لن يبرح العبدان حتى يقتلا
صحب رجل كثير المال عبدين في سفر ، فلما توسطا الطريق هما بقتله ، فلما صح ذلك عنده قال : أقسم عليكما
إذا كان لابد لكما من قتلي أن تمضيا إلى داري ، وتنشدا هذا البيت قالا : وما هو ؟ قال :
من مبلغ بنتيَ أن أباهما *** لله دركما ودر أبيكما
فلما قتلاه جاءا إلى داره ، وقالا لابنته الكبرى : إن اباك قد لحقه ما يلحق الناس ، وآلى علينا أن نخبركما
بهذا البيت ! فقالت الكبرى : ما أرى فيه شيئا تخبراني به ، ولكن اصبرا حتى أستدعي أختي الصغرى .
فاستدعتها فأنشدتها البيت ، فخرجت حاسرة ( أي كاشفة ) وقالت : هذان قتلا أبي يامعشر العرب ، ما أنتم
فصحاء ، قالوا : وما الدليل عليه ؟ قالت : المصراع الأول يحتاج إلى ثاني و الثاني يحتاج إلى من يكمله
ولايليق أحدهما بالآخر . قالو فما ينبغي أن يكون ؟ قالت : ينبغي أن يكون :
من مبلغ بنتيَ أن اباهما *** أمسى قتيلا بالفلاة مجندلا
لله دركما ودر أبيكما *** لن يبرح العبدان حتى يقتلا
فاستخبروهما فوجدوا الأمر على ما ذكرت .
نوادر الظرفاء و القصص عند العرب : اعداد نديم كامل
ـــــــــــــــــــــــــــ تعليق :
يا صديقي انظر الى مستمعين الشعر و متذوقيه في الماضي كيف كانوا يعرفون تراكيب الكلام
وكان لديهم حس و أذن موسيقيه يميزون فيها بين صحيح الشعر و بين سقيمه !!
أما الأن فقد تغير الحال !! دخل في عالم الشعر من هب ودب واصبح كل فرد يري في نفسه
أنه فاق النابغة الذبياني في الفصل بين الشعراء ، بل يرى في نفسه انه حوى بحور الشعر
واساليب البلاغة وفنون المعاني و البديع ، وبات يطلق الاحكام جزافا !! هذا شاعر ممتاز هذا شاعر وسط
هذا شويعر !! ولم يقف الامر الى هذا الحد بل دخل معنا في مضمار الشعر حتى الاطفال الصغار
و الفتيات الصغيرات بل حتى الخادمات !! من بني سيلان وطفقوا يرسلون المسجات دعما و تضامن
مع الشاعر الفلاني و نكاية بالشاعر الفلاني !! (( الى الله المشتكى )) .
الخلاصة : ينبغي ان نعي هذه العبارة جيدا (( نقد الشعر اصعب من نظمه )) .
واخيرا لا نقول كل الناس هلكت بل نقول لا زال الخير باقيا .
أترك التعليق لكم