دوش بمياه محلاة
عبدالرحمن الشهيب
أزور الرياض مرة كل شهرين للاستمتاع برؤية الأهل والأقارب والأصدقاء، ولأنعم بدوش بمياه محلاة... لا أدري هل أهل الرياض يقدرون هذه النعمة... وإن كنت لا أعتقد ذلك لأني قضيت معظم فترات حياتي في الرياض ولا أذكر أنني كنت أعطي لمياه الدوش أي اعتبار، أما الآن فأنظر إلى محطات التحلية في الخبر وأهرش مؤخرة رأسي من البثور التي سببتها المياه المالحة وأتأسى على أيام مياه التحلية في الرياض.
والسؤال الذي "يجدع" نفسه لمعالي وزير المياه ومعالي محافظ المؤسسة العامة للتحلية: متى سننعم في مدن الشرقية بمياه التحلية، لقد سمعنا وعوداً كثيرة ولكننا في السعودية لم نعد نصدق الوعود الحكومية كثيراً.. نريد موعداً قاطعاً ولا تحدوني أعود للرياض من أجل دوش مياه محلاة!
الرياض هذه المدينة العجيبة... مدينة تكبر كل ليلة.. في السابق كنا نشتكي من بقالة لكل مواطن من كثرة بقالاتها، الآن مع شدة وزارة العمل خفت البقالات... شكراً وزارة العمل ... ولكن الآن أصبح في الرياض مول في كل شارع..هل هؤلاء التجار مجانين أم نحن أغبياء؟ كل زيارة للرياض أشاهد مولا جديدا يبنى، نحن في الخبر على مول واحد وبه توسعة من سنة جدي، أما المولات والأبراج الأخرى فهي حتى الآن مجرد صور ونخل ولمبات بما فيها أبراج الكورنيش ومول الشبيلي العظيم، أضخم مول في الشرق الأوسط وتعمل به رافعة واحدة فقط، مع أنه لم نعد نسمع باسطوانة الشرق الأوسط بعد ظهور دبي.
الرياض مدينة تختنق، وبأعلى معدل مواليد في العالم لن يكون مستقبل الرياض سهلاً، الآن المشوار في الرياض أصبح قضية، كيف بعد عشر سنوات؟ لماذا لا ينقل رجال الأعمال بعض مولاتهم إلى مدن الشرقية، لماذا لا يكون هناك مول كبير جداً في الأحساء التي يقطنها مليون نسمة، لماذا لا تكون في الدمام، والجبيل مولات كبيرة وأنيقة، كل مدن الشرقية تتجمع في الويك إند في الخبر في مول بلا مواقف سيارات وبلا إضاءة كافية وبلا ممرات حوله تمشي فيها الناس بأمان.
لماذا يتركز النشاط في المملكة في مدن محدودة والمدن الباقية يهجرها أهلها في عطلة نهاية الأسبوع؟ في أمريكا تجد المدينة الجامعية ذات الـ 80 ألف نسمة بها مول جميل ومستشفى جميل ومبنى جميل كمبنى شركة سابك في الرياض الذي لا أرى سبباً لوجوده في الرياض وما المانع أن يكون مبنى سابك الشاهق في الجبيل بجانب مدنه الصناعية وما المانع أن ينتقل رئيس سابك ونوابه للجبيل، لماذا المدن الصغيرة للموظفين الصغار فقط؟ هذا بطبيعة الحال لا ينطبق على سابك فقط وإنما ينطبق على المؤسسة العامة للتحلية فلماذا لا ينتقل محافظها ونوابه إلى حيث العمل الحقيقي للتحلية بجوار محطاتها في الخبر، وأيضاً ما الداعي لوجود المؤسسة العامة للموانئ في الرياض ولماذا لا تنتقل إلى الدمام أو جدة حيث نشاط الموانئ الحقيقي، لا بد أن يزيد عدد المدن الكبيرة في المملكة وإلا سنواجه مصاعب جمة في المستقبل القريب، والحل القادم أمام الرياض الآن هو إخراج الوظائف خارج الرياض حتى يخف الضغط السكاني عليها، والناس لكي ينتقلوا إلى مدينة جديدة لا يريدون إلا وظيفة ومستشفى جيدا ومولا كبيرا وجميلا و(دوش) بمياه محلاة!.