شواهد اللغة العربية وقواعد الإحتجاج بها 
                                            العلامة اللغوي / سعيد الأفغاني 
1- ليست القاعدة إلا قوانين مستنبطة من طائفة من كلام العرب الذين لم تفسد سلائقهم .
2-  أعلى الكلام العربي من حيث صحة الإحتجاج به :
القرآن الكريم بجميع قراءاته الصحيحة السند إلى العرب المحتج بهم .
ثم ماصح أنه من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم  نفسه أو أحد الرواة من الصحابة .
ثم نثر العرب وشعرها في جاهليتها بشرط الاطمئنان إلى أنهم قالوه باللفظ المروى ، ويلى ذلك كلام الإسلاميين 
الذين لم يشوه لغتهم الاختلاط .
3-  جعلوا منتصف المئة الثانية للهجرة حدا للذين يصح الاستشهاد بشعرهم من الحضريين ، فإبراهيم  بن هرمة  
المتوفى  سنة ( 150 هــ )  آخر من يصح الإستشاهد بشعرهم  ، وبشار بن برد  أول الشعراء المحدثين  الذين  لايحتج
بشعرهم على متن اللغة وقواعدها .  وعلى هذا يؤتى  بشعر المتأخرين من فحول الشعراء للاستئناس  و التمثيل 
لا للاحتجاج  . 
أما  في  البادية  فقد امتد الاستشهاد بكلام العرب المنقطعين  فيها حتى منتصف المئة الرابعة للهجرة  .
4-  لايحتج بكلام مجهول  القائل  : 
زعم  بعض النحاة  أنه يجوز  أجتماع  ( كي )  و  ( أن )    على فعل واحد  ،  واحتجوا  لذلك  بقول  القائل  :  
أردت  لكيما  أن تطير  بقربي    ==    فتتركها  شنا  ببيداء   بلقع  
وزعم  آخر  أن  لام  التوكيد   تدخل  في  خبر  ( لكن  )   كما  تدخل  في  خبر  (  أن  )   واستشهد  لزعمه  بقول القائل  :
                          ولكنني  من  حبها  لعميد  
وكلا  القولين  ساقط  لايبنى  عليه  قاعدة  ،  فالشاهد الاول مجهول القائل  ،  والشاهد الثاني لا يعرف له أول 
ولا قائل وما بني  عليها  ساقط   .
5-  لا يحتج  بما له روايتان إحداهما  مؤيدة لقاعدة تزعم  ،  والثانية  لا علاقه  لها بها  ،  لاحتمال ان الشاعر قال الثانية
والدليل متى تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال    : 
ادعى بعضهم  أن (  الأرض  )  تذكر وتؤنث  ، واستشهد للتذكير بقول  عامر  بن جوين  الطائي في أحدى الروايتين  :
  فلا مزنه  ودقت  ودفها  
ولا أرض  أبقل  إبقالها  
والرواية  الثانية  :    ولا  أرض  أبقلت  ابقالها  
فإن  لم  يكن  لتذكير   ( الأرض  )  غير هذا  الشاهد فلا يحتج به  ،  لان الأكثر أن الشاعر قال  ( ابقلت  )  اللغة المشهورة
المجمع عليها . 
6-    ترد  الشواهد  في كتب النحاة  محرفة أحيانا .  ويكون موضع  التحريف  هو  موضع  الاستشهاد  على قاعدة تزعم
ولو حرر  الشاهد  ماكان   للقاعدة  مؤيد  : 
عرفت  أن  الشاهد  على اجتماع  ( كي ) و ( أن )  مجهول  القائل وبذلك حبطت القاعدة لكن بعضهم  احتج  بقول 
جميل  العذري  وهو ممن يحتج  به  : 
     فقالت  أكل  الناس  اصبحت  مانحا    ===    لسانك  كيما  أن  تغر  وتخدعا 
وبرجوعنا  الى الديوان  نطلع  على الرواية الصحيحة   وهي  : 
..................  لسانك  هذا  كي  تغر  وتخدعا  
فالرواية  الصحيحة  التي  احتجوا بها  محرفة  في  موضع  الاستشهاد  نفسه  ،  وإذا  لاصحة للقاعدة  المزعومة  
فالواجب  تحرير  الشاهد  و التوثق  من  ضبطه   في مظانه  السليمة  قبل  البناء عليه  .
7-    كما  يفيد  جدا  الرجوع  إلى  الشاهد في ديوان صاحبه  إن كان شعرا  ،  يفيد الرجوع الى المصادر الأولى إن 
     كان نثرا  لمعرفة   ما قبله  ومابعده  ، فكثيرا  ما يكون الشاهد   الأبتر  داعية  الخطأ  في المعنى و المبنى   : 
   زعم  بعضهم  جواز  مطابقة  الفعل  المتقدم  لفاعله  المتأخر  في الإفراد  و التثنية  و  الجمع  فأجاز  قول 
   ((  جاؤوا  الطلاب  ))  واحتج  بحديث  في موطأ  مالك   :  
    ((  يتعاقبون  فيكم  ملائكة  بالليل  وملائكة  في  النهار   .......  ))  ولا غبار  على الاحتجاج بالحديث  البته  ،  ولكننا 
   حين رجعنا  إلى موطأ مالك  وجدنا  للحديث  أولا  وهو  : 
(( إن لله ملائكة يتعاقبون فيكم   :  ملائكة  في الليل  وملائكة  في  النهار  .....  ))  وإذا  لا شاهد  صحيحا  على قاعدتهم 
 المزعومة  .
8-   ينغبي التفريق  بين ما يرتكب  للضرورة  الشعرية  وما يؤتى به على السعة  و الاختيار  ، فإذا  اطمأنت النفس
  إلى بناء القواعد  على الصنف الثاني  ففي  جعل  الضرورة  الشعرية  قانونا  عاما  للكلام  نثره ونظمه  الخطأ كل 
 الخطأ   :   ادعى  بعضهم  جواز  الرفع  ب (  لم  )    مستشهدا  بقول  قيس  بن  زهير   :  
            ألم  يأتيك  و  الأنباء   تنمى      ====      بما لاقت  لبون   بني  زياد   
  فإذا  فرضنا  أن  الشاعر   قال  ( يأتيك  )  ولم  يقل  مثلا  (  يبلغك )   يكون قد  ارتكب  ضرورة  شعرية  قبيحة  
 لايجوز  البتة  أن تبنى  قاعدة   على  الضرورات  .
9-   المعول  في امتحان  أوجه  الإعراب  و  الترجيح   بين  أقوال  النحاة  على  المعنى  قبل  كل  شيء  .  
فهو  الذي  يجب  ان  يكون  الحكم  في  كل  مناقشة  وموازنه  وترجيح  ،  وإذا  دار  الأمر  بين  مقتضيات  المعنى
ومقتضيات  الصناعة  النحوية  التزمت  الاولى  دون  الثانية  . 
في  تعليق إذا  و الظروف  الشرطية  قولان  :  الجمهور  أن تعلق بفعل  الشرط   وقول  غيرهم  بتعليقها  بجواب الشرط
(  إذا  حضرت  أكرمك  )   فالجمهور   يجعل  الظرف  متعلقا  بـ ( حضرت  )  وغيرهم  يعلقه  بــ (  أكرم  )   والمعنى  ينص
على أن  الإكرام  يقع  عند  الحضور   ،  لا  أن  الحضور  يقع  عند  الإكرام  وإذا  فقول  الجمهور  لايؤيد  المعنى  
والصحيح  تعليقه  بجواب  الشرط  .
10  -   يفضل  في  كل  مقام   فيه  إعرابان   ،  الإعراب  الذي  لايجنح   الى تقدير   محذوف   :  
في  جملة  المدح  ( نعم  الرجل  خالد  )   يجعل  البصريون   (  خالد  )  خبرا  لمبتدأ  محذوف  وجوبا  تقديره هو أو الممدوح
فيكون التركيب  جملتين  ، جملة  نعم الرجل  و جملة  خالد  . 
أما  الكوفيون  فيجعلون ( خالد ) مبتدأ مؤخرا وجملة ( نعم الرجل ) خبرا مقدما من غير تقدير محذوف  وهذا القول صواب 
لإعنائنا عن تقدير محذوف  أولا  ولأن العرب  تقول  (  خالد  نعم الرجل  )  ثانيا  .
11-   إذا  ألجأت  أحكام  الصناعة  إلى تقدير محذوف  ، قبل هذا  التقدير  بشرطين  : 
  1-  ألا  يلجىء  إلى  إخلال  بالمعنى  .
  2-  وأن يسوغ  التلفظ به  دون ركة  أو  خروج  عن  الأسلوب  العربي  المشهور  :  
  يجعلون  لهمزة  الاستفهام  تمام الصدارة  حتى على حروف العطف  فلاتقول  : أذهبت  ؟  كما نقول  ( وهل ذهبت ) ؟ 
 وإنما  نقول  ( أو ذهبت  ) ؟   لكن الزمخشري  زعم  في مثل  قوله تعالى  :  
   ((  أفلم  يسيروا  في الأرض  فينظروا  كيف كان  عاقبة  الذين من قبلهم  ...  ))  أن الفاء  العاطفة  في صدر جملتها
   وأن الهمزة  داخلة  على جملة  محذوفة  وأن التقدير  : أقعدوا   فلم  يسيروا  . 
   والطبع  السليم  يجد  ركة  في  هذا  التقدير  وبعدا  عن  البلاغة  و وجوب إهمال  هذا  المذهب  لسخفه  . 
   هذه   أهم  الأمور    عند دراسة الشواهد  وما يبنى عليها من قواعد  .
                                          ودمتم  بخير