حدثنا مسدد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود وعلقمة عن عائشة قالت
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم ولكنه كان أملك لإربه
،،،،،،،،،،،،،،
عون المعبود شرح سنن أبي داود
( يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم )
: قال النووي : إن القبلة في الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته لكن الأولى له تركها , ولا يقال إنها مكروهة له , وإنما قال الشافعي إنها خلاف الأولى في حقه مع ثبوت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعلها لأنه صلى الله عليه وسلم يؤمن في حقه مجاوزة القبلة ويخاف على غيره مجاوزتها كما قالت عائشة " كان أملككم لإربه " وأما من حركت شهوته فهي حرام في حقه على الأصح .
قال القاضي : قد قال بإباحتها للصائم مطلقا جماعة من الصحابة والتابعين وأحمد وإسحاق وداود , وكرهها على الإطلاق مالك , وقال ابن عباس وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي والشافعي : تكره للشاب دون الشيخ الكبير وهي رواية عن مالك وروى ابن وهب عن مالك إباحتها في صوم النفل دون الفرض , ولا خلاف أنها لا تبطل الصوم إلا أن ينزل المني بالقبلة , واحتجوا له بالحديث المشهور في السنن وهو قوله صلى الله عليه وسلم " أرأيت لو تمضمضت " ومعنى الحديث أن المضمضة مقدمة الشرب وقد علمتم أنها لا تفطر , وكذا القبلة مقدمة للجماع فلا تفطر . وحكى الخطابي وغيره عن ابن مسعود وسعيد بن المسيب أن من قبل قضى يوما مكان يوم القبلة . ومعنى المباشرة ههنا اللمس باليد وهو من التقاء البشرتين .
( ولكنه كان أملك لإربه )
: هذا اللفظة رووها على وجهين أشهرهما رواية الأكثرين إربه بكسر الهمزة وإسكان الراء , وكذا نقله الخطابي والقاضي عن رواية الأكثرين , والثاني بفتح الهمزة والراء معناه بالكسر الوطر والحاجة , وكذا بالفتح ولكنه يطلق المفتوح أيضا على العضو .
قال الخطابي في معالم السنن : هذه اللفظة تروى على وجهين الفتح والكسر قال ومعناهما واحد وهو حاجة النفس ووطرها , يقال لفلان على فلان أرب وإرب وأربة ومأربة أي الحاجة , قال : والأرب أيضا العضو . قال العلماء : معنى كلام عائشة أنه ينبغي لكم الاحتراز عن القبلة ولا تتوهموا من أنفسكم أنكم مثل النبي صلى الله عليه وسلم في استباحتها لأنه يملك نفسه ويأمن من الوقوع في قبلة يتولد منها إنزال أو شهوة أو هيجان نفس ونحو ذلك وأنتم لا تأمنون ذلك , فطريقكم الانكفاف عنها . وفيه جواز الإخبار عن مثل هذا مما يجري بين الزوجين على الجملة للضرورة , وأما في غير حال الضرورة فمنهي عنه .
قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي جمعا وإفرادا , وأخرجه ابن ماجه من حديث القاسم بن محمد عن عائشة .
--------------------------------------------------------------------------------
تعليقات الحافظ ابن قيم الجوزية
قال الحافظ شمس الدين ابن القيم رحمه الله :
وقد أخرجا في الصحيحين من حديث أم سلمة وحفصة : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم " . وفي صحيح مسلم عن عمر بن أبي سلمة : " أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيقبل الصائم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سل هذه , لأم سلمة فأخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصنع ذلك , فقال : يا رسول الله , قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأتقاكم لله وأخشاكم له".