قرر أحد موظفي ارامكو زيارة مستشفى المجانين .. لديه سؤال احتار في إجابته العقلاء و لعله يجد إجابته عند المجانين .. في صالة الاستقبال .. لم يكن هنالك أحد .. بالطبع لا تحتاج إلى مواعيد أو إلى حجز مسبق لتقابل مجنوناُ .. الأمر بسيط جدا في عالم المجانين .. سأل موظف ارامكو موظف الاستقبال .. هل عندكم مجنون عاقل أستطيع أن أتحدث معه .. نظر إليه موظف الاستقبال باستغراب مردداً "مجنون عاقل" .. تدارك الأمر موظف ارامكو وقال عفواً .. أعني أي مريض أستطيع التحدث معه بهدوء و يكون كلامه مفهوماً .. أخذه إلى حديقة المستشفى .. حيث المجانين يستمتعون في أول أيام العيد .. و أجلسه مع واحد منهم وقال مبتسماً لعل هذا أعقل المجانين .. و يسمي نفسه "بقايا عمر" ..
سأل المجنون موظف ارامكو هل تحمل معك شئ ؟ .. قال الموظف لا .. و لم تسأل ؟ .. قال المجنون مجرد إجراء أمني كالذي تفعلونه دائماً عند بواباتكم .. ما الذي أتى بك إلى عالمنا في يوم العيد .. فأماكن الترفيه في مرافق الشركة راقية و كثيرة .. و هذا ليس مكان ترفيه .. قال موظف ارامكو .. يا أخ "بقايا عمر" .. لا أعلم ماذا أريد .. أشعر بفراغ كبير .. و فجوة لا أعلم أين تقع حتى أسدها .. تخيل أنني أعمل طوال اليوم .. و مشغول جداً .. ثم أدعي أنني اشعر بالفراغ .. أصدقني القول أليس هذا ضرب من الجنون ؟ .. فأجابه المجنون قائلاً .. مستشفى المجانين هو أفضل مكان تستطيع أن تكتشف ما يفكر به العقلاء .. في عالم العقلاء لا مجال للتأمل .. فالحياة مزدحمة .. و لكن هنا نرى عالمكم بعيون أكثر وضوحا ..
التفت المجنون إلى موظف ارامكو و قال له هل معك سيجار ؟ .. قال لا .. أنا لا أدخن .. قال المجنون المرة القادمة أحضر لي من سجائر مدير الشركة فأنا أحب النوع الفاخر .. قال موظف ارامكو الحقيقة لا أعلم إن كان المدير يدخن أم لا .. قهقه المجنون و قال أنا لا أدخن أيضاً .. قال الموظف و لماذا تطلب سيجار مدير الشركة إن لم تكن تدخن .. قال المجنون أنا حالياً أعد رسالة الدكتوراة و مضمون الرسالة هو " الحياة في سيجار" .. بدأ الحديث يسخن و بدأ موظف ارامكو يتحمس أكثر .. قال الموظف و لماذا رسالتك تدور حول السيجار ؟ .. قال المجنون .. لأنه من طريقة شرب السيجار تستطيع أن تستشف سلوك الفرد و تسبر أغواره و نظرته إلى الحياة .. فعلى سبيل المثال هنالك من يدعك عقب السيجارة تحت قدمه بحنق لأن السيجار يمثل له العمر و قد رآه يحترق أمامه و بفعل يديه .. و البعض لا يحب أن يدخن السيجار كاملاً .. بل يطفئه و يحمل ما تبقى معه .. و بعضهم محروم لا يدخن و يحتفظ بالسيجار كاملاً .. و بعضهم لا سيجار لديه .. قال موظف ارامكو للمجنون أنا لا سيجار لدي .. قال المجنون لهذا السبب أنت هنا .. فمعظم موظفي ارامكو الذين مروا من قبلك كانوا يبحثون عن السيجار ..
التفت المجنون مرةً أخرى إلى موظف ارامكو و قال له هل معك سيجار ؟ .. قال لا .. و قد قلت لك أنني لا أدخن .. قال المجنون المرة القادمة أحضر لي من سجائر مدير الشركة فأنا أحب النوع الفاخر .. قال موظف ارامكو الحقيقة لا أعلم إن كان المدير يدخن أم لا .. قهقه المجنون و قال حتى "بقايا عمر" لا يدخن أيضاً ..
خرج الموظف و قال .. أجابني المجنون على سؤال لم يستطع على إجابته العقلاء .. السر في السيجار ..