فصل ( الإسقاط )
اعرف أنه مر عليك هذا المصطلح كثيرا خصوصا في هذه الأيام التي تعج بالقنوات الفضائية ..فدعنا
نقف مع هذا المصطلح وقفه من نوع آخر . نتحسس بها مواطن الجمال في هذا المصطلح .. يقولون في علم
النفس أن الإسقاط هو سبيل الإبداع فهو عملية نفسية يحول بها المبدع المشاهد الغريبه التي يطلع عليها من
أعماق اللا شعور فيحولها إلى موضوعات خارجية يمكن أن يتأملها الأغيار ..!
ماهي هذه المشاهد ؟ وماهي هذه الأعماق ؟ التي يستمد منها المبدع مادته ؟ وكيف يتم هذا التحويل ؟
كل هذه الأمور ترتبط بعملية تسمى الإسقاط .. أعرف أنك تريد أن نجاوب على هذه الأسئلة
الشائكة .. والأجابه سهله ميسوره بفضل الله عزوجل ولكن ما رأيك لو تركنا الكلام في هذه الأسئلة
ودخلنا في صلب الموضوع و جئنا بمثال يوضح هذا الأمر .. من معلقة عنترة بن شداد ..قال وهو
يصف جواده في المعركة ..
لو كان يدري ما المحاورة أشتكى = أو كان لو علم الكلام مكلمي
لماذا قال عنتره هذا البيت وقد كان الحديث في وصف المعركة الطاحنه !
هل يوجد جواد يتكلم و يحاور ؟ أليس هذا الشيء يدعو إلى الإستغراب !
إنها إشارة نفسيه تبين رغبة عنترة الكارهة للحرب ؟ لكن وضعه كبطل و مدافع عن القبيله لم
يسمح له بالتصريح بكراهية الحرب علنا وهذا يدل على أخلاق عنترة !
الذي يوضح هذا الشيء ( كراهية عنترة للحروب ) هو قوله في آخر الملعقة عند الحديث عن
فارسين كانا يتوعدان عنترة بالقتل لأنه قتل ابيهما في أحدى المعارك ..!
ولقد خشيت بأن أموت ولم تكن = للحرب دائرة على ابني ضمضم
الشاتمي عرضي ولم أشتمهما = و الناذرين إذا لقيتمها دمي
ألا ترى ان عنترة يبرر الحرب ضد ابني ضمم وهذا الشيء كان غير متوقع منه .. الذي كان متوقع من
فارس بحجم عنترة أنه يقول سوف أقتلهما و أفعل و أفعل .. ولكن عنترة يفلسف الموقف ويبرر ا
لدافع و يحاول ان يقنع نفسه قبل ان يقنع السامعين ..
أنها اشاره واضحه لكره عنترة للحروب و القتال ... هكذا أسقط عنترة ما يعتمل في نفسه على جواده .
فهذا مثال واضح على الأسقاط الأبداعي و أيضا الإيجابي .... لأنه هناك
إسقاط سلبي ندع الكلام فيه الى حينه ... إن شاء الله ..
واخيرا تقبل محبتي