المجلس الرمضاني الرابع
أحبائي في الله
حديثي اليوم سيكون عن أثر المعصية على حياتنا
لأنها لا تؤثر على صاحبها فقط و إنما تشب نارها فيمن حوله أيضا
فقد رُوي أنه في زمن نبي الله موسى عليه السلام أُصيب الناس بقحط شديد ولم تنزل الأمطار فخرج موسى بقومه إلى أرض فلاء يدعون الله عز وجل , فلم يُستجب دعائهم فخاطب موسى ربه سائلا إياه عن عدم استجابة دعوته, فقال له: " إن بينكم رجل يعصيني أربعون عاما , فأخرجه من بينكم " فصاح موسى بالناس أن يخرج هذا الرجل, هنا.. أنزل هذا العبد العاصي رأسه ودمعت عيناه وجعل يقول :" يارب عصيتك أربعون عاما فسترتني فلا تفضحني اليوم " , ولم يخرج لهم وبينما هم كذلك إذ نزلت عليهم الأمطار فقال موسى لربه عز وجل : " يارب إن العاصي لم يخرج بيننا " فقال: " إن الذي به منعتم به سقيتم " ...إلخ القصة التي ربما كلنا نعرفها
فالمعاصي سبب للويلات على المجتمع الذي يعيش فيه العاصي
والحسنة كذلك تؤثر فقد رُوي أنه كان هناك شاب شديد الحرص على الصلاة في المسجد , وفي أحد الأيام الممطرة وفي وقت صلاة الفجر أراد الشيطان أن يغوي هذا الشاب ليتكاسل عن الصلاة بحجة الأمطار, فلم يستطع ففكر في حيلة أخرى, وهي أنه أسقط الشاب في الوحل عندما خرج من البيت ذاهبا للمسجد, فرجع الشاب إلى بيته ولبس ملابسا نظيفة وخرج مرة اخرى يريد الصلاة في المسجد, فأسقطه الشيطان مرة أخرى, فعاد الشاب إلى بيته ولبس ملابسا نظيفة وخرج مرة ثانية يريد الصلاة في المسجد , وأعادها الشيطان ثالثة وكذلك الشاب, فلما خرج في المرة الثالثة وجد شيخا عجوزا عند الباب وبيده مصباح, وأوصل الشاب حتى باب المسجد ثم استدار ليذهب, فاستغرب منه الشاب وسأله أن يدخل المسجد ليصلي , فقال له إنني لا أستطيع الصلاة في المسجد؛ لأنني الشيطان!! دُهش الشاب وسأله عن سبب مساعدته له, فقال له: إنك عندما سقطت في المرة الأولى ثم لبست ملابسك غفر الله لك جميع ذنوبك , و في الثانية غفر الله لأهل بيتك , وفي الثالثة غفر الله لأهل حيك , وخفت بعد ذلك أن يغفر للعالمين جميعا بسببك!!
فانظروا معي أحبتي كيف كان أثر المعصية و كيف كان أثر الطاعة.. فأي الأثرين تحب أن تتركه فيمن حولك , و أي الأثرين تحب أن تعيش في ظله؟
نتساءل أحيانا عن أسباب المصائب و البلاء , ويقول العبد لماذا أنا من بين الناس؟ وينسى قول الله تعالى: " وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ " الشورى 30
والأمة كذلك تتأثر فإخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان تتأثر أحوالهم بمعاصينا
أيتوقع فرد منا أن تكون معاناة أناس في دول أخرى مسلمة سببها هو؟ سببها معاصية؟ نعم أحبائي,, قد تكون هذه النتيجة
فيا الله ,, ماذا فعلنا بأنفسنا وبأهلينا وبأحبائنا و إخواننا؟
وبالنسبة للفرد فالمعصية تورث سواد الوجه وضيقة الصدر و العيش الصعب الكئيب كما قال تعالى: "َمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى" طه124
فتلقى صاحب المعصية مهموما دائما, مكسور الخاطر, وتضيع البركة من حياته, والكثير يشتكي من عدم وجود بركة في أشياء كثيرة في حياته.
أحبائي.. خالقنا هو أدرى بنا , وهو الأدرى بالأنفع و الأصلح لنا ولذلك شرع لنا الحلال و الحرام وجعل الحسنة و المعصية , ثم جعل الثواب و العقاب , و الجزاء من جنس العمل
فهلموا بنا لنستغفر الله .. و نعلن توبتنا نصوحة إلى الله
لننعم بفضل الكريم ومنته, فهو الذي لا يغفر الذنوب فقط و إنما يبدل السيئات حسنات
قال تعالى: "إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً " الفرقان70
فيالهذه الروعة.. مع أي كرم وأي جود وأي إحسان نتعامل؟ من أرحم بنا من ربنا
تخيل أخي الفاضل / أختي الكريمة لو أن لك جبال من سيئات ثم تبت إلى الله عز وجل لأصبح لك مكانها جبال من حسنات!!
لم تمح السيئات فقط, وإنما بُدلت بحسنات .. فلماذا نشح على أنفسنا بهذا الفضل؟ ولماذا نتقاعس بها عن هذه النعمة؟
لن أطيل عليكم بالحديث .. لكنهادعوة للتفكر, واستحضار العقل والتأمل بعمق.. وموازنة حصادنا لنعلم أين نحن, وماذا نريد؟
والله أسأل أن يهدينا جميعنا للخير و الصلاح إنه ولي ذلك والقادر عليه.
حدث في مثل هذا اليوم " الرابع من رمضان" :
*فتح السلطان العثماني القانوني بلغراد التي كانت تعد مفتاح أوروبا الوسطى وصاحبة أقوى قلعة على الحدود المجرية العثمانية .
*أعلنت الدولة العثمانية الحرب على ألمانيا عام1073 هـ الموافق 12أبريل 1663م بعد 56عاما من معاهدة سيتفاتوروك وكان سبب هذه الحرب هو بناء الألمان لقلعة حصينة على الحدود مع الدولة العثمانية.
*وفاة الخلفية العثماني عبد الحميد الثاني آخر خلفاء الدولة العثمانية في منفاه في باريس عن عمر يناهز 76عاما في عام1363هـ /1944م بعد عشرين عاما قضاها في المنفى, و دفن في المدينة المنورة.
***
مع محبتي لكم
الشهيدة