة تصفو فيه الأرواح وهي تستشعر قربها من الله في بيته الحرام وتستروح الذكريات التي
تحوم عليه وترف كالاطياف من قريب وبعيد طيف إبراهيم الخليل وهو يودع البيت فلذة كبده إسماعيل وامه هاجر ويتوجه بقلبه الخافق
الواجف الى ربه وتظل هذه الاطياف وتلك الذكريات ترف وتتابع إلى أن جاء محمد رسول الله وهو يدرج في طفولته وصباه فوق هذا
الثرى حول هذا البيت وهو يرفع الحجر الأسود بيده الكريمتين فيضعه في موضعه ليطفي الفتنة التي كادت تنشب بين القبائل وهويصلي
وهو يطوف وهو يخطب وهو يعتكف وإن خطواته عليه الصلاة والسلام لتنبض حية في الخاطر وتتمثل شاخصة في الضمير يكاد الحاج
يلمحها وهو مستغرق في تلك الذكريات والحج بعد هذا كله مؤتمر جامع للمسلمين قاطبة ياتون تاركين وراءهم اهليهم ومالهم ووطنهم
متحملين في سبيل ربهم عناء السفر ووعثاء الطريق ليقفوا لله خاشعين ملبين معترفين بالتقصيرملتمسين المعونة والرضوان والحج جانب
التخلية والتطهير من المدنسات النفسية والمفرقات الاجتماعية والتحلي بالفضائل المقربه الى لله إن الحج المبرور يقرب العبد من ربه والحج
عبادة بدنية روحية ذو مناسك وشعائر من شأنها اذا روعي أداؤها كاملة خالصة أن تهذب النفس وتصقل الفؤاد وتشعره الخوف والخشية
وتملأه هيبة من جلال ذلك الموقف الرهيب ولا غرو إن العبد حين يخرج تاركا اهله مبتعدا عن وطنه وافدا على ربه قاصدا الى بيته وحرمه
لاشك أن جوانح نفسه تمتلي رهبة يمازجها شي من الشوق والرجاء وبذلك يفوز العبد بالرضاء ويغمره الفيض ويسمو به الى درجات
المقربين والخروج من الاثام بخروجه من الحج الذي لارفث فيه ولا فسوق ولا جدال ناهيك عن مايحدثه الحج من الاثر في نفس العبد
عند تجرده من متع الحياة حتى المخيط من الثياب فما أكبرها من عظة وما أبلغها من ذكرىتصور للانسان خروجه من دار الدنيا ال دار
القرارويذكره غسله للاحرام ولبسه ثياب الاحرام بغسله وتكفينه .
تجرد عن الدنيافإنك إنما .....خرجت إلى الدنيا وانت مجرد
وتب من ذنوب موبقات جنيتها ... فما أنت في دنياك هذي مخلد
ولم يقف الحج عند المنافع والغايات الروحية الفردية التي عمادها في الأذهان وإنما جاوزتها الى ضرورة اتحاد كلمة المسلمين اتحاد كلمة المسلمين
وشعورهم فيما يجب أن يتخذوه بحكم دينهم وايمانهم اساسا لحياتهم وهو الأعتصام بحبل الله ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)
والأعتصام بحبل الله يقضي اولا بتنحية الشهوات والاهواء التي تثيرها العصبيات القبلية والجنسية والمذهبية تلكم العصبيات التي دفعت وتدفع
بهم إلى جمر التفرق عن سبل الله الواضحةوتجعلهم فلولا يستعين ببعضها العدو المشترك على باقيهم ويقضي عل الجميع .
والأعتصام بحبل الله يقضي ثانيا بالنظر السريع في تنقيةالعقائد والأعمال مما يشوبها من صور الشرك والابتداع الامر الذي هيا لخصوم الإسلام
أن يقولوا الإسلام ليس دينا واحدا وانما أديان متعددة فلهذا إسلام ولتلك إسلام كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا فالإسلام وحدة في
العمل والعقيدة وما هذه المظاهر المختلفة التي نراها في بعض الجماعات الإسلامية إلا أثر من اثار الانحراف البشري في فهم المصادر بما توحيه
العصبيات اذن فعلينا أن نعالج هذا الموضوع حتى يعود إلينا النقاء والشفاء وعندئذ تكون أحوالنا وشؤوننا مصدرا حقا لقدسية الإسلام وصلاحه .
والاعتصام بحبل الله يقضي ثالثا بالعمل الجاد السريع في إبراز إهداف القران بتفسير سهل واضح ويكون خاليا من الإسرائيليات والخلافات المذهبية
وان يطبع بلغات العالم المختلفة ثم يوزع على سائر الاقاليم .
والاعتصام بحبل الله يقضي رابعا بوضع نظام محكم لنشر الدعوة الإسلامية في أرجاء العالم يكون اساسه قوي لطائفة من الدعاة والمرشدين مزودين
بالنضج الفكري والمعرفة الصحيحة وان يتخذوا في دعوتهم إلى الخير سبيل الحكمة التي أمر الله بها .
هذه هي جهات المنافع التي تتوقف عليها حياتنا والتي يجب أن نفسر بها قوله تعالى ( ليشهدوا منافع لهم ) وان تفصيلها والايمان بها يتطلب اجتماعا
في ظل روحية صافية وليس ذلك الا في إجتماع الحج ومؤتمره الإلهي الكريم .
إن الحج لاينحصر فيما ذكرناه من الغذاء الروحي وغايات المنفعه بل ينطوي على اسرار يمكن ان يلتفت لها المؤمن وهو يؤدي صورة هذه الاعمال
فما الإحرام وهو اول المناسك الا التجرد من الشهوات والهوى وحبس النفس عن كل ماسوى الله وما التلبية إلا شهادة على النفس بهذا التجرد وما الطواف
بعد التجرد الا دوران القلب حول قدسية الله وما السعي الا بذل المهج في الضراعة بقلوب مملوءة بالخشية وايد مرفوعة بالرجاء والسنة مشغولة بالدعاء
وما الرمي الا رمز مقت واحتقار لعوامل الشر ونزغات النفس ورمز مادي لصدق العزيمة في طرد الهوى وما الذبح وهو الخاتمة الا إراقة دم الرذيلة
بيد اشتد ساعدها في بناء الفضيلة .
هذا هو معنى الحج في حقيقته ومعناه والعبادات كلها وان اختلفت صورها تلتقي عند غاية واحدة وهو تحقيق معنى العبودية فعلى كل مسلم في فريضة
الحج ان يطيع امر ربه واقعا حيث وقع ولو لم يدرك له علة ولو لم يلحظ وجه الحكمة فيه فلله في احكامه حكم قد تقصرعن إدراكها عقول البشر
فالعلم كله لله تعالى هذا ماتيسر لنا كتابته مستفادا من كتب شتى نسأل الله تعالى أن يستفاد من فحوى ماكتبناه واوردناه والحمد لله رب العالمين
06/01/06, (02:50 PM)
زاوية نسائم الإيمان الحادية عشر
العرض العادي
